الفصل الرابع عشر

رد أيمن قائلا: اعني ان لا مشكلة تزوجي، أليس هذا مستقبل كل فتاة؟

فقلت له وأنا مصدومة تماماً: هل تمزح معي يا أيمن هل هذا وقت مزاحك!

أجابني أيمن قائلا: لست امزح يريد ان يزوجك فليفعل لا مشكلة لدي.

بدأت بالصراخ دون ان انتبه وأنا أقول واشتمه: هل انت مجنون اتريدني ان اتزوج!

ليرد أيمن علي بنبرة أول مرة أسمعها منه فقال: يبدو انك انت من اصابه الجنون أو الهذيان هل تظنين انني سأتزوجك؟


فقلت له: الم تكن انت من تقول لي هذا؟ وتعدني دائما بأنك ستبذل كل ما تستطيع كي تأتي وتطلب يدي من أهلي!

أجاب أيمن ببرودة أعصاب مقيتة: لا لقد كنت اقول انه لو اردت الزواج يوما فستكونين انت وانا لا اريد الزواج الان.

أحسست بمطرقة كبيرة تضرب فوق قلبي وتدميه ببطء: ما الذي تقوله يا أيمن الست تحبني؟ الم تكن انت من تقول انني فتاة احلامك؟

قهقه أيمن ووصلت ضحكاته لأذناي وهو يقول: هل تصدقين كل ما كنت اقول لك انا فقط كنت امازحك ما الذي سيعجبني بك مثلا؟

لم أستطع التحمل أكثر وعدت للبكاء مجدداً وأنا أترجاه وأقول: أيمن هل تعي ما تقول أنت تدمرني انت تجردني من نفسي انت _انت_

ليجيبني أيمن ساخراً: انا انا انا_ وماذا عنك انت هل تظنين أنك طاهرة او عفيفة؟ ولو كنت كذلك هل تظنين نفسك جميلة!

قلت له: انا لا اصدق ما اسمعه هل أنت أيمن الذي كان يحبني ويقول انني اجمل فتاة في الدنيا؟

فأجابني أيمن وهو يقول: أيمن ذاك مات مااات اعتبريه توقف قلبه.

شهقت شهقة ألم وانفجرت بالبكاء وأنا أقول له: لقد استغليتني ايها الشرير الحقير.

عاد أيمن ليضحك وقال: اسمعي يا فتاة انسي امري وعيشي حياتك هيا،اتعلمين انا حقا اشفق على ذلك المسكين الذي سيتزوجك.


ما إن سمعت تلك الكلمات حتى احسست بقلبي ينشطر والنار تضرم فيه، أيمن كان هو حبي الأول والوحيد لم اكن انا من اريد حبه ولكنه هو من احبني وظل يلاحقني حتى اوقعني بفخه.

والان هو الذي يخبرني بكل اريحية انه كان فقط يستغلني ويريد قضاء الوقت معي.

أغلقت الهاتف وعدت أجري إلى غرفتي وأغلقت الباب خلفي وظللت ابكي وانتحب حتى جفت دموعي، بقيت وقتا طويلا على ذلك الحال حتى تلاشت قوتي كلها، نهضت من مكاني و قررت ان لا فائدة من هذه الحياة بعد الأن ويجب علي أن أنهي هذا الأمر.


سمعت باب الغرفة يطرق عدة مرات وكانت هي أمي تطرقه ثم تذهب لتقضي أمرا ما وتعود لترى إن كنت خرجت أم لا.

لكنها شعرت بالقلق في نهاية المطاف
ووقفت عند الباب تطرقه بقوة وتناديني، كنت قد أقفلت الباب من الداخل وأبقيت المفتاح فيه فلم تستطع أمي أن تفعل شيئاً.

طال وقوف امي خلف الباب وبدأت تطرق الباب وتصرخ عليّ وانا لا اجيبها دخلت أمي سريعا لغرفتي بعدما دفعت الباب بقوة، ووجدتني على تلك الحالة صرخت وهي تبكي.

هرولت ناحيتي ونزعت ذلك الحبل من رقبتي وانزلتني عن السرير ووضعتني في حضنها، كنت أنا في حالة هستيرية بين الوعي واللاوعي.

سقط فيض من الدموع من جفنيها ليستقر فوق صدري ووجهي ضمتني بقوة وقالت بصوت متحشرج بكلمات متقطعة.

" أتريدين أن تتركنيي وحيدة هل جننت ماذا حصل لك!"

"ربا اخبريني ما بك كل هذا لأن احد تقدم لخطبتك!"

"لا شيء يخفف عني في هذه الدنيا الا أنت واختك"

"وجهك الجميل وصوت اختك بيننا وجودكما معي أغلى شيء في الدنيا كلها عندي"

"لا أعلم ما الذي سأفعله بنفسي اذا حصل لك أي مكروه، ارجوك استيقظي من حالتك هذه ما الذي يحدث لك اخبريني!"

أكملت بكاءها وهي ترتجف وتناديني بملئ صوتها، شعرت بأني ظلمت أمي كثيرا وظلمت نفسي أكثر في تلك اللحظة لم أستطع أن أتحمل منظرها وهي تبكي، كانت تبكي كطفلة صغيرة من حزنها لحالي"


وددت لو أني احتضنتها كاحتضان العالم أجمع، أردت أن أمسح عنها دموعها لكن تشوشت رؤيتي وتثاقل سمعي وغبت عن الوعي بعد كل ذلك الضغط.


مرت بضعة ساعات وأنا غائبة عن الوعي، أيقظتني أمي وأخبرتني أن الوقت قد تأخراجلستني بجانبها تحاول اقناعي بأن استوعب أمر الزواج واهدأ.

قلت لها وأنا أقبض بكلتا يدي على كفها الدافئ: لا أريد الزواج يا امي لا اريد.

لكنها أصرت علي بمقابلة ذلك الشاب مبدأياً ووعدتني أنني إن لم يعجبني فلن تجبرني على شيء أبدا بعد ذلك.

طُرق الباب ودخل والدي بوجهه الغاضب وقال: ماذا هناك لماذا كل هذه الجلبة يا امرأة.

فأجابته امي مرتبكةً: لا لا شيء كنت اتحدث لربا فقط.

والدي: امممم حسنا تجهزوا سيصل الضيوف بعد ساعة من الان.

نهضت امي عن السرير تبحث لي عن شيء أرتديه لاستقبال الضيوف، امضت ربع ساعة تبحث عن شيء ملون ولم تجد كانت كل ملابسي سوداء اللون.

ذهبت إلى غرفة ريم اختي واحضرت لي فستاناً ابيض اللون محتشماً وحجاب لأق ملون.

واصرت عليّ بأن ارتدي الملابس الخاصة بريم.

خرجت امي من الغرفة وتركت الفستان ممدداً على السرير، جلست لوحدي انتظر قليلاً ومن ثم نهضت وارتديت الفستان وتجهزت للقاء.

فأنا على يقين تام أنني سوف اجبر على رؤيته حتى وإن لم ارد ذلك وأرجو أن لا أجبر على شيء.

جلست بغرفتي أنتظر ودق جرس الباب معلناً أن الضيوف قد وصلوا، دخلوا وقام ابي، باستقبالهم، كانوا هم الشاب وامه و والده، سمعت امي تطرق باب غرفتي و نادتني لكي أدخل إليهم واقدم لهم اكواب العصير.

و كالعادة توجهت للمطبخ حملت اكواب العصير ودخلت للغرفة امشي على مهل والجميع ينظرون إليَّ ويراقبونني.

قدمت العصير للضيوف وجلست بجانب والدي، كنت شاردة الذهن وملامحي كئيبة وكان الشاب يتأملني ويراقب كل ملامحي.

كنت ألهج في سري أن لا يتم الأمر وأن يفشل هذا الزواج، كان الوقت يمر ببطء ثقيل ومؤلم على القلب وكأن الزيارة التي استمرت نصف ساعة استغرقت نصف يوم.

مضت الزيارة وخرج الضيوف عائدين أدراجهم وانا عدت إلى غرفتي على الفور وألقيت بنفسي على الأريكة أئن ابكي وافكر في حالي وماذا سيحدث لي؟!

بعد عدة دقائق لحقت بي أمي إلى الغرفة جلست بجانبي واضعةً كفيها على فخذيها ساد الصمت لبرهة من الوقت فنظرت إليها و قلت: تكلمي تكلمي فأنا لم يعد يهمني شيء.

أمي: في الحقيقة يا بنيتي في العادة يجب ان تكون دموعك هذه دموع فرح وانا اضمك لأنني سأشتاق اليكِ

أجبتها وأنا أحشر وجهي في الوسادة: لقد فهمت يا امي اظنهم قادمين بعد أيام قليلة.

امي: اجل يا بنيتي لقد تم الأمر وهم قادمون لكتب الكتاب الشرعي.

حينها فقط علمت ان الامر حقيقي وأن النهاية قد حانت بالنسبة لأحلامي فنظرت لوالدتي وقلت لها: عن اذنك اريد ان انام.

شعرت امي بفظاظة كلامي على غير عادتي فنهضت وخرجت من الغرفة و تركتني وحيدة في غرفتي ولسوء الحظ اتصلت بي إحدى صديقاتي من الدراسة.

بدأت تسألني عن حالي وبدأت اشكي لها همي واحكي لها عن حالي وبدأت هي تؤزني وتوسوس لي وتجعلني اكره اهلي واكره نفسي وبدأت ربا الجديدة من تلك اللحظة تظهر للعلن.

مرت الأيام وانا ازداد جفائاً وابتعاداً عن اهلي انتهى الاسبوع وحان موعد قدوم تلك العائلة من جديد اصطحبتني أمي لشراء بعض الحاجيات والالبسة وفستاناً للسهرة.

ومن ثم توجهنا إلى مصففة الشعر للتزين والمكياج وما إلى هنالك ومن ثم عدنا إلى المنزل كانت امي هادئة كأنها تقرب ابنتها إلى الذبح بيديها.

لم يكن شيء يشغل بالي أكثر من أن أفسد هذه الليلة على الجميع واجعل ذلك الشاب يتركني ويبتعد عني بأسرع وقت.

كل ساعة تمضي تزيدني بؤساً وكل بسمة على وجوه اهلي تزيدني كرها لهم وعقوقاً وخاصة ريم لقد كانت في صف والداي.

وأما اخي ذلك الذي كنت أظنه بطلي الخارق كنت متأكدةً من أنه لو عاد فلن يتركني على هذه الحال المأساوية التي انا فيها.

يتبع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي