الفصل الثامن

وضع"عدي"يده على شعرها الابيض الطويل
وقال في حب:

_أعلم أنك تحبيني وكذلك لا تري شيء سيء
بي، ولكن أنتِ قمران وليس أنا.

في ذلك اليوم نامت الصغيرة "رحمة" بجانب
"عدي" الذي كان ينظر إلى ملامح  جهها
البريئ، اهدابها الطويلة البيضاء، وشعرها
الابيض الطويل؛ كانت مميزة في كل شيء،
مميزة في شكلها في شخصيتها القوية
والتي في ذات الوقت مرحة وطفولية، كانت
مميزه لديه لدى "عدي"، مميزة حتى في
دخولها الملجأ.

تذكر حين آتى  إلى دار الايتام ، حينها كان في عمر السادسة عشر عام، كانت صغيرة للغاية
حين طلب منه أن يذهب لجلب شيء  من
مكان ما و هو يسير ناحية مسجد كانت بجانب باب المسجد اقترب منها و كانت تصرخ من
الجو البارد،حينها  خلع سترته و وضعها عليها و وضع اصبعها في فمها حتي صمتت قليلاً و هي تشعر بدفاً في أحضانه ظل يحملها
ويضمها  إليه إلى أن وصل إلى هذا المكان،
  إلى دار الايتام.

اقتربت منه سيدة الدار و هي السيدة" مرڤت"
أو ( ماما) كما يقولون لها  ، حملتها و نظرت
لها و كانت "رحمه" تصرخ بين يدها ، نظرت لي السيدة "مرڤت"قائلة:

_من أين أتيت بها يا"عدي"؟

تحدث "عدي"قائلاً:

_كنت بجانب المسجد القريب من هنا وكانت
تبكي من البرد القارس والجوع أيضاً على ما
أعتقد.

ذهب"عدي"إلى غرفته و بدأ في وضع الحليب
الصناعي في فمها،ثم همس في اذنها مداعباً لها:

_سوف أطعمك بيدي كل يوم.

منذ ذلك اليوم و"عدي" من يهتم بها، حتي
أصر أن يعمل  في ذات الملجأ  حتي يبقى 
بقربها.

كانت صغيرة للغاية، وجميلة للغاية ولكن
وجود "عدي" بجانبها يجعله ينسى كل ما
حدث  في حياته، يجعله ينسى أنه الفتى 
المشوه الذي ينظر له الجميع بـشمئزاز.

...


في غرفة جانبيه كان يقف "محمد" وهو ينظر
إلى أخيه ويقول في حزن:

_هل معنى ذلك أننا سوف نظل على هذا
الوضع دون عائلة؟ 

نظر له "محمدين" وقال ببعض الحده:

_تعلم أنني قد تخيلت ألاف السناريوهات أن
كنت أنا وأنت ليس مع بعضنا البعض، نحن
بخير يا "محمد" أنا وأنت بخير لاننا مع بعضنا
البعض ولم يترك أحد منا الاخر، لست فاقد
البصر ولست مشوه ولست فاقد النطق نحن
أفضل من غيرنا في كثير من الأشياء.

نظر له "محمد" في حزن وقال:

_أعلم ولكن فقط كنت أريد أن يصبح لي عائلة، كنت أريد أن يكون لي عائلة أفضل من هذه
التي تركتنا داخل الملجأ، فيما نحن أخطنا يا
"محمدين"؟! لما يحدث كل هذا معنا؟ لما لم
يفعلون لنا كما فعلوا لهؤلاء الاطفال الجدد؟ لما يا" محمدين"؟

بدأ "محمد" في البكاء وهو يشهق من حزنه
الشديد، اقترب منه "محمدين" وضمه إليه
وقال:

_أنني أدعو الله أن يظلوا على قيد الحياة إلى
أن نكبر ونصل أنا وأنت إلى ما نريد في
المستقبل، أريدك أن تصبح أقوى من ذلك،
وحين نصل إلى ما نريد سوف نذهب لهم
نعرفهم من نحن وسوف ترى حسرة في داخل عيناه.

كان يتحدث "محمدين" وهو ينظر أمامه بإصرار، علمته الحياة الكثير وأول شيء تعلمه هي أن
الله خلق له عقل ليس ليستخدم ذراعه بل
خلق له عقل حتي يستخدم عقله، تعلم في
هذه الحياه أنه يجب أن يساند نفسه بنفسه
وأن يفكر في الغد ويحسب جميع خطواته دون أن يتهور في شيء.

...

في غرفة "ياسمين" و"ريم".

كانت "ياسمين" تجلس على فراشها كما
المعتاد  فهي أين ما توجد "ريم" يجب أن
تتواجد معاها حتي ترشدها  وحتي أن أحتاجت إلى شيؤ تطلبها من "ريم".

كانت" ياسمين" تحمدالله على وجود "ريم" في حياتها، ماذا كانت سوف تفعل إن لم تكن
"ريم" في حياتها.

تذكرت "ريم" ما حدث لها بعد حادث موت
امها و ابيها و أخيها تذكرت الحريق ورجال
الإطفاء والشرطه إلى أن وصل بها الأمر داخل دار الايتام الذي جمعها  مع اخواتها  الذين 
معهم، الآن اشتاقت إلى أبيها  إلى قبولاته و طيبة قلبه على تحتاج إلى أخيها الصغير الذي كانت تلعب معه ويلاعبها  تحتاج إلى والدتها  الحنونه التي كانت تخاف عليها  من نسمة
الهواء ليست التي تلبسها الشيطان.

شعرت "ريم" بحركه بجانبها وصوت أحد
يتحدث من بعيد ويقول:

_أنتِ سوف تصبحين أفضل منها، أنتِ
خليفتها في ما سوف يحدث في المستقبل.

كان هذا صدى صوت بعيد كان غليظ جعل
قلبها يرتجف، شعرت أن هناك هواء ساخن
يضرب بعنقها شعرت انها ترتعد من الخوف.

تحدث الصوت من جديد وقال:

_ لا يمكنك الفرار من المصير المحتوم،غداً
سوف يكون أول يوم لك؛ما سوف تأمر به
سوف ينفذ، وما نريده سوف يجب أن يحدث.

بدأت "ياسمين" في التعرق وقالت بتوتر شديد:

_حسناً حسناً سوف أنفذ المطلوب.


وضعت "ياسمين" رأسها تحت الوسادة، وتكتم أذنها حتى لا تستمع إلى صوت.
.. ..


في الغرفة المجاورة كانت "سهر" تجلس تربط على شعر "ريهام"  وتنظر أمامها في حزن
وهي تتذكر ما مرت بيه في الماضي  .... فهي
تمتلك قصة ولا قصص تختلف عن الاخرين
هي التي لها أموال كثيره وطائلة ، ولكن من
أين لها أن تثبت هذا؟ اللعنه على أخيها الذي فعل كل هذا بها؛ كانت الاجمل بين إخوتها
والأقرب إلى أبيها منهم جميعهم كانوا في سن الشباب وهي الأصغر من بينهم و آتى يوم ومات والدها.

ثم تأتي الصدمه، أبيها وضع لها نصف الميراث و النصف الآخر إلى ثلاث رجال و فتاتين وعلماً
أنهم ليسوا جميعا أبناء أبي وليس اخواتي
من نفس الأم بل"سهر"من أم وماتت في
ولادتها وهم لهم أم وماتت بسبب مرض
السرطان، كانت"سهر" كبيره و لكن ليس
مثلهم كانت في عامها الخامس عشر، وتوفى "أبيها" حينها علمت أن يجب أن تذهب خلفه
وذهبت في حالة إنهيار عصبي حاد.

لم تستطيع أن تشعر بالوضع العام إلا أثناء
دخول أشقائها إلى غرفتها، كانت تشعر
بالخوف منهم، ودون سابق انذار كان جسده
يرتعد ثم أخرج الأخ الكبير الذي يسمى
"يوسف"مقص،مشدة الذعر بدات"سهر"في
الصراخ.

حينها كانت تعتقد"سعر أنه سوف يقص
شعرها لكنه لم يفعل ذلك،بل فعل الاشد
وهو أنه قص لسانها فقدة الوعي من شدة
الالم.


استيقظت"سهر"في اليوم الموالي على
"إسماعيل" وهو أبن أبيها وليس شقيق كان
يقول:


_سوف يأتي المحامي الآن،وتقولي له أن أبيك قد ترك الورث لك والينا نحن أيضاً،وأنك كنت
على علم مسبق بهذه الوصية ولكنه غيرها
قبل وفاته وقال لك أن تنفذي الوصية،وأن
شقيقك "يوسف"شاهد معك على هذا
الحديث.

هزت"سهر"رأسها في خوف شديد منهم،
وبعد وقت بسيط دلف المحامي وتم كل شيء كما رتبوا له.

ولكن بعد يوم دلفوا جميعاً يصرخون على
بعضهم البعض وعليها أيضاً، كان المحامي
غير مقتنع بما كتبت له "سهر"، وقال أن يجب
أن تتم"سهر"السن القانوني حتى تقسم
الميراث كما يحلو لها.

حينها تقدمت "شيماء" الابنة الصغيرة لدى
والد "سهر" ولكنها كانت أكبر منها أيضاً.

أمسكت "شيماء" بشعر "سهر" بقوة وصرخت
بها بقوة قائلة:

_ سوف أدمرك أنتِ السبب في كل ما نمر به
الآن.

كانت "سهر" صغيرة لا تعلم ما أهمية المال
حتى، ولكن بنسبة لهم كانت ذات اهمية كبيرة أكثرة من قيمة الاخوة بنسبة لهم، وكان هذا دافع حتى يتخلصون أو يفعلون أي شيء حتى يفوزون بما يريدون.

قررت "شيماء" أن تضع "سهر" في غرفة عازلة
للصوت، ووضعت في هذه الغرف سماعات
كبيرة للاغاني، وضعت بها "سهر" ثم بدأت في تشغيل موسيقة بانماض وترنين معين كانت هذه الموسيقة توثر تأثير سلبي في الشخص
وتجعله يفكر في الانتحار في أغلب الاحيان
يموت ألماً.

ولكن "شيماء" فعلت الأكثر من ذلك، وهو ترك "سهر" في هذه الغرفة لمدة يوم كامل جعلها تفقد الوعي ومعه السمع.

حين استيقظت بعد ألالم شديدة وبعد نزيف
بسيط من الأذن، طلب منها"يوسف "أن تكتب
رسالة تفيد أنها قد أقدمت على الانتحار.

كانوا يفعلون كل شيء حتى توافق على أي
شيء دون السؤال.

بل الاسوء من كل ذلك انهم جعلوها ترى
الجثة التي استبدلوها بها، وضعوها في
الشارع حتى لا يكشف أمرهم، وهذا ما حدث
أصبحت بلا موئ، أصبحت لا تملك ورث الذي
ترك من ابيها أو من أمها اليها ثم التقيت
بامراة وذهبت بي إلى ذلك الملجأ بعيداً
عنهم.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي