الفصل الخامس عشر

بداية جديدة

اغلقت الهاتف ودلفت إلى داخل الشركة حتى يطمئن قلبه عليها، وبعدها ذهب هو بسيارته سريعاً.

الأن هو يجلس في بهو هذا الفندق الكبير، في إنتظار سيد عمله الجديد، ليتفاجأ به يأتي له وزوجته تمسك يده من جهه وإبنته تتمسك باليد الاخرى.

ليزمجر داخل نفسه قائلاً.

-بداية غير موفقة، شكله كده الرجل دا مش بيمشي من غير رائي بنته ومراته.

كانت ليلي في شدة سعادتها لرؤياة الأن، ابتسامتها تملئ وجهها الجميل ليزيده جمالاً، لكنها تخلت عنها حين لمحت عبوث وجهه.

وبعد ان وصلوا اليه تخلى عن مقعده ليبدء بالسلام عليه.

-مرحباً بك سيد براد.

-أوه (سديقي سابر) انا سعيد جداً لرؤيتك.

-صدقني انا أسعد، فأنا اعتز جيداً بمصادقة الرجال الجادين في أعمالهم مثلك،

ليترك يده على الفور ويمدها لتلك السيدة المنمقة هي وابنتها.

-أهلاً وسهلاً مدام نور، ازيك يا ليلي.

-أهلاً بيك يا صابر، اتفضل اقعد واقف ليه.

-ازيك انت يا صابر اخبار الشغل ايه وعملت
ايه مع باباك امبارح.

كانت تريد فتح الحديث معه بأي طريقة والتدخل في شأنه اكثر، لكنها لا تعلم انه ياخذ نصيب كبير من إسمه ولا يبوح أسراره لأحد.

-عادي يعني يا ليلي، عدت على خير الحمدلله وابويا ارتاح اخر اليوم لما عرف اننا مخسرناش حاجة.

أرادت الأن احراجه، ربما يتحرك هذا الجبل، ويفصح عما بداخله.

-كويس اوي أهو على الأقل يحاول يهدى ويبطل خناق معاك كل شوية.

ضم والدها حاجبيه وهتف بعدم فهم.

-وليه والدك يتهانك (يتخانق) معاكي سابر، هد (حد) يبقى عنده ولد تموه(طموح) و ساطر زيك و يعاملها كده،

أسمهلي (اسمحلي) دي رجل مكنون.

وقف صابر منزعجاً من إهانة والدة أمامه وهتف.

-لاء اسمحلي حضرتك انا ماقبلش اني اسمع
إهانة ابويا واسكت من اي حد مهما كان هو مين، وان كان على شغلي مع حضرتك بلاش منه.

لملم اشيائه من على الطاولة وقرر المغادرة، ليستمع الي صوت السيدة نور وهي تقول.

-براڨو صابر انت فعلاً شاب كويس وبراد كان عنده حق لما قال انه كان بيتمنى يكون عنده ابن زيك.

بكل ادب ابتسم لها مردفاً.

-دي حاجة تشرفني يا فندم على فكرة.

ليتحدث براد ممسكاً بيده.

-أكعدي سابر خلينا نتكلم في الشغل، وبلاش سيرة والدك لو دي هيزعلك.

جلس مرة أخرى لكن عينه كانت ترمق تلك الفتاة بغيظ، حتى أنها أرادت الهروب من نظراته وفوقفت تحث والدتها بإستعجال.

-طب يلا احنا نروح نقعد على البول، ونسيبهم يتكلموا في الشغل براحتهم.

جرت سريعاً من أمامه، ولحقت بها والدتها، ليبدء هو حديثه في العمل مع والدها.

-خدي يا سابر دي شيك بمليون جنيه، عايزك تبحثي لي عن مكان يكون كويس و نكدر نفتحه و يكون فرع لشركتنا هنا في Egypt

اخذ من يده الشيك وتحدث بجدية الأن.

-تمام انا قدامي فعلاً كذا مكان ممكن تيجي معايا وتختار واحد منهم.

نفض الرجل يده ونفى له ثم أكد عليه.

-أممم انا مس مهمم اسوف، انتِ خدي ليلي هي بتحب الحاكات دي اكتر مني، خلسو كل حاكة ولو احتكت فلوس تاني قولي وانا اديكي.

أومأ له بالموافقة وأستعد للرحيل.

-طب أنا هامشي بقى عشان الحق وقتي.

-لاء على فين انتِ مش هتمشي غير لما تفطري معانا.

-لاء اعذرني أنا المرة دي، في الحقيقة أنا مستعجل وعندي شغل كتير.

-هاتروحي الموقع بتاع المشروع مش كده.

-اه طبعاً بس الأول هاعدي على البنك اسحب المبلغ واحطه في حسابي عشان اقدر اتصرف.

وقف الرجل يمد يده له بالسلام ويقول.

-ok take your time هبيبي.

وبعد ان تصافحا سوياً  ذهب من عنده،

وداخل سيارته جلس ممسكاً بهاتفه، بالطبع هو الأن سعيد فقد بدء في عمله للتو، فقرر ان يبلغها بالبشائر السعيدة.

فتح برنامج الواتس اب وارسل لها بالرسالة الأولى.

-أنا بدئت الشغل إنتِ ايه الأخبار عندك.

لم ياتيه الرد سريعاً، علم انها ربما تكون مشغولة في شئ ما الأن،

فترك هاتفه جانباً وقرر البدء في عمله هو الأخر، ذهب اولاً إلى أقرب بنك ليفتح حساب خاص بأسمه ثم حول المبلغ المالي الذي أعطاه له السيد براد، وأنهي عمله به وترجل من البنك سعيداً ببداية عمله الجديد.

وقبل ان يتحرك بسيارته، وجد هاتفه يعج بكم من هائل من الرسائل ليس منها هي فقط، بل من صديقه مراد أيضاً.

فقرر ان يفتح رسائلها اولاً.

-الاخبار ماتسرش يا صابر، الدنيا والعة هنا وابوك عرف انك اخدت هارد الكاميرات، ودلوقتي،

جمع كل محامين الشركة عنده،

الحق يا صابر ابوك بينقل كل حاجة بأسم حسن،

انت فين تعالي أقف ليه والحق حقك يا صابر.

ابتسم بلا مبالاة لخوفها، أغلق الشات بينه وبينها وفتح رسائل مراد.

-إنت فين يا وغد انت، ابوك ثاير على الشركة كلها،

بعت جابني في مكتبه وسألني عنك، ولما قولتله اني ماعرفش عنك حاجة بهدلني وطردني من مكتبه،

صابر انت فين بجد في حاجة غريبة بتحصل في الشركة، وابوك ساحل مريم معاه في الشغل وعمال يهين فيها والبت يعيني مش مبطلة عياط.

سريعاً ما اغلق الرسائل، وشرع في الاتصال به.

-ألو ايوا يا مراد.

ليأتيه الرد سريعاً وهو يستمع إلى صوته الغاضوب.

-يا برود أعصابك يا أخي، انت لسة فاكر ترد عليا.

-مالك بس انت كمان في ايه بيحصل عندك.

-مالي ايه يا بني أدم ابوك بيدمر كل حاجة، بيضيع تعبك طول السنين دي كلها وبيكتب كل حاجة لحسن يا صابر.

-فكرك يعني اني ممكن ازعل على حاجة زي دي يا مراد، هو انا اصلاً كنت طايل منه حاجه وبعدين سيبك من كل ده دلوقتي،

انا مايهمنيش خليه يكتب اللي يكتبه، انا اصلاً خلاص ببدء حياتي من الأول في مكان تاني،

المهم عندي هي يا مراد خليك جانبها لحد معاد خروجكم من الشركة وهتلاقيني واقف مستنيكم على أول الطريق.

-والله حرام عليك اللي بتعمله دا اقفل يا صابر اما نشوف اخرتها معاك انت وابوك واخوك اللي هيضيع كل حاجة بتافهته.

اغلق معه وشرع في الاتصال بها، لتجيب الاتصال بكل هدوء.

-مش قولتلي انك هتكلمني واتس بس.

صوتها كان هادئ لكنه شعر بنبرة البكاء تغلفه، ليستفهم بخوف عليها.

-بتعيطي ليه؟ طمنيني عليكي عمل فيكي ايه الظالم ده.

جففت دموعها بأطراف أصابعها وتسلحت بالكذب حتى لا تزيذه قلقاً.

-أنا مش بعيط ولا حاجة، أنا بس قلقانة وزعلانه عليك انت.

-أنا كويس يا مريم، وأسف اوي على زعلك وكل اللي بيحصلك بسببي يا حبيبتي،

وصدقيني انا هعوضك عن كل دا وحياتك انتِ عندي ما هتمر علينا السنة دي الا وتكوني منورة حياتي كلها،

ويكون عندي الشركة بتاعتنا خاصة بيا أنا وانتي يا قلبي.

-وهتسيب كل حاجة هنا بسهولة كده يا صابر.

-مش عايز منه حاجة، خليه يفرح ابنه الصغير على اد ما يقدر، بس يا ريت هو بقى يحافظ له عليهم.

-مش هقدر اقولك غير اني معاك بدعيلك من كل قلبي ربنا معاك ياصابر هو احن عليك من أي حد.


أطرفت دمعة من عينه وهو يدعي برجاء تسمعه جيداً.

-ويخليكي انتِ ليا يا احلى حاجة حصلتلي في دنيتي أنا هاقفل دلوقتي وعلى معادنا زي ما اتفقنا يا مريم.

-حاضر يا صابر مع السلامة يا حبيبي.

اغلق الهاتف معها، هدئ من انين قلبه الذي كاد أن يخرج من بين ضلوعه من شدة الألم، ليمسك هاتفه مرة أخرى عازماً الاتصال ب ليلي.


نظرت إلى شاشة الهاتف، ثم إلى والدها الذي أكد لها بأن ظنونها ليست في محلها.

-اتأكدت ليلي انه ولد كويس مس زي ما انت كنت خايف منه.

أمسكت هاتفها وفتحت الاتصال وهي تهمس له.

-هنشوف بابا هنشوف.


ألو نعم صابر.

-ليلى فاضية دلوقتي اعدي عليكي تشوفي مقر الشركة.

فرحت من داخلها أخيراً قد أتتها الفرصة للتقرب منه لتهتف بسعادة.

-اكيد ممكن تيجي دلوقتي.

-تمام انا مسافة الطريق وتلاقيني عندك.

جرت من أمام والدتها و والدها لتصعد إلى غرفتها حتى تستعد للقائه، ليتبادلا سوياً النظرات.

وهنا قالت والدتها.

-واضح إن الولد ده مميز فعلاً زي ما قولت براد.

لينظر براد إلى زوجته بمكر هاتفاً.

-أطمئني حبيبتي لن نعود ألي بلادنا إلا وهي متزوجة وسيكون إنجاز عظيم إذا أخذنا زوجها معنا.

بإبتسامة صفراء أراحت ظهرها وكأنها تفكر في شئ ما.

-لو دا حصل ساعتها دي هتبقى الضربة اللي تقطم بيها ضهر عدوك بصحيح براد،

بس خد بالك الولد صابر دا مش سهل ولا غبي عشان يوافق كده بسهولة.


بحركة عفويه مد شفاه السفلية كالأطفال.

-مس فاهم معنى كلامك اوي نور، بس هي كمان لازم يبقى ليها دور، عليها بقى انها تخليه يحبها ويتعلق بيها.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي