الفصل السابع عشر

بداية التحدي

عندما ذكرها بعمها انتفضت متسائلة .

-هما مين دول اللي هيروحوا مع بعض، لاء فوقلي كده الله يكرمك، انا عايزك تفهم برضه ان عمي دا رجل سماوي بيخانق الهوا اللي بيتنفسه،

فأكيد طبعاً مش هيسمح لبنت اخوه اليتيمة انها تدخل الحته في عربية مع واحد غريب عنها

نظر أمامه في صمت، ومد شفتيه بتفكير.

-أممم بداية غير مبشرة واضح كده يا حبيبتي إن انا مكتوب عليا يطلعلي في كل خ... عفريت زي ما بيقولوا.

بدورها التفتت للأمام هي الأخرى، وأراحت ظهرها على ظهر مقعدها.

-حظك بقى، بص لو مش عايز بلاش.

ليدير محرك السيارة، ويقبض على عجلة القيادة و بقبضة محكمة انطلق سريعاً وهو يردد.

-خير خير، كله هيبقى كويس.

ظلت صامتة طيلة الطريق، إلى أن توقف أمام كافية معروف أمراً لها.

-يلا انزلي.

لم يمهلها الوقت وترجل من جانبها، لتلحق به وهي مندهشة.

-أنزل فين هو دا وقت خروج يا صابر احنا كده هنتأخر.

أمسك يدها وجذبها خلفه دون النظر إليها.

-تعالي بس ما احنا مش جايين نلعب هنا برضه.

-طب استني بس انت كده هتوقعني.

ولج بها داخل الكافيه وهو يبحث بعينيه عن صديقه، لتلمحه هي اولاً واذا بها تقف متصنمة في مكانها كا من سقط على رأسها دلو ماء مثلج.

انتبه هو لتشنجها هذا ونظر إليها بريبة، لتشير إليه بعينيها و تهمس بخوف.

-يا خبر دا الباشمهندس مراد هنا شكله كده مستني حد، تعالى نمشي قبل ما يشوفنا.

اتجه بنظره إلى حيث أشارت، ثم جذبها واتجه إليه وهو يصحح لها وجهة نظرها.

-مراد مستنينا احنا مش مستني حد تاني.

هذه المرة جذبت يدها من من يده وتراجعت للخلف خطوة.

-ازي يعني مستنينا احنا دي يا صابر، انت عايزه يقول عليا ايه،

ثم همست لنفسها بكلمات استمع إليها هو عندما اقترب منها.

-يا نهار اسود، دلوقتي هيصدق الكلام اللي قاله عليا فرج بيه.

تعجب مما همست به وإذا به ينظر إليها بغيظ و يزجرها ضاغطاً على راحة يدها.

-اللي هو ايه دا بقى إنشاء الله، انطقي ابويا قال عليكي ايه.

أحنت رأسها بخوف من عينه ولم تتحدث، لتزيد من غضبه وسخطه على والده، ليحثها على السير معه بوجه حاسم.

-تعالي مراد عارف كل حاجة، وعارف اني مت... على عيني وبحبك.

كان مراد يجلس على طاولة جانبية يحتسي فنجال من القهوة، وعند وصول صديقه إليه وضعه من يده، و وقف يمد له يده بالسلام.

-أهلاً الباشا اللي قلب الترابيزة على دماغ الكل.

-أهلاً مراد.

-ازيك يا مريم.

كانت في قمة خجلها الأن، تريد أن تنشق الأرض وتبلعها حتى تهرب من نظراته،

لكنها اكتفت بإيماءة بسيطة من رأسها ونظرت بعينيها إلى من يملك قلبها ليزيح المقعد من جانبها ويجلسها برفق.

-أقعد يا مراد وقولي الرجل الظالم ده قالها ايه النهاردة خلها تعيط بالطريقة دي.

-أنتِ مقولتيش ليه يا مريم.

لفت وجهها بعيداً عنهم ونظرت للا شئ،

ليهتف صابر قائلاً.

-كلمني انا يا مراد ومالكش دعوة بمريم.

لينفعل مراد عليه قائلاً.

-ما هو ألي اتقال ليها وسمعوه كل موظفين الشركة النهاردة، كان بسببك انت يا صابر، هي ابوك هنها وظلمها فيك وانا اتهانت وكله بسببك يا باشا.

-سيبك من اللي ابويا قاله ليك انت، لكن هي ايه اللي يخليه يشك فيها ويظلمها كده.

يوضح مراد له الأمر الذي غفل عنه.

-ما هو حضرتك، لما اخدت الهارد بتاع الكاميرات الداخلية للشركة، نسيت ان في هارد تاني شغال على كاميرات الجراچ، والكاميرات الخارجية،

اللي كانت مصوارك وانت ماسك ايديها وبتركبها عربيتك امبارح، وطبعاً هي ما سلمتش من لسانه و تلميحاته السخيفة، ولا من نظرات المحروس اخوك الصغير ليها.

ظل يدق بيده عدة دقات على زجاج الطاولة ثم قال.

-تمام تمام الباشا كده حسابه تقل اوي عندي، وجيه الوقت بقى عشان نصفيه.

خشيت عليه من تهوره، وأمسكت بكف يده حتى ينظر إليها ثم همست برجاء.

-ماحصلش حاجة لدا كله يا صابر، صدقني انا..

-انتِ تسكتي خالص، مش انا كل ما أسألك تقوليلي مافيش يبقى تخليكي بقى ساكتة احسن.

ليقول مراد.

-إنت مش داخل حرب يا صابر، دا في الأول وفي الأخر ابوك، وانت اللي استفزيته ووصلته للي عمله النهاردة ده بصراحة.

بمنتهى السخرية والازدراء رمق صديقة بابتسامه صفراء، ثم ضحك مستهزأً.

-اللي عملته النهاردة ايه اللي عملته يا مراد، حررت نفسي من سجنه، و سيبت ليه كل حاجه اهو،

وهو بقى بدل ما يتصل بيا ويقولي ارجعلي يا ابني، راح اتصل بالمحامين وكتب لأبنه كل حاجة خليه يشرب بقى عالله يحافظ له على شركته وماله.

-وأخرتها يا صابر.

-خلاص يا مراد هي دي اخرتها انا هبدء من جديد في شركة جديدة وهاخد مريم معايا، وانت كمان هتيجي معايا يا مراد.

-انا معنديش مشكلة في كده يا صابر بس

تفتكر هو لما يعرف انك تتحداه، و بتاخد موظفيه هيسكتلك يا صابر.

وقف مستعداً للرحيل وهو يشير إليها بأن تنهض هي أيضاً.

-انا بعمل كده عشان هو مايسكتش يا مراد، يلا عشان نروح يا مريم.

ليمسك مراد بيده ويجلس رغماً عنه مرة أخرى.

-لاء استنى هنا، فهمني يلا تاخد مريم وتروحو على فين؟

ثم وجه حديثه إليها بسخط.

-دا انتِ طلعتي شمال بقى زي ما قال عليكي النغاس الكبير يا مريم.

-مرااد!

قالها صابر ممسكاً بتلابيب قميصه معنفاً اياه.

-اللي انت بتسبها دي هتبقى مراتي، هي الوحيدة اللي وقفت جنبي وهي برضه اللي دبرتلي شقة في بيت أهلها أقعد فيها، في الوقت اللي مالقتش حد واقف جنبي ولا حتى أنت يا صاحبي.

وهنا تلجلج مراد في نبرة صوته لي أرى عينه منه ويقول بخزي.

-والله يا صابر انا لو عندي مكان ما كنت اتأخر عليك بس انت عارف يعني ان بيتي على قدي انا ومراتي والعيال.

ربت صابر على كتفه، مبتسماً له.

-مانا عارف ياض، اعملك ايه بقى يا صاحبي ما انت اللي روحت اتجوزت وسيبتني، يلا سلام بقى عشان مريم متتأخرش اكتر من كده.

احتضنه مراد بقوه وابتسم لها داعياً لهم.

-سلام يا صاحبي، وعقبال ما احضر فرحكم انتو كمان.


ها هم الآن يقفون في اول الحي الذي تسكن فيه، يستند هو بيديه على عجلة القيادة، ويضغط عليهم بجبينه متسائلاً.

-هنعمل ايه دلوقتي؟

بكل هدوء اجابته وقد تملكت منها رهبة غريبة.

-ماينفعش تدور على مكان تاني.

رفع رأسه مندهشاً مما تفوهت به.

-نعم يا اختي انتِ جاية دلوقتي تقوليلي كده

اخلصي يا مريم وبطلي جبن بقي.

-طيب ماتزعقش.

قالتها صارخة وأطرفت دمعة من عينها.

-انا هسبقك على البيت، واقول لعمي انك على وصول وانت هتأخر نفسك شوية وبعدين
هاتيجي على البيت، طبعاً انت عارفه مش كده.

-انجزي و بطلي رغي يا مريم.

-طيب هتلاقي عمي قاعد على باب البيت، اوعى تدخل عليه كده على طول يا صابر، اعمل نفسك بتسأل على بيت الحاج عامر المحمدي احفظ الاسم يا صابر.

-انزلي من العربية يا مريم.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي