الفصل التاسع

آتى صباح يوم جديد، كان يوم مفعم بالحيوية والنشاط.

فأن في هذا اليوم سوف تخرج هذه العائلة
الكبيرة؛ استيقظت "رحمة" وهي تقفز فوق
الفراش حول "عدي" في سعادة بالغة.

استيقظ "عدي" ناظراً لها في نعاس وقال
بصوت أجش ضعيف أثر النوم:

_يا صغيرتي دعيني أنام، أني سوف أموت من
قلة النوم.

ضحكت "رحمة" في سعادة وقالت:

_لا أنت يجب أن تستيقظ حتى تخرج لي
ملابسي يا "عديي".

نظر لها بسعادة وابتسامة تزين ثغره، وقال:

_تلك الطريقة التي تنطقي بها أسمي تجعلني اعشق أسمي منكي.

ضحكت في طفولة وقالت:

_أنظر يا" عدي"إلى ذلك الفستان، لقد فكرت
أن ارتدي فستان حتى أصبح مثل الاميرات، ما
رأيك به؟

نظر لها قليلاً ثم قال:

_أنتِ أفعلِ ما تريديه أيتها الجميلة.

ضحكت"رحمة" لانه يتغزل بها، قبلت خده
وركضت خارجاً حتى تيقظ اخواتها.

ابتسم إليها "عدي"، وشرد فيما سوف يقدم
عليه قريباً جداً لاجل أخوته ولاجله بتأكيد،
ولاجل الانتقام.

كان"عبدالله"في غرفته يتجهز إلى هذه
النزهة، كان لا يعتبرها نزهة كبيرة لأن أي
نزهة كبيرة تحتاج إلى المال؛ كان ينظر إلى
جسده عبر المرآة ينظر إلى تلك الأجزاء المشوه في جسده.

كانت هذه الأجزاء هي التي قد تشوهت أثر
النار التي اشتعلت في جميع أنحاء الملجأ.

كانت صرخات "عبدالله" تملئ الملجأ، إن لم
ينقذه "عدي" ذلك اليوم بتأكيد كان قد هلك
ومات بطريقة بشعة.

أنتبه له "معتز" أخيه الصغير، أقترب منه وهو
يمسك في يده أحد قطع الثياب وقال بصوت
مليئ بالحزن:

_هل يمكن أن تساعدني في ارتداء ملابسي؟

ضمه "عبدالله" إليه وقال وهو يبدل له ثيابه:

_تعلم أني أحب الاعتناء بك؟ اليوم سوف
نذهب إلى نزهة قصيرة، أريدك أن تكون
بجانبي لأنني أخاف عليك بشده.

هز "معتز" رأسه قائلاً:

_حسناً، سوف أصبح أمام عينك دائماً.

تجهز الجميع إلى هذه النزهة القصيرة، كان
الجميع يضحك ويمرح، رغم الكثير من
المشاكل الذي يمرون بها.

كان "عدي" دائماً يحاول التخفيف عنهم بتلك نزيهات، كان يحاول دائماً أن يجعلهم سعادة.

أتت مكالمة إلى "عدي" نظر إلى "محمدين"
وقال: "محمدين" ضع عينك على أخوتك.

ابتعد "عدي" قليلاً عنهم ثم قال:

_مرحباً.

لم يأتي له إيجابة من الجهة الأخرى فقال:

_أن لم تجيب فسوف أغلق المكالمة.

أجابت الجهة الاخرى وقال:

_أنني أنا "روز".

صدم "عدي" قليلاً، تنفس يعمق، كان لا يريد أن يستمع إلى صوتها ولا يريد أن يراها، أغلق عينه ثم فتحها وقال:

_ماذا تريدي يا "روز"؟

ارتسمت معالم الحزن غلى وجهها وقالت
بنبرة حزينة:

_أريد أن أراك... لقد اشتقت لك.

نظر"عدي"أمامه وقال:

_هذا لا يمكن أن يحدث.

تحدثت بصوت باكي وقالت:

_ما الذي حدث أنني كنت أح...

قطع استرسال حديثها وقال بصوت حاد:

_هناك أشياء في الماضي لا يمكن أن تعود يا "روز"، ولكن الآن لا يمكن أن يكون بيننا أي
شيء أن هناك انتقام، مِن مَن سوف أخذ هذا
الانتقام؛ أرجو منك أن لا تجعلينِ في موقف
سيئ.

تنفس بضيق وقال:

_"عدي"الذي تعلمي عنه كل شيء قد مات يا "روز" وأريد منك أن يظل هذا الحديث عالق في ذهنك ولا يذهب مطلقاً.

انهى "عدي" المكالمة؛ كان يشعر بالحزن
والضيق، فأن "روز" بنسبة له شيء كبير ولكن
في المقابل لا يمكن أن يتحدث معها بعد
الذي حدث من عائلتها، لا يستطيع أن ينسى
الماضي ويحبها وينسى ذلك الانتقام.

كان عمه هو الذي سلب منه كل شيء حتى
أحب الاشخاص له.

كان يقف "عدي" في ممر بعيد عن أنظار
الآخرين، ولاحظ في تلك اللحظة رجل يركض
ويحمل طفلة يكمم فمها حتى لا يسمع أحد
بكائها.

كان يسير بها نحوه طريق منقطع.

نظر "عدي" إلى أخوته وعلم أنهم جميعاً بخير، ثم اتجه خلف هذا الرجل


كان "معتز" يقف مع أحد الفتيان الذي تعرف عليهم ويمرحون ويلعبون؛ بينما ينظر له
"عبدالله" من بعيدة في سعادة من أجل أخيه، ولكنه عقد حاجبه سريعاً حين راى "معتز"
يبكي دون يمسه أحد.

تقدم "عبدالله" منه وقال:

_ماذا بك يا "معتز"؟

ضمه" معتز"وهو يبكي، نظر "معتز" في سؤال
إلى الطفل الآخر  الذي يلعب معه "معتز".

قال الطفل في توتر:

_أنا لا أعلم طلب مني أن نلعب ولعبت معه،
ولكنه لا يستطيع اللعب بسبب فقد أحد يديه، فقولت له أنني حين  اجرح يدي دون قصد
تقبل أمي الجرح ويشفى سريعاً، وقولت أن
إن فعلت والدته هذا لربما يطيب سريعاً.

علم"عبدالله"لما أخيه يبكي، كانت واضحة
بشده؛ قال "عبدالله" بصوت حزين:

_نحن ليس لدينا أم وليس لدينا عائلة أنا وهو عائلة إلى بعضنا البعض.

قلب الطفل شفتيه في حزن ثم ركض إلى
مكان آخر.

بعد وقت قليل استطاع "عبدالله" أن يهدى
"معتز" من هذه النوبة.

في تلك الاثناء تقدمت أمراة من "عبدالله"
وقالت:

_هل أنت أخيه؟

نظر لها "عبدالله" قليلاً ثم قال:

_نعم!

نظرة له بابتسامة وقالت:

_أني والدته "زياد" الذي كان يلعب مع أخاك، هل من الممكن أن تترك لي "معتز" قليلاً؟

تقدمت "والدته زياد" من "معتز" ووضعته على
قدمها وقالت بصوت حنون:

_ما هذه الحلوة؟ أنت لطيف للغاية كما
أخبرني "زياد".

ابتسم"معتز"لها في سعادة وقال:

_نعم بالفعل أن "عبدالله" يقول لي دائماً أن
والدتي كانت تقولي هذه الكلمات عليّ،  وهو أيضاً يطلق عليّ تلك الكلمات.

نظرت تلك السيدة إلى "معتز" وقالت:

_هل ممكن أن أضمك؟

ضحك "معتز" وضمها إلى أحضانه، ابتسمت
هي وهبطت دمعة من عيناها، ثم ضمته
بقوة.

وقفت تلك السيدة وبدأت في اللعب معهم
جميعاً، وجلس "عبدالله" من جديد ينظر إلى
تلك السيدة وهي تلاعب ابنها "زياد" وأخيه
"معتز".

تقدمت تلك السيدة من "عبدالله" وقالت  في
تسأل:

_أنت وأخيك أين تعيشون؟

نظر لها قليلاً ثم قال:

_كنا قبل ذلك في ملجأ ولكنه شب به حريق،
الجميع قد توفى، بينما أنا و"معتز"وأخي
الكبير "عدي" استطعنا الهروب من ذلك
الحريق، وسكنا في شقة صغيرة.

نظرت له في حزن، فقال "عبدالله":

_لا أريد شفقة لانني أكره هذه النظرات التي
تعبر عن الشفقة.

ضحكت له ثم قالت:

_أني ليس لدي أحد، هذه النظرة ليست نظرة شفقة، بل نظرة حزن على ذاتي وعليكم أيضاً.

نظر لها"عبدالله"في انتباه وقال:

_كيف؟

تحدث قائلة:

_أني أبي وأمي قد توفاة بعد أن تزوجت من
والد "زياد" أنجبت منه "زياد"، ورغم أنني كنت
معي الكثير من المال وهذا كان ميراث من
عائلتي، زوجي قد أخذ كل ذلك مني واعطى ليا ورقة الانفصال.

صمتت قليلاً ثم قالت:

_ولأنه كان ضابط برتبة عاليه لم استطيع أن
أفعل معه شيء.

نظر لها عبدالله وقال:

_كم عمرك؟

قالت له:

_خمسة وعشرون عام.



أما لدى"عدي"كان يقف خلف أحد الاشجار
وينظر إلى الذي يحدث، كانت الفتاة تحاول
الصراخ وتحاول الفرار من بين يده، ولكن رغم كبر عمر ذلك الرجل إلا أنه كان متحكم جداً
بهذه الطفلة.

تقدم "عدي" بحذر وضربه على ظهره وقع أرضاً وصرخت الفتاه،تقدم منها وقال لها:

_أهربي الآن.

وقعت عين"عدي"على ذلك الرجل الواقع أرضاً وتذكر من هو ذلك الرجل أنه هو ذات الرجل
الذي قد اغتصابه في طفولته.

أن ذلك الرجل كان السبب في ثاني النقط
السوداء لديه، لم يستطيع "عدي" فعل شيء سوا ضربه بتلك العصا.

في خلال لحظات تقدم منه العديد من الرجال وبدأ الجميع في لكمه

كان "عدي" يقف في زوية قريبة منه ينظر
برعب وكأنه عاد ذلك الطفل الصغير الذي تم
اغتصابه، ولكن بعد عدة دقائق بسيطة كان
يهجم "عدي" عليه ويلكم به بكل شرسة، إلى أن أخذه البعض إلى مركز الشرطة.

بعد أن ذهب إلى قسم الشرطة قال "عدي"
إلى الضابط وقال:

_أنا أريد أن أرفع عليه دعوة وعلى "محسن
المحمدي"


و بعد يومين تم القبض أيضاً على"محسن" عم "عدي"، كان"عدي" ينظر له بحقد وكره و كان هناك من ينظر إلى "عدي" بنفس النظره
و يمكن أن تكون أشد أنه "كريم" أبن "محسن".

كان يجلس"عدي" في المنزل ينظر إلى
"رحمه" وهي تنام بعمق بجانبه أخذ الورق
والقلم  وبدأ الكتابة والعبث في ذكرياته
المشئومةُ.

استيقظ الجميع حتي يرى نفسه  في مخزن
بيه فئران تجري هنا وهناك صرخ بشده خوفاً منهم ، إلى أن تقدم "عم" و نظر لي وقال:

_كنت سوف تموت يا "عدي"كنت سوف تموت من شدة الحروق.

بدأ يضحك بشكل هستيري وبدأ جسد"عدي"
يرتعد خوفاً منه ولكن فزع بسبب صرخة أبيه  حين بدأ "محسن" في بطر قدمه من المنتصف و قال لي "محسن":

_تعلم يا"عدي"أنا لما أفعل كل هذا؟لأن أخي
الذي هو أبيك نظر إلى ما في يدي،و لأجل
هذا أنا أفعل ذلك.

تحدث"مازن"وقال:

_سوف اقتلك يا "محسن".

ضحك"محسن"وقال:

_سوف تصبح روح يا "مازن" لا يمكنك أن
تفعلها لا يمكنك.

كان يضحك ضحكات متتالية تجعل الدماء
تتجمد في  داخل العروق.

ثم نظر إلى "عدي" وقال:

_تعلم يا "عدي"أنا سوف اجعلك مثل أبني
بضبط،ولكن أن تحدثت عن ما رأيته سوف
اقتلك  مثلما سوف أصنع لوالدك و والدتك
الآن؛هل تريد أن ترى كيف،أنا أريدك أن ترى
هذا وتضعوا في عقلك الصغير.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي