٨ ندم

: «ألن تخبرينا عن سبب الشجار بعد؟»

تساءلت ستيلا تعقد ذراعيها مثل باقية الفتيات حول روز التي تنهدت بمللٍ تصيح بسخطٍ: «لا اعلم! لقد هجمت علي في المرحاض دون قول شيء..»

امسكت سولين أذان روز تقرصهم بقوة بينما تصيح بها في المقابل: «وتَعلمين أن الكذب لا يليق بكِ.»

قلبت روز عينيها وتضع يديها فوق أذنها المتوردة تخفي خجلها، دفعت جينفر چاسمين تجلس فوق المقعد الخشبي بين خزانات الأمانة في غرفة تبديل الملابس: «قُل الحقيقة أو غيرك سيقولها.»

رفعت سولين حاجبًا باستنكارٍ: «أليست تِلك كلماتي؟»

لوحت چاسمين بسخطٍ لهم: «رُبما شاعر فرنسي ما قالها، تِلك الجينفر مهووس بهم.»

: «روسي، شعراء وآدباء روسيا.»

صحتت جينفر لها وقلبت چاسمين عينيها بمللٍ بينما صاحت ستيلا بهم تفقد اعصابها للحظةٍ: «ما بكم؟ ستفقدوني عقلي!»

تأوهت سولين بتدارك كذلك ويصوبنّ انتباههم على روز التي تنهدت تعترف دون أي شجار: «حسنٌ، حسنٌ سوف أخبركم..»

جلسن الفتيات كذلك يطالعونها باعين واسعة مترقبة، لتبتسم بجانبية في محاولة تخفيف الحدّة عنها: «هي تريد أن تغش في الامتحانات! رفضتُ واخبرتها أنني لا استطيع مساعدتها في شيء مثل هذا.. تعلمن سينكشف أمري قبل أن يلاحظ أحد أساسًا!»

هزت چاسمين رأسها يائسة بينما تذكر سولين: «في اختبار الكيمياء، تتذكرين؟ كاد يخشى عليها لأنك غمزتي لها فقط.. تِلك الأريكا وضعت ابنتنا تحت ضغط كبير!»

انهت حديثها بتعاطفٍ تعانق روز، وعبستُ سولين كذلك بتأثر مقتربة لمعانقة روز، لكن قاطع هذا التكاتف الأسري تململ جينفر تدفعهم بعيدًا بسخطٍ: «اكملي.»

همهمت روز تلعب بخصلات شعرها الذهبية ذات الأطراف الملونة: «لذا رفضتُ، لكنها اخبرتني إذا فشلت سوف تذيقني العذاب، ظننتها لطيفة لن تفعل ذلك، لكن ظهرت نتائج الصف وحصلت على ضعيف، وحصلت على الدرجة النهائية لذا اتهمتني بالغش والفسوق.»

: «تِلك المشجعة!»

نبست چاسمين تضرب فخذها العاري بسخطٍ، وتعقد ستيلا ذراعيها تطالعها باستنكار متساءلة: «ما بالك مع 'الـ' التعريف؟»

اجابت سولين بدلًا عن چاسمين: «لأنها لا ترغب بقول ألفاظ بذيئة أمام روز خاصتنا.»

رمقتهم جينفر بعدم إعجاب، ثم تهز رأسها سريعًا تدارك أن ليس لها دخل بهم، لقد تم سحبها بالفعل لعقاب كُلما تنفس احد بهم يزداد عقوبته، تنهدت متساءلة بجدية: «ليس معكِ دليلًا؟ اشتكي عليها، هذه الأريكا تحتاج عقاب.. ما بكِ عدواكِ تنتشر سريعًا.»

صاحت فجأةً في نهاية حديثها تطالع چاسمين التي ضحكت في استمتاعٍ لسرعة تأثر جينفر بهم، تجاهلتها چاسمين تكمل عنها: «يجب أن نخبر المديرة عن ذلك، روز لا تنظري لي هكذا.. أنه تنمر واستغلال.»

اومأت ستيلا بتأكيد واكملت سولين عنها: «هذا صحيح، ثم سنطلب نقلك إلى صفنا، ابتعادك عنا يصنع العراك بالفعل!»

تنهدت روز باحباطٍ هي سعيدة لكونها ستعود مع رفاقها، ولكنها ستبتعد عن صف چاستن بالفعل، اومأت راضية على كُل حال فـ هو أصبح يجلس في المدرجات ليشجعها بعد تدريباته.

طرق الباب لتنتشر الفتيات ينشغلن بفعل شيء حتى لا يكون شخص غير مرحب به ويخبر المديرة عن كونهم يتأمرون، دخلت فتاة بشعر بني قصير وقامة متوسطة تنبس بتململ: «أين ستيلا؟»

قلبت ستيلا عينيها بذات الملل تجيبها بينما تغلق سحاب سترتها الرياضية: «ليس هو مُجددًا!»

ارتفعت زوايا الفتاة بسخطٍ تدفع عصير الخوخ تجاهها: «هو، لا يوجد غيره لذا سامحيه لأن لحظة أخرى وسوف أخبر عمي كونها يتعاطى المخدرات لكي يبعد عن عقلي قليلًا.»

تبادلت سولين وروز النظرات الصامتة يضحكن بخفوتٍ لترمقهم ستيلا بعبوسٍ بينما تلتقط علبة العصير من الفتاة: «لا تنظرن هكذا!»

لوحت الفتاة لهم خارجة من غرفة تبديل الملابس لتضحك سولين مفرجة عن أفكارها: «أول قصة حب من أول ضربة كرة!»

وتصيح ستيلا في المقابل تخفي استحياءها: «سول، توقفِ!»

..

يقف بيتر أمام لوحة كبيرة مملؤة بصور الطلاب الذين فقدوا، صنعوها الطلاب استشهادًا بهم واضعين باقات الزهور، ورسائل كثيرة.. لم يلفت نظره ومشاعره شيء سوى تَعلّق عينيهُ على صورة ستيلا المُبتسمة بينما تمسك كأس الفوز بعدها ضربها بكرته.

كُور قبضتيه وهو ينظر بندمٍ خالص إلى صورتها المُبتسمة بها بأتساعٍ وسعادة، أرتخت قبضتيه رافعًا يده اليمني يضعها على صورتها وهو يتأملها ببعضِ الحزن: «يا ليتك استمعتِ لي.»

اتخذت هذه الصورة بعد فوز فريقها على فريقه، عندما تشاجروا... فقد تشاجروا قبل المبارة وظنت انه دفعها لانه يحقد عليها ويكرهها، لكنه لم يقصد ذلك أبدًا. «لم أقصد ذلك حقًا!»

مرت لحظاتهم معًا عندما تشاكسه لكي يبتسم، وعندما يفعل تظل تضحك وكأنه القى نكته، دومًا كانت تخبره أنه ذو جسد ضخم لكن لديه قلبٌ رقيق: «لعلك عفوتي عن هذا القلب قبل رحيلك.»

لم يستمع منها أنها سامحته ولم تعد متضايقة منه، لم يستمع لذلك وهذا يقتله يوميًا.

شعر بأحد يسير في الممر خلفه ليحمحم يقف باستقا أكثر، ألتفت ليجد جاستن يخبره بدون تعابير تذكر فـ هو هكذا منذ الحادثة، الجميع يزيف ما يشعر به: «لدينا تدريب، هيا لنذهب.»

اومئ له بيتر ونظر مرة أخرى إلى الصور وكأنه يودع عزيزته.

بينما يسيرون بأتجاه الملعب نبس بتير بهدوء: «أسف لخسارتك.»

اومئ جاستن بهدوءٍ يظهر عدم الاهتمام، وعندما دلفوا إلى غرفة تبديل الملابس وجدوا الجميع صامت على غير عادتهم، علامات الحزن مُخيمة على المكان بأكمله، وبعضهم يسهب في أماكن مقاعد اصدقاءهم المفقودين.

وكأن لا يوجد روح بهم، البعض يطأطأ رأسه بحزنٍ، والأخرون يلهون أنفسهم بتحريك أي شيء بعشوائية بين أيديهم.

لم يدوم هذا الصمت إذ بهم يتفاجؤن بدخول لوكاس الغرفة بهدوء، جعل البعض بيتسم له بترحيبٍ، وخرج المدرب من غوفته يربت فوق كتفه مُرحبًا به: «مرحبًا بعودتك يا فتى.»

الجميع يعلم علاقة لوكاس وسولين وكم هو مقرب من اصدقاءها وكم هو مقرب من جميع الطلاب الذين ذهبوا إلى رحلة الموت، وصداقته بروز وچاسمن أيضًا لم تكن صداقة عادية، اول اشخاص صادقهم عندما انتقل إلى المدينة حديثًا، لقد كانوا مثل الأخوات له، ظنوا انه لن يتحمل فقدهم دفعه واحدة لهذا لم يتركه جاستن خوفًا من فقده بطريقةٍ تحرق وجدانه، لكنهم يرونه مُتحملًا أملًا بعودة سولين تعوض خواء صدره.

: «شكرًا، كوتش.»

اومئ له لوكاس، وشرع المدرب بأخبارهم الخطة الجديدة بدون أي أحاديث جانبية تأول إلى الحادثة فهم بالكاد يحاولن تخطي ما حدث، أو تجنبه.

صفق المدرب وقال لهم بطريقة شيقة لعلهم يتحمسون: «خطة جديدة سوف تضمن لنا الفوز، هيا لا تنظرون لي هكذا!»

نظر إليهم ولم يجد أي رد فعل تدل على حماسهم مثل كل مرة يقول لهم بأن يوجد خطة جديدة سوف يتمرنون عليها.

تنهد وقال لهم بحسمٍ يشق طريقه: «من الأفضل تطبيقها عمليًا، هيا إلى الملعب.»

أستقام الطلاب يدفعون بعضهم بتحفيز لكي يمدون بعضهم بالطاقة يخبرون بعضهم بأنهم متواجدين ولم تقف العجلة هُنا. تنهد جاستن بأرتعاشٍ يحاول لملمة شتاته ولاحظ لوكاس الذي بجواره ذلك ليربت فوق ظهره، ابتسم جاستن للوكاس بامتنان وصاح بحماسٍ متجاهلًا اصطراب خواطره: «هيا لنفعلها، سوف نفوز بهذه المبارة لأجل أصدقائنا، سوف نفوز بها لأجلهم، لذلك حاولوا بذل أقصى جهودكم.»

أبتسم لوكاس بأمتنان له وربت على ظهره يحثه لِلتقدم، باقي الطلاب صفقوا بحماس ويتحدثون مع زملائهم يحفزون أنفسهم أكثر، يندمجون لعلهم يبتعدون قليلًا عن الحادثة.

أخبرهم المدرب على مواقعهم، وصنعوا فريقين لكي يطبقون الخطة: «لوكاس أمام، جاستن في الخلف، لديكم خمسة عشر دقيقة أريد أكثر من ثلاثون هدف، هيا.»

بدأت المبارة التدريبة، وصاح المدرب يعطي الملاحظات: «لوكاس، مرر الكرة بقوة.»

اومئ له لوكاس وهو يدفع الكرة لصديقه في منتصف الملعب.

لم يستطبع الفتى ألتقاطها، لذا صاح المُدرب به غاضبًا: «مارك أحذر، كررها مرة أخرى يا لوكاس.»

توقف الطلاب وعادت الكرة إلى لوكاس، بينما مارك قفز مرات متتالية بهروله يحفز جسده حتى وقف بإستعداد وهو يمسح عينيه: «حسنٌ، هيا.»

دفع لوكاس الكرة عكس الأرض وتعود حيث يده اكثر من مرة باستعدادٍ، ثم دفاعها بأتجه مارك الذي للمرة الثانية يفلتها ويصيح: «اعتذر، مرة أخرى.»

كررها ثلاث مرات ولم يستطيع مارك الإمساك بها كذلك.

جلس مارك فوق أرض الملعب المغلق، وهو مُطأطًأ الرأس، كتفيه المهتزين أخبر الجميع بأنه فقد السيطرة على جأشته ويبكي بحرقة وهو يقول بصوت متقطع أثر غصته: «أنا أسف، لا أستطيع.. لا استطيع فعل أي شيء بعد الآن.»

تقدم الفتيان منه وجلس المدرب فرق المقاعد يدلك صدغه وهو يرمقه بحزنٍ ويأس، حاولوا الفتيان التخفيف عنه لكنه صاح وهو يبكي أكثر مثل طفل صغير: «أنه أخي الأصغر، كيف يمكنني تخطي فقدانه؟»

: «أنه في مكانٍ أفضل يا صاح.»

نفي مارك وتنهمر دموعه أكثر، لا كلمات توصف مشاعره أو ما يشعر به من ذنبٍ وندم وحسرة لا يمكنه احتواءها: «لقد دفعته للموت بيدي، لقد دفعت أخي للموت.. بحقكم أنا السبب في موته.»

انسحب لوكاس من الملعب بصمتٍ هو بالكاد يستطيع التحمل تسابقت قدميه ذاهبًا للمشفي حتى أصبح يركض متمنيًا أن تنقطع أنفاسه. تعرق جبينه حتى ألتصقت خصلات شعره السوداء، جسده بأكمله ينبض لةويتوقف ملتقطًا أنفاسه بينما ينظر إلى يديه المُرتعشة: «أنه اختبار صعب، صعب جدًا.. يا إلهي لا استطيع التحمل.»

«جميعهم محطمين، لا استطيع الوقف وحدي ولا استطيع الاستناد على أحد.. أكُتب علي الوحدة للأبد؟ أكتب علي الالم منذ ولادتي؟»

«ما الذنب الذي اقترفته لكي اعاقب بهذه القسوة؟ ما الذي اقترفته؟»

تسارعت شهقاته على الخروج تكتم أنفاسه وتزيد آلام غصته الملتفة حول رقبته كطوق شائك: «أنا خائف.. يا ليت أمي جواري.»

نبس بخفوتٍ يجر أقدامه بصعوبة، بالكاد يستطيع التحرك وقد انهك حسده ووجدانه.

وقف أمام غرفة سولين التي ما زالت فاقدة الوعي والأجهزة متصلة بجسدها، ما زالت جسد بلا روح، بلا روحه كما يخبرها دومًا. أسند رأسه ضد زجاج غرفتها واضعًا يده عليه وكأنه سيتطيع لمسها يهمس لها بترجى: «أرجوكِ لا تذهبِ مثلهم.»

..

يُتبع..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي