7

سمع احد المارة صوت فتاة تصرخ من أحد الأزقة توجه نحو ذلك الصوت فوجد فتاة تبكي وتصرخ وشاباً ملقىً على الأرض والدم قد صار كبقعة حمراء من حوله اتصل الرجل بسيارة الاسعاف لتأتي على الفور وتأخذ وائل وبرفقته دينا إلى النقطة الطبية القريبة من المكان كان وائل لا يزال مستيقظاً يشعر بما يدور من حوله لم يكن يرى سوى وجه دينا قد تحول لون وجهها الأبيض إلى شديد الإحمرار من شدة البكاء ودموعها تتساقط عليه من وجنتيها وقد اعتراها الخوف على وائل فهي رقيقة لا تتحمل أن ترى دماً أو جرحاً لم يكن بمقدور وائل أن يتكلم بأي كلمة لتهدئة دينا قليلاً فقد كان يأن من الألم وقد تحول لون وجهه إلى اللون الأصفر وبدأت عيونه تغمض شيئاً فشيئاً وهو يستسلم تدريجياً

وصلت سيارة الاسعاف إلى النقطة الطبية وقد توجه الممرضان بوائل محمولاً على السرير إلى إحدى الغرف دخلوا واغلقوا الباب وبقيت دينا في الخارج تنتظر أن يخرج أحدٌ يطمئنها عن وائل

مُدد وائل على السرير وقد علقو له كيس السيرون والدم واعطي بنجاً ريثما يتم خياطة الجرح فقد تلقى ثلاث طعنات في خاصرته وجرح سطحي في رأسه إثر سقوطه على الأرض بقوة بعدما فقد توازنه أثناء الشجار

مضى بعض الوقت ثم خرج الممرض ليبحث عن مرافق للمريض ليشرح له حالته فلم يجد إلا فتاة تجلس على أحد المقاعد بجانب الباب بعد أن خارت قواها من ما حصل معها
توجه إليها وسألها

الممرض : عفواً هل انتي زوجة الشاب ؟
رفعت رأسها من على ركبتيها وأزاحت يديها عن وجهها واجابت بعد لحظات من التفكير
دينا : نعم؟ أجل أجل ماذا حدث
الممرض : المريض بحالة جيدة لكن سيبقى هنا يومين ريثما تلتئم جراحه سيحتاج لبعض الراحة
ولكن مالذي حصل معه هل هذه طعنات سكين ؟
دينا لقد تشاجر مع احد الشباب
الممرض : إذا يجب علينا ان نكتب ضبطاً في المخفر
ربما يريد المريض أن يرفع دعوة قضائي
دينا : حسنا سأخبر أهله وهم سيتكفلون بالأمر
هل يمكنني الدخول لحجرته الأن ؟
الممرض : يمكنكِ الدخول لكن بهدوء وحاولي عدم لمس المريض من فضلك

دينا : حاضرة
دخلت دينا للغرفة المتواجد فيها وائل فتحت الباب بهدوء خشية أن تزعجه نظرت أليه وحدقت به ممدد على السرير

شعرت بالذنب وتأنيب الضمير فهو لم يكن ليصيبه شيء لو لا أنه دافع عنها وتشاجر مع أولائك الشبان بسببها جلست على الكرسي بجانبه وعينيها تدمع لقد كان هذا اليوم أجمل ايام حياتها لولا أنه حصل هذا الحادث معهم فعكر صوف هذا اللقاء الذي هو الأول
لكن المهم الأن هو صحة وائل

و بينما هي شاردة قليلاً إذ سمعت هاتفها يرن نظرت أليه اذا هو والدها يسألها أين هي فقد تأخرت عن وقتها وقد وصل إلى المنزل ولم يجدها على غير العادة
توقفت دينا للحظات ماذا ستقول لوالدها وكيف ستشرح له الأمر لكنها لم تتعود على الكذب ابداً وخصوصا على والدها فهذا ما رباها عليه وعودها على فعله دوماً مهما كانت الظروف

الوالد : دينا اين انت لقد تأخرتي عن المنزل ؟!
دينا : اسفة ياأبي كان يجب علي أن اخبرك بما حصل
الوالد : مالذي حصل ؟
دينا : انا في المشفى يا ابي اتذكر وائل الذي اخبرتك عنه لقد كنا نمشي خارجين من المعهد فاعترض طريقنا بعض الشبان وقد تشاجر معهم وائل بسببي وهو جريح ومن ثم غصت بالبكاء

الوالد : لحظة يا بنتي لا تكملي اين انتم انا في طريقي اليكم
حددت دينا المكان المتواجدين فيه لم تمضي ساعة إلا وقد حضر الوالد ليرى ابنته ويتفقد حال وائل الذي اصيب وهو يدافع عن ابنته
مضى بعض الوقت ثم استفاق وائل وبدأ يفتح عينيه بصعوبة فوجد عند رأسه دينا ووالدها يجلسان على السرير المجاور له
أراد النهوض لكن ألماً في رأسه اجبره على الجلوس سريعاً
نهض والد دينا يخفضه بيده
قائلاً : أجلس يا وائل لا تتعب نفسك
شعر وائل ببعض الخجل في نفسه ودار بباله بعض الأسئلة هل يعرف أنني كنت خارجاً مع دينا هل سيغضب مني قاطع اسئلة وائل الداخلية صوت والد دينا وهو يقول : حمد لله على سلامتك يا بني أرجو ان تكون بخير
وائل : الحمد لله انا بخير حال لا تقلق يا عم باسل
نظر وائل فوجد دينا تجلس بجانب والدها تنظر للأرض وتسترق بعض النظرات لوائل دون ان ينتبه لها والدها
باسل : لقد سألت الطبيب عن وضعك الصحي قال أنه بأمكانك ان تخرج غداً من المشفى لكنك ستبقى يومك هذا في المشفى اعذرنا يا بني فلم يكن سيصيبك هذا لولا دفاعك عن دينا شكراً لك لا ادري ماذا كان سيحدث لولا وجودك معها
شعر وائل بالخجل قليلاً من كلام العم باسل وشكرهله على موقفه الشجاع
رد وائل قائلاً : لا داعي للشكر يا سيدي هذا واجبي تجاه ابنة جارنا
نهض والدينا مع ابنته مستأذناً
عن اذنك يا بني ساخذ دينا للبيت يبدو عليها التعب وسأتي غداً لتفقد حالك وإذا احتجت شيئاً فهذا رقمي اتصل بي وقت ما تشاء ووضع كرتاً صغيراً على الطاولة المجاورة لوائل ومضى إلى المنزل لم يكن باسل راضياً بشكل تام عن خروج ابنته مع وائل لكنه رضي بالوضع الراهن وخصوصاً أنه قد اصيب بجروح بليغة بسبب شجاره مع الفتيان
مضى الليل واشرقت الشمس توجهت دينا للمعهد وقد وضعت في خططها انها ستمر على وائل لتتفقد حاله مضى الدوام الدراسي بفارغ الصبر كانت دينا تشعر بشيء غريب يدفعها للذهاب نحو وائل دقت الساعة الثانية عشر ظهراً وخرجت دينا من المعهد وفد قررت الذهاب إلى عند وائل سمعت هاتفها يرن إنه والدها
الوالد : دينا اين انتي ؟
دينا : انا امام المعهد يا ابي لماذا؟
الوالد : انا قادم لأخذكي معي سنذهب إلى عند وائل
دينا : حسنا سأنتظك امام المعهد يا ابي

شعرت دينا بفرحة غامرة ستذهب لرؤية وائل وقد اراحها والدها باتصاله
حضر العم باسل بسيارته لأخذ ابنته وتوجه إلى السوق قاموا بشراء بعض الورود والشوكولا وبعض قطع الملابس ومن ثم توجهوا إلى النقطة الطبية
استعداداً لاخذ وائل معهم إلى منزله
وصلت دينا برفقة والدها إلى النقطة الطبية وتوجهوا إلى غرفة وائل طرق الوالد الباب واستأذنوا بالدخول دخلت دينا خلف والدها تحاول سرقة اكبر كم من النظرات فوجدوا وائل قد ارتدى ملابسه وتجهز للخروج والذهاب للبيت
سُرَّ وائل برؤيتهم يدخلون وقد جلبوا بعض الهدايا

فهو يعيش وحيداً منذ سنتنين وقد احس نوعا ما بدفئ العائلة
ثم لمح دينا وهي تشير بيدها من خلف ابيها ملوحة له بالسلام فارتسمت على شفاهه بسمة صغيرة دون ان يشعر
صرخ مازحاً باسل : هل سندخل ام نبقى على الباب!!
ارتبك وائل : تفضلوا تفضلوا ياعم اهلا ومرحباً
لم يكن هناك داعي لتكلف نفسك عناء التسوق
باسل : لا تقلق إنها فكرة دينا وتنفيذها أيضاً ادخلي يا ابنتي
جلست دينا بجوار والدها وهي تنظر لوائل بخجل وهو ايضاً كان يسترق بعض النظرات لها وهو يغافل والدها شعرت دينا بأن قلبها زادت نبضاته وأما خالد فقد نسي الألم وشعر بحرارة في قلبه عندنا رأى دينا
جلسوا بضع دقائق ثم نهض باسل ليعين وائل بالمشي ليوصله بسيارته إلى المنزل
نزل وائل وتوجه إلى شقته
وقد اوصاه باسل بأن إذا احتاج شيئاً فعليه بالاتصال فقط وسيحضر باسل بنفسه لتلبية طلبه
ثم بدأت الأيام تمضي
يوما بعد يوم يزداد الحب بينهما ويزداد التفاهم بينهم إلى ان قرر وائل ان يتقدم لخطبة دينا بعد ان عرض الموضوع على دينا بداية وقد لاقى منها ترحيباً وقبولاً للأمر فهي كانت ترى فيه الشاب المثالي شاب خلوق ذو سمعة طيبة ومظهر لائق ومتعلم ومن عائلة مرموقة ايضا لكنه كان يسكن وحيداً واما اهله فيقطنون في الريف وقد امضى وائل ودينا وقتاً كثيراً قد تعرفوا على بعضهم جيداً وعلى الرغم من ذلك فهو كان حريصاً على أن يكون كل شيء بالحلال ووفقا لعادات المجتمع المحافظ الذي قد تربيا فيه وترعرعا في كنفه حضر في إحدى الليالي وائل إلى منزل عائلة دينا بقصد الزيارة فقد اصبح من الاصدقاء المقربين للعم باسل وصار كل اسبوع يرتاد منزلهم
وبدأ يتكلم وائل عن استسيات الحياة والعم باسل ينصت وكأنه يعلم ماكان يرنو أليه وائل
فسأل باسل : وانت يا ولدي الاتنوي ان تتزوج لقد اصبحت رجلاً يعتمد عليه في المواقف الحرجة وهاقد قاربت على التخرج وستعمل ان شاء الله طبيباً وإني ارى لك مستقبلا زاهرا أن شاء الله
رد وائل : بشيء من الحزن اجل يا عم ولكن من اين لي مصاريف الزواج وهذه الامور انت تعلم انها مكلفة هذه الأيام
رد باسل قائلاً : اسمع احزم امرك ولك عندي عروس
ثم سكت باسل وبدت علامات الفرح على وجه وائل فقد علم مقصد باسل من كلامه جيداً
كانت دينا تستمع لكامل الحديث من وراء الباب وقلبها يخفق فرحاً لم يكد يسعها الوقت حتى تشرق شمس الغد لتلتقي بوائل ويتكلمان عن ما دار بينه وبين والدها
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي