٢٦ أنانية

ربت والدها على ظهرها بأستحسان وفرح بأنها تستجيب وتفتح نقاش أيضًا.

«لكن لم يعلم بأن يوجد حرب داخلها، تريد الصراخ وقلب الغرفة رأسًا على عقب لأن وجودهم فقط يذكرها بهم.»

أبتلعت رمقها، تتحرك في جلستها بعدم راحة، أبتسم جاستن وهو يضع ذراعه فوق كتف بيتر بجواره: «نحن بخير أيضًا، الجميع في أنتظار عودتكِ، وأنا أعنيها حقًا الجميع، سول.»

تشيح ببصراها عنهم بتوتر، فهي ليست مستعدة للعودة بعد لرؤية من يذكرها بكل شخص رأته جثة هامدة.

«ليست مستعدة بعد لمخالطة الناس وسمع ما لا يرضيها أو يستفز مشاعرها، ليست مستعدة بعد لمواجهة ما سيجعل جرحها الغائر يعود للنزف عما جديد، لن تستطيع التحمل وهي بالكاد لا تستطيع اخراجهم من عقلها بالفعل.»

نقر لوكاس باب الغرفة بنغمة قائلًا بتسأل ممازح: «هل فاتني شيء؟»

ويتساءل برادلي باعتيادة: «هل منعتك جيجي مُجددًا؟ ماذا فعلت لها يا فتى؟»

: «أقسم لك لم افعل شيء، هي فقط تستشاط غيظًا عندما تراني!»

برر لوكاس ببراءة ويضحك رفاقه بينما..

زفرت أريكا بسخط، تدفع جاستن وبيتر بظهر يدها بطريقة متغطرسة: «أفسحوا لي المجال، رجاءً.»

قلب لوكاس مقلتيه، يقترب ليجلس جوار سولين ويلقي التحية على والدها متجاهلً وجود اريكا تمامًا.

جلست أريكا على طرف سرير سولين، وتقول بأبتسامة صغيرة: «لندع عداوتنا جنبًا الان، أريد..»

استئنافت حديثها تحاول إيجاد الكلمات الصحيح، وعندما شعرت بأنها أخذت وقت تنهدت بسخط تخرج ما في جعبتها مرة واحدة: «حسنًا، حسنًا، لا تنظري لي هكذا.. نحن ممتنون أنكِ بخير.»

أغمضت سولين عينيها بقوة تأخذ كمية هواء كبيرة، وهي تتحرك بعدم راحة في مكانها، تكبت مشاعرها، ومن المترض أخراجها وعدم كبتها هكذا.

«ان تبتلع غصتها ومشاعرها ما سيجعلهم يظهرون على السطح مع اقرب فرصة استفزاز لهم، سوف يكونون كوحش كاسح يلتهمها حية ولن تستطيع هي كبتهم في تلك المرة.»

لاحظ لوكاس هذا، لذا أمسك يدها ينظر لها بعيون متسائلة، بينما استقام والدها بقلق يضع يده على جبهتها ظننًا بأنها تتألم بينما تنظر أريكا بتشتت وتحاول الاستفهام: «ماذا يحدث.. هل سولين بخير؟»

صاحت سولين فجأة بتألم: «توقفِ!»

ثم أخذت نفس مرتعش تحاول تمالك أعصابها، رفعت بصرها إلي أريكا بعيون مُحمرة تنبس في ضيقٍ: «لا أحتاج شفقتكِ.. لا أريدها..»

زفرت بأرتعاش تقحم أصابعها داخل خصلات شعرها تعيده للخلف: «أخرجِ من هُنا!»

أستقامت أريكا تبتعد خطواتين عن سريرها وهي تنفي برأسها تحاول التبرير: «لم أقصد ذلك، أقسم لكِ لم..»

قاطعها صراخ سولين المتألم مُجددًا تمنعها من قول شيء، تضغط بكفيها على أذنيها غير راغبة في سماعها: «اصمتِ.»

تصنم كل مَن بيتر وجاستن مِن صراخها، بينما والدها ركض يجلب احد الممرضين، ولوكاس يحاول تهدئتها: «سول، اهدئي قليلًا.. هي سوف تذهب لا عليكِ!»

أرتعشت أيدي أريكا بتوتر، ورغم ذلك تقدمت من سولين تضع يدها على كتفها تقول بتردد لكنها قالت بصراحة: «سولين، نحن ممتنون بالفعل أنكِ بخير، لِمَ سوف أشفق عليكِ وأنتِ حصلتِ على معجزة..»

أنزلقت دموعها وهي تفرك جبهتها، يديها ترتعش وعينيها تشيحهم عنهم، جسدها يشتعل من مجرد لمسة أريكا لها: «هذا متعب.. فقط أبتعدوا!»

حاول بيتر التحدث لتهدئتها لكنها صرخت مجددًا: «تذكروني بهم، تعيدون ذكراهم إليّ مجددًا بدون رحمة.. فقط ابتعدوا عني، لِمَ تَفعلون هذا؟»


أقتحمت الممرضة جيجي المسؤولة عنها الغرفة تنظر بهلع لها فقد كانت في حالة مستقرة صباحًا.

بينما فقدت أريكا صوابها تصيح في سولين التي توقفت عن الصراخ بصدمة بسببها: «تريدين البقاء وحيدة، هاه؟ أم تريدين لفت أنتباه الجميع والحصول على عاطفتهم؟ فقدتِ أصدقاءكِ؟ جميعًا فقدنا، شهدتِ موتهم؟ جميعًا شهدانهم عبر التلفاز.. لذا لا تتصرفي هكذا وكأنك الوحيدة التي تتألم هُنا. أحد غيرك كان ليصبح ملك السعادة بنجاته، أنتِ.. رافسه للنعمة.»

كلمات أريكا التي ترددت على مسامع الجميع، كلماتها جعلت والد سولين يقف متصنم مذهول من صراحتها الفذة، سولين بالفعل منكسرة لا تحتاج لكلمات أخري لكي تكسرها أكثر.

"وكأن أريكا أتت لكي تضع الملح فوق جراحها، تطهر الجرح بأقسي الطُرق وبلا أي رحمة، كلماتها كرصاص يخترق جسدها وهي متسمرة مكانها غير مصدقة من أين يخرج ذلك الرصاص!»

بينما استقام لوكاس سريعًا في نيه دفعها بعيدًا عن سولين، لكن أمسكه بيتر يحاول منع شجار سوف يحدث.

ظلت سولين ترمقها بعيون متسعة الدموع متحجرة بهم، بينما والدها صاح في أريكا بلا اهتمام: «أخرجِ، حالًا.»

دخل ممرض أخر للغرفة أشار إلى الجميع بالخروج فعل كل من جاستن وبيتر، بينما ظل لوكاس وأريكا التي ظلت ترمق سولين بغضب وأنفاسٍ مشتعلة: «تَذكري جيدًا أنكِ كنتِ سبب في التفرقة بين رفيقة دربي قبل موتها، أنا أسامحكِ لكن لن اسمح لكِ أن تظني بي السوء، لقد أتيت لكِ وأنتِ دفعتيني.»

هي حتى لا تعلم لمَ هي غاضبة من ضعف سولين، وكلماتها، مسدت الممرضة يدها على رأس سولين تحاول تهدأتها وتبعدها عن حديث أريكا: «أهدئي وسيكون كل شيء بخير، خذي أنفاسكِ رويدًا يا سول، كُل شيء على ما يرام، تريني، صحيح؟ يمكنكِ سماع صوتي، أنظري لي، سول، انظري لي يا عزيزتي.»

أمسك الممرض يد أريكا في محاولة أخراجها لتدفع يده بسخط وكادت تغادر لكن كلمات سولين الضعيفه التي وصلت إلى مسامعها جعلتها تتصنم في مكانها كما الجميع غير مصدقًا حديثها أخيرًا عما حدث لها: «لكن ليس الجميع بقي الليل بطوله جوار جثث الموتي التي كانت تعود لأصدقاءهم يومًا، لم يشعل دماء أصدقاء جلدك يومًا، ولم تري احشاءهم يومًا كذلك، لم تستمعي لصوت مناجاتهم للرحمة من الموت ولم تستطيع فعل شيء، وفقط ساعاتٍ رفقة جثث الموتى هم فقط.. والصمت المميت، الجميع يتألم.. لكن ليس مثلي.»

شعرت أريكا بدلو ماء يُسكب عليها من الصدمة.

«الجميع يعلم ان سولين بقت ساعات داخل الحافلة، لكنهم لم يتوقعوا يومًا أنها كانت في كامل وعيها تستمتع وترى كُل شيء، لم يتوقعها أنها الناجية الوحيدة والشاهدة الوحيدة لموت رفاقها.»

دفع الممرض لوكاس وأريكا يغلق الباب خلفهم، وظلت أريكا واقفة في مكانها تنظر إلى بقعة وهمية بعيون متسعة متحجرة، قشعر بدنها من كلماتها ومن تخيل صعوبة الأمر، شعرت بنغزات في قلبها من التخيل بمفرده فماذا عن كونك تكون خير شاهد؟

رمقها بيتر بحقد قائلًا بهسهسه من بين أسنانه: «ما فعلتيه منذ قليل لؤم... بل قذارة، لقد ظنناكِ تغيرتِ بالفعل، لكن ما زالتِ هذه الفتاة_اللعينة_اللئيمة.»

حاول لوكاس التقدم منها لكن وقف بيتر وجاستن بجواره يمسكونه، نفض يده التي امسكها جاستن وأشار لها بتقزز: «إلا سولين، هل تفهمين ما اقصده؟ ستظلين لعينة هكذا طيلة حياتك، وغدة.»

أقترب الممرض يقول برسمية يمنعهم من الشحار: «برجاء الأبتعاد عن غرف المرضى.»

اومئ له جاستن يضع يده على ظهر لوكاس يحثه على الإبتعاد، والاخر ظل يرمق أريكا باستحقار.

امتثل لوكاس لجاستين وهو يبتعد دفع كتفها بكتفه عن قصد بقوة جعلها تتراجع مهسهسة بألم: «سُحقًا!»

أبتعد كل من بيتر وجاستن بعد إلقاء بعض النظرات الحارقة لها.

جلست أريكا جلسة القرفصاء بجوار حائط الفاصل لغرفة سولين، أنزلقت دموعها بندم على ما قالته، وعلى ما حدث.

«هي لم تقصد جعل الأمور هكذا، لكن كذلك لم تستطيع كبت ما في صدرها، فقد الأصدقاء مؤلم، لكنه ليس بهذه الصعوبة التي تجعلها في حالة شبه مميتة،وكأنها باقية على قيد الحياة فقط للتنفس حتى تأتيها المنية.»

«هي معتادة على المفارقة والتخطى سريعًا لذا ترى مَن يحزن على فقد شخص ما، ما هو إلا ضعف ومضيعة للوقت، لكنها لم تحسب ان أصابع يدها ليست مثل بعضها، وان البشر ليسوا سواسية كذلك، لم تضع الأعذار ولم ترغب بوضها حتى.. لأنها ببساطة لم تعتاد ان تهتم بمشاعر احد، فقط هي.»

«وهذا ما يسمى أنانية.»

..

يُتبع..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي