١٢ روز

: «روز.»

صاح جاستن يجذب انتباه روز التي كادت تخرج مِن الملعب المغلق، ألتفت له تجيب بتساؤل مفتجئ: «ما الأمر؟»

اقترب جاستن يركض بهرولة تجاهها بينما يغلق سحاب سترته حتى وقف أمامها أسفل همسات رفاقه الساخرة نحوه، وضع يديه فوق خصره ملتقطًا أنفاسه اثر تدريبه الشاق، ويحمحم ببعض التردد وتعبس هي في وجهه بعد فهم متساءلة مُجددًا: «أيوجد خطب ما؟»

نفي جاستن سريعًا: «لا، لا، الأمر ليس هكذا.. في الواقع..»

رفعت حاجبيها تطالعه بأعين غزالية جعلته يبتسم ويحك رقبته بارتباك أكثر من ذي قبل، وتنظر روز إلى رفاقها الذين لوحوا لها مفعلين وضعية الانسحاب لتعبس أكثر بارتباكٍ واضح: «إذن..»

توقفت تطالع جاستن المبتسم، لتبتلع رمقها ببعض الاستحياء وتزفر الهواء قائلة باستسلامٍ: «لا أحب الانتظار، جاستن.»

اعترفت تخفض اكتافها باحباطٍ من شعور الارتباك والتردد الذي يحطيهم، ويحمحم جاستن بجدية يشير لها: «كنت اتساءل إذا يمكننا التسكع سويًا اليوم؟»

وبدون تَفكير حتى اجابت: «لِمَاذا؟»

تساءلت باستنكار، و أرادت صفع نفسها بعد هذا السؤال الساذج بينما رمش جاستن ببطءٍ يحاول أن يكذب أنه يتم رفضه بطريقةٍ لبقة، أو أن سؤالها ليس في محله تمامًا.

زمت روز شفتيها تدرك اندفاعها وتحاول تضحيح ما قالته: «أنا اقصد إلى أي..»

لم يعطيها جاستن الفرصة يقاطعها دون ان يستمع لها: «أنا معجب بكِ، أجل رُبما بجنونٍ كذلك، لِذا.. سُحقًا لم يكن هذا مُخطط له، صحيح!»

صفع جبهته بندمٍ لاعترافه السريع هذا، وفي المقابل اتسعت أعين روز غير مصدقة أنه تم صفعها باعتراف ناري من الشاب الذي هي معجبة به بالفعل، في لحظةٍ تم الأمر وهذا مريب بحق.

ضحك جاستن يخفي احراجه ويلوح لها بتشتيت: «لا تنظري لي كمختل، لقد ظننتك ترفضين..»

قاطعته روز بذات الصدمة تصدمه هو الاخر: «حسنٌ، إلى أين سنذهب؟»

وكان هذا دور جاست لتتسع عينيه غير مُصدقًا، ألتف للرفاق يبتسم لهم باتساع ثم إلى روز مرة أخرى يحمحم بجدية: «فقط لنكن سويًا؟»

رفعت روز ذقنها تفكر بتروي ذائف وهي الإجابة جاهزة لديها بالفعل: «حسنٌ، ألقاك في مقهى جوني.»

ألتفت روز في نية الذهاب قبل ان تصرخ قافزة بجنون حوله، لكن مجددا يستوقفها جاستن: «أيمكنني اقالتك من المنزل؟»

اسهبت النظر في وجهه غير مصدقة، تشعر بخلايا جسدها تصرخ ركضًا داخل عقلها لكنها فقط تتصرف عكس ما تشعر به، اومأت باستحسانٍ: «لا بأس بذلك.»

ألتفت مبتعدة هذه المرة بهرولة قبل أن يستوقفها وتعود له لتعانقه، ترفع يديها إلى وجنتيها تخفف الحرارة منهم قبل ان يروها الرفاق ويظلوا يضحكون ويعززون خجلها أكثر.

: «أكان اعتراف؟»

تساءل جاسبر يسير جوارها بينما يضحك بقوة، وتندفع هي تلكم كتفه حتى يخرس ولا يضايقها بحديثه: «توقف أيها الاشعث.»

: «لستُ اشعث!»

..

: «سوف ترتدي الوردي.»

صاحت چاسمين في المقابل تدفع الفستان تجاه روز: «بل الأزرق كي يبزغ جمال عينيها.»

عارضت سولين مُجددًا: «بل الوردي حتى يلائم شعرها.»

ألفتت چاسمين الفستان فوق الفراش تصيح بهم: «سوف ترتدي الأزرق لأن ما سيركز به عينيها وليس لون شعرها.»

وافقت روز حديث چاسمين تجيب بخفوتٍ: «چاس مُحقة..»

تنهدت ستيلا بينما تلقم اظافرها: «فقط دعوها هي تختار!»

ابتسمت روز لتدارك أحدهم وجودها أخيرًا تقفز متحمسة بينما تمسك فستان صيفي أبيض قصير: «رُبما لون محايد؟ »

عقدت سولين وچاسمين ذراعيهما باعتراض واضح نابسين في ذات الوقت: «لا يمكن.»

رمشت سولين تنظر إلى چاسمين حتى ابتسما مصافحين بعضهم، وتخبرها سولين بابتسامة واسعة: «مرحبًا بعودة توافقنا.»

صافحتها چاسمين مقتربة لتعانقها وتؤكد حديث الأخرى: «لقد كانت دقائق خانقة بحق.»

اومأت سولين بموافقة وتتنهد روز جاذبة انتباههم مُجددًا وتصيح فجأةً: «لِمَاذا؟»

اجابت باني الفتاة السمراء ذات الشعر المجعد الكثيف: «لأن جاستن يحب اللون الأبيض، واللون الأبيض يجعلكِ أكثر لطافة وهنا سوف نقلق عليكِ من جاستن، لا نريد أي اختراق للحدود أو أي تحمس غير مسبوق التخطيط له، وفوق هذا بأكمله ستظهرين أنكِ تحاولين إرضاءه أو لفت انتباه أكثر، لذا لا يمكنكِ ارتداءه.»

اتسعت أعين روز باندهاش وتعيد بصرها لسولين وچاسمين بتساؤل ليهزا رؤسهما بتأكيدٍ وترفع سولين كتفيها تشير إلى باني: «هي مُحقة!»

: «اسمعي!»

بدأت چاسمين حديثها تشير إلى روز لتبادلها البصر بكُل جدية: «العلاقات العاطفية ليس ألطف شيء، إذا لن تستطيع الحفاظ على الحدود اعترفي مُنذ هذه اللحظة، لأنك إذا سامحتِ في بعض الأشياء سوف يتمادي، وسوف يتخطى حدود أكبر وسوف تتحطمين بسهولة. كُلما كانت العلاقة بلا حدود كُلما كان كسرها صعب ومُميت.»

: «يعنى لا اعترف له؟»

صرخت سولين صرخة مكتومة وتقلب چاسمين عينيها بملل من اندفاع عاطفة روز في كل زمان ومكان، تنهدت سولين تكمل عن چاسمين: «لا، وألف لا، الذكور لا يحبون الفتاة التي تشبعهم عطف وحنان ومحبة، كُلما امتنعتي عن النطق بتلك الكلمات كُلما تمسكوا بكِ أكثر، انظري أنهم معقدين أكثر منّا نحن كفتيات، وليس جميعهم بالطبع..»

زبزبت ستيلا حاجبيها إلى سولين: «لوكاس أقرب مثال.»

ضيقت روز عينيها بشكٍ نحوهم: «هل سوف اتزوج؟ بحقكم أنه مجرد لقاء لا يسمى موعد حتى.»

هفت سولين خصلات شعرها بكل فخرٍ، وتلوح إلى ستيلا وكأنه لا شيء تكمل بذات الرزانة والحكمة التي تجعل باني تضحك وتصحح تَفكير روز نحو ما يتحدثون بشأنه: «دعيكِ من كُل شيء، فقط هل ترين ان هذا الفتى يستحقك؟ تعلمين ان تلك العلاقات تحرق مشاعرنا، ان لم تكن حقيقية ومتينة سوف تخرجين منها بخمولٍ وتحطم في الثقة، لن تجني سوى بضع لحظات جميلة ستنتهي وتتلاشي بمجرد افتراقكم، فـ هل ترين جاستين فتى احلامك الذي يستحق ان تعطيه وجهًا؟»

واكملت چاسمين بصرامة: «لا تجيبي لمجرد رغبتك في تناول المثلجات معه.»

رفعت روز حاجبًا وتعقد ذراعيها تشيح بوجهها بينما تجيب بابهام: «وهل تعلمين الطريقة التي ستناول بها المثلجات حتى تحكمي علي؟»

شخرت باني ضاحكة بينما تصفق باعجاب: «تلك الساقطة لم تعد لطيفة بعد الان.»

قهقهت روز تخفي وجهها خجلًا وما زالت سولين وچاسمين يحاولون استيعاب تلميحها القذر، وبمجرد تداركهم انهالوا عليها بالسباب والدفع الممازح وتصيح هي بهم من بين ضحكاتها: «حسنٌ، حسنٌ، توقفنّ، أنا فقط أمزح!»

تأتأت ستيلا بعدم اعجاب: «لا تمزحي، افعليها جاستن سيجن جنونه حتمًا.»

: «تظنين ذلك؟»

تساءلت روز بمزاحٍ لتثير غيظ سولين وچاسمين عليها فقط بينما ستيلا في عالم موازي تؤمي بتأكيدٍ لتدفعها چاسمين بأقرب وسادة.

القت روز جسدها فوق الفراش وتنظر إلى الاربع فتيات تجيبهم أخيرًا بلا مزاح: «أنا اعلم، واعلم أنني عاطفية وإذا لم تنجح تلك العلاقة رُبما لن اتخطاها أبدًا، لكنني احبه حقًا..»

قاطعتها چاسمين بلا اهتمام: «ليس مبرر كافٍ لتأخذي تلك الخطوة.»

هزت روز رأسها بمعرفة: «اعلم، لكنه حقًا لطيف، وإذا فعل شيء سيء سوف انسحب سريعًا، لن اعطيه كامل الأمان لا تقلقن ما زال تحت الاختبار.»

صفقت باني بفخر تعيد جملتها على مسمع الجميع: «لا أمان لأي رجُل مهما كان.»

هم متكاتفون ويشعرون بالقلق لكون روز فتاة هشة، تأثرها وأذيتها سوف تؤلمهم هم أكثر لأنهم لن يستطيعوا التهوين عليها حقًا، لذا يحاولون الحفاظ عليها وعلى مشاعرها حتى وإن كانت الثقة تصل حد السماء تجاه جاستن ما زالت روز فتاتهم الصغيرة التي يحاولون الحفاظ عليها.

جلست سولين جوارها تعانق معدتها بينما تسند رأسها فوق كتفها وتنبس بهدوءٍ مريح: «أيًا كان ما تريدينه افعليه وفقط لا تَفكري في شيء سوى اننا سنكون دومًا خلفك وحولك، وان احتاجتِ شيء او سقطتِ في مأزق سنكون أول الواقفين في صفك، لكن حاولي الحفاظ على سلامة مشاعركِ وعاطفتك إذا خسرتيها وجودنا لن يكون ذو فائدة.»

بادلتها روز العناق وتنضم چاسمين تعانقهم بينما تكمل عن سولين: «الأصدقاء دومًا معًا على الحُلوة والمُرّ، إذا جُرحت مشاعرك ستجدينا دومًا نطيب جراحك، ولا بأس بالسقوط والتأذي، لكن أخبرينيا بوعدكِ أنكِ لن تَخسري نفسك لأجل رجُل؟»

احاطتهم روز تبتسم وتكاد باني وستيلا يدمعن بتأثر من صداقتهم الفريدة من نوعها، وتنطق روز بوعدها: «لن يستطيع جاستين أو أي رجُل غيره في أذيتي أو أن يكون سببًا في تفرقتنا، هذا وعدي لكم ولن اخلف به.. بحق أن لم أكن فتاة لتزوجتكم!»

دفعتها چاسمين بمزاحٍ تصيح بها بتقزز: «لطالما شككت بميولك!»

..

يُتبع..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي