بيت النغاس

ميادة مأمون`بقلم

  • أعمال مشتقة

    النوع
  • 2023-09-28ضع على الرف
  • 40.9K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الأول

حفلٍ مهيب

وسط أجواء احتفالية يعج بها قصر النغاس اليوم

بكم هائل من كبار الدولة و رجال الأعمال.

ووسط كل هذا ينعم (حسن النغاس) بالرقص والتمايل بين الفتيات.

بينما تظهر في الجوار سيدة تبدو من سيدات الطبقة الراقية، تضحك وتتغنج وسط النساء وكأنها فتاة في عمر العشرين،

ومن تكون سواها هي سيدة هذا القصر

(السيدة درية شهاب) والدة (حسن) والزوجة الثانية للأب (فرج النغاس)

و التي دائماً ما تحقد على أخيه لأنه يعرف كل صغيرة وكبيرة عن أبيه في العمل وأبنها لا،

صحيح ان حسن يعمل معه، لكنه دائماً ما يفضل أن يأخذ دور الثاني، ولا يريد أن يكون في المقدمة.

لذلك قررت أن تترك جلستها مع النساء، وتذهب إليه وتوبخه على أفعاله، لكن دون أن تفقد هيبتها بين مدعوين الحفل.

-إيه يا بنات مزهقتوش من حسن و رقصه.

عقدت إحدى الفتيات حاجبيها و قررت أن تتولى هي الرد بالنيابة عن الجميع.

-و هو حسن برضو حد يشبع منه يا أنطي دا بيرقص هايل خالص.

بطريقة مصطنعة ضحكت السيدة اللعوب و اجتذبت إبنها من وسطهم.

-طب معلش بقى سامحوني هاخده منكم دقيقة.

ليتجاوب معها الفتى المدلل و يذهب رغماً عنه و هو يضحك و يغمز بطرف عينه لتلك الفتاة.

-في إيه بس يا مامي سحباني كده و رايحة على فين.

اغتاظت والدته من أسلوبه الطفولي وإذا بها تزجه لداخل بهو القصر و هي تهمس و تشير له بطرف سبابتها على هذا الباب الموصود.

-مامي! ما تنشف يا حبيبي كده و تكبر بقى، سحباك ورايا عشان تدخل من باب المكتب المقفول على باباك و ابنه، دول بقالهم ساعة قاعدين مع نص رجال الأعمال جوه.

أتفضل أدخل و أعرف هما سايبين الحفلة و الناس و بيعملوا ايه كل دا،

وأنت مش معاهم ليه؟ ولا عاجبك لما المحروس الكبير يخرج و يقولك ها عجبتك الحفله يا إبن درية

زفر (حسن) أنفاسه معبراً بها عن غضبه مما قالته له ثم هتف بضجر.

-لاء أنا عارف على فكرة هما بيعملوا ايه جوه و زي ما صابر قاعد مع ابويا جوه بيعمل المطلوب منه، انا كمان واقف بره بعمل المطلوب مني يا ماما.

عقدت السيدة درية ذراعيها أمام صدرها و برفعة حاجبها الأيمن أجابته.

-اللي هو ايه بقى انشاء الله؟

لكن قبل أن يدلو لها ما في جعبته و يجيب على سؤالها،

التفتوا هم الاثنان إلى هذا الباب الجرار الذي انفرج على مصرعيه وظهر خارجاً منه ذو الوجه المتهجم، ليشير إلى أخيه و يلومه بغضب.

-أنت هنا بتعمل إيه.

-صابر أنا كنت..

لم يمهله حتى أن يبرر موقفه له و إذا به يهتف فيه.

-و لا كلمة يا روح الماما، درية مش هتطير إبقى كمل كلامك معاها بعدين، و تعالى ورايا يلا

أصبحت في قمة انزعاجها مما سمعته من ابن زوجها، تلتفت وترمقه بنظرة غضب تعبر بها عن مدى كرهها لذلك الشاب.

لكنه أرسل لها من بين الرجال الجالسين من حوله بنظرة تروي ثم أشار لها بأن تتبعهم للخارج.

بالفعل وأطاعت أمره، و أتجهت للخارج حتى تلحق بهم، و عندما تخطت باب القصر الرئيسي

وجدته كعادته يقف في المقدمة و ولدها يقف في عقبه، لكن ما ادهشها ترحيبه بهذا الرجل الأجنبي ومن معه من نساء.

تحدث (صابر) باللغة الأنجليزية بطلاقة مرحباً به.

-مرحباً بك سيد براد في بلدنا وفي قصرنا المتواضع.

ليومأ له الرجل الأجنبي، و بلغة عربية ركيكة قرر أن يمازحه.

-أوه أيها الشاب الوسيم سابر (صابر) أنت حقاً لطيف، لكن بما أننا في بلدكم دعنا نتحدث بلكتكم (بلغتكم) فأنا أتحدث بتلاكة.

ألتفت صابر لأخيه رافعاً جانب شفاه العلوي هامساً له بسخرية.

-يتحدث لغتنا بطلاقة ويناديني سابر.

كتم أخيه ضحكته وأخفض رأسه على ما قاله، ليستمعوا هم الأثنان إلى صوتٍ أنثوي رقيق يأتي من جانب هذا الرجل بتحفز بعض الشئ.

-لو طريقة بابي في الكلام مش عجباكوا، ممكن تتكلم معايا أنا.

انزعج صابر من ردها وألتفت ليرى وجهها الجميل ليهتف الرجل معرفاً إياها لهم.

-هذه (ليلي) أبنتي و مديرة أعمالي، في الحقيقة هي تتحدث العربية احسن مني بكثير وذلك بفضل والدتها (نور) هي التي علمتنا اللكة(اللغة) جميعاً.

في الواقع لم يعطيها (صابر) أي اهتمام، وأشار لوالدها بأن يتقدم معه إلى الداخل بعد أن رحب بوالدتها ثم عاود الحديث معه.

-بأي لغة أنت تحبها نحن نرحب بك (سيد براد) ، ارجوك تفضل معي، والدي يجلس بالداخل ينتظر وصولك منذ وقت طويل.

أومأ الرجل له وتقدم معه بكل سلاسة متخطيهم جانباً.

بينما زج (صابر) أخيه (حسن) بطرف يده نحوها ليتولى الحديث عن معها وهو يمد لها يده مرحباً بها.

-طب بما إنك من أم مصرية، اسمحيلي أرحب بيكي إنتِ ومامتك بطريقتنا المصرية و أقولكم نورتو مصر.

وقفت (ليلي) صامتة مسلطة سهام أعينها على ذلك المغرور الذي أخذ والدها و رحل دون أن يراعي صفتها الوظيفية.

وعندما طال الصمت، وشعر (حسن) بالأحراج من يده الممدودة لها بالسلام،

وجد والدتها وهي سيدة ارستقراطية تعادل والدته في العُمر وطريقة التغنج،

تجنبتها وتغلق على راحة يده مبتسمة له.

-ميرسي لك ولذوقك بس مش تعرفنا بيك، أصل في الحقيقة إحنا لحد دلوقتي

كل اللي نعرفه اننا معزومين في قصر (فرج بيه النغاس) وإبنه (صابر) لكن إنت مين بقى.

أبتسم لها وقرر ان يعرفها بنفسه بل وأشار لوالدته بأن تقترب منهم هي الأخرى.

- أهلاً بحضرتك انا حسن اخو صابر الصغير ودي تبقى ماما درية وفي الواقع الحفلة دي كلها معمولة على شرف وصول حضراتكم النهاردة.

تقدمت والدته منهم بالفعل و بدئت الترحيب بهم هي الأخرى، لكن (ليلي) قررت أن تتبع والدها مشيرة إليه بأن يتقدم معها.

-ممكن تدخلني عند بابي يا حسن.

نظر إليه بازدراء محاولاً أحراجها مثلما فعلت معه.

-معلش مش هينفع زمان الأجتماع بدء دلوقتي، ممكن تنبسطي بالحفلة لحد ما ينتهوا هما من اجتماعهم وباباكي يخرج ليكم،

حاولي انتِ تستمتعي بوقتك.

رفعت حاجبها الأيمن بجمود، لكنها تريثت قليلاً واقتربت منه هامسة له.

-بس طول ما أنا هنا وبابي جوه لوحده الاجتماع مش هيبدأ أصلاً.

ثم تركته وذهبت لتجلس بجانب والدتها وهي تضحك، رمقها هو بنظرة متغاظة، ويحك ذقنه بريبة في أمرها هامساً لنفسه.

-شكلك بت تقيلة ومش سهلة.

وإذا به ينتبه لجواله الذي اصدح رنينه داخل جيب حلته، جلبه سريعاً واجاب الأتصال وهو ينظر إلى زجاج نافذة غرفة المكتب.

-أيوا يا صابر.

أمره أخيه بحسم.

-حسن هات البنت اللي عندك دي وتعالى دلوقتي.

أومأ له وهو يتقدم نحوها.

-حاضر هاجبها و ادخل ليكم حالاً.

اغلق صابر الهاتف و قرر ان يعود لمقعده بجوار أبيه الذي كان يتحدث بجدية.

-اعذرني سيد (براد) أنت لا تعرف كيف تسير أمور السوق العقارية في بلادنا،

وأنا لا اضع اموالي في صفقة قبل أن أكون متأكد مائة بالمائة من أنها مضمونة.

أحنى الرجل رأسه وبدى على وجهه الوجوم، وإذا به يقول بإقتضاب.

-أعذرني أنت سيد(فرج) ، إذا كنت أنت لا تثق في السوك (السوق) لديكم، فلما ادكل (ادخل) أنا شريك في هذه الصفقة.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي