٣٠ مبارة

«أول يوم للمُباريات النهائية، يجتمع الفريق في غرفة تبديل الملابس يتسايرون وبعضهم يتحدث بصوت مرتفع، خرج المدرب من مكتبه يرمقهم بغضب فهم لم يتدربون ورغم ذلك أصروا على خوضها.»

امسك المدرب بعصاه يضرب بها على اللوح اللمع الذي مرسوم عليه خطة مواقعهم على أرض الملعب، صاح المدرب بهم: «مجموعة الفشلة، استعادوا رشدهم في وقت خاطئ.. لكنني لن اترككم أيها الأوغاد.»

ابتسم في نهاية حديثه.

«رغم انه يريد ضربهم جميعًا لتخاذلهم وعودتهم المتأخرة، لكنه سعيد برؤية الاطفال يعودون إلى الواقع، ينظرون إلى حياتهم وبعض البسمة مرتسمة على وجوههم.»

ابتسم بعضهم والبعض الآخر قهقة يقتربون من المدرب يأخذونه في عناق، وهو يحاول إبعادهم بنفور واضح رغم ابتسامته الظاهرة: «نحبك حقًا يا كوتش.»

حاول ضربهم بعصاه وهو يضحك رغم كلماته السامة: «ابتعدوا أيها الاوغاد سوف تقتلوني عمدًا اعلم نوياكم!»

صفق بحماس يوقفهم عن احتفالهم الصغير، قائلًا بجدية: «ستلعبون وكأنكم خاسرين كل شيء، هكذا لن تفرق معكم الخسارة او الربح، وسيتفاعل جسدكم بحرية و بدون ضغط.. مفهوم؟»

اعاد سؤاله بصياح ليجيب الفريق بصخب: «أجل، كوتش.»

رمقهم بعدم رضا قائلًا: «مارك إذا زاغت عينيك في أرض الملعب وتصلب جسدك سوف تخرج في ذات اللحظة، أيًا كان الوغد الذي سوف يعركل الفريق لأن لديه مشاكل نفسيه لعينة سوف يخرج في ذات اللحظة، مفهوم؟»

صاح أعضاء الفريق يربتون على ظهور بعضهم البعض بخشونة: «مفهوم، كوتش.»

صفق بحماس وتشجيع أكبر: «حسنًا إذن، هيا هيا نطيح بهؤلاء الاوغاد.»

ثار الفريق بحماس يقرر خلف مدربهم: «نحن لها، سوف نقضي عليهم.»

رمقهم غير معجبة لا يستطيع الوثوق بهم، لكنه تنهد وينبس بينما يخرج من الغرفه لأرض الملعب: «اتمني ان تزالوا محافظين على لياقتكم وحماشكم هذا لنهاية المبارة!»

يضع بعضهم بعض الأشرطة اللاصقة على ساقهم والآخر على ذراعه، الآخرون يعدلون ملابسهم، ومن لا يفعلون شيء يلقون بعض الكلمات المشجعة، وهكذا خرجوا من غرفة تبديل الملابس في صفين يربتون على ظهور بعضهم بخشونه حماسية وتشجيع.

«لأجل رفاقنا، لأجل اخوتنا، لأجل أحبابنا، لأجل الأحياء منهم.. يجب أن نقدم لهم أقسى ما في مقدرتنا، لا يوجد تخاذل اليوم، اليوم.. سوف نحقق هدف ليس في الفريق المنافس وإنما أمام أنفسنا، أمام من يحاول يتعافي ويتخطى سوف نحرز هدف سيجعلنا فخورين بنجاتنا مِن كُل شيء مؤلم ومهلك.. مِن كُل شيء خسرناه سوف نكون فخورين بما قدرنا على تخطيه وممارسة يومنا كالمعتاد.»

نبس مارك دون أن ينظر لأحد، فقط ينظر للمدرجات التي تنتظر خروجهم، وضع لوكاس يده فوق ظهره بمساندة ويكمل عنه: «يا رفاق.. نحن لها، سنمضى قدمنا، فوزنا أو خسارتنا اليوم ليست فارقة، الفارق هو عزيمتنا التي لن نخسرها أبدًا، واليوم سوف نحصل عليها، استعدوا.. تشجعوا.»

ركضوا خارجين لأرض الملعب بكُل حماسة ونشاط.

تعالت الصيحات المشجعة من طلاب مدرستهم، وصدم الفريق من وجود سولين بين الطلاب بالفعل، ابتسم لوكاس بأمتنان لحضورها ويلقى قبلة طائرة نحوها.

: «بريكين هيلز، بريكين هيلز، بريكين هيلز.»

تعالت الصيحات أكثر وأكثر تطضغي على أي تشجيع قادم من الفريق المنافس.

تجمع بعض الطلاب حول سولين عندما لاحظوها يتسألون عن حالها وهي تجيبهم بابتسامه صغيرة، تحرك فريق المشجعات يقيمون عرضهم وسط تصفيق الطلاب لهم.

تشجيع الحاضرين لم يتوقف حتى ان بعض من الطلاب المدرسة الأخرى يشجعوهم مواساة عما حدث لهم: «بريكين هيلز فتيانها مُميزون.. بريةين هيلز سوف تقضي عليكم اليوم.»

«للوهلة الأولى تشعر بأن كل شيء بخير، ولكنه لم يكن هكذا أبدًا، وجوه البعض رغم ابتسامتهم فهم يتألمون، أعطت الحياة لهم درسًا لن ينسوه أبدًا، فقد أخذت جزء منهم مقابل درسها.»

«هذه الحياة لا تعطي دروسًا مجانًا لأحد.»

«تعطى مُقابل أخذها، وهي سعرها مرتفع جدًا وثمين، لكنها ستجعلك حتمًا أقوى وتستشعر أنها حقًا فانية وصغيرة جدًا ويوم بعد يوم ستكتشف ان مشاكلك ما هي إلا ذرة مقابل مشاكل الحياة الحقيقية.»

شعرت سولين بالاختناق من المحيط، كُل شيء وكُل ركن ترى به رفاقها، ترى مكانهم فارغ ولم يعطى لأحد أخرى يضعون الأزهار مكانهم يخلدون ذكراهم ويرسلون لهم الدعوات الخالصة.

«صديقتها مكانها بين المشجعات، صديقها مكانه بين الفريق يستعد لبدء المباراة، صديقتها الأخرى مكانها بجوارها يتحدثون عن كل مَن تقع أعينهم عليه بضحكاتٍ صاخبة ومستمتعة.»

كادت تقوم تفر هاربة من ملاحقتهم لها في كُل مكان، لكن كُل شيء تلاشي وسكن عندما جلست أريكا جوارها لا تنظر لها رغم توجيه حديثها لها: «مرحبًا!»

نظرت لها سولين في هدوءٍ، ليست مستنكرة جلوسها جوارها لذا ردت التحية: «أهلًا!»

تنهدت أريكا تلتفت إلى سولين وتلين ملامحها لتتساءل: «كيف حالك؟»

اومأت سولين ببسمةٍ لها: «بخير الان.»

زمت أريكا شفتيها بتفكيرٍ لكنها رمت كُل شيء يعيقها إلى مؤخرة رأسها وتنبس بتأثر: «سولين، أسمعي.. أنا حقًا اسفة، أنا حقًا سيئة ومتهور، لم أكن أدرك ما أقوله، لديك حق بل لديكِ كامل الحق أنا السيئة..»

قاطعتها سولين تمسك يدها تظهر لها صدق كلماتها: «لا بأس، اعلم، ولستُ متضايقة.. رُبما كنت احتاج صفعة لتفيقين ولم يكن أحد يتجرأ ليعطيها لي.. عداكِ بالطبع.»

ابتسمت في نهاية حديثها وتضحك أريكا باستحياء حتى سقطت ملامحها متأثرة بقوة وتقترب لمعانقة سولين أسفل صدمة الأخرى: «أنا حقًا اسفة، ونادمة، ألا بأس بفرصةٍ تجمعنا يا سول؟»

أخذت سولين لحظاتٍ تحاول استيعاب ما تنطق به أريكا، لكن سرعان ما ربتت فوق ظهر أريكا تدرك كم ان الوحدة ستقتلهما وكم أنهم متشابهين كوجهان لعملة واحدة: «أخبرتك يا أريكا، لا بأس.. الفُرص لا تنتهى.»

: «إذن نحن على وفاقٍ؟»

تساءلت أريكا بينما تبتعد وتمسح دمعتها التي تمردت على الفرار، اومأت سولين ببسمةٍ وتنهمر دموعها هي غير متحكمة بها لتصيح بها أريكا: «لِمَ تبكين الان؟ إلهي سوف أبكي وتخرب مسحضرات تجميلي!»

لوحت أريكا أمام وجهها ترفع بصرها للأعلي تمنع نزول دموعها، وتضحك سولين بينما تمسح دموعها: «لأن الرفاق كانوا ليكونوا سعداء بهذا الوفاق، يا ليتنا أبكرنا بهذا!»

«لكن لكل شيء أوان ومِعاد، وإذا كانت أريكا على وفاق لكانت في عداد الموتى الان بين جثث رفاقها بلا حول ولا قوة.»

استنشقت أريكا الهواء بارتعاش، واستنشقت سولين سيلان أنفها لتنبس لها أريكا بذبول: «إذا أخبرتكِ أنني لم اكرهم يومًا هل سوف افتح جراحك؟»

نفت سولين بينما تلتقط المناديل الورقية من أريكا التي تنهدت وتسترسل: «لقد كنت حاقدة بالفعل، أرغب في تكوين صداقة معكم ولكن كنتم على بُعد كبير ولم ترغبوا بي يومًا، حاولت جذبكم لكن كانت الطريقة حتمًا خاطئة.»

هذه المرة اقتربت سولين هي لتعانق أريكا: «لقد كانت القلوب متصلة، لكن الطريقة كانت دومًا خاطئة.»

اعترفت هي الأخرى بسلاسة، وتضحك أريكا لرؤيتهم يصورونهم في شاشة العرضة لتخبر سولين: «يبدو أنهم وجدوا محتوى أفضل من مبارة اليوم.»

ابتعدت سولين تنظر للشاشة التي تظهرها هي وأريكا لتضحك بينما تمسح دموعها غير مصدقة: «عودة العلاقات، أريكا؟»

شابكت أريكا ذراع سولين تبتسم لها وتجيب: «عودة العلاقات دون انقطاع مُجددًا.»
..

استقامت سولين بصعوبة بسبب جبيرة قدمها، مستنده على العكازين، استقامت والدتها سريعًا لتساعدها لكنها نفت برأسها قائلة بجوار اذنها لتستمع لها وسط هذا الصخب: «أريد السير بمفردي قليلًا، لا تقلقِ سأكون بخير.»

واستقامت أريكا سريعًا في نية مساعدتها لتشير سولين لها بألا تفعل لتعبس أريكا تعاود الجلوس.

اومأت والدتها بقلق وهي تتابعها بعينيها، قبل أن تستدير مبتعدة التقطت عيني لوكاس الذي ينظر لها بالفعل، ابتسمت بينما ترفع قبضتها تشجعه.

ويبتسم هو الاخر يندفع راكضًا بينما يشير إلى بيتر.

ابتعدت حتى خرجت من الملعب إلى طرقات المدرسة التي قضت بها أجمل أيامها مع أفضل أصدقاءها.

«نسيانهم صعب، وتجاهلهم أصعب، المواجهة دومًا هي الأفضل.»

«قد تؤلم الحقيقة، ولكن الأكاذيب تُقتل، لذا تقبل موتهم وفقدها لهم سيكون هين قليلًا، لن يستبب لها بالمشاكل ولن يؤذيها بقوة.»

وقفت أمام الصرح الذي به جميع صور الطلاب والطالبات الذين فقدوا في الحادثة، كثير من الأزهار والرسائل، وبعض مقتنيات الطلاب المفضله التي لم تفارقهم يومًا.

نظرت إلى صوره چاسمن وروز بأبتسامة حزينة، بينما تحجرت الدموع في مقلتيها، لامست صورهم وتهمس: «هل أنتم معًا يا رفاق الان؟ أتشتاقون لي؟ لأنني أفعل وبقوة!»

زفرت هواء مرتعش تبعد ابصارها وتبتسم بسخرية حيث الصرح بأجمعه: «يحصل الموتي على الأزهار أكثر مما يحصل عليه الأحياء.»

: «لأن شعور الندم أقوى من الشعور بالإمتنان.»

نظرت سولين حيث مارك الذي يقترب منها، يقف بجوارها وينظر إلى الصرح، لصورة شقيقه فقط عن دونه.

ربت على ظهرها بخفه وتشجيع قائلًا بهدوء: «ممتنون لحضورك اليوم.»

اومأت له بشكر، ثم سألت من نوع فتح اي موضوع معه: «ألست في الفريق؟»

نفي وما زالت ابتسامة تكاد لا تظهر على وجههُ: «لا، لم أرغب في عركلتهم على أرض الملعب انهم يستحقون فرصة، ولست مثل الجميع يمكنني تخطي عثرة بسهولة، ولكنني احاول، أليس هذا جيد؟»

بادلها النظر وهو يحاول يبتسم، استنشقت سولين الهواء لتوقف نزول دموعها وبادلته الابتسامة مُجيبة أياه: «بالطبع، المحاول خير من الإستسلام.»

..

يُتبع..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي