6

دينا وقد شبكت اصبعها ببعضها : بصراحة أجل
أنا لا احب ان اركب الحافلة بسبب مثرة الركاب والمضايقات ثم تذكرت انها كثيرا ما كانت ترى وائل يقف بجانبها في الحافلة يحول بينها وبين باقي الشباب لكي لا يضايقها احد او يلمسها احد وقد كانت تظنه صدفة لا اكثر
وائل : ها ما رأيك ؟
دينا : حسنا ساخبرك برد والدي غداً ان شاء الله
صعدا في الحافلة وكل العادة كانت مكتظة بالركاب لا تكاد تجد فيها موطء قدم وقفت دينا في إحدى الزوايا جاعلة ظهرها لجدار الحافلة ووقف وائل امامها يحول بينها وبين الناس فقد كان شاباً قوية البنية عريض المنكبين ذو تعابير وجه جادة عابس قليلاً ومضت الحافلة حتى وصلا إلى مكان سكنهما دخلت دينا إلى المنزل وهي تفكر بعرض وائل وهل يليق بها ان تركب سيارة اجرة مع شاب غريب في كل يوم وهل سيوافق والدها أم هل سيكون له ردة فعل عكسية
انتظرت حتى المساء إلى حين عودة والدها إلى المنزل قُرع الباب فدخل الوالد مسلما على اهل البيت هرعت دينا إلى والدها لتستقبله وتأخذ ما كان يحمل من حاجيات المنزل انتظرت والدها قليلاً ريثما يبدل ملابسه وقامت بتحضير كأس من العصير البارد فالجو خارجا حار وجاف جلست دينا بالقرب من والدها وهي تفكر بطريقة تفتتح مع والدها الموضوع
فعاجلها والدها بالسؤال : كيف حال دراستك يا دينا
دينا : بخير يا والدي كل شيء على ما يرام الحمد لله
الوالد : حسناً وفاطمة اين هي لا اراها
دينا : إنها عند جدتي ذهبت لقضاء بعض الوقت هناك
دينا : حسنا هذه الفتاة تحب الخروج من المنزل كثيرا لا ادري لماذا
دينا : لا شيء فقط هي تحب جدتي كثيراً

نظرت دينا في الارض تشعر بتلعثم شديد مخاطبة والدها:
ابي عندي لك سؤال واريد ان استأذنك في امر
الوالد : نعم يا بنيتي ماذا تريدين
دينا : ابي انت تعلم كيف هو حال الحافلات هذه الايام اليس كذلك
الأب : اجل اعلم ولا يعجبني هذا الأمر هل تريدين ان استأجر لكي سيارة خاصة ياعزيزتي ؟
دينا نظرت متعجة وكان والدها احس بما يدور في بالها! وقالت : بصراحة يا ابي لقد تأخرت الحافلة اليوم و ذهبت للمعهد بإحدى سيارات الأجرة ولكن صعد معي شاب من ابناء الجيران اسمه وائل وهو يسكن بالقرب من هنا
وقصت عليه ماجرى في صباح هذا اليوم
استمع والد دينا إلى ابنته وهو ينظر إليها فهو يعلم صدقها ويعلم على ماذا تربت بناته ثم اجاب قائلاً : اسمعيني يا بنتي إن صعودك مع السائق لوحدك لا يجوز لما فيه من الخلوة وايضا خطر عليكي فمن يدري اي اخلاق يحمل هؤلاء السائقون وهذا ما منعني من ان اجعلكي تستقلين سيارات الاجرة بالرغم من كرهي لركوبك الحافلات لذلك إن كان هذا الشاب اميناً فلا بأس ولكن انا سوف استأجر لكم سيارة اجرة تأخذكم في كل يوم عند الذهاب للجامعة وعند العودة منها
فرحت دينا برد والدها ونهضت تقبل رأسه شكرا لك يا ابي شكرا

شعرت دينا بالحماس الشديد لكنها لم تكن تدري لماذا هي متحمسة اصلا ولم تكن تصبر حتى يأتي الصباح لتخبر وائل بعرض والدها وانه وافق
في الصباح التالي استيقظت دينا باكراً وارتدت ملابسها بعد ان صلت صلاة الفجر وتوجهت لمكان انتظار الحافلة فلم تجد وائل هناك انتظرت بضعة دقائق فوصلت الحافلة نظرت دينا إلى الحافلة وبدأت تتسائل هل اصعد ام انتظر وائل لأخبره بما قال والدي رفضت الصعود ووقفت تنتظر حضور وائل ومضت الحافلة في طريقها مسرعة مضت بضعة دقائق قبل ان يأتي وائل مسرعاً عندما رأته احست بشيء غريب في صدرها لم تكن تدري ماهو لكنها انتظرت حتى وصل القى وائل السلام وتسائل هل مرت الحافلة
دينا : اجل لقد مرت قبل قليل
وائل : ولماذا ما زلت هنا
لم تجد دينا جواباً مقنعاً له او حتى يقنعها هي فبحثت عن حجة تبرر فيها موقفها وقالت : لقد كانت مزدحمة كثيرا فلم اصعد بالمناسبة اتصلت بسيارة الاجرة وهي في طريقها إلينا
وائل : حسنا شكرا لك
دينا :ولكن قبل ان تحضر السيارة أنا التي ستدفع
وائل : طيب حسناً لا بأس
حضرت السيارة في موعدها وركب وائل بجانب السائق ودينا في الخلف وهما في الطريق سأل وائل :ماذا فال والدك هل وافق؟
دينا : اجل لقد وافقد وسوف يستأجر لنا سيارة شهرياً لتوصلنا
وائل : يستأجر ؟! لكنني لم اكن اقصد هذا
دينا : حسنا لا تغضب سنتقاسم الإيجار معاً
وائل : حسنا لا بأس

وصلت السيارة إلى أمام المعهد ونزلت دينا ووائل متجهين إلى القاعة فقد مضى ربع ساعة على بدء المحاضرة
وبدأت تمضي الايام والاسابيع وكل يوم يترافق وائل ودينا إلى المعهد ذهاباً واياباً وقد احس وائل بشيء من النجذاب نحو دينا وبدا يراقبها في القاعة وفي الطريق أحس بشيء ما يشده نحوها ويجعله يتقرب منها وقد اعجب بها فقد كانت اية في اللطف والرقة والاخلاق والتربية الصالحة
وأما دينا فقد كانت كلما تجتمع مع وائل تحس بشيء في صدرها كأنه قرصة صغيرة وبدأ هذا الشعور يكبر فجأة اكثر فأكثر واصبحت إذا رأته ينبض قلبها نبضة خفيفة ولكنها كانت تخفي ذلك تماماً فهي انثى وفي النهاية كل انثى تكون متحفظة على هذا النوع من المشاعر وخصوصا وأن وائل ايضا كان يظهر البرودة في تعامله معها بالرغم من انه ايضا تزداد مشاعره تعقيدا اتجاهها فهو لا يؤمن بالحب كثيراً ويبتعد قدر الامكان عن كل ما يؤدي اليه
وفي إحدى الايام كان قد طلب منهم الدكتور المُحاضر عملية تشريح لإحدى الحيوانات وتكوين فريق من اثنين لمساعدة بعضهم البعض فعرضت دينا على وائل ان يساعدها لأنها لا تستطيع ان تفعل هذا بنفسها ولا تتحمل هذه الامور فقلبها ارق من ذلك فوافق وائل على طلبها و كان المقرر ان يقوموا بالمشروع في إحدى قاعات المعهد المخصصة لذلك بدأ الجميع بالتنفيذ وكانت دينا كما هو حال اغلب الفتيات رقيقة القلب تشاهد من بعيد وتشعر بمزيج من الخوف والغثيان لما تشاهده
واما وائل فقد كان يتفنن في التشريح لكي ترى دينا كم هو اقوى منها واكثر شجاعة وكان يزداد ضحكه كلما رأى تعابير وجهها
كان وقتاً ممتعاً بالنسبة لها فقد كان وائل يبرز نفسه امام دينا وهي كانت تحدق به دون ان ينتبه لها وتراقيب تفاصيله عن قرب لاول مرة انتهى المشروع وتوجها إلى البيت وجلس كل منهما يحاور قلبه مالذي حدث اليوم لم تكن نبضات القلوب عادية يومها هذا وكأن خيطاً خفياً من السعادة دخل لكليهما يشدهما لبعضهم البعض
نهض وائل عن سريره وقد قرر ان يدعوها غداً لجولة في المدينة يتعرفان من خلالها على بعضهم اكثر في اليوم التالي عند انتهاء الدوام انتظرها خارجاً ليعرض عليها فكرته بالتجاول لبعض في المدينة وتناول العشاء
ترددت قليلاً في البداية لكنها قبلت بشرط ان لا يطول الامر اكثر من ساعتين وافق وائل ومضا يطوف بها بين الازقة القديمة ذات البناء القديم وبعض المعالم الأثرية ومن ثم توجهوا إلى احد المطاعم لتناول الطعام وجلسوا يتحدثون عن اهتمامات كل واحد منهم وعن احلامه وطموحاته وعن ما يحب ويكره وجدت دينا ان ايها يشبهها في كثير من الأمور التي لم تكن تظن أنها ستجد في يوم من الايام من يشاركها في طبائعها وشخصيتها مضى الوقت سريعا وهما بالعودة للمنزل وبينما هم في الطريق إذ بشخص يتعرض لدينا ويضايقها لكنها لم تلتفت ومضت فاستمر ذلك الشاب بفعلته فانتبه وائل لذلك الشاب ولم تتحمل غيرته هذا فالتفت اليه وائل وسار نحوه بغضب شديد فتحول الأمر من مشادة بالكلام إلى عراك بالايدي ودينا تترجا وائل ان يكف عن هذا
طرح وائل ذلك الشاب بالأرض وسرعان ما حضر شابان اخران فتوسع العراك ودينا تصيح وتستنجد بالجيران قبل ان يتأذى وائل أخرج احد الشباب سكيناً وطعن بها وائل في خاصرته فارتمى وائلٌ على الارض والدم يثعب منه هرعت دينا إلى وائل ترفع رأسه عن الأرض وهي تبكي تنادي لعل احد ما يأتي لنجدتهم ..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي