الفصل الواحد والعشرون

ملك: اجل علمت هذا قبل عدة أسابيع سمعته يتكلم مع أحدهم على الهاتف ويقول: ان والدك صاحب اكبر شركة تعدين في البلاد وقد كتب باسمك احد المناجم الغنية بالمعادن الثمينة ويظن أن به احجاراً كريمة.

ضحكت ورحت اجلس على السرير وقلت: ابي! هل أنت جادة ربما أصابك شيء ما!

ملك باستغراب وتعجب: وما الغريب في ذلك؟

أجبتها وأنا أسخر من كلامها: يا فتاة ابي لا يحبني بل لا يريدني حتى في منزله، ألا ترين أنه قام بطردي وإعادتي إلى هذا المنزل اللعين!

ملك: ومن قال انه كتب احد المناجم باسمك لأنه يحبك مثلا؟ ما علاقة الحب في موضوعنا!

نظرت إليها بتعجب وقلت: ما الذي سيجعل والداً يكتب هذا الكم الهائل من المال والثروة الطائلة باسم ابنته إلا إن كان يحبها؟

أجابت ملك: إنه التهرب الضريبي والمصادرة

فقلت لها: ماذا؟ ما هذا الذي قلتيه لتوك

ضحكت ملك وقالت: وجاهلة ايضاً!

اسمعي ببساطة شديدة عندما يتجمع مال ضخم كهذا تبدأ الدولة بالمصادرة وجمع الضرائب الكبيرة فيلجأ بعض الناس لتجزئة أموالهم عبر الوكالات أو كتابتها لمالكين مزيفين.

قلت لها وأنا أحاول استيعاب ما تقوله: وهذا يعني أن همام يطمع بمنجم الذهب؟

ملك: اجل بالطبع هو فقط يريد أن يرثك ويستولي على ما لديك من املاك واموال

فقلت لها: إذا ولماذا يعاملني بهذا الشكل الأولى أن يحسن إلي لو كان كلامك صحيحاً إذا؟

ملك: ببساطة لأنه تعرض لعملية خداع من والدك.

لم أصدق كلامها وقلت لها: خداع؟ وكيف تعلمين أنت بهذا؟

ملك: عندما يكثر همام من الشرب يبدأ يتكلم كالطفل الصغير ويحكي كل ما بداخله من اسرار، وذات ليلة سألته لماذا يكرهك، اتدرين ماذا قال؟

أجبتها بعدم اهتمام: لا أدري لربما كان المنجم فارغاً.

ملك: لا ليس كذلك ولكن والدك قد اشترط عليه أن لا يطلقك ولا يتزوج غيرك عندما كتبتم عقد الزواج.

_وهل هو ضعيف لهذه الدرجة حتى يلتزم بما يريده ابي ام هل تظنينه من الذين يوفون بالعهود!؟

ملك: لا هذا ولا ذاك وها انا ذا اكبر دليل انا هي الزوجة الفعلية لديه فأنا لم اره يوماً ينظر لك او حتى يقبلك.

_ومن قال أنني سأسمح له بذلك من الأساس هل يظن أني لعبة في يديهِ.

ملك: همام واقع في مشكلة كبيرة إن طلقك فسوف يخسر المنجم، وإن صار له ولد منك فسوف يخسر جزأً كبيرا من الثروة لصالح الولد.

_وإن هربت انا؟ ماذا سوف يحصل؟

ملك: ان هربتي فسوف يقوم والدك بكل سهولة بنقل ملكية المنجم لشخص آخر.

_وما هو الحل برأيك؟

ملك: الحل بسيط جداً وهو الطفل، بذلك الطفل ستنحل عقدة الأمور كلها.

أجبتها بغضب: وهل تظنين أنني سأقبل بحدوث ذلك؟ سوف أقتله أو يقتلني إن فكر بفعل شيء كهذا، ثم إن قدرنا أنني أقبل فهمام يعلم انه لم يمسني فكيف سأنجب منه؟

أجابت ملك بابتسامة صفراء خبيثة: بكل بساطة تحملين بطفل من أي أحد وإن شئتِ فمن أيمن.

صعقت عندما سمعت تلك الكلمة من فمها لم اكن اعرف ان لديها علماً بقصة أيمن فارتبكت وقلت لها: أيمن؟ وما أدراك بأيمن انت!

نظرت ملك إليّ بخبث وقالت: و هل يخفى أيمن القمر يا عزيزتي.

ثم أردفت قائلة وهي تشعل سيجارتها: كلنا نعلم ان والدك قد قام بتزويجك من همام لكي يضمن أنك لن تقعي بمحظور ما.

_ولكن عندما علم همام بقصتك مع أيمن كره البقاء معك،ربما تتسائلين كيف علم همام بالأمر
سأجيبك.

_أيمن مسجون لدى همام بقضية تجارة الممنوعات وصادف القدر أن يعترف بكل شيء ومن جملة ما اعترف انه قد كان يروج للمنوعات بمساعدة فتاة اسمها ربا_

تفاجئت بما سمعت من فمها ولم اصدق ابداً ما اسمعه.

فأكملت كلامها وهي تقول: يا فتاة نحن في حكم فدرالي وهمام هو قائد المدينة وانت لم تري شيئاً من وحشيته ودمويته.

_كان على أيمن ان يقول اي شيء لكي يتوقف الضرب عنه والتعذيب، ومع هذا لم يكن همام يصدق أيمن فهو يعلم انه يتكلم بأي كلام لمجرد أن يفلت من التعذيب.

_فاستفسر اكثر عنك من أيمن وقد أخبره بكنيتك واسمك الكامل وبعدها علم همام انك كنت صديقة لأيمن.

_وبصراحة انا لا اعلم ما الذي قاله أيمن لهمام عنك بالتحديد.

ولكن كل ما اعلمه انه في احد الايام جاء همام إلى محل الالبسة الذي كنت اعمل به يسأل عن فتاة اسمها ربا وقد دفع الكثير من المال مقابل ان يعرف اي شيء عنها.

فتطوعت ان اكون انا من يراقبك لأجله بعد أن رأيت انه ثري وايضا ذو منصب مرموق في المقاطعة.

وبالفعل بدأت أتحرى عنك واسأل ولكنني لم اجد لك اخبارا لدى احد من الناس، فكنت احياناً اكذب على همام واقول انك صالحة وأحيانا أقول عكس ذلك.

فاصبح همام في حيرة من أمره ولم يجد سواي بالقرب منه ومن حينها بدأت علاقتنا وقد وعدني ان ينتقم منك ثم يتزوجني بدلا عنك.

وفي احد الايام اخبرني انه ذاهب لفسخ عقد النكاح لأنه يظن انك ربما ستكونين على علاقة مع غيره.

غاب لبضع ساعات ثم عاد إلى المنزل شارد الذهن فظننت أنه حزين على فراقك ولكن كان العكس.

أخبرني حينها ان والدك عرض عليه ان يكتب لك نصيباً ضخماً من أعماله مقابل أن يبقى هو زوجك وان لا يطلقك وستكون له وكالة يتصرف بالمال كيفما يشاء.

اتذكر اننا حينها جلسنا نتشاور بالامر وقرر همام ما أخبرتك به أن يبقيك زوجة له مدة عام او عامين ريثما يستطيع نقل الاملاك من اسمك إلى اسمه هو وبعدها يطلقك و نعيش نحن في رغد تام، هل فهمتي الآن ما يجري من حولك!


ربا:

أرأيت يا عزام هذا ما جعلني عدوانية بهذا الشكل لقد كنت مجرد كتلة من المصالح بين أب لم يتحقق من عفة ابنته وزوج صدق كل ما قيل عنها واقسم انني لم افعل شيئاً يشينني.

_لا تقسمي لي يا ربا انا عزام ولست أيمن او همام أو أي شخص آخر لقد علمت مدى عفتك وصونك لشرفك من أول لحظة التقيتك بها، اكملي اكملي ما الذي حصل بعدها؟

ربا:

شعرت بالغضب ووقفت وقلت لها: لا تتحدثي معي بهذه الطريقة.

_ثم من بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحجارة
إن كنت أنا قد صادقت شاباً لبضع اشهر، فأنت على علاقة بزوجي ولكنني أعرف انني لم اخطئ في أي يوم في حياتي.

ارتفع حاجب ملك وهي تقول: ما الذي حدث لك كفي عن الصراخ واسمعي ما سوف اقول لك.

_نحن الاثنتان واقعتين بذات المشكلة فرحيلك يعني سعادتي وبقائك يعني شقائي،

فإن كنت تريدين الخلاص حقاً فكل ما عليكي ان تقولي هذا طفلي، وهذا سيجعل والدك يعيدك لمنزلك كي يرعى حفيده.

_هل انت مجنونة؟ أقول لك أنا لم ارتكب خطأً في حياتي كلها.

ملك: كم انت فتاة حمقاء تستطيعين القول انه ابن همام او ابن أيمن من سيهتم حينها ويتحرى صدقك من كذبك؟

شعرت بأنه يجب عليّ مجاراتها قليلاً لأعلم ما تريده بالضبط فقلت لها: وكيف سيتم هذا الامر؟

ملك: كما يتم عادةً وأما الأب فهويته ليست مهمة نحن في حرب وليس هناك تلك الأجهزة المتطورة لكي يتحققوا من الطفل.

كنت اكتم غيظي واحاول السيطرة على نفسي واتظاهر بالموافقة فقلت لها: ولكن هذا سيستغرق عاماً آخر ايضاً.

ملك: لن ننتظر حتى يكون هناك مولود بضعة اشهر فقط تكفي ليعلم الجميع بالأمر وبعدها تذهبين إلى حضن والدك متظاهرة انه ابن همام.

فقلت لها معارضة تلك الترهات التي كانت تتفوه بها: اسمعي انا لدي حل آخر ساتودد لزوجي واحسن علاقتي به بعض الشيء وبهذا اكون لم ارتكب حراماً ولا جرماً بحق احد.

وإن شاء فليأخذ كل ما لدي من مال وليتركني بعدها أرحل في حال سبيلي.

ملك: لن يرض والدك هل تظننيه احمقاً سيعلم ان همام سيطلقك ثم إن هذا الأمر سيحتاج وقتا أطول مما تظنين.


ربا:

لذلك يا عزام لم تكن ملك تريدني ان اكون على وفاق من همام كي لا يتم ابعادها عنه لأنها تعلم أن همام سيعلم برأتي وطهري وكذب وافتراء ملك عليّ.

_وهي تحاول بشتى الطرق اغرائي وسلبي عفتي ولو ظاهراً فقط.

لكنني يا عزام كنت مجبرة على أن اسايرها بعض الشيء كي أنجو بنفسي من هذا البلاء المتلاطم كالموج من حولي.

_لا تقلقي اكملي اكملي؛ أريد أن أعلم إلى أين وصلت تلك الفتاة عديمة الاخلاق.


ربا:

_احسست ان ملك لم يعجبها كلامي فنهضت من مكانها وقالت محتدة وبلهجة غاضبة: اسمعي يا ربا لقد هربتِ البارحة بمساعدتي واعدتك للمنزل بإرادتي.

وهذا يعني انني رأيتك مع أيمن وفهمك يكفي إلى هذا الحد فانظري كيف تستفيدين من عرضي هذا وتفلتي مما انت فيه.

وقفت وتوجهت نحو الباب وهي خارجة من الغرفة و من ثم نظرت إلي وقالت: كوني مستعدة الليلة.

لم افهم ما تقصده تماماً وكان كل ما يجول في نفسي أنني سأواجه امرا عظيماً جللاً بسبب مكر هذه الفتاة.

أقفلت الباب من الخارج ومضت في حال سبيلها تاركةً كل تلك الأفكار تحوم حولي كأنها غربان سوداء تنعق في داخل رأسي وتصيح.

وبقيت انا افكر في امري واطرد تلك الأفكار الشيطانية التي زرعتها في مخيلتي واحاول ان اجد حل لهذه المعضلة فها هي الآن تقول أنها تلمح أنني هربت بمساعدة أيمن أو غيره.


يتبع.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي