الفصل الرابع عشر

خرجت من الغرفة وهي تنظر إلى الامام ولم
تلبث إلى أن تحول تعبير وجهها من غاضبة
إلى هادئة مناسبة إلى ثيابها الرقيقة.

"ياسمين" كان بداخلها صراع ما بين أن تذهب وتسير في ما  سارت به والدتها، أو تصبح كما هي الفتاة الجميلة والرقيقة للغاية، وهنا كان رأي العقل الا واعي شيء آخر وهو أن تلعب
الدورين، كيف؟ حين تصبح لديها انفصل في
الشخصية أصبحت شخصيتين في شخص واحد وهي "ياسمين" صاحبت الشر والاعمال
و"ياسمين" صاحبت الجمال والأناقة والمال.

وما أن رات "ريم" "ياسمين" حتى ذهبت  إليها
قائلة:

_ما هذا يا "ياسمين"أين كنتِ،شعرت بالخوف عليكي،أين كنتِ؟

ردت عليها" ياسمين" بحب ورقة:

_كنت، لا أتذكر أعتقد أن يجب عليّ الذهاب إلى طبيب،أعتقد أنني بدأت في طريق عدم التذكر،عندما أذهب إلى مكان أنسى ماذا كنت أفعل،
أشعر بالخوف من أني أذهب إلى مكان في
يوم ولا أتذكر أين أنا.

ضحكت "ريم" وقالت:

_لا تقلقي باذن الله،سوف أصبح معك في
نفس المكان وقريبة منك ولا تتوهي وحدك.

ضحكت "ياسمين" وقالت:

_ماذا كنتِ تريدي مني،بتأكيد مصيبة.

ردت "ريم" وقالت:

_ليس بضبط،باختصار شديد "رحمة"ذهبت مع
أصدقاءها وقالت أنها لن تتاخر ولكن كما
أنتِ تري الآن الساعة التاسعة،وبتاكيد تعلمي أن"عدي"يخرج دخان من أذنه،وغير هذا لقد
أتت مع رجال.

غمزت بعينها وقالت:

_ولكن هناك شاب أوصلها إلى باب المنزل
  يشبه القمر في جماله، عيناه وعضلات،وحين حدث هذا رأى"عدي"كل هذا،والآن هي في
غرفتها وهو يحاول الدخول لها.

ضحكت"ياسمين "وقالت:

_أنتِ مثل أذاعة الشرق الاوسط،بتأكيد هذه
النشرة تشكر بكِ.

وهكذا دلف الفتاتين إلى الداخل في انتظار ما سوف يحدث وما سيفعله" عدي"مع"رحمة".


في الداخل كان "عدي" يقف أمام غرفة
"رحمه" ويا دق الباب بقوة حتي تخرج له
ولكنها لا تريد  أن تفعل، لم يكن "عدي" فقط هو الذي يخرج نار من رأسه بل  هناك آخر
عاشق لهذه الصغيرة أنه "زياد" أبن "مريم"،
تحدثت" رحمه" من الداخل بذعر وقالت:

_يا "عديي"هذا شقيق صديقتي،وآتى بي إلى
هنا لأن الوقت قد تأخر،وعد يا"عديي"لن تتكرر مجدداً،من أجلي هذه المرة يا"عديي".

زفر" عدي" في ضيق، هو يكره أن تكون مركز
أنظار الجميع، لأنه حتي لا يريد أن ينظر إليها
أحد، قال بصوت هادئ حتي لا تخاف أكثر من هذا:

_"رحمة"افتحي لي الباب لن أفعل شيء.

استمعت "رحمة" إلى نبرة صوته متعب غير قادر على مواصلة ما يفعل؛ فتحت الباب في هدوء ودخل هو وقفلت الباب توجه إلى الفراش
وتوجهت "رحمة" إليه نظرت له في قلق، كان
نائم على الفراش يضع يد على وجهه يخفي
عيونه قالت بصوت متوتر:

_هل أنت بخير؟

لم تسمع جواب، بل أمسك يدها و سحبها 
إليه حتي وقعت على الفراش بجانبه ووضع
رأسها على صدره وبدأ في أن يربت على
شعرها وقال بصوت مختنق:

_تحدثي في هدوء من هذا؟من دون خوف لن
أنزعج.

قالت "رحمة":

_أنا أخاف من أن تزعل ولا أخاف من زعلي
،ولكن يا"عديي" بالفعل هذا مجرد شقيق
صديقتي ورأى أن الوقت قد تأخر ولذلك قرر
أن يوصلني،ولن أوفق حتى أتت صديقتي معي.

هز رأسه وقال:

_حسناً، أريد أن أسال سؤال آخر.

صمتت في انتظار السؤال بينما هو قال:

_هل تحبينه؟

فتحت "رحمة" عينها في ذهول، هي لم تحب شخص أبداً بل هي تعرف من تحب بضبط
ولكن لا يمكنها قول من تحب فقالت:

_بالطبع لا!

تنهد في ارتياح ولكن قالت بصوت هادئ
متوتر:

_ولكنني أحب...وتقريباً حب من طرف وأحد.

شعر أن قلبه يعتصر، ماذا تقصد بأنها تحب
ومن طرف واحد من هو ذلك الشخص؟

ضمها إليه بتملك أكثر وقال:

_هل من الممكن أن أعلم من هو؟

ردت وقالت بتوتر شديد:

_لا أستطيع يا "عديي".

قال"عدي":

_حسناً دعينا أحرز،هل هو من المنزل أم من
الكلية؟

ردت وقالت في خجل:

_من المنزل هنا.

زفر وقال:

_هل تعتقدي يبادلك زاد المشاعر وأنتِ لا
تعلمي؟

هزت رأسها رافضة وقالت:

_لا يمكن،هناك مليون سبب يجعل هذا
الشيء مستحيل.

كانت تتحدث وهي تضمه أكثر وهو يضمها
أيضاً، هم يحبون بعضهم البعض ولكن كل
شخص بهم لا يعلم، يودون أن يبقيا سوياً وإلى آخر الزمان لكن كيف؟ وهو تزوج، وهو ينتظر
حبيبته أن تكبر.

قال"عدي":

_أنا سوف أنفصل عن "مريم".

قالت في فرحة حاولت أن تجعله مخفي ولكن لم تعرف وزادت ابتسامتها وهي تقول:

_هل هذا حقيقي لما؟

قال وهو  تاكد أنه هو المقصود من حديثها:

_لانني أحبك،ولانك قد كبرتي وعلى ما أعتقد
أن يجب أن تصبحي عروس.

صفقت بيدها وقفزت عليه هي كانت تنتظر
خبر مثل هذا، أنه اعتراف غير مباشر أنه يردني كما أنا أريده، هكذا ظللت طوال الليل تفكر
فيه وبيه.

أما"عدي" كان قد حزم أمره هو لا يحب
"مريم"، هي تعلم ذلك وكانت تعلم منذ البداية أنه سوف يتركها ما أن"رحمه" تكبر له
وبالفعل كبرت له وإليه فقط.

                           …

في المكان آخر بعيداً عن منزل "عدي" كان
يرتدي "محمدين" ثيابه، هذه البدلة السوداء
الباهظة الثمن و تقدم نحو الباب حتي يخرج
بهذا المظهر الرقي والمتميز ولكن أوقفه
صوت "محمد" وهو يقول:

_إلى أين أنت ذاهب؟

تلفت له "محمدين" وتحدث وقال في سخرية:

_ذاهب إلى مساعدة بعض المتشردين.

قال "محمد"

_ماذا تقصد بضبط يا "محمدين"؟

نظر له"محمدين"في ملل وقال:

_أقصد ما فهمته أنت بضبط.


خرج "محمدين" من المنزل واستقل أحدث
سياراته وجعل السائق ينطلق بيه حيث جهاته.

بعد وقت هبط من السيارة بهدوء شديد ودلف إلى داخل هذا المنزل، أنها شقة في الطابق
الأول، دلف إليها وكان يجلس بداخلها
شخصين أكثر شخصين يحقد عليهم  في حياته أنهم هم أبيه ووالدته.

جلس أمامهم ووضع قدم فوق الآخر وقال:

_أنا أعلم أن هذا المكان غريب بعض الشيء
ولكنني أشعر بالحظ به،علمت يا أستاذ/
"محمد"أنك خسرت كل شيء قد صنعته؛كنت
أعلم عنك الكثير وسمعت أيضاً عنك الكثير
ولهذا السبب اراد أن أسعادك.

ثم نظر إلى السيدة التي أمامه:

_ولكن بتأكيد يا أستاذة/"دينا"هناك مصالح
مشتركة كما قولت إلى أستاذ/"محمد"قبل 
سابق.

تحدث"محمد" في أمل أن يعود كل شيء له
من جديد:

_ما هو ذلك المقابل يا أستاذ/"محمدين".

تحدث "محمدين" في جمود:

_تعترفون بي أنا وأخي أننا أطفالكم وأريد أن
أعلم الآن لما فعلتم ذلك؟!

دقائق، دقائق من الصمت وأنفاسهم السريعة التي تثبت   التناقض في  التصرفات هي فقط
التي توضح أنهم مازالوا على قيد الحياة، كان "محمدين" سعيد بهذا المشهد، كانت أعينهم منفرجة  على آخرها لم يخرج  الحديث من
أفواههم.

لم يتلذذ "محمدين"بشيء  قد في حياته مثل
هذه اللحظه.

وقفت"دينا" من مكانها وهي تقول:

_ما هذا الحديث الذي تقوله يا رجل؟

ابتسم في سخرية وقال:

_هكذا تتحدثي مع أبنك بعد طول غياب؟هذا
بدلاً من أن تقولي لي بني العزيز وتضم بي؟،لم أكن أتوقع هذا منك.

لكن قالت هي اطرافها ترتعد بعنف:

_هذا الحديث غير صحيح.

ضحك "محمدين" بقوة وقف من مكانه بغضب شديد و قال:

_وأن كان حديثي غير صحيح لما عشت أنا وأخي في الملجأ سنين؟أنتِ خسارة بك الرحم الذي
تحملي في جسدك،أن كان كلبة هي الذي
تملك ذلك الرحم سوف يصبح أحن منكي.

بدأت الدموع تهطل من عيونها ولكن لم يرف قلب "محمدين" إطلاقاً بل نظر إلى" محمد"
الرجل الجالس أمامه في سخريه وقال:

_ألم تتحدث؟أم أنك سوف تفعل ذاتك ميت؟

ثم أكمل"محمدين" في غضب:

_لن يخرج أحد من هنا إلا في حال علمت كل
شيء ما الذي حدث في الماضي؟وما هو سبب أنني أنا وأخي في الملجأ طوال عمرنا؟وأقسم
أن لم أعلم الآن سوف أقتل أطفالكم.

فتح الهاتف وظهر قناصين متخفياً يصوب
ناحية المنزلين، شهقت "دينا" في رعب جعلت
"محمدين" يكسر قلبه الالف المرات على ما
يحدث معه، أنها تخاف عليهم ولا تخاف عليه ولكن ما لبث حتي تحول هذا الألم إلى غضب عارم مدمر.

فقالت في خوف وتوتر شديد:

_سوف أتحدث سوف أتحدث ولكن أبتعد عن 
أطفالي.

بينما تحدث "محمد" وواضح عليه أنه لم يفق
من الصدمه بعد وقال:


_جيد أنكم مازالت بخير أنت وأخيك بعد حادث حريق الملجأ.

كانت هذه المره الصدمه من نصيب" محمدين" حين نظر إليه وقال:

_ومن أين لك أن تعلم أنه حرق؟!

قال بصوت واهن ضعيف:

_لم أستطع أن تصبح بني في النور،الشرع هو
الذي حرم أن تصبح بني وأن تصبح هي أمك.

                           ....

كانت "ريهام" تتفقد غرف المرضى حتى  ترى
  أن احتاج أحد شيء، رغم أنها طبيبة ولكن
تشعر بالمسؤولية الا متناهية وتحب عمالها كونها طبيبة.

كانت تسير إلى أن صدمت بشخص، نظرت له
وقالت:

_أعتذر يا "عز".

نظر لها" عز" بحب وحاول التقدم منها ولكن هي قالت في خفوت:

_ايها الطبيب "عز"إذ سمحت.

نظر لها في حنق وقال:

_لما؟

شعرت  بدهشة فقالت:

_لما ماذا؟

سحبها من معصمها وذهب بها إلى غرفته
وقال:

_لما تبتعدي؟رغم أنك تعلمي أنني أحبك،لما
تفعلي كل هذا؟ورغم أنني أعلم أنك تبادل
معي المشاعر،هل هذا بسبب فرق العمر؟

هزت رأسها رافضه حديثه وقالت:

_لا ليس لذلك السبب،بل لأن حفيدتك آتت لي هنا وطلبت مني أن أبتعد عنك،وأنني بهذا
الشكل أصنع المشاكل لعائلة كاملة وهي
لديها حق في هذا الحديث.

أقترب"عز" منها وقال:

_ هل تستمعي إلى حديث طفلة في الخامسة عشر من عمرها؟هل هذه الطفلة التي سوف
تحدد مصيرنا؟

هزت "ريهام" رأسها رافضة الحديث وقولت:

_لا ليس كذلك،ولكنها لديها الحق في
حديثها،لديك أطفال وأحفاد و......

قطع استرسال حديثها وقال في صرامه:

_هل لأني لدي فتاة وتزوجت صغيرة وانجبت
لي حفيدة أصبح لا يجب عليّ الحب؟أنتِ
تعلمي أن أول زواج لي ليس عن حب،وأنا لا
أعلم كيف شعرت بالحب نحوك! دعينا نتزوج وسوف أفعل أي شيء لأجلك،سوف أكتب هذه المشفى باسمك أنتِ.

أمسكت"ريهام" يده وقالت في جدية:

_حسناً يا "عز" سوف أفكر وسوف أجيب عليك من الآن إلى حين أجيب عليك لا أريد أن تتحدث معي،لا أريد أن تضغط عليّ.

هز رأسه وخرجت "ريهام" خارج مكتبه،وقال
إلى ذاتها داخلياً:

_ اعلم أنه يحبني وأنا أيضاً أحبه، لا أعلم لما
احببت رجل عجوز، ولكن مظهره وكلماته حتي تجعيد وجهه تجذبني إليه جذباً، وشعرت أني
في حضن أب لي حين يضمني، وشعرت أنه كل شيء لي، من قال أن الحب بالعمر؟ من قال إن العمر يشكل عائق بين الطرفين؟ أنا أحبه حتي لو كان مائة سنة.

دعوني اعرفكم على "عز المنشاوي" أكبر
طبيب جراحه في  الشرق الأوسط، لديه ستون عاماً، لكنه ظهرياً أنه في الخامسة والاربعون، رجل رياضي جسده منحوت وبيه عضلات رغم
كبر سنه لكنه وسيم للغاية، شعره الأبيض
الناعم وعيونه السوداء التي يتجمع بجانبها
تجعيد بسيطة، صاحب سلسلة مستشفيات، وحنون للغاية، وهذا أكثر ما يجذب "ريهام" إليه بل أكثر ما يجذب النساء عموماً.


لكنه لم يلفت نظره ولم يتعلق بامرأة، كما
تعلق ويحب "ريهام" صاحبت مرض البهاق، لم يرى  بها عيب قد بل زاد هذا البهاق جمال
بها، ولكنه يعلم أن فرق السن كبير بينهم،
أنها في

التاسعة والعشرون وهو في الستون أي أنه
أكبر منها واحد وثلاثون عام، عمر كامل ولكن يعلم أنها تحبه لذا كان يجب أن يجذبها نحوه أكثر وأن تقع له كما وقع لها.

                          ...

"سهر" تلك الفتاة الكئيبة، تعلم أنها لم تعش الحياة قد كما يجب، لذا فكانت تعمل في أحد المطاعم رغم أن عرض عليها كلاً من
"محمدين" و"عدي"العمل معهم ولكنها
رفضت اردت  أن تصبح مستقلة بنفسها وأن
تعيش أيضاً وحدها رغم رفض "عدي"
المستميت  لكنه وافق في النهاية بعد
إلحاحا وبعد أن جعلها تأتي له كل يوم
وتوافق أن يبقي الحارس أمام بيدها.

حتي لا يحدث لها شيء، أنه شخص حنون
القلب؛ كم تتمني رجل مثل "عدي" في حياتها كانت تحسد "رحمه" على وجود مثل ذلك رجل في حياتها، رغم وجود "مريم" في حياته ولكن لم يختلف إحساسه.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي