الفصل العاشر

أنا لا ادري الأن كم مضى عليَّ من الوقت و انا غائبٌ عن الوعي فتحت عيناي على صوت وقع خطوات قادمة باتجاهي التفت حولي لأرى من القادم.

رفعت رأسي بصعوبة بالغة ولازلت احس بأثر الضربة على رأسي لأرى ما الذي يجري من حولي.

اردت ان ارفع يدي فلم استطع نظرت لنفسي لأجد أنني مقيد إلى كرسي بلاستيكي وقد قُيدت قدماي أيضا إلى قوائم الكرسي والاغلال في يدي ومشدودة إلى خلف ظهري.

تلفت حولي لأجد ربا قادمة باتجاهي تمشي على مهل و تنظر إليّ بابتسامة ساخرة وعينين شبه مغلقتين مرسوم على وجهها تعابير الكره والغيظ الشديدين.

تكلمت بصعوبة وبعد جهد كبير قمت بابتلاع ريقي وقلت لها متفاجئاً: ربا ما الذي حصل! لماذا انا مقيد هكذا؟ ما الذي يجري هنا!

نظرت ربا في عيناي ولم تنطق بحرف واحد فعدت اسألها مجدداً ذات السؤال: تكلمي، من الذي فعل هذا؟ فكي وثاقي فضحكت بسخرية ووضعت يديها خلف ظهرها.

علمت حينها أنها هي من فعل ذلك، فكررتُ سؤالي من جديد وقلت لها: ربا لماذا قمت بهذا الفعل! ما الذي يحدث هنا تكلمي!

حافظت على صمتها وتوجهت إلى غرفتها بخطوات متمايلة متبخترة غابت هناك للحظات ثم عادت وهي تحمل بيدها الجريدة والقتها في حجري وقالت باستهزاء: هذه من فعل بك ما تراه، وأما انا فليس لي علاقة بما حصل يا عزام.

لم افهم ماذا كانت تقصد ونظرت بتعجب وقلت لها: ماذا تقصدين يا ربا؟

حاولت أن أحرر نفسي وأفلت من الوثاق ولكنه كان مشدوداً بإحكام: صرخت عليها غاضباً: قلت لك فكي وثاقي فهذا ليس الوقت المناسب لهذه الحركات

ضحكت بسخرية واقتربت مني حاملةً بيدها الجريدة وفتحت على الصفحة التي فيها صورتها وأشارت إلى المكافأة المرصودة لمن يقوم بإعادتها وقالت باستفزاز: اوتظنني خرقاء يا عزام، لهذه الدرجة تستخف بي! ولكنك أخطأت التقدير، لست لقمة سائغة لك ولامثالك من عديمي الشرف.

لقد كنت اشك بأمرك منذ البداية، بدأت تتظاهر بأنك تحميني وانت كغيرك ذئب بشري تستطيع أن تفعل أي شيء مقابل المال، يمكنك ارتكاب أي جريمة دون ان يرف لك جفن أو يتحرك ضميرك الميت مقابل البعض من قطع الذهب.

ضيقت جفنيها وانحنت بعد أن اقتربت مني ونظرت في عيناي وقالت: يا لك من وضيع نذل.

اشتد غضبي عندما سمعتها تشتمني وتتجرأ علي وبدأت احاول تحرير نفسي وهي لا تزال تتكلم بذلك الكلام الفارغ فصرخت بوجهها غاضباً: كيف تفكرين بأمر كهذا!

_أيتها الخرقاء؛ لو كنت اريد تسليمك لأحد لقمت بذلك من أول ساعة رأيت صورتك على الإعلان ولما تركتك وحدك بالمنزل، ألا تفكرين بعقلك ولو للحظات!

أدارت لي ظهرها ومضت لتجلس على الاريكة وقالت: ربما لم تكن تعلم بأمر الجائزة من قبل ولربما ذهبت لتحضرهم إلى هنا لكي يأخذونني، من يدري ماذا يمكن لك أن تفعل أيها، أيها الشاب الشهم العطوف.

أغمضت عيناي وأنا أكاد أنفجر من شدة الغضب وأنا أصك أضراسي على بعضها وأنا أقول: انت حقاً اغبى مما كنت اتصور هل تظنين انني الوحيد في المدينة التي رأى صورتك على الجرائد؟

_أيتها الحمقاء، صورك تملأ الجدران والطرقات وكل من في المدينة رآها وهو الآن يفكر كيف سيمسك بك، والذين يلاحقونك يعلمون تماماً أنك في هذه المدينة ومتأكدين من ذلك أيضاً يا ذكية ولربما قد بدأوا بحملة دهم وتفتيش للمنازل.

أخذت نفساً عميقاً وقلت: اسمعيني يا ربا حكمي عقلك ارجوكِ لقد ذهبت إلى أحد اصدقائي لأحضر لك سلاحاً لأجلك فقط لقد كنت اسعى لحمايتك من الذين يسعون خلفك.

_الم تلاحظي انني ذهبت وتركت بيدك مفاتيح المنزل لقد كان بإمكانك الهروب لم تكوني مضطرة للبقاء هنا من الأساس.


ربا: وبماذا تفسر لي وجود هذه الجريدة في منزلك؟ هيا تكلم أيها الذكي.

أجبتها على الفور: اسمعي لقد كنت اريد ان اعلمك بأن احدهم يسعى خلفك فقط كنت اريد ان احميك من الناس.

لكنك كنت على غير طبيعتك وانقلب مزاجك عندما كنا نتناول الطعام، لذلك تركت الأمر وأجلته إلى حين تحسن مزاجك قليلا.

ربا: انت تكذب توقف عن الكذب والمراوغة وقل الحقيقة هيا، أنا لا أصدق حرفاً واحداً مما قلت.

أحسست بغضب عارم حينها تمنيت لو انني لو افلت يداي لكنت لأوسعتها ضرباً بكل تأكيد.

اجبتها بحنق وبغض شديدين: أنا أعترف أن بقاء الجريدة هكذا محل شبهة وكان خطأً مني، ولكنني ظننت أنك تثقين بي ولم أتخيل أنك ستشكين بي بهذا الشكل.

_ولكن لو كنت كما تقولين فلماذا تركت الجريدة في متناول يداكِ؟ اخبريني هيا، كان من الأولى أن أخفيها عنك تماماً.

احسست انها بدأت ترتدع نوعاً ما ولكنها لا تزال بحاجة لإقناع أكثر وفجأة وقفت من مكانها وذهبت مسرعة نحو غرفتي.

غابت عن ناظري للحظات وعادت تحمل بيدها حقيبة سوداء ورمتها على الارض واخرجت منها اصفاداً وسائلاً منوماً ورصاص مطاطي وبعض من الاشياء الاخرى الخاصة بي.

نظرت إلي بتلك النظرة المستفزة وتبسمت ابتسامتها الصفراوية و قالت: وهذه؟
اخبرني اليست هذه ادوات اختطاف و قتل؟

_هيا ما بك صامت؟ تكلم هيا، اخبرني من اين لك بهذه الأشياء! تكلم

اغمضت عيناي اكتم غضبي واحاول كتم غيظي وتنهدت صامتاً ولم أجب.

فأمسكت بالسائل المنوم واقتربت مني بخطوات حذرة وقالت: تكلم وإلاااا_ ونظرت إلى الزجاجة كأنها توحي بأنها سوف تستخدمها علي.

حافظت على صمتي ولم يجبها بشيء
فصرخت مجدداً: تكلم ولا تستفز اعصابي اكثر من هذا ماذا تفعل هذه الأشياء في منزلك!

أردفت ربا قائلةً: ارأيت صمتك هذا يعني انك مقر بما قلت انا سابقاً.

_انظر كم هو الصدق جميل ورائع ظننت انك ستخدعني ببعض حركاتك الساذجة أو أنك ستنجح بتمثيل دور الشاب الغبي المسيطر ذو القلب الطيب.

_ولكن لا ليست ربا من يمكن خداعها بهذه البساطة كان يجب على من ارسلك إليّ ان يخبرك من ربا وماذا اجتازت في هذه الحياة ولكن لا بأس ستعلم بعد قليل ماذا يمكن لفتاة مثلي فعله بالأشرار امثالك.

هنا بدأ الخوف يسري إلى قلبي متسللاً شيئاً فشيئاً مما قد تفعله هذه الخرقاء فنظرت لها قائلاً: من اخبرك انني مزارع مثلا؟ نعم هذه اشيائي ولكنني لا استعملها لأذية احد إلا إن تعدى هو عليّ.

نادت ربا وكأنها تلحن الكلمات: لا زلت لا اصدقك أيها الحقيييير.

علمت انني لن انتفع من مجادلتها بشيء وقررت مجاراتها بما تريد لأرى إلى أين تريد أن تصل فقلت لها متصنعاً الندم: اجل انت محقة كنت انوي تسليمك مقابل جائزة مالية غداً ولكنني قررت عدم فعل ذلك.

ربا: ولماذا عدلت عن رأيك؟

فقلت لها: بكل بساطة لأنني ملاحق مثلك ولا اريد ان يفتضح مكاني فقط.

ربا: رائع جداً إذا سيكون لدينا صفقة صغيرة

نظرت إليها وقلت مستنكرا: وما هي هذه الصفقة ياترى؟

تبسمت ربا وقالت باستعلاء: انا سوف اخرج من هنا وانت سوف تبقى على هذا الكرسي، ولكن عرضي لك هل تريد الموت أم تريد أن أسلمك لمن يبحث عنك حياً يا استاذ عزام؟

نظرت لها بدهشة واستهجانٍ مما سمعت وقلت لها: أو حقا انت جادة فيما تقولين!

-تقتلينني أو تسلمينني هذا هو ما تريدينه!

رفعت ربا يديه تشير بعدم وجود خيار أخر وقالت: وماذا كنت تظن؟ أنني سأتركك تلحق بي مثلا؟ أو تنشر خبر وجودي هنا بين اصدقائك.

يتبع.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي