الفصل الثالث والثلاثون

عقد قران

ها هو يجلس في المسجد مع الحاج عمران ومأذون الحي وباقي الرجال، وضع يده في يد الحاج عمران، وها هو يقوم إبوضع المنديل الأبيض على يديهم

وبدء يلقن صابر اقاويل عقد القران، والحاج عمران يردد أمامه ما يمليه عليه، الي ان انتهوا جميعاً وقال الرجل كلمته المعهودة(بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكم في خير)

ظل الرجال يهنئونه ويتلقى منهم المباركات مع الدعوات المتمنية لهم بالسعادة والخلف الصالح وهم يخرجون جميعاً من المسجد وفي طريقهم للمنزل وجدهم قد حضرو.

حقاً أكتملت سعادته الأن عندما رأى أخوة يأتي اليه ليفرح معه، صحيح انه يقف بوجهٍ متهجم، لكنه قد حضر اليه على كل حال.

-حسن.

قالها بسعادة منتظراً قدومه اليه، لكنه لم يتحرك إلى أن بدئت ليلى تدفعه بيدها اليه.

وقف أمامه ومد يده له بالسلام ثم نطق بكلمة واحدة.

-مبروك.

نظر صابر ليده الممدودة له ولم يرفع يده، ثم قال.

-الله يبارك فيك بس ماكنش له لزوم تتعب نفسك وتيجي لحد هنا.

تلفت حسن حوله بإزدراء ثم قال،

ً-اعملك اية مانت اخترت مكان وناس بصراحة لوكل اوي، ولا العروسة لاء حاجة تشرف بصراحة..

رفع صابر حاجه ونظر إلي ليلى ثم أليه، و بت على كته عدة مرات.

-شرفت ونورت يا حسن، بس يلا ماتقعدش في المكان دا اكتر من كده احسن تتبهدل ولا حاجة.

تركه يقف وحده وتحرك سريعاً لتوقفه نور وتقف أمامه.

-مبروك يا صابر ماتتصورش انا سعيدة بيك قد ايه.

ابتسم لها ورحب بكلماتها قائلاً.

-الله يبارك في حضرتك، انا متشكر اوي على كل اللي بتعمليه معايا.

-أنا معملتش حاجة غريبة تشكرني عليها، مافيش واحد بيشكر مامته على فرحتها بيه ولو انا مش مامتك، فأنا أقرب الناس ليك يا حبيبي.

ما الذي تريد تلك المرأه ان توضحه له، وكيف تكون أقرب الناس اليه وهو لم يعرفها إلا من وقت قصير،

على كل حال هو غير مستعد لحل ألغاز الإن، فقط اكتفى بإيمائَة من راسه لها وتقدم في السير.

وهنا ظهرت أمامه ليلي بعيونها الذابلة وقالت بحزن.

-مبروك يا صابر.

في الواقع هو يشفق على تلك الفتاة الصغيرة، يفكر لو كان قابلها في وقت قبل ذلك الوقت لكان علمها ودربها على يده هو كأخت له وليس أكثر من ذلك.

-الله يبارك فيكي يا ليلي، ومبروك ليكي انتِ وحسن.

اقتربت منه و بعت قبلة على وجنته اليمنى، ثم همست له بحزن؟

-مش هكون ليه يا صابر صدقني، يأما أكون ليك انت يأما بلاش.

كل هذا كان يدور تحت نظرات مريم التي كانت تقف بجوار المنزل مع جدتها وزوجة عمها تتلقى التهاني المباركات،

لكنها ارسلت له بعض النظرات الحارقة من أثر تلك القبلة، فما كان منه إلا أن يتسلح بأمساك يد السيدة نور والذهاب بها اليها وهو يمزح معها.

-طنط نور تعالي اعرفك على العروسة دي هتعجبك خالص.

وقفت نور امامها وبدئت تتفحصها بدقة وتلفها حول نفسها بمرح بعد أن رحبت بالجميع.

-بأسم الله ماشاء الله عروستنا زي القمر يا صابر الف مبروك يا عروسة.

اكتفت مريم بإرسال ابتسامة لطيفة لها، بينما تقدمت زوجة عمها من هذه السيدة الغريبة عليهم وقالت.

-سميتي على الكعبة يا حبيبتي اتفضلي يا هانم تعالي اقعدي جانب جدة مريم، ألا انتِ تبقي مين يا حبيبتي؟

التفتت السيدة نور وجدت صابر قد ابتعد عنها فمدت يدها للجده وهتفت.

-الف مبروك لحفيدة حضرتك، أنا خالة صابر.

حاولت الجدة الوقوف بسعادة لترحب بها ولكن نور أبت ذلك وانحنا عليها لتقبل وجنتيها وهي تستمع لترحيبها بهم.

-يا الف مرحب بيكِ دانتِ نورتينا النهاردة يبارك فيكِ وعمرك ويفرحك عروستك الصغيرة دي يا بنت الأصول يا خالة الغالي زغرطوا لخالة العريس وقاريبوا يا ولاد.

سمع صابر من بعيد حديثهم بالكامل، وعلى الرغم من انه يعلم انها كاذبة لكنه شعر لها بالأمتنان على ما قالته، ليجد حسن قد اتى بجانبه مرة أخرى ووقف منحنى الراس.

-لو هتفضل واقف موطي راسك كدة ومش طايق نفسك امشي احسن يا حسن.

-ابوك سجلي كل حاجة بأسمي النهاردة يا صابر،

اقسملك بربي انا ماكنتش عايز حاجة يا أخويا بس انت عارف ابوك وعاده كويس، هو اعتبر اللي انت عملته دا تحدي ليه،

وخصوصاً بعد ماجالك لحد هنا ووقفت قصاده، وعرف انك هتتجوز مريم بجد.

هذا الأمر لم يزده ضجراً ولا حزناً، بل زاده إصرار على ما يفعله، و الذي أثبت لنفسه بالفعل انه الصواب.

-هو دا اللي زعلك يا حسن! يا اخي انا قولت انك جاي ومش راضي عن جوازي من مريم انت كمان،

طب مانا عارف ياض انه هيعمل كده من زمان زي الحاجات اللي كتبها ليك قبل كده كل دا عادي بالنسبة لي،

المهم عندي انك تحافظ عليه وتكبره زي ما كنت بعمل انا بالظبط، عشان خاطري يا حسن لو بتحبني بجد بلاش لعب ورق تاني ولو عايز تلعب يبقى مش على شقانا يا حسن.

وعند زكر لعب الورق تلجلج حسن في الحديث وانظر في اتجاه ليلي وقال.

-لا ماتخفيش أنا بطلت العب ورق بقالي شوية حتى اسأل ليلي دي هي اللي بتشجعني على كدة.

رفع صابر رأسه ونظر ناحية ليلي التي كانت تجلس تنظر لمريم بغيظ، ومريم أيضا تبادلها نفس النظرات.

وارتاب في الأمر كله.

-معقول ليلي شجعتك على حاجة زي دي، والله لو كانت عملت كده فعلاً يبقى براڨو عليها اهي على الاقل تبقى بتحافظ على مالكم انتو الاتنين بعد كده.

مش تعرفنا بالاستاذ اللي قاعد جانبك دا يا صابر.

استدار صابر للحاج عمران وهتف بسعادة.

-يا نهار ابيض هو انت لسة ماعرفتش دا مين يا عم عمران، دا حسن اخويا.

وقف حسن بكل ادب وقال.

-الف مبروك يا حاج.

رحب الحاج عمران به جيداً، بل وجذبه بسعادة الي الشباب الذين يرقصون وظل يهلل ويرقص معهم الي ان انتهى هذا الحفل الشعبي الجميل وعاد الجميع إلى أماكنهم.

ولج حسن داخل الڨيلا بعد أن اوصل نور وليلي، كاد ان يصعد الدرج متجهاً نحو غرفته، لكن والده أضاء المصباح الجانبي وهتف له.

-حمدلله على السلامة، أنا قولت مش هتكمل نص ساعة وترجع تاني، بس واضح إن الفرح عجبك والسهرة كانت حلوة.

جلس حسن علي الدرج برغم سعادته بأنه يملك كل شئ الان، إلا أنه كان سعيداً لأخيه وفرحته التي لم يحصل عليها هو بالأمس.

-اه يا بابا السهرة كانت حلوة اوي، وصابر كتب كتابه على مريم في جامع صغير وعملوله فرح شعبي بسيط اوي،

بس ماتتخيلش مدى ساعدته وهو بيحضن مريم وشالها وبيرقص بيها،

-صابر ماهتمش لما قولتله انك سجلتلي كل حاجة النهاردة،

فرحته غطت على اي حاجة يا بابا، متهايئلي لو كان في العالم كله اتهد من حاوليه ماكانش اتهز ولا حاجة أثرت على فرحته بمريم يا بابا.

اومئ فرج برأسه عدة مرات وهمس للا شئ.

-طول عمره مش بيغريه المال، عمره ما كان طماع ولا فكر ياخد لنفسه حاجة، بس دايماً بيحب يكبر ويشتغل عشان يزود،

مش مهم اذا كان هيبقى ليه ولا لاء المهم عنده يقولو صابر شاطر صابر عمل صابر بيعرف يدي ومابيخدش.

اقترب حسن منه وجلس بجانبه وقال.

-ولما انت عارف دا ليه دايماً بتقسى عليه يا بابا،

ليه دايماً بتحسسه انه بيشتغل عندك، مش ابنك، ليه كتبت كل حاجة بأسمي وحرمته من مالك اللي هو تعب فيه وكبره زي ما بتقول.

-انت زعلان عشان انا حرمته وإديتك يا حسن؟

-أنا مش طماع يا بابا، مانكرش اني فرحان بكده طبعاً،

لكن انا مش عايز اخسر اخويا اللي اول ماعرف حاجة زي دي خادني في حضنه و باركلي، ووصاني احافظ على كل حاجة.

تخلي فرج عن مقعده واتجه نحو الأعلى قائلاً.

-عشان هو عامل زيي يا حسن بيحب يتحداني ويقف قصادي وعمره ما حاول يفكر يقولي حاضر ويطيع أمري زيك.

-بس صابر طول عمره لما بيقف قصادك في الشغل بيكون رأيه هو الصح.

-حتى في دا يتحداني برضه.

مرت الأيام وكل واحد على حاله،

صابر يجتهد في عمله، ويجهز شقته هو ومريم،

فرج يتابع أخباره من بعيد و لا ينكر انه يزداد حنقه كلما رأه نجح في شيء، يعلم انه بذلك سيزيد من بعده له، مع إنه كان يظن أنه لن يصمد كثيراً في ذلك ويعود اليه مترجياً.

اما حسن فكان يتعلق كل يوم عن الذي يسبقه أكثر وأكثر بليلي، التي كانت تسير في خطتها التي رسمتها اها نور بإتقان.

-كفاية لعب بقى يا حسن انت خسرت كتير، وكمان شربت اكتر.

-الواد الجديد ده مش مريحني
، عمال يكسب يكسب وماحدش عارف يوقفه.

-مالناش دعوة بيه يا حسن يلا بينا نمشي الوقت اتأخر وانت مش بقى معاك سيولة عشان تلعب عليها.

-هاكتبله شيك.

-شيك ايه انت مش لسه قالي انك سحبت بالڨيزا اخر حاجة في رصيدك.

-خلاص بقى يا ليلى العب على شركة من الشركات وانا واثق اني مش هاخسر.

-ايه ينهار اسود انت ازاي تفكر كده، انت لو مش قومت دلوقتي معايا انا هامشي واسيبك لوحدك

-يوووه لاء مش هاتمشي، وتقعدي بقى لما اشوف اخر الواد ده ايه.

جذبته لها جعلتها تسقط بجانبه، ابتسمت لذلك الشاب بمكر وغمزت له بإحدى عينيها، ليقف الشاب من على مقعده ويهتف للجميع بسعادة نظراً لأنتصاره.

-يلا سلام أنا بقى يا شباب وفرصة سعيدة اوي، على فكرة انتو لقطة وانا هاجي العب
معاكم كل يوم.

حديثه الميته ء بالجميع جعل حسن بغضب أكثر، ثم قال.

-قصدك تقول صيدة سهلة مش كده، طب ما تقعد يا برنس وتزود اللعب ولا انت عايز تسرقنا عيني عينك كده وتمشي من غير ما حد يحاسبك.

نظر الشاب اليه ورد بكل برود.

-اسرقكوا! ليه يا صاحبي ما اللعب كان على المكشوف قصاد عنيكم كلكم ومش انا اللي كنت بفرق كمان يبقى هاسرقكم ازاي بقى.

هتف حسن بغضب.

-ولا يا حرامي انت مش هاتمشي من هنا إلا لما ترجع لكل واحد مننا فلوسه اللي سرقتها يا حرامي.

ليزيد الشاب من سخطه عليه ويقترب منه هاتفاً.

-أنا مش حرامي يا نايتي انت اللي مش بتعرف تلعب، لعبت وخسرت راجع تعيط ليه.

انفعل حسن من حديث الشاب وزج ليلي من جانبه وإذا به يلكم الشاب في وجهه لكمة اسقطته ارضاً.

-أنا نايتي يا بن ال..... يا حرامي، جبتوهلنا من انهي مصيبة ده.

تفاجأ حسن بدفع الشاب له وإذا به ينهال عليه بكم هائل من اللكمات.

و نظراً لثقل رأس حسن وثمالته ام يقوى على الدفاع عن نفسه وإذا به يغشى عليه وهذا ما تفاجئت به ليلي،

لتبعد عنه الشاب وتأمر الشباب بوضعه داخل السيارة، وتولت هي القيادة بدلاً منه.

ذهبت به إلى قصر والده لكنها خشت ان تلج به للداخل وأمرت رجال الأمن بأن يحمله و خلوه هم للداخل.

ثم ذهبت بالسيارة إلى الفندق الذي تقيم فيه عائلتها.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي