الفصل الخامس حقيقة ما حدث مع ثائر

كان سفري وخروجي من البلد ليس من أجل التفوق والنجاح؛ ولكن كان أيضا هروب من مشاعري التي لم استطع مواجهة بها هذه الفتاة المغفلة التي أوقعت قلبي لها ببراعة ودون مجهود.

ماذا أفعله معها الآن؛ وماذا أفعل في هذا القلب المجنون الذي يريد امتلكها ولكنه لا يستطع الاقتراب منها ولمسها.

كانت مجرد النظرة إليها يجعل قلبي البارد ينبض بسرعة رغم كل معاملتي السيئة لها، ولكني كنت أخاف عليها بشدة وأعشقها بكل جوارحي

ولكنها الآن لديه شخص آخر يعشقها ويحافظ عليها ويريد الاستمرار في علاقتهما طول حياته، فكيف أفصل بين هذا الاثنين وابعدهم عن بعض.

فور دخول هذه البلد الغريبة الباردة شعرت بالبرود داخل قلبي كان الوحدة والغربة كفيل بجعلي أكره كل شيء، ولكن في هذه الجزيرة النامية صنعت أصدقاء جيدين وأعداء أقسى.

كنت أجلس داخل المستوصف حتى دخل مريض يظهر عليه أعراض غريبـ وعندما سألت الممرضة "أليس" عنها:
- ما هذا المرض الغريب؟!

- أنه وباء منتشر منذ عشرة أعوام.
- وباء؟!

- نعم.
- كيف ظهر هذا المرض منذ عشرة أعوام ولم يعلم أحد عنه شيء؟!

أثناء الحديث دخل الطفل "بيتر" الذي أنقذته من الموت عندما تعرض لضرب رصاصة ناري على السفينة عند حضوري إلى هذه الجزيرة وقال:
- سيدي أرجوك أنفذ والدتي؟!

كانت والدة الطفل تعاني من سرطان المعدة في المرحلة الرابعة ولكنها كانت تحتاج إلى مشفى كبيرة حتى تعالج مرضها.

ولكني كنت دائم أعالجها وأهتم بصحتها من أجل الطفل الذي التصق بي وأصبح جزء من حياتي بعد انقاذه من فك الموت.

- بيتر ما الأمر؟
- والدتي مريضة جداً.

نظرت إلى "أليس" وأخبرتها:
- أليس أحضري حقيبتي الطبية والحقي بي إلى منزل بيتر بسرعة.

- حسنا سيدي.

أمسكت يد الطفل "بيتر" وذهبت إلى منزله وعندما فحصت والدته كانت في حالة خطرة، لذا قمت إسعافها وانتظرت بجوارها حتى أصبحت أفضل.

وبعد خروجنا من المنزل أخبرت "أليس":
- ماذا سأفعل الآن حالتها أصبحت أخطر من قبل أنها تحتاج النقل إلى مشفى كبير من أجل تلقي العلاج.

- أخبرت عن مرضها إلى مشفى كبير قريبة ولكنهم رفضوا قبول حالتها وتحجج بعدم وجود مكان له.

- مسكين بيتر مازال صغير وليس لديه أحد أخر بعد والدته.

- سيدي لقد سمعت من قبل بوجود مياه مبروكة تشفي الأمراض.

- هل تمزحين لا يوجد شيء كهذا على الأرض.

- يوجد الكثير من الناس التي كانت أعراضهم من والدة بيتر وبعد شربهم هذه المياه أصبحوا أفضل.

- اليأس يجعل الإنسان يقوم بفعل كل شيء، هل تعلمي أين مكان تلك المياه؟

- البركة في قصر لوثر.

- هل تقصدين ذلك الشخص الغريب الذي يسكن أعلى التل بمفرده في مملكته الخاص؟!

- نعم أقصد ذلك الشخص.

- لما هذا الشخص مجهول منذ مجيء إلي هذه الجزيرة لما أقابله مرة واحدة؟

- هذا الرجل لا يختلط مع الناس ولم يره الكثير.

- أشعر بوجود سر غريب خلف هذا الشخص.

- لا أعلم؟

- يجب دخول قصره والبحث في موضوع المياه في أقرب وقت.

- ذلك سوف يكون صعب تحقيقه.
- لماذا؟!

- هذا الرجل لا يسمح لأحد في دخول قصره أبداَ.

- هذا غريب؟!
- ما الغريب في الأمر؟

- لماذا يمنع الناس من دخول قصره والعاملين في قصره يمرضون دائما ومع وجود بركة شافيه في قصره؟!

- أظنك محق هذا الرجل خلف سر خطير.

- سوف أحاول دخول قصره في السر في أقرب وقت.

أثناء حديثنا دخل "كران" رئيس عصابة الكوبرا يسأله:
- مرحبا ثائر كيف حالك؟

- سيدي مرحبا تفضل بالدخول.

- سمعتك تتحدث عن الوقح "لوثر" لا تحاول الاقتراب من هذا الرجل وابتعد عنه؟

- لماذا؟!

- هذا الرجل مجرم وقاتل من الأفضل تجنبه على قدر المستطاع.

- ولكن.

- لا تحاول هذه الرجل الوحيد الذي لم استطع حمايتك منه.

يعد سماعه تنهدت ولم يتركني "كران " حتى وعدته بعدم الاقتراب من هذا الرجل.

كان "كران" رئيس عصابة الكوبرا رجل وسيم في منتصف الأربعين، ولكنه ممتلئ بالطاقة والنشاط، منذ انقاذه على السفين وأصبحنا أصدقاء مقربين.

كان يمنع "كران" الأشخاص السيئين عن الاقتراب من مكان وجود ويسخر رجاله في مراقبتي طول اليوم.

أصبح "كران" مثل الأخ والصديق الذي يرعاني بدون مقابل طول الوقت؛ مر الأربع أعوام ببطء شديد أشتاق بشدة إلى لمياء ووالدي ومنزلي.

كانت تلك السنوات ممتلأ بالمشاحنات مع "لوثر" من أجل المرضى بسبب الوباء وجلب علاج "والدة بيتر".

حتى جاء الوقت وتملكني الشجاعة ودخلت منزل "لوثر" في الخفى بالليل كانت هذه الليل قمر بدراً.

خلال الليلة القمرية كانت تحذر الحكومة بخروج المواطنين لوقت متأخر بسبب كثرة الحوادث ولكني لم أهتم بكل ذلك وتنكرت ودخلت القصر غلسه.

عند وصولي إلى البركة وجدت شيء غريب وهو "لوثر" كان مصاب بشدة وفاقد الوعي على الأرض بالقرب من البركة.

لذا ذهبت إلى البركة وملأت الزجاجة مياه وأجبرته على شربها.

بعد لحظات وجدت ضوء مثل البرق يسير في جسده بالكامل وبدأ في الاستيقاظ تدريجيا، بعد استيقاظه ورؤيتي بدأ في الهياج والغضب يسألني:
- ماذا تفعل هنا؟!

- لقد وجدتك فاقد الوعي على الأرض.
- هل وضعت تلك المياه داخل فمي؟!

- نعم.
- لماذا فعلت ذلك؟

- لقد أردت إنقاذ حياتك.

- مغفل لقد دمرت كل شيء ومجهود أعوام كثيرة.

- لم أفهم ما تقصد ولكني سمعت أن هذه المياه لديه طاقة شفاء لذا حاولت انقاذك بها.

- لماذا قمت بإنقاذي؟!

عندما وجدته في هذه الحالة شعرت أني أنقذت شخص لا يريد الحياة، ولا أعلم لماذا أشعر بالأسى تجاه.

كانت تلك المرة الأولى التي أراه ضعيف ويأس هكذا لذى اقتربت منه ورتبت على ظهره وقالت:
- لوثر لا تحزن اعلم أن الحياة سيئة ولكن هذ هكذا مع الجميع لذا لا يجب عليك الاستسلام لليأس والحزن.

بعد سماعي وجدته يرفع وجهه الممتلئ بالدموع يحدق في بفضول ويقال:
- بما أنك دمرت خطتي يجب عليك تحمل المسئولية؟

- ماذا تقصد؟

"رفع ذراعه وانزلها على رقبتي ووجه ضربة أفقدتني الوعي"

بعد استيقاظي وجدت نفسي مستلق على سرير في غرفة كبيرة ضخم على الأسلوب الملكي، ويدخل من النافذة أشعة الشمس كما يبدو أن الوقت كان ظهراً.

بحثت عن الهاتف ولكني لم أجده؛ ذهبت إلى الباب محاولا فتحه ولكنه كان مغلق بأحكام.

لذا حاولت النظر من حولي والبحث عن مفتاح أو طريقة تجعلني أخرج من الغرفة ولكن لم أجد شيء.

نظرت من النافذة وجدتني في الطابق الخامس من القصر لذا كان صعب محاولة الهروب حتى من النافذة.

جلست على السرير أشعر بالخوف وأفكر في ما الذي سوف يفعله "لوثر" وتساءلت:
- هل سوف يقتلني لأني تخطيت حدوده أو سوف يرسلني إلى الشرطة، سوف يكون جيداً إذا أرسلني إلى مخبر الشرطة ولكنه يحبسني هنا في القصر هل يريد قتلي؟!

بعد نصف ساعة تقريباً فتح الباب ودخل "لوثر" مبتسما يسألني:
- هل استيقظت أخيراً؟ منذ متى وأنت لم تنم!

- هذا الأمر لا يخصك.

- لماذا أنت غاضب هكذا في بداية اليوم؟

- لماذا قمت بحبسي؟!

- لقد أخبرتك.
- أخبرتني ماذا؟!

- أنك يجب أن تتحمل مسؤولية انقاذي.

- كيف تريدني أن أتحمل هذه المسؤولية؟!

- أمكث في القصر من الآن ولاحق.

- أنت تمزح؟!
- لا أتحدث بجدية.

- هل هذا عرض أما اجبار؟
- كما تعتقد ولكنه ليس عرض.

- لماذا تفعل ذلك؟!
- لأني أشعر بالوحدة.

- أنت شخص ثري ولديك عمال كثيرين في القصر وأموال كثيرة تستطع الذهاب لأماكن كثير تضيع فيها الملل الذي تشعر به؟!

- فعلت كل شيء ومازالت أشعر بالوحدة والملل.

عندما تحدثت هكذا شعرت باليأس تجاه، وهذا الإحساس كان أكبر خطأ في حياتي الذي سوف يلازمني طول العمر.

"لأني لم أكون أتوقع أن ذلك الشخص هو مستذئب يبلغ عمره ثلاث ألاف عام".

حدقت به و تملكني الفضول تجاه ذلك الرجل لذا قررت البقاء في قصره ومعرفة سره نظرت إليه بلؤم وأخبرته:
- استطع البقاء في القصر ولكن لدي عدة شروط؟

- ما هي؟!

- أريد زجاجة من مياه البركة أشفي بها والدة بيتر؟

- حسنا سوف أفعل.

- والذهاب إلى العمل في المستوصف؟

- ذلك لم يحدث.

- لما هل أنا سجين في هذا القصر! وأيضا أنا طبيب يجب عليا العمل في مهنتي وإفادة البشرية؟

- لا إنت ليست سجين ولكن أشعر أن تركت تذهب لم تعود مرة أخرى.

- لا تقلق سوف أعود لم أذهب إلى مكان أخر.
- حسنا كما تريد.

- أذا أريد الزجاجة الآن وحتى أذهب لإنقاذها؟

نادي "لوثر" على خادمه الخاص وأشار إليه؛ فهم الخادم ما يقصده سيده وأطاعه وذهب أحضر زجاجة من مياه البركة.

أعطني الخادم زجاجة المياه واخذتها وذهبت إلى منزل "بيتر" على الفور بعد إعطائها الزجاجة تحسنت والدته على الفور واختفي المرض.

وذلك وضعني في حيرة من أمري، وقررت حينها أن أبقي بجوار البركة ودراسة هذه المياه أكثر وأكثر.

بعد الانتهاء من العمل أخذت حقيبتي من الفندق الصغير الذي أسكن به وذهبت إلى قصر "لوثر"

استقبلني جيداً ووفر إلي كل سبل الراحة والأمان من أجلي ولكن كان كل ذلك لم يهمني أو يشغل تفكيري.

"لأن كل ما كنت أفكر به؛ لماذا هذا الرجل متمسك بوجودي في القصر هكذا".

ولكني لم أهتم؛ لأن كل ما أرده هو دراسة هذه المياه الغربية ومعرفة أصلها وسبب امتلكها تلك القوة الغريبة.

هذه القدرة التي أنقذت "والدته بيتر" من مرض مزمن ليس له حل في ثواني معدودة أختفى هذا المرض.

ذلك جعلني أتساءل:
- هل تستطيع هذه المياه علاج أمراض كثيرة مختلفة النواح! هل تستطيع تلك المياه علاج وجع القلب؟

رغم مرور كل هذه الأعوام مازالت أشتاق وأتألم من غياب "لمياء" لم أكون أعلم في البداية أني أعشقها إلى هذه الدرجة

هذه الفتاة العنيدة الباردة التي تعتقد أن الحب شيء غير هام، والصداقة تمثل إليها الخيانة والخذلان، والزواج مجرد سبب لاستكمال الحياة المملة.

ولكن رغم كل ذلك مازالت أحبها وأشتاق إليها بشدة، ولكن رغم ذلك لا استطع العودة والوقوف أمامها.

أخبرها عن حقيقة مشاعري لأن حينها لا أعلم ما الذي سوف تفعله، ولا أعلم ما هي حقيقة مشاعره الآن.

" لذا يجب أن استكشف هذه المياه وأعلم هل تستطيع محو هذه المشاعر القوية التي بداخلي تجاهها".
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي