الفصل الحادي عشر الخذلان القذر

الخذلان هذه الكلمة التي دخلت قاموس حياتي لأول مرة تجعلني أريد التقيؤ اشمئزاز مما يقد يفعل البشر.

رغم أن الخيانة ما تدمرت سذاجتي ولكن الخذلان ما كان دمر حياتي التي أصبحت المريعة.

رغم وجود نار تتغذى على المشاعر السيئة التي بداخل قلبي، ولكن خيبة الأمل بصداقتي مع "ريم".

كانت هي الشيء الوحيد الذي كسر ثقتي بالحياة وانسانيتي حولني إلى شيطانية و جعلتني أتساءل:
- لماذا فعلت ريم ذلك بي؟ لماذا أصبحت صديقتي المقربة أذا كانت تضمر بداخل قلبها الشر تجاهي!

- لماذا تكرهني إلى هذه الدرجة؟!

بعد ذهاب "ريم" ذهبت إلى غرفة "ثائر" اسأله: طق؛ طق
- هل استطيع الدخول؟

- أدخلي.
- هل استطع التحدث معك؟

حدق في "ثائر" لأقل من ثانية قبل أن يقول:
- أريد النوم، لنؤجل التحدث في وقت أخر؟

- لم آخذ من وقتك الكثير؟

- ولكني أرفض التحدث معك.
- استمع ولا تتحدث؟

- لماذا تلحين على ذلك هل يوجد شيء هام؟
- نعم.

- حسنا تحدثي سوف أصغي لكي.

تنهدت ثم سألته:
- هل تحب ريم؟!

- هل هذا ما تريدين التحدث به؟!

- نعم.

- وهل تهمتك مشاعري في شيء؟

صمت للحظات حتى تملكتني السعادة ثم أجابته:
- لقد سألتني من قبل هل تحبين ممدوح، والآن من واجبي أنا أسألك عن مشاعرك.

- واجبك؟!
- نعم واجبي كأخت.

كانت تلك الجملة التي هدمت أخر جزء داخل قلب "ثائر" دون أن أعلم، لذا حدق بخيبة أمل يخبرني:
- لمياء أريد النوم هل بإمكانك الذهب من فضلك.

هذا الوقت أقسم أني لمحت لمعة في عين "ثائر" كما يوشك على البكاء لذا توقفت عن إجباره في التحدث

وخرجت من الغرفة بعد أخباره:
- حسنا سوف أخرج ومنذ الآن سوف تكون هذه أخر مرة استجوبك فيها عن مشاعرك.

خرجت من غرفة "ثائر" والدموع تنهمر على وجهي قهراَ، ولكني حينها لم أكن أدرك ما الذي يحزنني لهذه الكثرة.

حين كنت متعلقة بطفولتي المؤلمة داخل ببطء شديد إلى عقلي واحتلت قلبي.

لذا لم أدرك ما المشاعر التي كانت تخولني في هذا الوقت ولكني شعرت أني فقدت شيء هام جداَ حينها.

عند دخول غرفتي دق هاتفي وكان خطيبي "ممدوح" الذي يسألني:
- مرحبا حبيبتي.

- مرحبا ممدوح.

- لمياء ما بك لماذا صوتك أصلح هكذا؟!

- أنا بخير لا تقلق.

- هل أنتي متأكدة من ذلك؟!

- نعم، أخبرني لماذا تهاتفني الآن؟

- لقد اشتقت إليكي.
- لماذا؟

- لأنك خطيبتي التي أعشقها.

في البداية لم أفهم ما تعني كلمة حب ولكني أعرف ما تعني كلمة إخلاص؛ والآن أشعر إني أريد أن اخلاص لهذا الشاب بشدة.

هذا الشاب الذي يحبني بدون مقابل وكل ما يريده هو إسعادي كيف ارد على معاملته إلي بالسوء.

لذا اتخذت قراري أن أنسى مشاعري تجاه "ثائر" ولا أهتم لهذه الصديقة الخائنة بعد الآن.

كان العام الدراسي الثاني في الكلية من أصعب الأعوام التي مرت به، ليس بسبب الدراسة ولكن بسبب الأحداث التي حصلت خلال هذا العام.

في هذا العام اكتسبت خطيب جيد ولكني خسرت حبيبي وصديقتي المفضلة.

في البداية بدأ "ممدوح" في سؤال:
- لمياء لماذا لم تعدي صديقة مع ريم؟!

- لا أريد التحدث عن هذا الموضوع.

- لماذا كيف تدمري صداقتنا؟!

- لا أريد أن أدمر صداقتنا وإذا أردت الاستمرار في معرفتك بها لا تجبرني في ذلك؟

- لم أجبرك ولكنني أريد الفهم؟

- أعتذر لا أريد التحدث في هذا الموضوع.

- لمياء أنتي خطيبتي ولكن ريم صديقتي ولم أستطع خسرتها من أجل.

- لم أجبرك على خسارتها، وأسمح لك في الاستمرار بالصداقة معها.

- عزيزتي سوف أترك الوقت يحل سوء الفهم بينكما.

رت أربع أعوام بهدوء حتى انتهى "ثائر" من الدراسة؛ كان صائر غاضب طول الوقت في البداية حتى خطب "ريم" تبدد هذا الغضب إلى لا مبالاة.

وكان عدم اهتمامه نعمة ووجوده في المنزل نقمة على قلبي المسكين.

وكان هذا بسبب زيارات "ريم " خطيبها "ثائر" في المنزل أشعرني بعد الارتياح طول الوقت.

وكانت "ريم" تتعمد إظهار حبها له طول الوقت وضع بذرة الحقد داخل قلبي وكل يوم تسقيها ريم بتصرفاتها المغرورة والمستفزة حتى كبرت تلك الزهرة وجاء موعد حصادها.

كانت تلك الزهرة هي القنبلة التي دمرت هدوء عائلتنا حتى الآن، عندما فكرت في تدمر علاقتهم الجميلة.

كما دمرت الحب الذي كان يكنه داخل قلبه تجاهي وجعلته يختفي للأبد عندما تدخلت بيننا، أردت أن أرجع إليها ما قدمته إلينا منذ عامين من إساءة وغدر.

لذا خلال لحظة ضعف صور شيطان عقلي أن أفصل بينهم، لذا دخلت إلى غرفة "ثائر" أثناء نومه

وأرسلت رسالة إلى ريم أخبرها "أنه يريد التحدث معها في الغد الساعة الثانية عشر ظهراً"

استغلت هذا الوقت بسبب عدم وجود أحد في المنزل في هذا الوقت، وبعد ذلك محيت الرسالة وعدت إلى غرفتي

ثاني يوم تأكدت من عدم وجود أحد في المنزل وبدأت في تنفيذ الخطة كما أردت.

كان "ثائر" يجلس في غرفته يقرأ في كتابه حتى دقت الساعة الثانية ظهراً، حينها صرخت بصوت مرتفع لمرة واحدة.

،
وأخبرت نفسي أذا سمع هذه الصرخة بمفرده سوف يأتي مسرعاً سوف أستمر في خطتي ولكن أذا لم يحضر إلى غرفتي سوف أنسى هذا الانتقام الطفولي.

ولكن لم يخيب "ثائر" آمالي وبعد انتهاء الصرخة وجدت يفتح باب غرفتي بخوف وقلق يسألني:
- لمياء ما بكي؟!

عندما وجدته أمام نظري يحتله الرعب والخوف بعد سماع صرختي شعرت بالذهول للحظات حتى اقترب كي يطمئن على حالي.

جلس على الأرض بجواري وأمسك بذراعي يسألني:
- لمياء ما يحدث معك؟!

- لقد دخل هذا الدبوس داخل قدمي.

بالطبع كنت مجهزة الجريمة التي تقنعه بأني أصابت حتى لا يشك أني أخدعه حتى أنتقم من ريم على ما فعلته في الماضي.

أدخلت الدبوس داخل بطن قدمي حتى أخرج دماء بسيطة منها، بعد رؤيته هذه الدماء البسيطة نهض يبحث عن برفان حتى يطهر الجرح.

بعد تطهيره الجرح شعرت بوجود حركة في الأسفل، لذا أدمعت عيني ولا أعرف ما كان السب هل بسبب تدبير هذه الحادثة أما بسبب الألم الذي تسببه هذا الدبوس والتطهير.

أمسكت يده وأخبرته:
- ثائر شكر لاهتمامك بي.

حدق "ثائر" بعيني الدامعة ورفع أصابعه محاولة مسح دموعي برقة وقال بصوت منخفض هامساً:
- هل يؤلم لهذه الدرجة؟!

سحرتني عينها وحدقت به بشغف دون أن أدرك لماذا أفعل ذلك رغم أن كل هذا من البداية كان تمثيل ومزيف.

ولكن انقلب السحر على الساحر، واستمرت قلبونا في النبض بسرعة كبيرة ودون أن أشعر اقترب "ثائر" وقبلني.

عندما قبلني "ثائر" لم استطع أدراك الواقع أو الوقت حتى سمعت صرخة تقول:
- هل أنتم مجانين؟!

عندما استعادة واعي بالواقع ونظرت تجاه باب غرفتي وجدت "والدتي وزوجها وريم وخطيبي ممدوح".

وكان "ممدوح" يحمل بيديه كيكة عيد ميلاد، التي سقطت من يديه بعد رؤيته هذا المشهد.

حدث شيء لم أضعه في الحسبان؛ فقد لم أتذكر أنه اليوم يوم ميلادي وطان الجميع يخطط في إقامة حفلة مفاجئة من أجلي.

ولكني التي من أقامت لهم بالمفاجأة، كانت حفلة عيد ميلادي الواحد والعشرين حفلة لم تنسى أبدا بالنسبة للجميع.

لأني كنت طفولية ولم أدرك ما الذي يحدث تصرفت بطريقة جبانة ومؤلمة، عند رؤية الجميع في هذا الوضع تعرضت للصدمة.

لذا أبعدت "ثائر" بالقوة مستخدمه يدي الاثنين وأخبرته:
- ماذا تفعل؟ كيف تفعل ذلك معي!

"اتهمته علني إلى الجميع بالتحرش من دون أن أتحدث"

هذا الوقت نظر الجميع إلي ثائر بطريقة مشمئزة، ولكنه بعد رؤيته تلك النظرات التي تعلو وجوههم.

لم يهتم بنظرت الجميع وعاود "ثائر" النظر إلي في ذهول من تصرفاتي.

وبدأ يسألني بيأس:
- لمياء! لماذا؟

- ابتعد عني لماذا تفعل ذلك بي؟

- ماذا تقصدين؟!
- أبتعد لا تلمسني.

لا أعرف لماذا تملكني حالة من الذعر رغم أني من دبر لهذا الموقف وافتعل وخطط لكل ذلك.

ولكن عندما وجدت "ثائر" في هذه الحالة لم يحاول حتى الدفع عن نفسه أو تبرير ما يحدث لؤمت وكرهت نفسي.

نهض من جواري واقترب من والده، عندها رفع والده يديه بقوة وانزلها على وجه "ثائر" هذه الضربة شعرت بها تسقط على قلبي لذا انهمرت في البكاء بشدة.

عندما سقط في البكاء بهذه الطريقة اسرعت والدتي وجئت وقامت باحتضاني تخبرني:
- لا تخافي والدتك بجانبك.

غضبت "ريم" وخرجت من الغرفة وبعد ذلك من المنزل، وأمسك ممدوح "ثائر" من رقبته محاولا ضربه.

ولكن قبل أن يوجه إليه ضربته، صرخة بأعلي صوتي باكية أخبره:
- توقف عن ذلك أرجوك لا تضربه.

بعد ذلك خلال لحظة غضب أخبره والده:
- لا أريد ابن مثلك أخرج من منزل ولا تعود مرة أخرى.

رغم أن والده داخل قلبه لم يكن يعني هذه الجملة ولكنها اخترقت قلب ثائر ووضعت ندبة لم تشفى أبداً.

لذا قال:
- كما تريد سوف أختفى من حياتكم إلى الأبد.

في البداية كنت اعتقادها جملها تحدث بها "ثائر" لحظة غضب ولكني لم أدرك حينها أني بهذه التصرف الطفولي المريض دمرت أسرة تحاول الاستمرار والعيش بسعادة.

أهتم الجميع بمشاعري في هذا الوقت ولم يهتم أحد باختفاء "ثائر" كنت الشخص الوحيد الذي يبحث عنها في كل مكان بالسر لأني الشخص الوحيد الذي يعلم أنه مظلم من هذه الحادثة القذارة التي قمت بتدبيره.

بعد مرور أسبوع علمت أن ضائر يمكث عن صديق له؛ جلبت عنوانه وذهبت حتى أتحدث معه واجعله يسامحني ويعود إلى المنزل.

ولكن فاجأني رد فعله عند مقابلتي:
- كيف وجدتني؟ وماذا تفعلين هنا!

- كنت أبحث عنك منذ هذا اليوم.
- لماذا؟

- كي أعيدك إلى المنزل.
- لا أريد.

- لماذا؟!
- لا يوجد أحد هناك يريد عودتي.

- الجميع يريد عودتك.
- الجميع؟!

- نعم الجميع، والدك ووالدتي وأنا.
- أنتي؟!

- نعم.

قهقه "ثائر" ضحكاً يسألني:
- أنتي تريدي عودتي؟

- نعم.
- كيف ذلك وأنتي من تخطط لهذا الوضع منذ البداية.

لم أكن أعلم أن "ثائر" أكتشف اللعبة التي قمت بها لذا توترت وإجابته:
- ماذا تعني؟ لما أفهم!

- أنت من أرسلت رسالة إلى ريم من هاتفي.

- كيف علمت عن الرسالة؟
- لقد أخبرتني ريم عنها.

صدمت وتوترت ولم أستطع إجابته حتى قال بخبث ولؤم:
- هل تريدي عودتي إلى المنزل؟

- أكيد.

- أخبرني الجميع عما فعلته؟

- لا استطيع فعل ذلك.
- لذا لم أعود.

- هل بإمكانك مسامحتي هذه المرة على هذا الخطأ ونسيان ما حدث؟

- لا أستطيع.
- لماذا؟!

- لأنني حتى الآن لم استوعب الموقفّ! أو أفهم لماذا فعلتي ذلك؟

- هل يمكنك اعتبارها غلطتي الأولى ومحيها من عقلك؟!

استمر يحدق في وجهي وعلامة الاستفهام تملأ وجهه حتى تحدث وقال بغضب:
- هل كانت هذه القبلة جزء من الخطة؟!

كان هذا السؤال الوحيد الذي لم أريد سماعه أو استطع الاجابة عليه لذا أخبرته بعناد:
- وهل أنا من قمت بتقبلك؟ أنت من بدأ ذلك!

- هل تتوهمين! أو لم تريدين الاعتراف بخطاك؟

- هذا لا يهم الآن.
- حقا؟!

- ثائر والدك مرض من وقت خروج من المنزل عود من أجل؟

- لم أعود حتى تخبرني عن سبب فعل ذلك؟
- لا يوجد سبب.

- إذا لم تخبرني؟!
- لا.

- هل تعلمي بفعلك ذلك دمرت خطبتك؟!

- لا يدمر شيء ممدوح ما زال يريد أن يستمر في الخطوبة.

- هذا جيد لكي! ولكن ماذا عن خطوبتي من ريم التي دمرت؟

- هذا جيد لك.

- لقد فهمت أخيراً لقد فعلتِ كل ذلك حتى تدمرين خطبتي؟

- إن كانت تحبك لم تتخلى عنك من أجل شيء تافه كهذا.

- لمياء أخبرني ما الذي تخفيه عني؟!

- لا يوجد شيء أخفيه ولقد جئت إليك حتى أجعلك تعود ولكنك من رفض ذلك تذكر ذلك جيداً.

قبل خروجي من منزل صديقه أخبرني:
- لمياء لم أعود إلي هذا المنزل مرة أخرى حتى تخرجي منه أنت ووالدتك.

تلك الجملة اذهلتني وجعلتي أهتز مكاني من الصدمة ودون أن أشعر أو أتحكم في مشاعري اخبرته:
- أذا لا تعود هكذا أفضل بكثير.

كانت تلك الاجابة الوحيدة التي لم أكون أريد قولها أو يريد "ثائر" سماعها من فمي.

والآن يعتقد أن بداخلي أرفض وجوده في حياتي.
  
ما هذا اللعبة القذرة التي قمت بها ما الذي كنت أريده من خلال فعلي ذلك، لقد دمرت كل ما هو جميل في حياتي في لحظة ضعف وتهور شيطانية.
"" ما هذا الخذلان القذر ""
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي