الفصل الرابع والثلاثون والأخير

تضحية

تفاجأ فرج برنين هاتفه برقم رجال الأمن، وفتح الاتصال بينهم.

-ايوة في ايه.

-اسفين يا فندم بس حسن بيه رجع من برة مغمى عليه تقريباً كده كان بيتخانق مع حد.

-ايه انت بتقول ايه.

اغلق فرج هاتفه وجرى سريعاً للأسفل ومن خلفه جرت درية التي لم تفهم شيئا وهي تسمعه يصرخ.

-يا ترى عملت في نفسك ايه يا حسن.

وعندما رؤوه هكذا ارتمت درية عليه، بينما يحاول الرجال إفاقته.

-ابني حسن جرالك ايه يا حبيبي مين اللي عمل فيك كده

تراجع فرج للخلف خطوه، وهتف للرجال.

-شيلوه طلعوه على اوضته فوق.

صرخت درية في وجهه.

-اطلبله دكتور يا فرج دا واضح انه تعبان اوي.

-ابنك مش تعبان يا هانم ابنك مضروب و سكران، واضح اوي انه كان بيتخانق مع حد، و الخمرة اللي شاربها ماخليتهوش يقدر يقف قدامه.

-مش مهم يا فرج المهم دلوقتي تطلبله دكتور عشان نطمن عليه.

-اطمني براحتك انا طالع انام.

حملوه الرجال مرة أخرى وصعد هو الى غرفته يفكر في الأمر الصعب الذي وضع نفسه فيه.

وعند الظهيرة كان يقف فوق راسه ينتظر استيقاظه بوجه ضاجر ووالدته تجلس بجانبه تريد أن تطمئن عليه بفارغ الصبر.

فتح حسن عينه بتثاقل نصف فتحة نظراً لتورمهم ليتوجه مع عين والده.

-صباحية مباركة يا عين ماما، ممكن تحكلينا ايه اللي جرالك دا يا حسن باشا؟

-مافيش يا بابا خناقة بسيطة مع شوية شباب وراحت لحالها.

-وبالنسبة لحسابك اللي اتسحب منه تلتوماية ألف جنيه في ساعة واحدة يا ابن درية.

-انت بتفتش ورايا يا بابا!

-اه بفتش وراك يا عين بابا، اصلي مش مأمن ليك بصراحة، خايف اصحى من نومي في ليلة على صوت حد بيقولي اطلع برة بيتك اصل ابنك خسره على تربزية القمار.

وهنا تدخلت درية في الحديث صارخة.

-ايه تلتوماية الف جنيه سحبتهم في ايه دول يا حسن.

بالطبع لن يقول لهم شيئاً من ما حدث بالأمس ويعرض نفسه السخرية والده.

-ماكنتش بلعب ولا حاجة انا كنت سهران مع ليلي اتخنقت عشانها لما شوية شباب رخموا علينا، والفلوس كنت سحبتها قبل الخناقة عشان اجبلها بيها هديه عجبتها.

لم يصدق والده حديثه هذا ولم يدخل عقله من الأساس لكن ليس بيده اي حيلة، وعليه ان يتحرى عن هذا الأمر بمعرفته.

مر علي ليلتهم هذه ثلاث ليالي اخر، وهو يحاول الاتصال بها، وهي لا تجيب اتصاله حتى أنه كاد ان يجن من اهمالها له بهذه الطريقة،

وأخر ما توصل اليه عقله ان يذهب إلى شركتها  التي يديرها اخيه، ولا يهمه انه سيسأله بالتأكيد عن ما حدث له فهو لم يتعافى بعد.

صعد الي مكتبها مباشرةً، لكنه لم يجدها فقرر ان يلج إلى مكتب اخيه ويتحمل صخبه عليه مهما كان الأمر.

تفاجئت مريم به امامها اولاً وهو يقول.

- ليلي جوه عند صابر يا مريم.

-ايه دا انت ايه اللي جرالك.

-مافيش حادثة بسيطة وخفت خلاص، بسألك ليلي عند صابر ولا لسة ماجتش.

-حادثة ايه دي اللي تعمل فيك كده دانت متشلفط على الأخر.

يووه هو انا ناقصك انتي كمان يا مريم.

فتح باب مكتب اخيه ودلف منه كان هو يقف امام مكتبه معطي الباب ظهره، وعندما استمع إلى صوته هتف بسعاده دون أن ينظر اليه.

أهلاً حسن باشا اي ريح طيبة رمتك ألينا يا باشا، يا نهار اسود.

هكذا نطق صابر حين متفاجأ بهيئة اخيه.

-ايه اللي عمل فيك كده؟

-مافيش

-هو ايه دا اللي مافيش، ماتنطق يلا حصلك ايه انت كويس.

-يا سيدي ماتخفش انا كويس، دي خناقة بسيطة مع شوية عيال كدة وخفيت خلاص.

أوصد صابر ذراعيه حول صدره ونظر اليه بسخرية.

-كانت على تربزية اللعب طبعاً.

-لاء ماحصلش.

-لاء حصل يا صابر.

كان هذا صوت ليلي التي قد حضرت
للتو وتقف على الباب هي ومريم التي لا تفهم شيئاً حتى الأن.

ليتجه حسن نحوها ويمسكها من يدها بغضب.

-إنتِ مش بتردي على تليفونك ليه، ولما جيتلك الفندق ليه رفضتي تقابليني.

-اي سيب أيدي يا متوحش، انت فاكر اني ممكن اتكلم معاك تاني بعد الموقف اللي حطتنا فيه دا.

لتهتف مريم وهي تحاول نزع يدها من يده.

-يا جماعة حصل خير، ادخلوا جوه بس وكل حاجة هتتحل، هو في ايه.

ليتد خل صابر أيضاً ويزج الجميع للداخل بيديه واذا به يصرخ في الجميع.

-بس أخرسوا كلكم، وانتِ يا مريم اتفضلي على مكتبك يلا.

قبل أن تخرج مريم كانت ليلي تنزع خاتم خطبتها من يدها ثم وضعته أمامهم علي الطاولة وتحركت للخارج إلى مكتبها.

-خلي اخوك يحكيلك براحته، انا عن نفسي ماعنديش حاجة اقولها.

تفاجأ حسن بما فعلته وعم الحزن على وجهه، بل انه كاد ان يبكي أمام أخيه.

أشار صابر لمريم بأن تذهب وبالفعل ذهبت هي الأخرى.

-ممكن اعرف بقى ايه اللي رجعك للعب تاني، انت مش قولتلي انك بطلت.

ليبرر له حسن بشبه بكاء

-كانت سهرة تفريحي كده وهي كانت معايا ومبسوطة، بس اكتشفنا ان في واحد بيسرقنا في اللعب قلبت هي عليا ومن ساعتها وهي مش راضية تكلمني.

-معاها حق انا لو منها مابوصش في وشك تاني.

-لاء ابوس ايدك يا صابر، انا بحبها ماتخليهاش تسيبني والنبي يا صابر.

-اجمد يلااا في ايه مالك، امسك الخاتم بتاعها دا و روح ليها اتكلم معها براحة واوعدها انك مش هترجع للز.. دا تاني.

اخذ الخاتم من يده واتجه نحو مكتبها وجدها تجلس على مقعدها متصنعة البكاء.

الغبي صدق حيلتها، ليركع أمامها على ركبته ويهمس لها.

-أنا آسف يا حبيبتي حقك عليا صدقيني عمري ما اقعد على تربيزة قمار تاني.

-تقعد ولا ماتقعدش دي حاجة تخصك انت
انا خلاص مباقش ليا علاقة بيك يا حسن،

اه وبدل ما تروح تقول لباباك انك جيبتلي انا بالفلوس اللي سحبتها هدية، كنت اطلع راجل قصاد نفسك حتى وماتكدبش وتدخلني في حوار بشوية ملاليم زي ما بتقولوا معاه.

احنى رأسه أمامها بخزي وقبل يدها وقال.

-طب أنا أسف يا قلبي واطلبي كل اللي يرضيكي وان اعمله بس اوعي تسيبيني يا ليلي.

-اللي يرضيني ويخليني احفظلك على نفسك ومالك من انك تضيعه في لحظة تهور زي اللي كنت فيها دي،

انك تنقل كل حاجة بأسمك بأسمي انا، ساعتها بس انا هتطمن ليك وارجع البس الخاتم تاني.

ابتعد عنها ووقف ينظر إليها بتفكير ثم قال بتردد.

-بس دي مش حاجتي يا ليلي، دي كلها املاك ابويا.

وقفت هي الاخري أمامه واستندت بجزعها السفلي على حافة مكتبها.

-وهو انا هاخدها ليا، ولا انا ناقصني اصلاً فلوس، انا بعمل كده عشان احافظلك عليهم،.

لكن بقى لو مش عايز بلاش، بس انا مش مستعدة كل شوية الاقي حد بيقولي خطيبك خسر خطيبك باع، انا واحده بتحب المكسب ماتعرفش الخسارة يا حسن.

عقله لم يكن معه عينه كانت مرتكزة على جسدها الذي يتمايل أمامه في هدوء تام.

اقترب منها ثم لف يديه حول خصرها وبحركة سريعة كان يحملها بين يديه ويدفن وجهه في عنقها قائلاً.

-حاضر يا قلبي هتنازلك عن كل حاجة، بس عندي شرط صغير خالص.

مش عايز حد ياخد خبر بكدة.

ابتسمت له وتقبلت قبلاته بترحيب.

-حاضر يا حبيبي اكيد طبعاً دا هيبقى سر بينا.

عادت ليلي إلى حسن واليوم هو يوم فرحهم، الذي قرر فرج النغاس أن يقيمه في قصره

وطلب حسن من اخوه صابر بترجي ان يحضر هو ومريم كما دعته نور واصرت هي الأخرى على حضوره.

وحضر بالفعل رغم خوفه من ان يزعج احد حبيبته.

وبعد ان باركوا لحسن وليلي، جلسوا على طاولة وحدهم.

أمسك صابر يد مريم التي كانت مبهورة بكل شئ تقع عيناها عليه وبدء يقبلها بحب.

-مش عايزك تتغري بالمظاهر يا قلبي، كل اللي انتي شيافاه قصادك ده، صدقيني لو عيشتي فيه يوم واحد بس هتكرهي نفسك والعيشة بحالها

لتبادله هي الأبتسامة مقبلة هي الأخرى يده.

-هعمل ايه بالعيشة في القصر وانت مش معايا، انا اعيش في عشة صغيرة لو هكون معاك انت يا حبيبي.

وجاء معاد عقد القران لكن تفاجئ الجميع بالسيدة نور تقف وتمسك الميكرفون وتهتف للجميع.

-من فضلكم يا جماعة هدوء شوية لو سمحتم، انا عايزة اقول ليكم كلمة، انتو كتير منكم مايعرفنيش، واللي يعرفوني يعرف عني بس اني نور هانم زوجة مستر براد،

الست المصرية اللي بقالها عشرين سنة عايشة في أمريكا واتجوزت وخلفت هناك.

طبعاً مدام درية دلوقتي بتقول لفرج بيه، هو دا وقته الست دي تعرفنا على نفسها،

بس معلش استحمليني حبه يا حبيبتي أصل انا بصراحة عندي مفاجئة كبيرة لحبيب قلبي ونور عيني صابر.

تفاجأ الجميع بكلماتها كما تفاجؤو أيضاً صابر ومريم و وجد زوجها يربت على كتفه بهدوء ويشير إليها ليستمعوا باقي حديثها.

-مالكم ياجماعة مندهشين كده ليه هو عيب ان خالة تقول لأبن اختها يا نور عيني.

وهنا اقتربت نور برفق من صابر الذي كاد ان يغشي عليه من شدة الأندهاش.

-ايوة صابر انا ابقى خالتك فعلاً، ماكنتش بكدب على جدتك يا مريم لما قولتلها كده.

ثم توجهت بالحديث إلى فرج ووقفت أمامه مباشرةً.

-أنا نور يا فرج بيه اخت عزيزة اللي قتلتها بدم بارد ونسيت انها قبل ما تهرب من ظلمك كانت معاها اختها،

عزيزة الشريفة اللي اتهمتها زور انت والواطية دي، اتفقتو سوا عليها هي وابن عمها

يتمت ولاده ويتمت صابر الغلبان، انا بقالي تلاتة وعشرين سنه قلبي محروق على موت اختي، وهو كمان طول المده دي بيتعذب على ايدك،


كان حيلتك إيه يا فرج لما قتلت اختي، كل العز اللي انت فيه دا بفلوسها،

بس الحق رجع لصحابه عارف ازاي يا فرج،

انت حرمت صابر من كل حاجة وكتبت مالك كله لحيلة مامته حسن،

وحسن بسلامته اتنازل عن كل ما يملك ل ليلي بنتي

وبالتالي هي باعت لصابر اللي مضي على العقود من ضمن ورق الشركة من غير ما يقرا حاجة.

كده حق صابر رجع ليه، فاضل حقي انا بقى،

وحقي مش هيرجع غير بأني اخد تاري منك.

وفجأه أظهرت أمام الجميع سلاح ناري

و أطلقت نور رصاصة من سلاحها، لكنها أستقرت في صدر صابر الذي فادي والده وهو يصرخ.

-ابويا

جلس فرج به ارضاً يضمه الي صدره ويبكي.

-قوم يا صابر قوم ياحبيبي عملت كده ليه يا بني بس.

ليهمس صابر له وهو يلفظ أنفاسها بصعوبه.

-أخيراً قولتها يا بابا، ياريت دا كان حصل عشان اسمعها منك من زمان.

قال صابر كلمته الاخيرة وصمت ، لتعتلي الصرخات والأهات

لكن هل ينسدل الستار على قصته للأبد.

تمت
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي