١٣ رحلة

: «مَن سيذهب في رحلة إلى تسلق الجبال؟»

تساءلت باني تتمسك بالقائمة والتذاكر في يدها بينما تقتحم غرفة تبديل الملابس حيث هو مكانٌ لنادى النساء السرّي.

ارتفعت أيدي الفتيات بحماسةٍ وعفوية صارخين فرحًا للحاقهم تذاكر الذهاب: «نحن لها!»

عقدت چاسمين ذراعيها تتذمر بسخطٍ: «مِن المُحزن أن فريق الفتيان لن يستطيع القدوم لكون لديهم مبارة قريبة، مَن سوف ننافس هكذا؟»

دفعتها سولين بمزاحٍ: «بحقك چاس!»

عبست باني تعقد ذراعيها هي الأخرى توافق چاسمين: «هي مُحقة، أعني التنافس يخلق أجواء رائعة بالطبع.»

لوحت روز بعدم إعجاب بحديثهم: «لا، لا، فقط دعونا نستمتع فيما بيننا.»

استقامت جينفر تتنهد بسخطٍ: «لا اعلم لِمَ سوف أذهب إلى هذا الجحيم معكم.»

ابتسمت سولين لمعرفتها بحقيقة جينفر، كونها تحبهم لكن لن تجرؤ على النطق بتلك الأحرف أبدًا، تندمج معهم وبقوة وتدخل في أي شجار يخص إذا لزم الأمر وبعدها ستخبزهم كم هي تكرههم وهذه لغة فريدة وتعنى 'أنا أحبكم حقًا' الجميع يعلم وليس سولين فقط.

: «جينفر، لا تنسي مرهم واقي الشمس غدًا، لن أعطيكِ خاصتي إذا فعلتِ.»

صاحت ستيلا بها تستوقفها قبل أن تذهب وتؤمي جينفر لها بشبح ابتسامة، وتكمل باقية الفتيات حديثهم عن افضل منتجات الوقاية من الشمس، الأساسيات التي سيحتجونها في المُخيم.

: «ماذا عن الطعام؟»

تساءلت روز بتقطيبة ضخمة بين حاجبيها، وتصفق الفتيات بتدارك لأهم شيء في رحلتهم، الطعام والمقرمشات التي ستنتهى قبل انتهاء نميمتهم.

اخرجت باني دفتر صغير وقلم تدون بها أهم الملاحظات وأهم الأشياء التي يجب أن تجلبها، وتملى سولين عليها اسماء المنتجات حيث سوف يتسكعن الليلة لجلبهم جميعًا.

: «تَعلمنّ..»

قالت ستيلا مبتسمة، وتسترسل عندما جذبت انتباه الفتيات: «الأفضل من الرحلة هذه التحضريات ورفاق الرحلة.. أنا أحبكم حقًا.»

عانقت روز ذراعها تؤكد حديثها بتأثر: «وأنا أيضًا، يا ليت لا تنتهى تلك الأجواء.»

ابتسمت سولين تقع بين احضان ستيلا وروز، وتقترب باني معانقة چاسمين عنوة التي حاولت الفرار من عناقها حتى استسلمت تربت فوق رأسه باني.

لمعت أعين شولين نذيرًا بتساقط الدمع من عينيها العشبية ويصيح الفتيات بها حتى لا تبكي: «لا، لا توقفي، لن تبكي الان أيضًا!»

ضحكت سولين بينما تمسح دموعها وتجيبهم بمزاحٍ: «لا عليكن، أنها الفترة الشهرية فقط تَعلمنّ.. أنا أحبكم كثيرًا، فالنتوعد بألا نفترق أبدًا يا رفاق.»

مدت يدها وبلا تردد وضعنا الفتيات يديهن فوق خاصتها ينطق بوعدهم المتيّن: «لآخر العمر، سنظل معًا.»

ابتعدت چاسمين أولًا تصفق بحزمٍ متخذة دور قائدة الفريق: «حسنٌ، هيا، هيا، لنتقابل بعد العشاء، ليس لدينا وقت كثير.»

..

: «ماذا؟ استغني لها؟»

تساءلت الممرضة تنظر إلى لوكاس الذي أمسك جيتار ماركوس يطالعه بصمتٍ بينما تبدل الممرضة ضمادات سولين.

: «أستستمع لي؟»

تساءل باحباطٍ، وتزم الممرضة شفتيها بتفكيرٍ زائف حتى اجابت بحيادية: «الذين يدخلون غيبوبة عميقة في الغالب يكون بمحض أرادتهم متعلقين بين الوعي واللا وعي، وسولين تحرك أطرافها دليلًا على نشاط عقلها رُبما تسمع وتشعر بك ورُبما أخرى تكون منغمسة في بحر احلامها وذكرياتها، لذا لا تتردد في التحدث لها، ربما تسمعك في مرةٍ وترغب في الاستيقاظ مُجددًا لكي تعانقك.»

عقد لوكاس حاجبيه مستنكرًا حتى تساءل بريبة: «هل حدث لكِ هذا قبلًا؟»

تفاجئت من سؤاله وقلبت عينيها من وقاحته: «لا، لكنني درستُ كيف تتفاعل الحواس والعقل في هذه الحالة يا فتى.»

همهم بعدم اهتمام يمرر أصابعه فوق الجيتار وتصدر نغمة بسيطة ومريحة على السمع، توقف عندما شعر بنظراتها فوقه ليزفر الهواء وتضحك الممرضة: «على رسلك، كدت انتهي وسوف اترك لك الأجواء الهادئة أيها العاطفي.»

هز لوكاس رأسه غير مُعجبًا بحديثها المتثامر عليه، تنهد يطالع سولين الراقدة فوق الفراش بلا حول ولا قوة، يبتسم بجشنِ وتبتعد الممرضة مربتة فوق كتفيه بتشجيعٍ: «هي بخير.»

أراد الابتسام ساخرًا كونها يستمع لهذه الجملة منذ ثلاثة وعشرون يوم، والنتيجة؟ ما زالت كما هي.

تنهد ممر اصابعه فوق احبال الجيتار، وبسلاسة ومرونة تناغمت اصابعه لتطرب الأذان بنغمةٍ هادئة ورقيقة وصوتٍ عذب يداعب الوجدان: «أنا اعلم، وأنتِ تَعلمين.. نحن نعلم.»

عقد حاجبيه غير متقبلة الجمل التي ينطق بها: «اننا لم نقدر لبعضنا.. ولا بأس بذلك.»

اومأ بتأكيدٍ أنه لا بأس، ويكمل بملامح تشرق وكأنه يهلم الإجابة ويعلم ردها وكأنها مَن تجيبه وتكمل عنه: «لكن إذا كان العالم ينتهى، كنتِ ستأتي إلي، أليس كذلك؟»

. هز رأسه كاجابة يجيب هو، وتنفر دمعة صامتة فوق وجنته: «كنتِ ستأتي وتمضي معي الليل.»

احمرت وجنتيه وأنفه ويشعر بالغصة ترتفع ليبتلع رمقه مسترسلًا: «أستحبني لباقية العمر؟»

توقف عن العزف يمسك يدها بقوة، يتمسك بأمله الأخير ومجاة روحه من الهلاك، هو ما زال متمسكًا بالحياة بسببها، ما زال يتشبث لأنها ما زالت باقية وما زال يراها ويشعر بها حية ترزق.

اكمل يطمئنها ويطمئن نفسه،اكمل رغم شعوره بالانهاك ورغبة عارمة في الراخ والنواح كالاطفال لعلها تستيقظ وتجيبه: «وجميع مخاوفنا ستوف تكون منسية..»

ردد سؤاله مجددًا: «لكن إذا كان العالم ينتهى، كنت ستأتي إلي، أليس كذلك؟»

ابتسم يقبل راحة يدها ويسترسل بيقينٍ أنه كان سيفعل هذا وليس مجرد كلمات أغنية: «حيث السمادتسقط وأنا احتضنكِ بقوة.»

طبع قبلة أخيرة يؤكد حديثه: «ولن يكون هناك سببًا لنقول وداعًا لبعضنا البعض.»

: «لكن ماذا إذا العالم ينتهى، أكنت ستأتي إلي؟»

نبست الممرضة بذلك السؤال مندمجة مع غناء لوكاس، ويبتسم الاخر ضاحكًا بيأسٍ لتدخلها في وقتٍ غير مُناسب، وضع الجيتار جانبًا ويرمقها بجانبية لترفع كتفيها: «لا تنظر هكذا يا فتى، أخبرتك أنا معجبة كبيرة بعلاقتكم!»

مسحت دمعة وهمية بملامح متأثرة بحق، ويهز لوكاس رأسه محادثًا سولين: «عندما تستيقظ سولي ستحبينها أكثر.»

: «اعلم، وانتظرها أكثر منك!»

شاكسته في نهاية حديثه ليعبس في وجهها بعدم اعجاب.


..

: «روز، ألن تأتي للتسلق معنا؟»

تساءلت سولين تجلس فوق الصخر جوار روز التي ضمت سترتها أكثر تطالع الجبل أمامهم ببعض الرهبة وتنفي سريعًا: «لا أريدُ.»

زفرت چاسمين الهواء متضايقة وتدفع روز بعفوية: «لا تكوني لئيمة، روز.»

طالعتها روز بعدم تصديق: «أنا لستُ بلئيمة، لكنني لا أحب التسلق!»

عقدت جينفر حاجبيها بينما تسحب رباط الأمان حول خصرها: «إذن لِمَ أتيتِ إلى هذه الرحلة؟»

بادلت روز نظرها بين الفتيات المتجمعات حولها تنطق بخفوتٍ حرج: «لكي أكون معكم، وسولين أصرت على قدومي!»

تنهدت چاسمين تسحب روز عنوة أسفل تشجيع الفتيات: «سوف تحبينه، جربه معنا.»

تذمرت روز أكثر: «لا أريد حقًا، أخاف المرتفعات.»

قرصت سولين أذنها بعتابٍ: «الكذب لا يليق بكِ.»

دفعتها چاسمين أكثر لمكان ارتداء احزمة الأمان وأحذية التسلق المخصصة: «لا تكوني جبانة لا يوجد ما تقلقي منه، لا تكوني طفلة متذمرة.»

ضحكت چاسمين في نهاية حديثها غير مصدقة تذمر روز، ولم تدرك أنها حقًا خائفة ولا ترغب في ذلك، دفعتها روز تنسحب سريعًا وتتوقف صارخة في وجههن ولأول مرة مما جعلهم ينصدمون لأنفعالها:

«أخاف الموت، ألا تَفهمين؟ أنا خائفة لذا أجل لا أريد التسلق معكم وأنا لئيمة جدًا لأنني أتيتُ وأنا ارتعد خوفًا والأمر ليس مضحكًا چاسمين!»

طرفت چاسمين ببطءٍ في وجهِ روز غير مصدقة، وتقترب سولين سريعًا لتفض شجارهم الصغير، ربتت فوق ظهر روز بتشجيعًا ومؤازرة: «لا بأس، إذا كنتِ لا ترغبين، لكن لا تتشاجروا الآن يا رفاق!»

تذمرت في نهاية حديثها تقف بينهما، وتعقد چاسمين ذراعيها في ضيقٍ تُتمتم بخفوتٍ: «مُنذ أن تَعرفت على هذا الچاستن وهي لا تتوقف عن التذمر.»

عقدت روز حاجبيها تصيح في چاسمين أكثر: «وما دَخل جاستن الآن؟ ليس له علاقة توقفي عن التفكير بي بطريقة سيئة.. لا اقصد شيء انا فقط خائفة يا چاسمين!»

عانقت سولين روز بجانبية وتقترب لتعانق چاسمين هي الأخرى لكي تصلح بينهم: «اسمعا! لا يجب أن نتشاجر هكذا، هذه الرحلة التي خططنا لها، أين الوعد الذي تعهدنا به قبل ذهابنا؟ يا فتيات لا تكونوا بهذه الحساسية نحن هنا لنستمتع!»

نظرت چاسمين إلى روز ذات الوجه المحتقن بالدماء والاعين اللامعة تنذر بهطول الدمع منهما لذا تنهدت تنطق بلا رغبة: «حسنٌ لا بأس يا روز، لا تتسلقي معنا إذ لم ترغبي في ذلك معنا.»

زفرت روز الهواء: «الأمر ليس لأنني لا أرغب بالذهاب معكما، لكنني حقًا خائفة يا چاس.»

هدئت ملامح چاس تقترب معانقة روز تجيبها بهدوءٍ تلك المرة: «حسنٌ، لا بأس، لا تخافي نحن معكِ.»

ابتسمت روز تبادلها العناق: «اعلم.»

اغمضت سولين تعانقهم هي الأخرى وتصرخ فجأةً: «عناق جماعي!»

اقتربت الفتيات منهن تنضم للعناق الجماعي بلا معرفة السبب حتى، وتنسحب سولين بخفة مقتربة من باني التي تصورهم بهاتف سولين، ألتقطت سولين الهاتف أسفل ضحكاتهم المستمتعة من تحول شجار روز وچاسمين إلى عناق جماعي يكاد ينقلب إلى فضفضة ليلية.

: «ذكريات لن تُنسى، صحيح؟»

تساءلت سولين بابتسامة وهي تطالع المقطع المصور، وتؤمي باني بتأكيدٍ بينما تطالع الفتيات يتدافعون بمزاحٍ لكي يجعلون روز تتوقف عن البكاء وهي تضحك: «لا أظن ستأتي ذكريات أفضل مِن تِلك.»

ضحكت سولين تهز رأسها، وتلكز جانب باني بعفوية: «كفاكِ تشاؤم، سنصع ذكرياتٍ أفضل من تلك.»

..

يُتبع..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي