الفصل الخامس

لأن الحياة ليست ساوية بما يكفي، كان نصيب كل شخص منهم تعيس، وكأن الحياة جمعت كل شيء حزين ودفعته دفع نحو هؤلاء الأطفال.

ليس متشابهين في الطباع وليس متشابهين في الشكل وليس أيضاً متشابهين في الجروح العميقة التي في قلبهم.

ولكنهم يحاربون مستمرون في الحرب حتى يفوزون على ذاتهم وعلى تلك الجروح التي لا تشفى.


كان "محمدين " ينظر إلى "عدي" وقال بشيء من الحذر:

_ماذا سوف تفعل معهم؟

نظر "عدي" في الاتجاه المعاكس إلى "محمدين" وقال ببعض الحزن:

_لا أعلم، إلى الآن لا أريد حتى أن أتحدث.

نظر "محمدين" في شك إلى "عدي" وقال بشيء من الحده:

_هل تريد أن تقول أنك حتى بعد أن رأيت "كريم" أبن عمك وهو يستمتع بالمال والدك ومالك أنت أيضاً وسوف تصمت؟ هل تراني أحمق حتى أصدق ذلك الحديث يا ذباح؟

نظر له "عدي" في غضب ثم قال:

_"محمدين".... هذا الإسم لا أريدك أن تنطقُ من جديد..........يا"محمدين" أن هذا الموضوع كبير وأكبر من أبن عمي الحقير أيضاً،كنت أستطيع أن أتعامل معهم بالمحاكم،ولكن أبن عمي الآن يعمل مع الحكومه أصبح الأمر صعب عليّ بعض الشيء.

ثم أكمل وهو يفكر بصوت عالي:

_أن حاولت قتله سوف أسجن،وأن حاولت خطفه سوف تنقلب الدنيا رأساً على عقب،أنني لا أعلم ما الذي يمكنني فعله مع هؤلاء الحمقى؟

تحدث"محمدين" وهو يشعر بداخله بالحزن:

_القتل ليس حل، أن يدك قد أخذت على القتل يا "عدي"، أرجوك حاول منع نفسك من هذا، حاول من أجل" رحمه".

شعر "عدي" بالضيق وذهب اتجاه غرفته وقال:

_أنا... سوف أنام الآن، حافظ على أخوتك.

دلف "عدي" إلى غرفته وجلس على ذلك المقعد يتذكر ما مضى في حياته، تذكر تلك النقطة، نقطة آخرى حدثت في حياته، يتذكر ذلك المرار الذي عاش به قبل أن يدلف إلى الملجأ، ومن ثم ينساق إلى معاناة ومرار أخر داخل جدران الملجأ.

تذكر ذلك الرجل حين كان "عدي" ملقي أرضاً يصرخ ألماً، بينما هذا الرجل يضحك عليه، يتذكر ملامحه محتفظ بشكله داخل عقله، يحفظ ملامحه وملامح من كانوا معه.

اقترب ذلك الرجل من "عدي" وقال:

_هل تعلم أنك لن تستطيع الحركة لمدة يوم على أقل تقدير؟ سوف أترك الآن حتى يأتي والدك البطل ينقذك، رغم أنه هو السبب فيما أنت به.

ضحك الرجل بعد هذه الكلمات ضحكه عاليه، ومع هذه الضحكة هزت جدران قلب "عدي" بالحقد والغل.

خرج من الغرفة وخلفه جميع رجاله، أو يمكن أن نقول جميع المخنثين أمثاله؛ كان "عدي" يبكي ألماً لا يستطيع أن يتحرك كما قال الرجل له، ولان جسده منهك سارت غيامه سوداء أمام عينه وفقد الوعي للمره التي لا نذكر عددها.

أفاق "عدي" على صوت بكاء بجانبه وضوء من حوله بعد أن استطاع النظر في الضوء تقدمت منه والدته وقالت في حنان:

_ "عدي"......" عدي"حبيبي، كيف حالك يا عزيزي، ماذا فعل بك هذا الرجل؟......... هل أنت بخير يا عزيزي؟

كانت تبكي، ورغم علم "عدي" التام أن والدته تحبه وكذلك يفعل ابيه، ولكنه مان ينظر لهم نظرات مليئ باللوم.

تقدم الأب من "عدي" وقال بصوت هادئ يشوبه الحزن كانت عيناه ممتلئ بالفعل بدموع:

_هل أنت بخير؟ هل هناك شيء يولمك؟ تشعر بالم في مكان ما؟

نظر حينها "عدي" نظرة جانبيه إلى والده ولم يجب عليه، كان يشعر أن تم كسره؛ وبعد مرور بعض الأيام بدأ الجميع يتحدث معه عن ما حدث له.

كان كل من يتحدث معه عن ذلك الأمر ينظر إلى الأسفل ويقبض على كف يده وتنساب دموعه على جنته، تم كسر نفسه وقضيا الأمر، كان يشعر "عدي" بالغرابه عن ماذا يسألون وأن تحدثت عن ما حدث ماذا سوف يفعلون؟

خرجت العائلة من تلك المشفى الذي لا يعلم "عدي" كيف ذهب لها، دلف الجميع إلى تلك الفيلا، ذهب "عدي" إلى غرفته مباشراً.

حاول "مازن" (الأب) إيقاف أبنه، ولكنه لم يتسمع له، وذهب إلى غرفته بالفعل.

تسير الايام و "عدي" كما هو لا يخرج من غرفته إلا أوقات قليلة للغاية، لا يتحدث مع أحد؛ كان "مازن" يجلس في المنزل أكثر من المعتاد وهذا لفت نظر "عدي" لانها عن غير عادة والده.

وفي يوم دلف الأب إلى "عدي" وجلس بجانبه على الفراش قائلاً:

_هل تحاول الهروب مني يا "عدي"؟

نظر له" عدي"نظرة جانبية بعينه وابتسم ابتسامة صفرا وقال:

_يمكن أنني لا أريد أن أراك فقط، أنه ليس هروب من شخص أو شيء.

نظر له الأب قليلاً في صدمه ثم قال:

_بتأكيد لم أكن أريد أن يتم خطفك.

نظر له "عدي" في حده وقال هو في قمة الغضب وقمة الحزن والضعف بسبب ما شهده:

_لم تكن تريد؟ إذاً من الذي كان يريد؟ أنت السبب الرئيسي لكل ما حدث لي، أنت السبب في الذي يمكن أن يحدث إلى والدتي، أبعد أخاك عنا ودعي لي أن أموت، قبل أن أقضي عليه بنفسي.

كان حديث حاد للغاية، لم يتوقع "عدي" أنه من الممكن أن يخرج من فمه في يوم من الأيام، ولكنه كان شجاع وقوي لدرجة استحماله لكل ما حدث معه وإخراج هذا الحديث من قلبه إلى أبيه في عمره الثامن عشر.

نظر الأب في دهشة وخوف على "عدي" ومنه أيضاً، خرج من غرفته حتى ياتي اليوم الموالي ويذهب الأب مع أبنه إلى طبيب نفسي.

كان بنسبة إلى "عدي" رجل لا يفهم منه شيء ولا الرجل يفهم منه شيء، كان يتحدث بطرق ملتويه يريد أن يعلم شيء منه بطريقة غير مباشرة و"عدي"كان يعلم ذلك، وهذا السبب الذي جعله غير مرتاح معه في الجلسه.

قال "عدي" حينها داخلياً:

_أعتقد أن جميع الأطباء خبثا.

لم يستفد "عدي" شيء من جلسات هذا الطبيب، ولم يستطع الطبيب أخراج شيء من فم "عدي".

بعد عدة أشهر كان" عدي"أفضل حال من ما سبق، وترك الأب العمل لدى المخابرات.

قرار الأب أن ياخذ عائلته  إلى أحد المنازل الصيفية  حتي يخفف عن عائلته ذلك الضغط النفسي، وبعض التوتر وقالت الأم:

_كانها صفحة جديدة.

علم بعد ذلك "عدي" أن هذه الرحلة قائمة على هروب أبيه من زوجة عمه، لأن أبيه سجن عمه.

وهذا كان دافع إلى "عدي" حتى يشعر بالسعادة و أن يفتح بالفعل صفحه جديدة.

ولكن الايام كانت لا تبي أن تترك "عدي" عيش في سلام، وحدث بعدها ما جعله يتشوه خرجياً أيضاً.

أفاق "عدي" من ذكرياته على هاتفه الخلوي وهو يهتز داخل جيبه، شعر بالخوف حين بسبب أن رقم هاتفه ليس متواجد مع أحد غيرهم، غير أخوته، فتح المكالمة قائلاً:

_مرحباً من معي؟

أجاب الطرف الآخر:

_حضرتك ولي أمر "ريهام"؟

وقع قلب"عدي"من الخوف على أخته وقال:

_نعم أنه أنا، ماذا حدث؟

تحدث الطرف الآخر قائلاً:

_أرجو أن تأتي حتى ترى شقيقتك ماذا فعلت، إنها عديمة التربية نحن ننتظر في المدرسة.

وفصلت المكالمة في وجه "عدي".

كان"عدي"يركض ذهاباً إلى المدرسة وهو يشعر بأن قلبه قد يت قف في أي وقت من شدة الخوف عليها، رغم أن "ريهام" شخصية منطوية ولكن كان "عدي" يهتم لامرها بصدق، كانت بنسبة له أكثر من شقيقة كانت قريبه منه بعض الشيء، وكان يعلم أنها تعاني من شيء هو لا يعلمه بعد.

دلف "عدي" إلى مدرسة "ريهام"؛ كانت تقف في الزواية تبكي والشرطة في كل مكان ومن ثم أمسكو بها إلى مركز الشرطة حتى يتم حجزها.

قال الرسول ﷺ:

_﴿أضحك في وجه أخيك أنها صدقه﴾، أن جبر الخواطر من أكبر الافعال عند الله حساباً يسيراً وليس عسيراً.

ذهر لها" عدي"حتى يطمئن عليها ويعلم ماذا قد فعلت؟ وماذا حدث لها؟

حين ذهب وسأل علم كل شيء، وأن عائلة الفتاة قد رفعوا قضية على "ريهام"بالاعتداء وهذا مثبت بسبب جرح في الوجه والرأس.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي