الفصل السابع

عقدت يديها خلف ظهرها واغمضت عينيها تتمتم كالاطفال " لا لا اريد"

نظرت لها و تكلمت معها بجدية: هيا خذي هذه الثياب واذهبي لأبعد غرفة في المنزل اقفلي الباب والبسي اي شيء يناسبك هيا، ثم من اللص هنا؟ لقد ارتديت الثوب دون أن تستأذنينني حتى.

نظرت إلي بحزن وقلبت شفتها السفلى كالاطفال وقالت: هل يزعجك ارتداء هذا الثوب! 

سمعت صوتاً برأسي يتأفف متململاً ويقول "ها قد بدأنا من جديد يا للروعة.

نفضت رأسي يمنة ويسرة لاخرج ذلك الصوت من عقلي وقلت لها: لا، لا يزعجني شيء في الدنيا ولكن قلت في نفسي هذه الالبسة نسائية ربما تناسبك اكثر.

عادت لتلك النبرة الغاضبة من جديد وضيقت عينيها   وقالت: هكذا اذا الان فهمت ما تريد أيها العديم الشرف، أيها الحقير!

قطعت عليها كلامها واغمضت عيني وقلت: اصصصمتي قبل أن أنفجر منك.

 أخرجت زفيراً متأففاً منها وقلت: يكفي، اتعلمين سأحرقهم في المدفئة لقد كانت فكرة سيئة منذ البداية ان اجلب لك ثياب من الخارج.

"افعل ما يحلو لك لا يهمني" 

كان هذا جوابها عليّ دون أي تفكير حتى.

وبعد أقل من ثانية قلبت رأيها رأسا على عقب وقالت: ولكن في الحقيقة هذا الفستان الأبيض اللون يبدو جميلا لا يمكنك حرق شيء كهذا انه يشبه القطة_

قطعت كلامها ثم وضعت يدها على فمها كانها تذكرت امراً ما وشهقت قائلةً: هل حقا قمت بذبح القطة المسكينة!

نظرت إليها مستغرباً وحككت رأسي وأجبتها: لم افهم عن اي قطة تتكلمين يا فتاة؟

ردت قائلة: سمعتك تتحدث للقطة ذات اللون الأبيض  تقول انك ستطبخها على الطعام هل حقا انت تاكل القطط!

_يعع مقزز مجرد التفكير بالأمر يشعرني بالغثيان، لا أصدق أن أحد ما يفعل شيئاً كهذا.

نظرت إليها مشيراً إلى رأسي باصبع يدي و قلت لها: هل حقا تظنين انني سأكل قطة؟ 

_هل حدث لرأسك شيء؟ أم أن السقطة ليلة البارحة أثرت على دماغك مثلا.

استدارت لتمشي وهي تقول: ايييه لقد ظننتك صادقاً حقاً بكلامك عن القطة  فأنت شرييرر.

اجبتها باستهزاء: هذه قطتي لقد مضى على وجودها فترة طويلة معي وانا طبعاً لا اطبخ القطط، إنها أفضل منك، على الأقل لا تناقشني في كل كبيرة وصغيرة.

لم يعجبها كلامي فاستدارت ومشت مبتعدة عني، فناديتها: هااي إلى أين أنت ذاهبة يا قصيرة؟

ردت عليّ قائلة: إلى المطبخ لأرى القطة المسكينة.

فناديت عليها: أن لا داعي لذلك انظري.
ثم رفعت صوتي و انا انادي" اميرة- اميرااااا.

وسرعان ما أتت القطة تركض نحوي مسرعة تقفز بين الاثاث.

فمرت من بين رجليها كالبرق فجعلت ربا تقفز من على الارض مترين في الهواء من  شدة خوفها  وذعرها.

قفزت القطة على صدري فاحتضنتها بيداي وتلك الفتاة تقف فزعة من الهرة وجهها احمر اللون وقلبها ينبض الف نبضة بالدقيقة.

رميت الملابس في الغرفة المجاورة حملت القطة بعد أن قفزت نحوي وبدأت أداعبها، اقتربت منها وانا اضحك وسألتها: ربا ما الذي جعلك تقفزين هكذا؟

وضعت يدها على قلبها لتهدأ قليلاً فأجابتني وهي تلهث: لقد افزعتني تلك الهرة عندما دخلت بين قدماي خفت ان تصعد عليّ.

اقتربت منها لأعطيها القطة و قلت لها: هل ستمدين يداك هذه المرة أم لا؟

ردت عليّ مستنكرة: لا لا مستحيل ان احملها انا اخاف منها في الأصل،  اسمع انا سوف أخذ الملابس إلى احدى الغرف وانت داعب قطتك العزيزة.

ذهبت هي إلى الغرفة تحمل ثيابها وعدت أنا إلى المطبخ لأجهز شيئاً ما لنأكله.
 
فتحت علبة فوجدت بها فول سوداني وفتحت الاخرى فوجدت بها سرديناً  قمت بتجهيز بعض الأطباق وحملتهم متجهاً نحو غرفة الجلوس فرأيتها عائدةً نحوي وصرخت لها: أن احضري ما تجدين في المطبخ من أطباق.

اومأت برأسها مجيبةً بنعم ولحقت بي تحمل كيس الخبز وصحناً به بعض أسماك السردين المعلبة ولسوء حظها كانت اميرة جائعة فلحقت بها.

كانت القطة تحاول أن تلتقط شيئاً ما لتأكله من بين يديها فزاد خوف ربا منها و هي تحاول الهرب منها كي لا تلمسها.

ناديت القطة لتأتي إلي ورميت لها بعضاً من فتات الخبز وقطعة من السمك وجلست انا على اريكة وجلست هي على اريكة اخرى، وجلست القطة أسفل الطاولة تتناول طعامها أيضا.

لاحظت انها تشعر بالخجل قليلاً ولم تمد يدها بعد إلى الطعام فامسكت قطعة من الخبز ورميتها في حجرها وقلت لها:  ما بك؟ لماذا لا تأكلين؟

الم يعجبك الطعام؟ أم أن هناك خطب ما.

ردت هي بصوت خافت قائلةً: بصراحة لا ادري ماذا هناك لقد ذهبت شهيتي فجأة.
فمازحتها و قلت لها: لربما تظنين أن الطعام مسموم أليس كذلك؟

امسكت قطعة من الخبز فغمستها بصحن الطعام وحاولت وضعها في فمي وقلت لها: انظري لا شيء بالطعام أقسم لك.

نظرت لها فإذا بها شاردة الذهن والحزن بادٍ على وجهها.

فابعدت اللقمة عن فمي ووضعتها على طرف الصحن مرة اخرى ونظرت لها:  هل هناك ما يزعجك انا اسف لم اقصد ان ازعجك.

كانت تضم كفيها لبعضهما ولا يظهر عليها أي حركة اخرى.

اسندت ظهري إلى الاريكة وتركت الطعام وقلت لها: إن لم تأكلي فأنا لن اكل ايضا.

فتنبهت لكلامي وكأنها كانت في مكان ما آخر غير هذا المنزل ونظرت إليّ وقالت: ما بك لماذا لا تأكل؟

فقلت لها:هل تسألينني؟  انا انتظرك أين كنت محلقة قبل قليل؟

امسكت قطعة من الخبز وحاولت تغيير الموضوع قائلةً: هيا هيا كل قبل أن يبرد الشاي.

شعرت بالغرابة لما رأيته منها من شرود وتقلب الحال ولكنني حاولت أن أتخطى الأمر وباشرت الاكل لأجعلها تتشجع قليلاً كي تتناول الطعام.

كنت اكل اللقمة واتأملها كيف تمد يدها بخوف إلى الاطباق كأنما احدهم يقف خلفها ينوي أن يضربها.

تمضغ الطعام بصعوبة وبالكاد تبتلعه جال في خاطري الف سؤال وسؤال عن تلك الفتاة وعن هويتها التي لا أزال أجهل عنها كل شيء أنا بالكاد اعرف اسمها فقط لا شيء آخر.

مضت بضعة دقائق من الصمت ونحن نتظاهر بأننا نأكل لم يبقى ركن في المنزل لم ننظر إليه في هذه الدقائق.

تراجعت هي إلى الخلف معلنة أنها استسلمت بعد أن تعبت من التظاهر انها تأكل  

وقالت على حماس: انا شبعت.

نظرت لها وانا ايضا اتظاهر بالحماس وقلت لها متصنعاً بالاندهاش: شبعت؟ لكنك لم تأكلي شيئاً.

نهضت من مكانها وقالت: عن اذنك اريد ان اجلس لوحدي قليلاً.

توجهت نحو الغرفة وانا اراقب خطوتها لم ادري ما الذي حصل لها لقد كانت قبل عدة دقائق على ما يرام. 

قلت في نفسي وأنا محتار بأمرها: ترى ما الذي غير حالها بهذه السرعة؟

سمعتها تغلق الباب بقوة  وبعدها ساد الصمت من جديد.

نهضت من مكاني واعدت الأطباق إلى المطبخ فتذكرت الجريدة حملتها واعدتها إلى الغرفة اشعلت المدفئة واحضرت دلة صغيرة لكي أعد به القهوة. 

وضعت بعضاً من معالق البن وجلست انتظر القهوة حتى تجهز فتحت الجريدة لكي اقرأ الاخبار فلفت نظري خبر في زاوية المفقودين يقول: 

"ملاحظة يوجد فتاتان مفقودتان ولمن يعثر عليهما أو على احداهما فله جائزة نقدية" وهذه الصور لهما.


وقاموا بوضع صورتين مرفقة برقم هاتف اسفلهما.

تفاجئت بما رأيت وتسائلت متعجباً: هل هذه الفتاة هي نفسها التي في داخل الغرفة؟

يا إلهي ما هذا الحظ كيف وصلت إلى منزلي!

و من بين كل الذين هم في المدينة لم تجد غيري لتصطدم بي!

نسيت القهوة وشرد ذهني بي بعيداً افكر في هذه المصادفة الغريبة.

فارت القهوة وفاح ريحها فملأت الغرفة وهي تغلي فتنبهت لها رميت الجريدة جانباً وملأت فنجان من القهوة لأخذه إلى الفتاة.

يتبع.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي