٢٥ غنوة الأخوة

: «سوف تغني لي؟»

تساءلت سولين تبصر ماركوس الجالس جوارها بينما يمرر يده بارتباك فوق جيتاره، رفع ماركوس حاجبيه بتفاجؤ: «أترغبين؟»

اومأت سولين في هدوءٍ،ويحمحم ماركوس ببعض الاستحياء: «لقد كتبت لكِ بعض الكلمات..»

رمقته سولين بابتسامة: «أحقًا فعلتها؟»

هز رأسها بالايجاب، ويتساءل بتردد: «ترغبين في سماعها؟»

اومات سولين بلا تردد، ويحمحم ماركوس مُجددًا يحرك انامله فوق اوتار الجيتا وينطق في هدوءٍ: «لقد كانت في التاسعة عشر بقلبٍ محطم، على الجانب الشرقي مِن المدينة.»

ابتسمت سولين بانكسارٍ، ذاته الجانب الذي وقع به حادثتها.

: «كانت تتشبث بالشعور ان حظها سوف يتغير، كانت تجلس في الظُلمة تخبر نفسها إنها ستكون بخير، كانت تنتظر اليوم الذي ستجد رفيقها.»

ابتسمت تعلم مغزى كلماته وبراعة انتقاءها، ويبتسم لها بذات الحزن يكمل بنغمات مرتفعة أكثر: «انها لن تكون بمفردها، لديها شخص ما لتحضنه، وعندما كانت الليالي باردة تقول.. العالم ليس مثاليًا، لكنه ليس بهذا السوء إذا كان لدينا بعضنا البعض وهذا كُل ما أريدُ سأكون معكِ وسوف أمسك بيديكِ. يجب أن تعرفي أنني سوف أكون هُناك لأجلك.»

استنشق الهواء لجوفه يسترسل بذات الوتيرة المرتفعة: «عندما يكون العالم ليس مثاليًا، عندما يكون العالم ليس لطيفًا، إذا كان لدينا بعضنا البعض سوف نكون على ما يرام.. يجب أن تعرفي أنني سوف أكون هناك لأجلك.»

هدئت وتيرته يعود للهدوء تدريجيًا ويسترسل بنبرة لاح بها الغصة التي حاول ابتلاعها: «أنا في السابعة عشر وأصبح والدايا أكبر في العمر، اعلم انهم ليس لديهم إلى الأبد وأنا خائف أن أكون وحيد،»

وبلا تَفكيرٍ مدت سولين يدها له تبتسم في وجهه تخبره أنها ستكون دومًا معه، ويسترسل هو بدمعة تفر فوق وجنتيه: «لذلك أنا ممتن لأختي رغم أننا نتشاجر في بعض الأحيان.»

ضحكت سولين تمسح دموعه وما زال هو مكملًا غناءه: «عندما لم تكن المدرسة سهلة كانت هي سبب في أنني نجوت،»

انهمرت دموع سولين هي الأخرى تتذكر مواقفها رفقة ماركوس وكيف كانوا دومًا يتشاجرون مثل الأطفال: «اعلم أنها لن تَتركني أبدًا، وأنا أكره ان اراها تَبكي، لذلك كتبت هذا البيت لأخبرها انني سوف أكون جوارها دومًا.»

توقف عن العزف يمسح دموعها وتغمض عينيها في استسلامًا لمشاعرة الجياشة: «لذلك كتبت هذا البيت لأخبرها أنني بجانبها دومًا، كتبت هذا البيت لأخبرها..»

توقف عن النطق يعاود العزف بوتيرة مرتفعة: «العالم ليس مثاليًا، لكنه ليس بهذا السوء إذا كان لدينا بعضنا البعض وهذا كُل ما لدينا سوف أكون أخاك وسوف أمسك بيديكِ.. يجب أن تعرفي أنني سوف أكون هناك من اجلك.»

دندنت سولين معه ذا المقطع المقرر: «عندما يكون العالم ليس مثاليًا، عندما يكون العالم ليس لطيفًا.. إذا كان لدينا بعضنا البعض سوف نكون على ما يرام سوف أكون أخاك وسوف أمسك بيدكِ، يجب أن تعرفي أنني سوف أكون هناك من أجلك.»

همهم ماركوس في نهاية كلماته، وتزفر سولين الهواء بارتجاف، تشير إلى ماركوس تجاهها: «تعال هُنا أيها الطفل.»

ترك ماركوس الجيتار مقتربًا منها، يجلس على حافة الفراش وبدون سابق انظار تسحب سولين إلى عناقها بذراعٍ واحد: «تَعلم كم حبك، صحيح؟»

دفن ماركوس رأسه بين كتفها وخصلات شعرها المنسابة ينطق بصوت مختنق: «اعلم، وتعلمين أيضًا أنني احبك أكثر؟»

ضحكت سولين: «كفاك كذبًا! أكونت سبب نجاتك حقًا، ماركوس؟»

اومأ ماركوس يلف ذراعيه حولها بلطفٍ حتى لا يؤلمها: «كثيرًا! أعني حديثك يكون في الغالب فارغ ومثل الصفعة الظالمة.. لكن بعد مرور الوقت كنت اكتشف أنكِ على حق، وكلماتك صحيحة، علمتُ مؤخرًا لِمَ كنتِ تتشاجرين معي عندما أرافق أشخاص سيئين؛ لأنك لم ترغبي في رؤيتي سيء مثلهم اتوغل في وحلهم القذر.»

إذا كان شيء جيد يحدث لها في تلك الأيام فـ هو تحسن علاقتها رفقة شقيقها الأصغر، اكمل ماركرس مبتعدًا عنها: «أنتِ لست متضايقة مني لكوني كنت أخبرك بأشياء سيئة لكي تتوقفي عن حشر أنفك في حياتي الشخصية، صحيح سول؟»

ضحكت سولين بخفة تنفي له: «لم أفعل يومًا.»

هز ماركوس ذقنه بتفهم، وينبس بما يحافظ على ماء وجهه: «لا افترض سوى ذلك من الأساس، أعني مَن سوف يحزن من شقيقه الذي يكتب له أغنية ويعزف له؟»

هزت سولين راسها يائسة منه، وتعاتبه بعفوية: «وكأنك كنت تفعل ذلك قبلًا!»

قبل أن يجيب ماركوس دخلت الممرضة: «صباح الخير، سول. أرى أن هذا الصبح مُشرق والعزف العذب يملئ الغُرفة!»

: «اليوم غائم بالفعل!»

تمتم ماركوس بخفوتٍ، وتصفع الممرضة مؤخرة رأسه بمزاحٍ: «سمعتك يا فتى.. أخبرني هل تكثر القعدة رفقة لوكاس؟»

ابتسمت سولين لوضعهم فالممرضة دومًا تتشاحر رفقة ماركوس، أو لوكاس.

: «ليكون الرب في عونك، سول. لديك اثنان لديهم جنون البقر.»

تمتم الممرضة تسحب الستائر، وتتسع أعين ماركوس العسلية بعدم تصديق يطالع سولين وكأنه يؤنبها ويعترض: «لم أفعل شيء حتى»

تجاهلته الممرضة بعفوية تخبر سولين بمستجدات اليوم: «لم يتبقي الكثير لكي تخرجي من هُنا، سول. لكن أولًا احرزي تقدمًا من طبيب ستيف في علاجك الطبيعي.. واه فخورة بكِ كثيرًا، الطبيب النفسي يثني عليكِ كثيرًا، اعلم أنكِ ترغبين في الغروف من هذه الغُرفة وتلك الرائحة أسرع من أي شيء، لكن أعدك أنه لم يتبقي الكثير.»

: «اه، ستعود للمنزل، وسوف نعود للشجار مُجددًا.»

تذمر ماركوس وترفع سولين حاجبيها تؤنبه: «أترغب ان أكون مريضة للأبد!»

قرصت الممرضة اذنيه تلك المرة وتؤنبه هي: «أرايت لِمَ اعاملك أنت وذلك الأرعن لوكاس هكذا؟ لأنك تستفزون مشاعر سول خاصتنا.»

: «حدك يا امرأة!»

تدخل لوكاس فجأة معترضًا يقتحم الغرفة دون استأذان حتى: «سول خاصة لوكاس فقط.»

قلبت سولين عينيها ورغبة ملحة ان تنام وتتركهم في شجارهم الطفولي ذلك، ودون تردد رفعت الممرضة يدها تشير إلى باب الغُرفة: «إلى الخارج يا لوكاس.. أين التصريح؟»

استدار لوكاس عائدًا ويطرق الباب طرقتين بملامح عابسة: «أيمكنني الدخول.»

ابتسمت الممرضة بلزاجة: «لا.»

ضحك ماركوس بتشفي، وتسقط ملامح لوكاس غير مصدقًا هذا التعامل في حقه.

..

دخل والدها الغرفة بأبتسامة بشوشة وهو يقول بعفويته المعتادة: «توقعِ ماذا؟»

قطبت سولين حاجبيها بتفكير تَترك الكتاب، لكنها استسلمت سريعًا بأبتسامة صغيرة تتساءل: «ماذا؟»

فتح الباب أكثر قائلًا بنبرة مسرحية: «بعض الأصدقاء من المدرسة.»

سقطت ملامحها فور رؤيتها جاستن وبيتر وفتاة لم تتعرف عليها لأنها تقف خلفهم، شعرت بيديها ترتعش قليلًا، لكن لم تريد لوالدها ملاحظة ذلك، شدّت قبضتيها تحاول الأبتسام قليلًا لهم.

«فـ هي كانت ترفض رؤية أحد، لا ترغب ان ينعشوا ذكراهم وهي تحاول تخطيهم، ليست مستعدة بعذ لمواجهتهم، لمواجهة حد قد يحقد عليها لأنها مَن تبقت حية ورفاقهم لحقتهم المنية، هي مرعوبة من رؤية تلك المظرة تعلو ملامح أحد، لذا فقط اكتفت بالمقربين.»

لم تقولها صريحةً لذا لم يعلم والدها تلك الرغبة في الانزواء بعيدًا عن الجميع.

جلس والدها بجوارها بينما جاستن وبيتر يقفون بجوار سريرها، ظهرت أريكا تبتسم بلطف إلى سولين التي شعرت بالحياة تسرق نبضة منها.

«أنها تِلك الفتاة التي كانت دومًا تتشاجر معها، ومع رفاقها، تِلك الفتاة التي رافقوا صديقتها المقربة في الرحلة وأتفقوا ان ينشأوا معهدة سلام بينهم حين العودة، تلك الفتاة كانت محور حديثهم طوال طريق العودة.. طريق مفارقتهم للأبد.»

ابتلعت سولين رمقها تحاول تتنفس بطبيعية كما مرنها طبيبها المعالج، لكن الأفكار لا تتوقف عن غزو عقلها من مجرد رؤية أريكًا.

قاطع جاستن هذا الصمت: «كيف حالك الان، سولين؟»

رفعت حاجبيها لأقل من لحظة وكأنها أدركت وجوده، أومأت وهي تحاول الأبتسام تجاريه: «أنا بخير، ماذا عنكم؟»

«ترغب في سؤاله عن حاله وإذا كان تخطى موت روز أم مثلها ما زال يسبح في كابوس يود الاستيقاظ منه، أنهم يزيدون انعاش ذكراها وهذا سوف يجعلها تنفجر عما قريب.»

..

يُتبع..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي