الفصل التاسع قبلة استيقاظ المشاعر

كانت تلك القبلة من أسوأ الأحداث التي حصلت خلال حياتي، تلك القبلة التي أيقظت مشاعر الرومانسية.

تلك القبلة التي أصبحت منة الجين محور حياتي وجلبت الضعف والبؤس إلى حياتي الهادئة.

بعد العودة إلى المنزل من المصيف؛ استمرت في تجانب رؤية "ثائر" رغم كل محاولاته البائسة من أجل مقابلتي على انفراد.

محاولاته الفاشلة من أجل التحدث معي جعلت الجميع يلاحظ وجود شيء غير طبيعي.

جاءت والدتي حتى تسألني عما يحدث:
- عزيزتي ما بك؟ ما يحدث بينكم!

- لا شيء، هل تستعطي تركي بمفردي والخروج من الغرفة؟

- لماذا لا تنظري إلي منذ عودتنا من المصيف؟!

- لا شيء، أريد فقط أن أكون بمفردي.

- لمياء ماذا يحدث معك؟!

- هل يمكنك أن تكوني أقل تدخل في حياتي الشخصية؟

- ماذا؟!

- من فضلك هل يمكن أن تتركني بمفردي.

خرجت والدتي من الغرفة وهي تشعر بالحزن والإحباط من أسلوبي الغريب وتصرفاتي السيئة معها.

ولكن لم تستلم والدتي عن المحاولة، واستمرت في التقرب ومحاولة معرفة سبب هذا التغير المفاجئ:
- ما يحدث معك هذه الأيام يا عزيزتي! لقد تغيرتِ كثيرا لمياء؟

- لا شيء أنا بخير.
- لا، هناك شيء تخفيه أنا أعرفك جيداً.

حينها دمعت عيناي رغم محاولات في منعها وسألته:
- هل تستطيعي تحمل أسئلتي والإجابة عليها بدون كذب؟!

- منذ متى ووالدتك تكذب عليكِ؟!

عندها لم أستطع التحكم في أعصابي وسقطت الدموع بكثر وسألتها:
- كيف انفصل والداي ثائر؟

- ماذا تعني بذلك؟!
- والدتي هل لديكِ يد في انفصال والديه؟

- كيف تسألني سؤال حقير كهذا؟!
- أرجوكِ كوني صريحة معي ولا تخبئين على شيء؟

صدمت والدتي من سؤالي والحالة التي وصلت إليها من الحزن وخيبة الأمل.

لذا اقتربت وضمتني بشدة وقالت:
- حسنا عزيزتي لا تبكي سوف أخبرك بكل شيء ولكن.

- ولكن ماذا؟!

- أوعدني في المقابل؟

- أوعدك بماذا؟!

- بأن لم تخبري ثائر شيء عن ما أخبرك بها.
- لماذا تخبرني بذلك؟!

- لأني أعلم أن سبب حالتك هذه هو ثائر لقد أخبرك بأشياء قذرة عني؟

- كيف علمتي؟!
- لأنه الشخص الوحيد الذي يعتقد أني دمرت حياته.

جلست والدتي بجواري وامسكت بيدي الاثنين وبدأت في التحدث وقالت:
- عندما تعرفت على زوجي والد ثائر كان بالفعل لم يطلق بعد كان مازال متزوج من والدة ثائر.

- ماذا؟!
- لا تقطعني واستمعي للنهاية.

- كان فعل زوجي لم ينفصل عند طلقته ولكن كانت الحياة بينهما منتهيه.

- كيف هذا؟!

- والدة ثائر كانت لديه عشيق منذ عام قبل الطلاق ووالد ثائر كان يعلم وحاول الكثير حتى يجعلها تتخلى عن عشيقها وتلتزم بمنزلها من أجل ابنه ولكنها رفضت العيش معهم وصممت على الطلاق.

- كيف ذلك هل هناك أم تفعل ذلك؟!

- عزيزتي لم نحكم عليهم كل شخص لديه قصة الخاصة.

- وماذا عن ثائر كيف لم يعلم عن ذلك؟

- كان شرط والده من أجل الموافقة على الطلاق هو عدم معرفة ابن عن هذا الأمر.

- لماذا؟!

- لأنه كان يعلم أن شخصية ابنه حساسة وأن علم ما تفعله والدته سوف يكره النساء ويكون عدو لهم.

- أذا لماذا شك بكم؟!

- حدث ذلك في اليوم الذي قرر زوجى الذهاب للمأذون مع زوجته، حينها هرب حتى لا يطلق وجاء إلى محافظة القليوبية ومقابلة صديقه المفضل منذ أيام الجامعة.

- هل تعرف عليكي حينها؟!

- نعم تقابلنا بالصدفة والقدر جمعنا مع بعض منذ حينها.

- بعد عودته من القليوبية أنفصل عن زوجته نهائيا وتركها تعيش الحياة التي تريدها وتتزوج بما تشاء.

- هل هذا السبب الذي جعل ثائر يشك بكم؟!

- نعم لأنه انفصل عن زوجته بدون اخباره عن السبب بعد عودته وعندما علم أن زوجته الجديدة من هناك تأكد أن والدته خان والدته معي.

- مسكينة يا والدتي.

- المسكين هو ثائر بسبب ما حدث أصبح يعاني نفسياً لذا أخبرت والده أن يتركه يعتقد كما يريد.

- وماذا عن براءتك؟

- لا أهتم كل ما يهمني هي أنتي ابنتي الغالية الوحيدة أنتي التي تهمني أن تعرفي الحقيقة وأن والدتك محترمة وليست مدمرة منازل أو زوجات.

- أعتذر والدتي على الشك بك وتسبب الحزن لكي سامحنى؟

- عزيزتي أنا لم أحزن منك أبدا!.

بعد خروج والدتي كان الغضب يأسرني وكنت أتسأل:
- كيف أترك هذا الشاب المغرور يدمر سعادة والدتي، وكيف أجعله يمحي الغضب الكبير الذي يتملك من عقله وقلبه.

بعد حديث والدتي امتلكت القوة على مواجهة ثائر والتحدث معه وعندما لمحني سحبني من يدي وادخلني غرفته.

خلال هذا الوقت كان زوج والدتي في العمل ووالدتي ذهبت إلى السوق

لذا عندما سحبني حتى يدخلني غرفته تذكرت تلك القبلة فشعرت بالخوف وحاولت عدم الدخول حتى قال:
- لماذا أنتِ خائفة من الدخول إلى غرفتي لم أقتلك؟

- أنا لست خائف.

ترك ذراعي وأشار إلى داخل غرفته وقال:
- حسنا تعالي إلى الداخل؟!

- لماذا؟

- أريد أن أتحدث معك.

- في ماذا؟!

- لم أتحدث غير في الداخل.
- حسنا.

عند دخول شعرت بالغربة؛ كانت الغرفة كبيرة وبها حمام خاص ولكنها كانت تمتلك رائحة خاصة مثل الفانيليا والعنبر، كانت رائحتها مثل رائحة جسمه.

عندما تفحصت الغرفة وجدت بجوار النافذة صوفيه اقتربت منها وجلست، استمرت أنظر إليه أنتظر منه التحدث عما يريد.

جلس أمامي على سريره ونظر إلي وقال:
- ما يحدث معك؟

- ماذا تقصد بذلك؟!

- لماذا تتجاهلني منذ عودتنا من الرحلة؟!

- لا شي .
- كيف ذلك؟

حدقت به أتأمله بعيون دامعه دون التحدث حتى قال:
- هل فعلت لكِ شيء سيئ عندما كنت فاقد الإدراك!

شعرت بالتوتر وسألته:
- لا أفهم ماذا تعني بذلك؟!

- أقصد عندما كنت سكران هل أذيتك أو جرحتك بالحديث؟!

عندها علمت أن "ثائر" لم يتذكر شيء عن هذه القبلة لم يجب أن أمحيها من عقلي وعدم التحدث عن هذا اليوم مرة أخرى.

- لا تقلق لم تفعل شيء سيئ ولكني أشعر بالصدمة من تصرفاتك المتهورة.

- تصرفاتي المتهورة؟!

- نعم، لم أكون أعلم أنك مستهتر إلى هذه الدرجة تسكر تمرح وتلهو مثل المنحرفين.

- هل أنا منحرف؟!

- لقد قلت مثل المحرفين وليس أنت منحرف.

- وهل هناك فرق؟!
- نعم.

- ما هو الفرق؟

- المنحرف ليس له علاج، ولكن مثل المنحرف تعني أنك مازالت في البداية وتستطع التراجع عن هذه التصرفات المسيئة.

تنهد "ثائر" بإحباط وخيبة أمل وقال:
- بما أني لم أفعل لكِ شيء عودي إلى غرفتك كلامنا انتهى.

حدقت للحظات داخل عينيه التي تسحبني للفضاء وبعد فترة جمعت شتات نفسي ونهضت وعدت إلى غرفتي.

بعد دخولي غرفتي أغلقت الباب وذهبت الى السرير ارتميت عليه أبكي حزناَ وقهراً وأتساءل كيف نسى تلك القبلة.

"هذا الحقير أنها كانت قبلتي الأولى"

بعد ذهابي جلس "ثائر" متسمراَ على سريره يحاول إخراج تلك الذاكرة من مخيلته، تلك القبلة التي كانت أيضاً قبلته الأولى التي حظى بها أثناء سكره واستمر في لوم نفسه يتساءل.

"كيف أوهب قبلتي الأولى إلى هذه الفتاة؟! هذه الفتاة ابنة المرأة التي دمرت حياتي ومنزلنا الجميل".
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي