الفصل السادس عشر غموض لغز لوثر كران

كان بالنسبة إلي غموض "لوثر" أقوى بكثر من غموض هذه البركة وهو الشيء المحير طول الوقت.

ولكن رغم مرقبتي وملاحظتي له الدائمة ليل نهار لم أجد شيء غريب أو مريب، ولكن رغم ذلك كنت أشعر بالريبة من ذلك الرجل المنغلق.

كان "لوثر" يحرز على تناول وجبات الإفطار والغداء والعشاء معاً كل يوم، كان هذا شيء أساسي ومقدس بالنسبة له.

وكأنه يخبرني أني أصبحت جزء من عائلته حتى جاء يوم فجأة وبعد مرور شهر أخبرني:
- مرحبا ثائر كيف أحوالك؟

- أنا بخير كيفك أنت؟

- أنا بخير.
- هذا جيد.

- أخبرني ماذا سوف تفعل الآن؟

- بعد تناول الإفطار سوف أذهب إلى العمل.

- حسنا، ولكن أريد أخبرك بشيء هام.
- تفضل.

- سوف أختفى خلال اليومين القادمين.
- لماذا؟

- لدي أعمالي الخاصة لذا لم أكون في القصر الأيام القادمة.

- حسنا كما تريد.

أختفى "لوثر" خلال هذه ولم يظهر أبدا إلا بعد مرور ثالث أيام، ولكن كان الغريب في الأمر أني وجدته بعد ثلاث أيام بجوار البركة فاقد الوعي.

ولكن هذه المرة لم يكون في حالة سيئة كما كان حاله في المرة السابقة، لم يكن على جسده جروح قطع كثيرة ودماء.

كانت فقط ملابسه في حالة يثري لها وكانت كل ملابسه ممزقة وكأن أحد قام بشقها وفصلهم عن جسده.

حملته على ظهري وأدخلته المنزل وهناك وجدت الخادم ظهر فجأة وساعدني في حمله.

ولكن ما شعرني بالشك هو هذا الخادم الذي لم يظهر في الأيام الماضية وظهر الآن، وليست هو فقط.

وانما الجميع كل خدم الموجودين داخل القصر اختفوا مع اختفاء "لوثر" وظهروا في نفس وقت ظهوره.

ولكن رغم اختفائهم المفاجئ كان الجميع في حالة جيداً وكان "لوثر" الوحيد الذي في هذه الحالة السيئة.

لذا قررت مراقبته جيدا عندما يختفي في المرة القادمة؛ مثل المرة الماضية عالجته بمياه البركة.

ثاني يوم أثناء تناول الأطفار قم بشكري وقال:
- شكرا لك من أجل الاهتمام بجسدي أثناء فقداني الوعي.

- لا شكر على واجب، هذا واجبي كطبيب وصديق أيضاً.

- صديق؟!

- نعم أنت صديقي الآن الذي أحيا معه.

-هذا جيد.

في هذا الوقت شعرت بألم بسيط في معدتي حينها سألني "لوثر":
- ثائر ما بك! هل أنت بخير؟

- لا أعرف لماذا أشعر بألم وعدم ارتياح داخل معدي؟

رغم الألم رفعت نظري إلى "لوثر" الذي توقف عن النطق ووجدته في حالة ذهول تلك النظرة الغريبة التي تعتلي وجهه جعلتني أشك في الأمر.

لذا فور ذهابي إلى المستوصف أخذت عينة دم و قمت بعمل فحص وتحاليل كاملة، رغم إحساسي ينوع المرض الذي لدي الآن ولكني لم أكون متأكد فعلياً.

ولكن بعد ظهور النتيجة وجدتني مصاب بنفس نوع الوباء الذي لدى المرضى المحتجزين في المستوصف.

وفجأة أثناء جلوسي في ذهول وجدت "كران" يدخل الغرفة يخبرني:
- صديقي كيف حالك؟

عندها أخفيت نتيجة التحليل وإجابته:
- بخير صديقي كيف حالك أنت؟!

- بخير ولكني أفتقدك أنت كنت مختفى الأيام الماضية؟ لم تأتي من أجل قياس مستوى الضغط لدي!

ضحكت وطلبت منه الجلوس وأخبرته:
- لماذا هل اشتقت إليِ؟!

- بالتأكيد كيف لا أشتاق لصديقي الذي يشاركني لعبة الشطرنج المحبوبة؟!

- أعتذر لأني كنت مشغول الأيام الماضية.

- لقد سمعت أنك انتقلت للعيش مع لوثر هل هذا الموضوع حقيقي؟َ!

- نعم هذا حقيقي.

غضب "كران" بشدة وتعصب وقال بصوت مرتفع:
- لماذا لم تستمع إلى ما أخبرك به؟ هذا الرجل الاقتراب منه خطر.

- هذا الرجل أنه جيد جداً معي ولم يؤذني أبداً.

- أنت لا تعلم ما الجريمة التي ارتكبتها في حق نفسك.

- لماذا؟ هل هناك شيء عن هذا الرجل تخفي عني!

تردد "كران" للحظات وظهر التوتر والخوف على ملامحه وقال:
- هذا لا يهم الآن يجب عليك الخروج فوراً من هذا القصر والابتعاد عن ذلك الرجل؟

- لماذا!
- لماذا أنت مصمم المكوث هناك؟!

- في الحقيقة كان هذا شرطة من أجل دراسة مياه البركة التي أخذتها حتى أنقذ والدة بيتر بها.

- هل استخدمت تلك المياه؟!

- نعم أخذتها وأنقذت هذه المرأة.

أجاب بفزع:
- كيف تفعل ذلك؟ ثائر أخبرني بصراحة هل تشعر بأعراض أخرى غريبة في هذه الأيام!

- نعم كيف علمت ذلك؟!

أقترب "كران" وحكم قضبة على معصمي الاثنين وأقترب برأسه وألصق جبينه بجبني لفترة.

وبعد ذلك ابتعد وقال:
- لقد ضاع الوقت وتأخرت كثيراً أعتذر يا صديقي.

- عما تعتذر أخبرني الأمر؟ لماذا فعلت ذلك!

- أنا أسف حقا.

- أخبرني لماذا تعتذر بحزن؟!

تنهد "كران" وحزن وذهب ولكن قبل ذهاب قال:
- أظن من الأفضل الآن المكوث داخل القصر وعدم الخروج منه حتى تنهي التحويل أن أردت عدم أذية أحد أو انتقال العدوى.

- هل تقصد أني مريض بمرض معدي ومميت؟!

تنهد "كران" وتركني وذهاب مهموماً وحزيناً.

خرجت من المستوصف فوراً للبحث عن إجابة لدى "لوثر" ولكن بعد عودتي إلى القصر وجدته ينتظر عودتي بقلق وحزن وعند وصولي.

أقترب يسألني:
- ثائر هل أنت بخير الآن؟!

- لا ليس بخير.
- لماذا هل تشعر بالألم؟

- الألم لا يهم كل ما يهمني الآن شيء أخر.

- ما الأمر يا ثائر؟!

وضعت تقرير نتائج التحاليل في يديه وأخبرته:
- أنتظر.

- ما هذا؟!
- أنها تقرير فحوصاتي.

- ما بها لم أفهم ما يذكر بها؟

- تقول التحليل أني مصاب بنفس الوباء المنتشر في الجزيرة منذ عشرة أعوام.

- هذا غير حقيقي.

- هل تكذبني؟!

- لا ولكنك من المستحيل إصابتك بهذا المرض.

- لماذا مستحيل؟!

- لأنك ليس من مواليد الجزيرة وأيضاَ.

- أيضا ماذا؟

- أنت من قبيلة الدب.
- ماذا تعني بذلك؟!

- هذه القبيلة من الصيادين من المستحيل أن تلتقط العدوى.

- ما تعني بهذا الكلام لم أفهم شيء؟!

- سوف تفهم كل شيء في الوقت المناسب.

- لماذا لم تخبرني الآن؟!

- ليس الآن أنه خطر عليك سوف أشرح لك كل شيء ولكن ليس الآن.

- لماذا؟

- هل يمكنك الوثوق بي؟
- لا أستطيع آسف.

ظهر الحزن على وجه "لوثر" لأخبره بعدم ثقتي به وتنهد وقال:
- هذا لا يهم الآن سوف أذهب الآن ونتحدث في المساء.

- لوثر أنتظر أنا لم أنتهي من التحدث معك؟

خرج "لوثر" مسرعاً من القصر وصعد طائرته الخاصة وذهب لمقابلة شخص خارج الدولة يعيش في أقصى القطب الجليد.

وفور دخول القصر تخطى كل الخدم لم يوقفه أحد أو يسأله إلى أين تذهب كأنها داخل إلى منزله وكل العاملين مؤلف لديهم.

وعند وصله إلى شخص يجلس على مقعد مصنوع من مياه الذهب الخالص، ركع وقال:
- كيف حال مولاي.

كان هذا الشخص كهل كبير في منتصف السابع تقريباُ ولكنه كان في كامل طاقته ولا يشبه العجائز الذين في مثل عمره.

تنهد هذا الرجل العجوز وهو يجلس بتسكع على المقعد وسأله:
- لوثر أيها المزعج ماذا تفعل هنا بدون أرسال خبر؟

- اعتذر مولاي ولكن هناك أمر هام.

- ما هو الأمر الهام الذي يستدعي حضور بدون إشعار؟

- ظهرت أعراض الوباء على شخص غريب.

- ما تقصد بذلك؟ كيف يكون غريب!
- أنه من سليلة الدب.

- ماذا؟!

- كيف شخص من سليلة الأعداء يصاب بهذا المرض؟َ

- هل تقول أن شخص من سليلة الدب ظهرت عليه الأعراض؟!

- نعم
- هل تحول أما لا؟!

- لا مازال في البداية.
- هذا خبر مفرح جداً.

- كيف ذلك؟!
- أنه المختار.

- ماذا تعني؟!

-أنه الشخص الذي يستطيع القضاء على هذا المرض.

- هل تقصد الرجل المذكور في الكتاب الأحمر؟َ
- نعم أنه هو.

- كيف يكون هو؟

- يجب عليك العودة الآن والاهتمام به حتى يتحول؟

- وهل تحويله سوف يمحي اللعنة؟!

- لا للأسف، ولكن بتحويله سوف يتحول إلى قائد المستذئبين.

- كيف يحدث ذلك؟

- أنها نبوة بظهور سوف يمحي اللعنة ولكنه مرتبط بالزهرة التي سوف تظهر له فقط وهذا يحدث بعد تحويله.

- ما هذه الزهرة؟!

- هذه الزهرة التي يجب عليه البحث عنها وإيجادها والتضحية بدمها سوف تمحي اللعنة.

- حسنا سوف أعود وأهتم به جيدا.

- أخبرني عندما يتحول حتى أقابله وأرحب بولادة القائد العظيم.

- حسنا مولاي.

بعد ذلك خرج "لوثر" من القصر في منتهى السعادة وصعد إلى الطائرة الخاصة وعاد إلى قصره.

وجدني أنتظره مع لائحة أسئلة ولكنه قال:
- أرجوك ثائر أنا مرهق جداً من السفر! هل يمكن تركي أذهب إلى النوم وأستريح ونتحدث المرة القادمة؟

عندما وجدته في هذه الحالة شعرت بالقلق لأجله لذى تركته يذهب، مرت الأيام ولم استطع إخراج المعلومات منه.

وعندما يئست قررت انتظر عندما يتحول القمر بدر ومراقبته ومعرفة ما يقوم بإخفائه ولا يردني معرفته.

جاء اليوم الذي يصبح به القمر بدر، وبعد استعداد "لوثر" للاختفاء ذهبت خلفه في السر حتى وصل إلى باب سري خفي في حديقة القصر.

عبر هذا البواب المصنوع من الزهور عن طريقة أداة نحاسية على شكل زهرة عباد الشمس واختفى ولم استطع اللحاق به.

مر يومين رغم بحث وكل محاولات عبري من هذا الباب فشلت فشل مريع، ولكني تسمرت أمام هذا الباب وجلبت طعام وماء التصقت بالباب أنتظر خروجه حتى حصل شيء غريب.

أثناء فتح أحد معلب الطعام جرح أصابعي ونزف دماء بسيط، ولكن تلك قطرة الدماء الصغير تمحورت وتحولت إلى كرة كبير في الهواء وعبرت من الباب وفتحته.

تركت من يدي الطعام في ذهول وذهبت خلف هذه الكرة المصنوعة من الدماء عبر الباب وفجأة وجدت نفسي داخل عالم آخر.

عبارة عن غابة ضخمة مخيفة اقف فوق تل مصنوع من الخضرة مرتفع وفي الأسفل يعدو الكثير من الكائنات غريبة الشكل.

في البداية لم أستوعب الوضع ولكن عند نزولي من التل وكلما اقتربت واضحة الرؤية وتلك الكائنات أصبحت أوضح.

تلك الكائنات تشبه البشر في الهيئة ولكن لديهم أجسام ضخمة مخيفة الشكل ووجوه مخيفة تشبه الوحش.

لم أعرف ماهية هذه الكائنات؛ لذا بحثت عن كهف واحتميت به أخفي نفسي من هذه الكائنات المخيفة.

كنت أراقب تلك الكائنات كل يوم من تحت الكهف عن بعد حتى رأيت وحش أضخم من باقي الوحوش.

هذا الوحش كان هائج جداً يحاول قاتل الجميع ويحاول الجميع إحاطته ومنه من أذيت نفسه، حتى انتهى اليوم الثاني من وجودي في الكهف بدون ماء أو طعام، وفجأة تحول كل هذه الكائنات إلى بشر وكانوا معظمهم خدم القصر.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي