الفصل الثاني الزواج المفاجئ

أسكن مع والدتي في محافظة القليوبية وهي المدينة التي ولد ونشأ بها والدي الغالي، وكان هذا المكان الذي تزوجوا وعاشوا بها والداي.

لكن كانت والدتي من مواليد القاهرة وكانت تعيش في محافظة الجيرة قبل الزواج وهناك تسكن عائلتها بأكملها ومنزل والديها.

ثاني يوم ذهبت والدتي إلى عملها حتى تنتهي من إتمام إجراءات إنهاء الخدمة من هذا العمل المرهق دون مقابل مجزي في مديرية الشؤون الاجتماعية.

بعد إنهاء الإجراءات جاءت إلى مدرستي قابلت مديرتي وقدمت إليها وثيقة وهي طلب نقلي من المدرسة إلى مدرسة أخرى.

عندها نظرت إلى المديرة وأخبرتها:
- أريد طلب نقل للطالبة لمياء عادل فصل ثالثة أول.

صعقت المديرة عندما سمعت طلب والدتي وغضبت بشدة وسألتها:
- هل جئتي في الصباح حتى تمزحين!؟

أجابتها والدتي بغضب من رد فعلها:
- كيف أمزح معكي في ذلك؟

غضبت المديرة وأشارت إليها:
- هل تعلمين أن ابنتك في الشهور الأخيرة من التخرج من المدرسة ونقلها في هذا الوقت يضر بمستقبلها! كيف تخيلت أنك تستطيعي نقل طالبة في منتصف الفصل الدراسي من مرحلة الثانوية العامة؟

أخبرتها والدتي بهدوء:
- لدي ظروف ويجب النقل ضروري أرجو منك مساعدتي؟

أجابتها المديرة بغضب:
- بالتأكيد لم أفعل ذلك أبداً هذا سوف يضر مستقبل الطالبة، وأيضاً ابنتك من المتفوقين الأوائل الذين تفتخر بهم المدرسة، لذا أصرفِ نظر عن هذا الأمر وأنتظرِ ست أشهر حتى انتهاء الامتحانات.

لم أكن أعلم شيء عن حضور والدتي إلى المدرسة من أجل طلب نقلي، لذا عندما أخبرتني مدرسة اللغة العربية شعرت بالغضب والحيرة من تصرفاتها الغريبة وتسألت:
- لماذا فعلت والدتي هذا الأمر من دون مناقشتي؟!

بعد عودتي من المدرسة إلى المنزل وفورا دخولي سألتها بغضب:
- ماذا تفعلين؟!

أجابت والدتي بهدوء:
- لماذا أنت غاضبة هكذا؟

- أخبرتني المدرسة أنك حاولتِ نقلي من المدرسة؟!

أجابت بدون اهتمام:
- لأني سوف أتزوج في القاهرة لذا من الطبيعي أن يتم نقلك من المدرسة قبل زواجي.

لم أكن أعلم أن والدتي سوف تتزوج في محافظة بعيدة عن المنزل، لذا غضبت من الأسرار الكثيرة التي تخفيها والدتي عني ولم أعلم عنها شيء غير بالصدفة:
- القاهرة! لماذا لم تخبرني عن هذا من قبل؟!

أجابت بذهول مزيف:
- هل أنا لم أخبرك عن هذا من قبل؟ يبدو أني نسيت أخبرك بهذا!

نظرت إليها بغضب وحزن من حديثها الذي أعلم أنه مزيف وأخبرتها:
- لما أنقل من المدرسة حتى أنهي دراستي.

رغم أني أعاني من التنمر في المدرسة ولكني أعلم ما السبب في هذا لأني انسانة مؤدبة ومتفوقة ومجهدة.

كان تفوقي في الدراسة وجمالي المميز والبريئة والإنسانية وأخلاقي التي امتلكها يجعلني هدف لغيرة جميع الفتيات، لذلك كانت أتعرض دائما للتنمر والاضطهاد في المدرسة.

لكني لم أفكر أبدا في ترك المدرسة وفي هذا الوقت الهام من العام الدراسي سوف يجعل حياتي للأسوأ من التنمر الذي أتعرض إليه.

لذا عندما أفكر في مستقبلي الذي سوف يدمر بسبب هذا القرار المفاجئ قرار والدتي المتهور بالنقل جعلني أشعر بالخوف والرعب.

لذا أخبرتها بكل ثقة وإصرار:
- تزوجي أنتِ وسافر بمفردك، وأنا سوف أبقى هنا في المنزل بمفردي الست أشهر حتى انتهاء الامتحانات وبعد ذلك سوف أذهب إليكِ.

تفاجأت والدتي واتسعت عينيها ولم تستطع التحدث للحظات من قوة الصدمة وبعد لحظات من صمت جليدي غضبت وسألتني:
- هل أصبتِ بالجنون! كيف تطلبين بذلك؟

أجبتها بهدوء متجاهلة غضبها العارم:
- وماذا في ذلك؟!

صعقت والدتي من قوة إرادتي وطلبي الغريب وأخبرتني:
- كيف سوف أتركك في المنزل بمفردك؟!

- والدتي الحبيبة أنا بك أو بدونك أعيش في هذا المنزل بمفردي.

أدمعت عين والدتي أمامي انكسر لأول مرة وسألتها بحزن:
- كيف تقولين ذلك؟!

عندما وجدت يأس والدتي جوبتها بجدية:
- أنت تعملين طول اليوم وطول الوقت أكون بمفردي في المنزل ما المختلف في وجودك من ذهابك!

- ولمن أفعل كل ذلك! أنا أفعل ذلك من أجلك حتى تستطيعين الحياة بطريقة مريحة وبدون حرمان من أبسط الأشياء؟

- والدتي العزيزة لا تحزني فأنا لا ألومك كل ما في الأمر أخبرك أني أستطع تحميل مسئولية نفسي دون الأثقال عليكي في شيء.

أريدك أن تكوني سعيدة دون التفكير في لفترة ولا تجعلني محور حياتك فإن الأوان كي تعيش حياة مريحة دون تعب وإرهاق ومشقة.

كل ما أريده هو أن تحيا والدتي حياة سعيدة، تعويضا عما فاتها من عمرها في خدمتها واهتمامها بزوجها المريض وابنة صغيرة يتيمة تقوم بتربيتها بمفردها بدون مساعدة من أحد.

بعد عناد ومناقشات طويلة استمرت مدتها إلى أسبوع عتاب، استطعت إقناعها في النهاية بتركي بمفردي في المنزل والذهاب للعيش مع زوجها الجديد.

ولكن قبل ذهابها وتركي بمفردي في المنزل، قررت والدتي أن تأخذني أتعرف على زوجها الجديد.

لذا قامت في تحديد مقابلة غداء في مطعم مع زوجها الجديد حتى يتعرف على ابنتها التي لم يقابلها من قبل حتى الآن.

كان أفضل مطعم في المدينة عندما دخلت وجدت والدتي تجلس بجوار رجل وسيم رغم يبلغ سن الخمسين.

في البداية كنت أشعر بالقلق على والدتي لأنها في سن الثامنة والثلاثون كيف سوف تتزوج رجل في سن الخمسين عام.

لكني عندما قابلة صدمت به رغم عمره لكنه مان وسيم جداً ويحب ويحترم والدتي وأيضاً ويبدو عليه الثراء.

أشارت والدتي إلى حتى اقترب من الطاولة وأجلس بجوارها عندها بدأ في سؤالي:
- هل أنتِ ندى؟!
- نعم أنا ندى.

بدء في أخبرني عن نفسه بسعادة وقال:
- أنا حمدان السعداوي.

بعد إلقاء السلام والتعارف ضحك وأخبرني:
- أنتي جميلة مثل والدتك.

عندما ضحك هكذا شعرت بالارتياح لأنه شخص مريح وسوف يرسم السعادة على وجه والدتي لذا أجابته:
- بالطبع لا والدتي أجمل مني بكثير.

استمرينا في التحدث والضحك ولم نتوقف حتى انتهي هذا اليوم ولكن قبل ذهابه سألني:
- ندى أخبرني بصدق هل أنت لست حزين من زواج والدتك؟!

- بالطبع لا أنا سعيدة جدة وأصبحت أسعد عندما تعرفت عليك لأني أشعر أنك تحبها وسوف تسعدها.

عندها شعرت أنه شعر بالارتياح بعد مقابلتي، فكان هو أيضا يشعر بالخوف من عدم قبولي له لذا أخبرته:
- أتمنى أن تحب والدتي وتعاملها جيداً طول العمر لما تبقى من حياتكم تحيون بسعادة وهدوء.

نظر إلي بذهول وأخبرني:
- رغم أنك مازالتِ فتاة صغير ولكنك تملكين عقل وقلب أكبر بكثير من أشخاص أكبر سناً

- أنا فتاة عاقلة.

ضحك وأجاب:
- بالطبع لم أقابل شخص عاقل ومرح مثلك في حياتي وأتمنى أن تنظرين إلي كوالد لك منذ الآن.

ودعت هذا الرجل الطيب الذي سوف يصبح زوج والدتي بطريقة لطيفة، ولكنه قبل ذهابه جعلني أوعده:
- ندى أوعدني بعد انتهائك من الامتحانات تأتين إلى المنزل على الفور ولا تتأخرين؟

أجابته بسعادة بسبب اهتمامه اللطيف:
- حسنا أعدك سوف أجلب كل أشيائي وأذهب للعيش معكم.

ابتسم بطيبة وأخبرني:
- لا تجلبي شيء سوف أجهز لكي غرفة جميل مع والدتك وسوف تجدين بها كل شيء سوف تحتاجينه من ملابس والعاب وكتب.

- لا تكلف نفسك لم احتاج لشيء.

- هل لم تخبرك والدتك فأنا رجل غني؟!

بعد ذلك ضحك بسذاجة لذا أخبرته بوجه حزين مزيف:
- لا للأسف لم تخبرني لو كنت أعلم كنت لم أنتظر من أجل الامتحانات وذهبت الآن على الفور معكم.

بعد ذلك ضحكنا جميع بشدة وانتهى هذا اليوم المخيف بطريقة سلسة ومريحة ولطيفة.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي