الفصل التاسع عشر المواجهة

بعد بكاء شديد يجعلني أفقد قوتي أخذني "ثائر" من قصر صديقه "كران" إلى القصر "لوثر" وهناك شاهدت أشياء غريبة لم أستطع إدراكها.

وكانت هي تصرفات الجميع كان يتعامل مع "لوثر" كأنه ملك يعامله الجميع بقدسية كبيرة.

كان مرحب بنا في القصر من الجميع بطريقة كبيرة وكأننا أفراد أسرتهم وذلك جعلني أشك في وجود شيء غريب يحدث في هذا القصر.

لذا ذهبت إلى "ثائر" وسألته:
- هؤلاء البشر العاملين في القصر لماذا هما خاضعين هكذا ويتعاملون معك بهذه الطريقة؟

توتر "ثائر" وقال بصوت منخفض جداً:
- هذا ما كنت أخافه.

- ماذا؟!

- هل تعلمي يا لمياء ما هو أكثر ما يميزك؟

- ما هو؟!
- ذكاء.

شعرت بالسعادة للحظات وسألته:
- حقا؟!

- هذه ليست مجاملة.

شعرت بالإحباط وخفضت نظري للأرض بحزن حتى ضحك ثائر وقال:
- أمزح معك.

رفعت نظري إليه وشعرت باليأس وسألته بحزن:
- لماذا يا ثائر بحب اللعب بأعصابي وإحباطي وجلب لقلبي الحزن؟!

- لم أقصد ذلك، ولكني في الحقيقة أحب مداعبتك كثيراً.

- لماذا تفعل ذلك في؟!
- لأنك ستصبحين أجمل عندما تغضبين.

قهقهت "ثائر" العالية جعلتي أهيم في صدها دون أدرك استمرت في سحري وخطف تركيزي.

لذا فجأة أخبرته:
- توقف لا تفعل ذلك.

- بماذا أنا فعل؟!
- لا تضحك هكذا.

لاحظ "ثائر" نظرتي الهائمة وتوقف عن الضحك وقال:
- هيا أرسلك إلى غرفتك كي تسترحين؟

بعد صعودنا إلى الغرفة شعرت بالحيرة فلم أتي إلى هنا من أجل الاستقرار لذا تردد وسألته:
- حسنا، ولكن إلى متى سوف نمكث هنا؟

- حتى تعودين إلى بلادك.
- ماذا؟!

- هل تعتقدين حقا أني سوف أعود معك؟!

- ولماذا لم تعود؟

- لا أريد ذلك.
- وماذا عن والدك المريض؟!

- سوف يكون بخير.

- كيف تتحدث هكذا؟ أنه والدك وحالته الصحية سيئة!

- لم استطع العودة الآن.

"عندما وجدته في هذا العناد توقفت عن المجادلة معه وأجلت ذلك حتى أجل حل لهذه المضلعة".

ثاني يوم في الصباح الباكر لم أجد أحد في القصر من خدم أو عاملين أو لوثر وثائر، وكأن الجميع أختفى فجأة من على الكوكب.

رغم كل محاولات البحث عن الجميع لم أجد أحد، وعندما لم أجد أحد ذهبت إلى غرفتي ووجدت ورقة لم ألمحه من قبل كانت من "ثائر" مكتوب عليها:
- أنتظرني سوف أعود قريبا.

شعرت بالغربية وتساءلت:
- كيف له أن يكون أناني ومغرور هكذا أنه لم يتغير أبداً

جهزت وخرجت من القصر وذهبت إلى قصر "كران" وعند رؤيته سألته:
- مرحبا كران شكرا لم فعلت أمس من أجلي.

- العفو هذا واجبي.

- كران هل تعلم إلى أين اختفى الجميع؟

- ماذا تقصدين؟

- عندما استيقظت وجد القصر خالي من البشر.

تذكر "كران" أنها ليلة قمرية وتنهد بإحباط وقال:
- أنه ليلة قمرية.

- ماذا تعني بذلك؟!

- لاتعيري إلى حديثي اهتمام.

- كيف ذلك وثائر أختفى مع الجميع؟!

- لا تقلقي سوف يظهر بعد أربعة أيام.

- لماذا إلى أين ذهب؟ هل هرب بسببي مرة أخرى!

- لا لم يفعل ولكنه ذهب في عمل مع لوثر ورجاله.

- ولماذا لم يخبرني شخصياً وأين هذا العمل؟!

- لا تقلقي سوف يعود.

- هل أنت متأكد؟!
- نعم متأكد.

تنهدت وسألته:
- كران لقد لحظت تغيرات كثيرة في شخصية وجسد ثائر هل هو مريض؟!

- بالتأكيد لا.

- ولكني أشعر أنه مريض؟

- متى كانت أخر مرة تقابلتم؟!

- كانت منذ أربعة أعوام.

- أربعة أعوام كفيلة في تغير شخصية الإنسان في هذه الحياة.

- هل تعتقد ذلك؟!

- نعم لا أعتقد بلا أنا أثق في ذلك.

- أتمني ذلك، ولكن لا أعلم لماذا أشعر هكذا؟

- ما الذي تشعرين به؟!

- أشعر بكارثة قادمة أتمني أن يخطأ إحساسي.

- أتمنى لكي ذلك أيضاً.

تركت قصر "كران" وذهبت إلى المستوصف لمقابلة "سامي" سكرتير العام بالسفارة.

عند رؤيتي سألني:
- هل وجدتي ثائر؟

- نعم وجدته.
- هل هو بخير؟

- نعم بخير ولكن.
- ولكن ماذا؟

- لا يريد الذهاب معي إلى القاهرة.

- لماذا؟ هل أخبرته عن والده المريض؟

- نعم لقد أخبرته ولكنه لم يهتم أو يهتز له جفن.

- كيف هذا؟!
- لا أعلم.

أثناء حديثنا دخلت فجأة "أليس" وقالت:
- مرحبا لمياء هل كنتي بخير أثناء إقامتك في قصر لوثر؟

- نعم لماذا هذا السؤال الغريب؟!

- لأن الجميع يعلم كام لوثر شخص حقير!

- لماذا تتحدثين هكذا هل تخفين شيء؟

- لا.
- تكذبين.

- في الحقيقية أن استطاعتي أبعاد الطبيب عن لوثر سوف يكون أفضل لكم.

- لماذا؟!

- الجميع يعلم أن لوثر شخص حقير ومريض نفسي وقتل الكثير من الرجال ووجود الطبيب بجواره سيء جداً.

- كيف لهذا الرجل يكون هكذا؟ أنه يعاملنا معاملةً جيدة!

- لقد أخبرتك بما أعلم وما تفعليه يقع عليكي.

بعد ذلك تركتنا "أليس" الممرضة وخرجت وقال سامي:
- أظن أنها محقة.

- ماذا تقصد؟

- تمتلك السفارة أخبار مثل هذه عن لوثر.

- لو ذلك صحيح أظن في وجود خطر على حياة ثائر؟!

- هل تعتقدي أن لوثر يهدد الطبيب لذلك يرفض العودة معك؟!

- لا أعلم؟!

- أتساءل لماذا لم يقابلك ثائر عندما وصلتي واستمر في تجانبك؟

- هل تعتقد أنه كان مخطوف حقاُ من لوثر؟!

- أشك في بحدوث ذلك.

- ولكن أن كان هذا حقيقي لماذا الكل يتعامل مع ثائر جيداً؟ يستمعون له وينفذون كل أوامره بدون اعتراض!

- هل أنتي متأكدة من ذلك؟!

- نعم.
- هذا غريب جداً؟!

- نعم غريب ولكن عندما يظهر الجميع مرة أخرى سوف أتأكد من هذا الأمر.

تركت المستوصف وذهبت إلى القصر الغاوي؛ وبدأت أبحث عن أسرار داخل تلك القلعة الضخم ولكني لم أجد شيء.

حتى سقطت وغفوة من الإرهاق والتعب، وحينها بدأت مرة أخرى في ظهور الأحلام الغريب أثناء غفوتي.

خلال الحلم وجدت نفسي أقف أمام بركة مياه راكدة ولكن تلك المياه فجأة بدأت في الغليان وتزداد في العلو إلى السماء وتحولت هذه المياه إلى دماء.

اقتربت ولمست تلك الدماء ووجدتها ساخنة جداً إلى درجة الغليان شعرت بالخوف وابتعد.

استيقظت فزعا؛ وعند فتح عيناي وجدتني أقف أمام نفس البركة، شعرت بالفزع والرعب مما حدث.

وتساءلت" كيف وصلت إلى هنا ولماذا حلمت بمكان لم أشاهده من قبل ما الذي يحدث معي من حضوري إلى هذه الجزيرة رؤية أحلام وكوابيس مخيفة".

نظرت حولي في المكان؛ ووجد أمامي باب غريب مصنوع من الزهور، هذا الباب كان يخرج منه هالة سوداء كثيفة جداً، جعلتني أشعر بالفزع والرعب.

لذا لم أتجرأ وأحاول الاقتراب من هذه البوابة وهربت مسرعتاً إلى القصر ودخلت غرفتي وإغلاقها جيداً.

" هذا اليوم لم استطع النوم أبداً"

ثلاث يوم جاء "كران" يحمل طعام وفاكهة وتسألي ويخبرني:
- كيف حالك هل أنت بخير؟

- نعم بخير.

- لقد أحضرت لكي طعام جيد أتمنى أنى ينال أعجابك.

- لا داعي لذلك يوجد في القصر كل شيء.

- لا هذا الطعام مميز.
- كيف يكون مميز؟!

- لأنها الأطعمة التي تشتهر بها الجزيرة.

- هل هي جيدة لهذه الدرجة؟!

- نعم جيدة جداً سوف تطلبها مرة أخرى عند تجربتها مرة واحدة.

- شكرا لك على حسن ضيافتك.

- العفو ذلك من واجبي.
- شكرا لك.

ثالث يوم في القصر الغاوي كان ممل جداً لدرجة الاختناق لا أعلم ما كان سبب خلف هذه المشاعر السلبية هل كانت الوحدة أما كان الكابوس الذي رأيتها داخل أحلامي أثناء نومي.

مرت الأربعة أيام مرور الكرام دون فعل شيء حتى ظهر فجأة أمامي "ثائر" بكل شموخ.

حينها لم أستطع تملك نفسي من الاشتياق أسرعت إليه وقمت بالسقوط داخل حضنه.

رغم منذ معرفتي به لم نجلس معا وقت طويل ولكن هذه المرة كلما يغيب عن نظري أشعر بالاشتياق والحزن والرعب من فقدانه مرة أخرى.

تفاجئ "ثائر" بصرفي الغريب وسألني:
- لمياء ما بك هل أنتي بخير؟ لماذا أنتي هكذا!

- أخيراً ظهرت كنت أظنك اختفيت إلى الأبد ولم تظهر مرة أخرى.

- هذا غير صحيح لقد تركت رسالة أخبرك بها أني سوف أعود مرة أخرى.

- لماذا لم تخبرني بنفسك بدل ترك رسالة؟!
- لم أجد وقت وكنتي نائمة في هذا الوقت.

- هذا لا يهم الآن، أخبرني أين كنت لحد الآن؟!

- لماذا أنتي فضولية إلى هذه الدرجة؟ هل يمكنك إعطائي وقت حتى استريح!

- حسنا سوف اتركك تستريح الآن ولكن سوف انتظر منك إجابة على أسئلتي جميعاً؟!

- حسنا سوف أصعد إلى غرفتي الآن.

صعد "ثائر" إلى غرفته وبعد ذلك رأيت "لوثر" يحمله شخص ويرسله إلى غرفته، ذلك الأمر جعل الريبة تدخل إلى قلبي.

لماذا عاد "لوثر" في هذه الحالة، كانت حالته سيئة جداً كما كان عاد من معركة جسدية صعبة.

ثاني يوم شعرت بالفضول تجاه البوابة التي بالقصر وذهبت إليها أنظر وأتأمل بها، ولكن الهالة السوداء الغريبة اختفت نهائياً، وأصبحت بوابة عادية.

ولكن كان هناك صوت يناديني من الداخل ووجدت جسدي يتصرف بطريقة غير طبيعية كأن سحر يسحبني إلى داخل البوابة.

ولكن قبل دخول تلك البوابة منعني شخص من الدخول؛ كان خادم الحديقة سحبني من ذراعي سألني:
- سيدتي هل أنتي بخير؟!

- ماذا هذا؟ ما يحدث معي!

- لقد رأيتك تدخلون إلى هناك وهذا البوابة منع السيد "لوثر" من الاقتراب منها.

- حسنا شكرا لك.

- سيدتي هل أنتي بخير؟!

- نعم أنا بخير.

- هل أنتي متأكدة لقد كانت نظريتك غريبة؟!

- هذا لا شيء أني مرهقة .

تركت الخادم وذهبت إلى غرفتي يملئني الفضول ولكن رغم كل هذا الفضول كان بداخلي أحساس يخبرني "بأن لا أذهب إلى هذه البوابة أو البركة مرة أخرى".

ثاني يوم في الصباح عندما وجدتني "ثائر" انتظره مع أسئلة كثيرة منها:
- ثائر لا تخف وأخبرني الحقيقة هل لوثر خطفك؟

- بالطبع لا.

- الجميع تقولون أن لوثر شخص قذر وحقير؟

- لا الأمر ليس هكذا لوثر يعاملني جيداً.

- أذا لماذا لا تريد العودة معي إلى المنزل؟!

- لا أريد.
- لماذا؟!

- هذا ليس منزلي.

- هل مازالت تركه وجدنا في المنزل؟!

- لا ولكن هذا ليس منزلي الحقيقي.

- أذا أين منزلك الحقيقي؟!

- هنا منزلي ومكاني الحقيقي.

- هل تحب هذا المنزل لأنه كبير وضخم؟!

- بالطبع لا ولكني أشعر هنا بالانتماء أكثر.

- وماذا عن والدك المريض؟!

سحبني من ذراعي وقال:
- تعالي معي.

أخذني إلى البركة هذا المكان الذي لا أريد الذهاب إليه مرة أخرى، وأشار إلى البركة وقال:
- هذا سبب عدم مغادرة هذا المكان.

- هذه البركة سبب عدم مغادرتك؟!

- نعم
- لماذا؟!

- لأنها هذه البركة تمتلك سر خفى.

- ما هو هذا السر؟!

- أنها تستطيع علاج جميع الأمراض المزمنة التي ليست لها علاج.

- كيف ذلك؟!

- لا أعلم ولكني مازلت أدرس ماهيتها.

- هذا لا يهمني عودي معي إلى المنزل؟

- عودتي أنتي إلى المنزل وخذي معك بعض من هذه المياه من أجل شفاء والدي.

- لا أعود بمفردي عود معي؟!

- لا لم أفعل وأنتي مسئولة منذ الآن عن حياته.

تركني "ثائر" غاضبا وذهب وفي النهاية رضيت بالأمر الواقع وأخذت زجاجة من مياه البركة وعودت إلى المنزل وأشربتها إلى زوج والدتي والد ثائر.

حدث بعد ذلك كما قال "ثائر" وأصبحت صحة والده جيدة جداً خلال أيام قصيرة، هذا الجسد الذي كان على مشارف الموت عادت إليه صحته أفضل من قبل مئات المرات.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي