الفصل التاسع

وضعت المسدس على خصري ونظرت ل وقلت: وأنت الا تحتاج شيئاً؟

صقر: لا لست بحاجة لشيء ابدا لكن قل لي لماذا لا تأتي لتسكن معي هنا؟

فأجبته على عجل: لا استطيع ان اترك المنزل
فنظر لي نظرة شك واستغراب وقال: لما ذاك؟

فتلعثمت مجددا و دسست يدي بشعري ابحث عن عذر فقلت له: الـ المكان انه قريب جدا من وسط المدينة سيفيدنا جدا في مهمتنا.

صقر: مهمتنا؟ سعيد بأنك لازلت تذكرها على كل حال اريد ان ارى منزلك في الأيام القادمة، والآن هيا لنذهب للخارج لقد كاد ينقطع نفسي.

خرجت امامه من السرداب نحو الأعلى احمل الاسلحة التي حصلت عليها واجلسني في غرفة المعيشة كان منزله على النقيض من منزلي نظيفاً مرتباً جميلاً جداً كأنما هناك عائلة يسكن معها او ان احدا ينظف له البيت كل يوم.

انبهرت بأناقة واهتمامه بهذه الاشياء ثم تذكرت حال منزلي المخجل وتخيلت الموقف كيف سيكون عندما يرى هو منزلي المتسخ.

فضحكت وانا اقارن بين منزلي أمام هذا المنزل.

تعجب صقر وجعل ينظر لي مندهشاً فصرخ عليّ قائلاً: ما بك يا ولد هل جننت أم أن عقلك قد ذهب؟ لما تضحك لوحدك هكذا؟

نظرت إليه وقلت: لا لا شيء لقد تذكرت منزلي كم هو مرتب بالنسبة لهذا المنزل المتسخ فقط.


صقر:منزلي سيء؟ غريب طوال عمري اعلم انك لا تحب التنظيف والترتيب، على كل حال اجلس ريثما احضر القهوة.

اجبته مسرعاً: تعال تعال لا داعي لذلك اريد الذهاب.

صقر: الذهاب لقد وصلت قبل ساعة من الأن ولم نتحدث عن ما سنفعله في الأيام القادمة.

_:لا عليك يا صديقي لا اريد ان اتأخر عن العودة أخشى أن يدخل أحدهم إلى المنزل ويتسبب بمشكلة ما.

صقر: كما تريد يا عزام ولكن لا تنسى يجب ان نلتقي الاسبوع القادم كي نتفق على بعض الامور بشأن المهمة الموكلة لنا.

_ كما تريد يا صديقي كما تريد عن اذنك الان يجب ان اذهب.

نهض صقر من مكانه وقال: رافقتك السلامة كن على حذر بعض الطرقات ملغمة هنا.

تقدمت نحوه وصافحته مودعاً وقلت له: هل توصيني بشيء؟

صقر: كن على حذر فلم يبقى غيرنا يا صاحبي.

ربتُ على كتفيه وقلت له: كن انت حذرا وإياك أن تثق باحد وحاول ان لا تختلط بالناس اتفقنا.

صقر: اتفقنا بأمان الله.

خرجت من المنزل واخفيت البندقية تحت ردائي وركبت الدراجة عائداً إلى المنزل افكر بتلك الفتاة الهاربة وبالسبب الذي دفعهم لجعل تلك المبالغ المالية الضخمة جائزة لمن يعيدها.

"من حسن حظها انني وجدت درعاً واقياً ومسدساً يحميها من أي اعتداء"

"ثم من هي تلك الفتاة الاخرى يبدو انهن على علاقة ما وتفرقتا لسبب اجهله"

"ربا هي صاحبة المكافأة الكبيرة واما تلك الفتاة فقد كتبوا بجانب اسمها تطلب حية او ميتة قلبي يحدثني أن أمراً كبيرا خلف تلك الفتاة"

"يا إلهي ما الذي قد اقترفته حتى تطلب حية أو ميتة"

"هذه اول مرة ارى اعلان عن مطلوبين دون أن يذكر من الجهة التي تطلبهم"

شردت بعيداً في فكري وأصبحت في مكان غير الذي أنا فيه ولم ألحظ وجود تلك الهرة التي تعبر الطريق من أمامي إلا بعد فوات الاوان مع الأسف، أصبحت عجلات الدراجة على مقرُبة كبيرة منها بمسافة أقل من مترين ولم يعد هناك مجال للمناورة، ضغطت فجأة على الفرامل من دون احساس ففقدت السيطرة على المقود.

وقعت انا، وتدحرجت الدراجة على جانب الطريق مبتعدة عدة أمتار عني، لسوء الحظ أيضا ارتطمت قدمي بعامود الإنارة الصدء.

ذلك العمود النتن، لا ادري ما فائدته فلا كهرباء منذ احتلال المدينة وخرابها، تفوهت بقاربة الألف ألف شتيمة على الهرة والعمود وتلك الفتاة.

أصبحت الأن ملقىً على الارض وبقيت كذلك لعدة دقائق أحدق بالسماء أحاول أن أستوعب ما الذي حدث لي قبل قليل.

قلت في نفسي مستائاً: لماذا دست على المكابح هذه المرة أصلا! لطالما كنت ادهس اي شيء في طريقي سوائاً كان قطةً أو جثة مثلا لا فرق.

ففي النهاية كل شيء يموت هنا بمرور الوقت
رفعت رأسي عن الارض وحاولت تحريك جسدي إلا انني شعرت بألم فظيع في ركبتي اليمنى عدت للجلوس ونظرت حولي.

رأيت الدارجة ملقاةً على الأرض وتلك القطة اللعينة تقف على الرصيف تلعق إحدى قوائمها شعرت بالغضب فأخرجت مسدسي اريد اطلاق النار عليها.

لكنني غيرت رأيي آخر لحظة، لقد وقعت على كل حال ولن ينفعني قتلها في شيء الآن.


حاولت النهوض من مكاني واستندت على عامود الانارة لكي أقف، خطوت بضع خطوات عرجاء و لملمت اشيائي واوقفت الدراجة.

حاولت ان اشغلها لكنها لم تعمل كررت المحاولة فلم استفد شيئاً، قررت سحبها معي للمنزل لأرى ما عطلها.

لسوء الحظ أيضا كان لا يزال هناك مسافة طويلة لا بأس بها ولكن ما باليد حيلة مضيت اكمل طريقي مشياً على الاقدام وقدمي تزداد ورماً والمها يشتد ومع ذلك لم أتوقف وامضيت نصف ساعة امشي وانا اتأمل تلك الشوارع الفارغة.

جدران سوداء ولافتات هنا وهناك قديمة عليها عبارات "احذر قناص"
واخرى تحمل "المكان ملغم"
"صاروخ لم ينفجر، بناء مهدد بالسقوط"
وهكذا_


كان مشهد الأحياء كئيباً لدرجة تمنعك حتى من استحضار الذكريات الجميلة ويدفعك للذهاب إلى المنزل متجاهلاً كل ذلك الخراب.

لا يوجد صوت في الأجواء لا يسمع شيء سوى الاشتباكات المتقطعة هنا وهناك على حدود المدينة و أصوات طائرات المروحيات في السماء تضج بها.

وبعد عناء شديد وجهد بالغ وصلت أخيرا إلى الشارع الذي اسكن فيه ووقعت عيني على منزلي فشعرت بالارتياح نوعاً ما فهممت المسير نحوه ضاغطاً على قدمي متجاهلا الكم الهائل من الألم الذي أشعر به.

فتحت باب السور وأدخلت دراجتي ألقيتها في الفناء واقتربت من الباب فوجدته مفتوحاً كنت متعباً جداً لدرجة أنني نسيت أن ربا بالداخل.

فدخلت بخلسة نحو الداخل ممسكاً بالمسدس ظناً مني أن أحدهم دخل إليه.

لم أسمع قرع خطوات ولا أثر لتفتيش في المنزل عندها تذكرت ان ربا تسكن معي فانزلت السلاح من يدي وارخيت اعصابي وضعت قدمي الأولى في الصالة وصرخت: "ربا أين انتِ"

كررت النداء فلم تجبني "ربا هل انت هنا انا عزام _

لم اكمل كلماتي هذه إلا واحسست بعصا ثخينة تضرب بمؤخرة رأسي ألقتني على الأرض فاقداً توازني.

تلفت حولي مذعوراً مما حدث فلم أرى احداً
احسست بقدم احدهم تدوس على ركبتي حيث ارتطمت بعامود الانارة بالضبط والدماء تنزف منها.

اردت الالتفات حولي لكنني لم استطع فعل ذلك مددت يدي لكي ألتقط سلاحي لكن عيناي خانتاني كان الشعور الدوار يجعلني اهذي واتخيل ان بيدي مسدس أيضا.

استمر الوضع هكذا بضعة ثواني على هذه الحال ثم بدأت عيناي بعد ذلك تغلقان لوحدهما دون إرادة مني مطلقا وغبت بعدها عن الوعي تماماً ولم أعد أدرك شيئاً.

يتبع.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي