الفصل العشرون

ربا: شعرت في تلك اللحظة أنني مقبلة على اسوء ايام حياتي وبقيت ملقاة على البلاط ومضت بضع ثوانٍ وانا لا ازال على ذات الحال.


قبل ان ارى اقدامها تقترب نحوي بذلك الحذاء الاحمر ذو الكعب العالي وثوبها القصير الذي أعدم الحياء بشكله.

وقفت هي بالقرب من وجهي تطرق بحذائها بالقرب من وجهي فحاولت النهوض خشية أن اتلقى ضربة منها وانا على تلك الحال.

ولكنها انحنت بكل هدوء ووضعت يدها على شعري تمسده وتمرر يدها حتى اطراف شعري وتنهدت.

اصطنعت البراءة بكلماتها ونظراتها وقالت: لماذا هربت من المنزل؟ هل تريدين الطلاق يا حبيبتي!

رفعت رأسي ونظرت لها بتعجب دون ان انطق
فكررت كلامها اتريدين من همام ان يطلقك اجيبيني؟

ظننت انها تهزء بي فقلت لها "وما رأيك انتِ"

فقهقهت بصوتها العالي حتى رن صوتها في ارجاء الصالة وقالت بكل سخافة كأنها تمازحني: لا ادري لربما يعجبك العيش معي على هذه الحال وتستمتعين برؤيتي مع زوجك.

ثم أردفت قائلة باستهزاء: اتعلمين يبدو عليكي انك تحبين المشاركة فما الضير في أن نتشارك المنزل والزوج و كل شيء؟

فأجبتها بكل برود: أجل يعجبني مظهريكما كثيراً وأنتما على تلك الحال واتمنى ان تدفنا معاً ايضا سأحرص على أن يكون قبراً ضيقاً كي تضمان بعضكما جيداً واتمنى ان يكون دافئا جيدا.

فزفرت غاضبة وابتعدت عني دون حتى أن تمسني وقالت: يا لك من خفيفة الظل سأحرص أن ندفن فوق قبرك عزيزتي.

ذهبت بعد ذلك مبتعدة عني نحو غرفتها، فنهضتُ اتلفت حولي وانا أحاول اصدق ان الامر مضى بهذه البساطة والسلمية وبدون حفلة الاستقبال التي وعدني زوجي بها، لقد كنت اتوقع انه سينكسر لي عظم او افقد بعض اسناني وخصلات شعري.

لملمت ثيابي وحملت حقيبتي وغطاء رأسي بعد ان، داسته بقدميها متظاهرةً بعدم قصد ذلك.

مشيت باتجاه غرفتي وانا شبه متأكدة ان احدهم يراقبني وينتظر الفرصة لينهال علي بالضرب.

وصلت إلى الغرفة وفتحت الباب فكانت فارغة والهدوء يتجول في ارجاء المنزل لا اثر لزوجي او ملك لاعصا ولا حزام جلدي.

ظننت انني احلم او ربما سأجدهم مختئين بركنٍ ما في الغرفة ربما على الشرفة.

تفقدت ارجاء الغرفة وتأكدت من ان لا احد فيها
فألقيت بحقيبتي على السرير وبدلت ثيابي على عجل والقيت بنفسي على السرير لم يكن لدي ادنى طاقة للتفكير بما سوف افعله حتى.

لقد انهكني التفكير المستمر وترقب المصائب لكنني اجبرت نفسي على النهوض وتوجهت نحو اصغر اريكة وجدتها امامي.

كنت متعبة لدرجة كبيرة منهارة القوى بالكاد جررت تلك الأريكة وحشرتها خلف باب الغرفة والخزانة واقفلت بها الباب على نفسي تحسباً لأي مصيبة قادمة.

ومن ثم استسلمت للنوم دون أي مقاومة تذكر ونمت لساعات طوال لم ادري كم ساعة استمر نومي، استيقظت وانا اشعر بعطش شديد يكاد يخدش حلقي.

تجرعت رشفة من المياه ونظرت من خلال الشرفة إلى السماء، فكانت الشمس قد غربت والظلام قد هبط يخيم على الارجاء.

فأحسست بشيء من البرد فعدت لفراشي وكورت نفسي في منتصف السرير وكان أول ما خطر ببالي هي ريم.

بدأت أفكر في ريم ما الذي تفعله الأن وهل هي حقاً كما أخبرتني ستسعى لتخليص! وهل أبواي يعاملانها بسوء؟

تذكرت هاتفي الملقى في الحقيبة فمددت يدي بسرعة كي اتفقده فتحته فإذا بريم قد راسلتني تسأل عن حالي بينما كنت نائمة قبل بضع دقائق.

ارسلت لها بعض الرسائل اطمئنها عن نفسي
وانني بخير ثم توجهت لباب الغرفة اريد الخروج لأغسل وجهي زحزحت تلك الأريكة بشق الأنفس و حاولت فتح الباب فوجدته مقفلاً على غير العادة.

اعتصرت ذهني قليلا أحاول التذكر إن كنت أنا من اقفلته فلم اجد اجابة في رأسي لازال ذهني مشوشاً نوعا ما من أثر النوم الطويل.

عدت ابحث عن المفتاح وفتشت في أرجاء الغرفة فلم أجده وعدت اطرق الباب وأنادي لعل أحدهم يسمعني
وبعد عدة دقائق من المحاولات رد علي أحدهم
من خلف الباب قائلاً: ماذا! من هناك؟


صرخت بأعلى صوتي بعد ان بدأت اتوتر فأنا اعاني من رهاب الاماكن المغلقة: افتحوا لي الباب بسرعة.

ففتح لي الباب ونهضت محاولة الخروج مسرعة فاصطدمت بذلك الرجل الضخم نظرت إليه فكان احد حراس المنزل الذين يعملون لدى زوجي.

فمنعني من الخروج وظل واقفاً بمكانه يسد امامي الطريق، تراجعت للخلف وقلت له: لماذا انت هنا من الذي أمرك أن تقف حارساً هنا؟

فأجابني بأنها أوامر زوجي وهو من امره بأن يمنع اي احد من الدخول او الخروج من الغرفة.

سمعت ملك تلك الجلبة وأتت نحو الغرفة، وقفت بالخارج تنظر إلي وترمقني بنظراتها دون أن تظهر نفسها لي.

فلمحتها فقلت لها: لماذا انا مسجونة في الغرفة؟

اشارت ملك بيدها لذلك الحارس لكي يبتعد ويفسح لها المجال فاستجاب لأمرها وأخذت منه المفاتيح ودخلت مغلقة الباب خلفها.

وقفت انا وهي بالغرفة فبادرت هي بالكلام مسرعة وقالت: انظري إلي يجب ان تعلمي ان هذا المنزل الواسع والقصر المنيف بكل زواياه وغرفه لا يحدث بداخله شيء إلا بعلمي ولا تخرج ذبابة ولا تدخل قبل أن آذن لها بنفسي هل فهمتي ما اقوله؟!

فأجبتها: وما الذي تريدين اخباري به! ماذا استفيد من كلامك الفارغ هذا

أجاب ملك بابتسامة صفراء: اسمعي هل تظنين انك هربتي من المنزل بدهائك وفطنتك؟

استغربت مما تقول وشعرت بالريبة والغرابة وقلت لها: ما الذي تعنينه انت؟

جلت تلوح بالمفاتيح في يدها وقالت: اسمعي اياك انتظني أنك استطعت الهروب دون أن اسمح انا بذلك
ويجب ان تعلمي انني انا من سمح لك بالهروب من المنزل وبإمكانك أن تتأكدي وتسألي الحارس الذي عرض عليكي السماح بذلك مقابل قبلة_

فعرفت حينها أنها هي من امرت الحارس بتلك الحركة المقززة وعرض علي ذلك.

أردفت ملك وقالت: يا فتاة المنزل كله به اجهزة تنصت وكاميرات هل تظنين انني لا اعلم انك كنت تخططين لذلك بالتواطؤ مع ريم تلك!

أجبتها وأنا أرتجف من شدة الغضب: وما الذي تريدنه مني اخبريني!

ملك: بالبداية خذي هذه.

مدت يدها إلى جيبها وأخرجت النقود والمجوهرات التي رشيت بها الحارس يوم اردت الخروج واعطتني اياهم، فزدت يقيناً أنها هي التي تتحكم بكل شيء حقاً.

ملك: ما رأيك يا ربا ان نعقد صفقة صغيرة تحل مشاكلك كلها وتريحني من رؤية وجهك هذا؟

نظرت إليها مستغربة وقلت: صفقة! وما الذي تريدينه مني؟

ملك: شيء صغير جدا؛ الطلاق اريد ان يطلقك همام وبعدها سأتعهد بحمايتك وتأمين ذهابك إلى أي مكان تختارينه بنفسك ما رأيك؟

ضحكت من كلامها وسخرت من سذاجتها وقلت: هل تظنين انني لا اريد ذلك؟ عليكِ أن تخبري همام بأن يطلقني بدل ان تأتي إليّ وتعرضي علي هذا.

ملك: يبدو انك ما زلت فتاة سخيفة حتى اللحظة هل تعلمين السبب الذي جعل همام يقبل الزواج بك؟

فأجبتها بكل بلاهة وحماقة وأنا استهزء بها: ربما الحب_

فضحكت ملك وقهقهت حتى كادت تسقط ارضاً وقالت: يا إلهي أنا لا أصدق كم انك فتاة حمقاء فعلاً.

_الحب! ألم تجدي سببا أسخف من هذا لتجعليه السبب في زواجك! عن أي حب تتحدثين؟ هل بقي في الكون حب وصدق مثلا؟

_ام هل تظنين أن همام لديه قلب يحب ويعشق كما في الروايات والقصص الخيالية؟

فوافقتها الرأي في نفسي دون أن أظهر ذلك وقلت لها: إذاً لماذا تزوجني همام؟

ملك: انظري لنفسك انت جميلة حقاً بل انت اجمل مني بالفعل ولكنك لست من النوع الذي يفضله همام ومع هذا تزوجك بملء إرادته.

فقلت لها: إذا أنن تعلمين انت لماذا تزوجني!


يتبع.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي