الفصل الثامن مشاعر مؤلمة

أثناء بكائي داخل الغرفة؛ كان "ثائر" يقف بقلق وحيرة أمام باب غرفتي.

يحاول منع نفسه من اختراق غرفتي كي يقوم بسحبي وضمني بين ذراعيه داخل حضنه.

تسمر "ثائر" بشوق ويتأمل باب غرفتي كأنه جهاز مفجر عندما يقترب سوف يهدم الكون لآلاف الملايين.

ترجع "ثائر" خطوتين إلى الخلف حتى وصول لباب غرفته، وسقط بهدوء يجلس على الأرض.

يسند ظهره بحزن على بابه ينتظر بخوف وأمل حتى أنتهي من بكائي المستمر لمدة ساعة حتى سقطت في النوم العميق من الإرهاق.

عندما انقطع صوت بكائي نهض ودخل إلى غرفته.

ثاني يوم وجدتني والدتي أفعل عادتي في تحرك الملعقة داخل الطبق والتلاعب الطعام بإحباط كما أفعل دائماً عندما أشعر الحزن وألم.

سألتني:
- لمياء ما بكي يا ابنتي الغالية؟!
- لا شيء.

تملك الفضول من زوجها سألها:
- هل هناك شيء؟!

- أظن أن لمياء حزينة.
- لماذا تعتقدين ذلك؟!

- هذه الحركة تفعلها طفلتي تلقائيا عندما تشعر بالحزن من شيء.

نظر إليٌ بحزن وسألني:
- هل أنتي غاضبة بسبب ابني؟

حدقت فيِ "ثائر" بزن وأجابت والده:
- إنه أخي كيف أغضب منه.

تفاجئ الجميع من إجابتي ولكن الوحيد الذي شعر بالسعادة هو زوج والدتي وأجاب:
- لمياء لم تعلمي ما مدى السعادة التي ملئت قلبي عندما لقبته بأخي.

- إنه أخي!
- نعم إنه أخيك.

ألتفت بعينه إلى "ثائر" وأخبره:
- هل رأيت أختك الصغيرة ومدى حبها وفرحتها بك؟

- أنها ليست أختي.

شعر والده بالحرج وحاول تغير الحديث حتى لا يحرجه ابنه أكثر من ذلك وقال:
- أريد التحدث معك بعد إنهائك من الإفطار.

- ماذا تريد؟
- سوف تعلم حينها.

- حسنا كما تريد.

أثناء حديثهم أخبرتهم:
- سوف أستأذن الآن.

- طفلتي لماذا تنهضين الآن؟ وأنتي لم تكملي طبق!

- لقد شبعت.

بعد صعودي إلى الطابق الثاني لحقت بي والدتي تحاول فهم ما يحدث وعندم وصولي أمام غرفتي سحبتني من ذراعي.

وسألتني:
- لمياء ما بكي؟

- لا شيء أنا بخير.
- لا أنت غير طبيعية.

- كيف ذلك؟
- هل بكيتي طول الليل؟!

- لا لم أفعل.
- لا تكذبي عينيكِ منتفخة؟!

- هذا لا شيء.

- طفلتي الغالية أخبرني الحقيقة هل حدث لكي شيء لم أعرف عنه؟!

هذا الوقت أردت معرفة الحقيقة رغم خوفي من اكتشاف هذه الحقيقة، لذا حدقت بوالدتي وسألتها:
- هل أنتي.

قبل أن أكمل الجملة وجدت ثائر خلف والدتي يهز برأسه حتى يمنعني من التحدث في هذا الموضوع حتى قاطع أفكاري صوت والدتي التي تسألني:
- أنا ماذا؟!

توترت للحظة وإجابته:
- هل يوجد عصير ليمون دافئ؟

- لماذا هل أنتي مريضة؟
- لا أنا فقط أشتاق له.

أكمل ثائر طريقة ودخل غرفته وذهبت والدتي تجهز عصير الليمون؛ بعد لحظات خرج ثائر من غرفته يحمل هاتفه الذي أخذه من الغرفه.

عندها قطعت طريقة وسألته:
- لماذا لم تتركني اسألها؟!
- وماذا سوف تستفيدي من ذلك؟

- سوف أكد لك أن والدتي ليست كما تعتقد.
- وأن كان ما أخبرتك به حقيقي! حينها ماذا سوف تفعلين؟

توترت وتراجعت خطوة إلى الخلف ولم أستطع إجابته على سؤال المؤلم.

لذا اقترب خطوة إلي وحدق في وجهي بسخرية وقال:
- حينها سوف تدمر علاقتك مع والدتك وتصبحي مثلي.

- مثلك.
- نعم مثلك، سوف تتحولين من صديق إلى عدو.

- هل تقصد أن بسبب والدتي علاقتك دمرت مع والدك؟

- ماذا تعقدين؟

عندما وجدتني ارتعش من الزعر ابتعد يهم بالذهب، لذا سحبته من ذراعه وقالت:
- ثائر أعتذر منك.

- لماذا أنتي! من يجب عليه أن تعتذر هي والدتك التي يجب أن تذهب إلى والدتي وتعتذر إليها لأنها كسرت قلبها وسرقت زوجها.

خلال هذه اللحظة شعرت بالإهانة من أجل والدتي وسألته:
- ثائر هل يمكن أن نصبح أصدقاء؟!

- كيف تسألني سؤال كهذا؟!

- لأني أريد أن اعوضك عما فقدت.

- أنتي؟!
- نعم أنا.

- كيف ذلك؟
- سوف أتركك تحول غضبك من والدتي إليَ.

ضحك بسخرية وسألني:
- هل تعتقد ِ أنكِ تستطيعين التحمل؟

- أستطع ولكن في البداية يجب عليك الاعتذار من أصدقائي كما أعتذر منك؟

- لم أفعل ذلك.

- لماذا لقد أذيت مشاعرهم يجب عليك الاعتذار منهم؟

- لا تحلمي بذلك أبداً.
- أنت اناني وحقير.

عندما أهانته تركني بدون أن ينطق بكلمة واحدة على إهانتي له، غضب وذهب بدون رد فعل على ما قمت به.

ذهب حتى يقابل والده الذي ينتظره في الطابق الأسفل، وأخذه والده يسيرون معا حتى يسأله:
- ثائر هل تعلم ما سنك الآن؟

- لماذا تسأل؟

- لقد وصلت للعشرين عام، ولكن لماذا كل تصرفاتك كل يوم تصبح طفولية أكثر.

- هذا ما تظنه أنت.

- أخبرني متى سوف تنضج؟ وتصبح شخص مسئول!

- هذه شخصيتي.

- لماذا لم تشعر بالإحراج من أختك الصغيرة؟ أنها مطيعة وعاقلة وبار بوالدتها.

- أظن أنها قريباً سوف تتحول وتصبح مثلي شخص لا يطاق وعدو للجميع.

- أحذرك أن تتلاعب بعقلها! أنها فتاة بريئة فابتعد عنها؟

- أنت تعلم جيدا أنه عندما تحذرني من شيء أريد فعله، وهذه الفتاة الحبيبة على قلب والدتها كيف ستصبح عندما تصبح مثلي؟

- أحذرك للمرة الأخيرة وأن لم تطيعني سوف أتخلى عنك.

حدق "ثائر" في والده بغضب وقال:
- لا تقلق سوف أفعل ذلك قبل ما تفعله.

ترك "ثائر" والده وذهب؛ كان ثائر غاضب طول اليوم لم يعود إلى المنزل الصيفي طول اليوم.

شعرت بالخوف والقلق الشديد عليه وخرجت أبحث عنه في كل مكان.

وجدته يجلس في حفلة مع غناء ورقص مع مجموعة من النساء الأجانب؛ كانت المرة الأولى التي أقابل بها شخص يشرب الخمر.

شعرت بالغضب ومنعته من الشرب وسحبته من وسط الفتيات وخرجت به.

عندما نظرت إليه شعرت بالخوف أن يراه والده في هذه الحالة، لذا أخذته واجلسته على الرمال أمام الشاطئ في مكان هادئ حتى يفيق من السكر.

جلست بجواره وحاولت التحكم به من كثرة حركته حتى أمنعه من النزول إلى مياه البحر حتى سقط في النوم على كتفي لمدة نصف ساعة.

وعندما استيقظ كان مازال ما يذهب تأثير الخمر، كان وجهه أحمر قرمزي عند استيقاظه من النوم، كان اللون يوضح أكثر كلما اقترب من وجهه.

ورفع يديه يغرز أنامله داخل شعري يسحبها برفق ذهاباً وإياباً، واستمر في الاقتراب حتى وصلت أنفاسه إلى شفتاي وقام بتقبلي برقة.

هذه القبلة اللعنة التي كان أول قبلة أحظى بها، هذه القبلة التي كانت مقدسة أصبحت الآن قبلة ملعونة تملكت من كل خلايا جسدي وأصبحت كالمخدر الذي أدمنته وأشتاق إليها.

هذه القبلة التي ألصقها على شفتاي بسهولة لحظة سكيره، لحظة ضعفه، لحظة فقدانه الإدراك اللحظة التي لم يتذكره أبداً حتى أتحدث عنها مرة أخرى.

"هذه اللحظة أصبحت ذكرى ملعونة لم استطع محوها أو نسيانها أبداً".

ولكن بسبب تلك القبلة أدخل الحب للمرة الأول إلى قلبي، ولكن جاء هذا الحب من أكثر شخص غير ملائم، شخص يكرهني بشدة.

شخص يخبرني كلما أراه أنتِ عدوتي التي أتمنى واختفائها إلى الأبد من الوجود.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي