50

..نزلت ريان من غرفتها لتبحث عن والدتها
فاشتمت تلك الرائحة الزكية المنبعثة من المطبخ
فعلمت ان والدتها تعد طبقا رائعا من اطباقها اللذيذة،
رفعت ستارة المطبخ البنية اللون تطل برأسها نحو الداخل و تبحث عن والدتها فوجدتها في المطبخ تعد طعام الفطور و ابريق الشاي بالنعناع قد جهز
و قد جهزت بجانبها سلة من القش وضعت بها ارغفة الخبز الطازجة التي كانت قد خبزتهم منذ الصباح الباكر

لفت ريان شالها الليلكي اللون و دخلت إلى المطبخة خلسة و وقفت خلف والدتها الواقفة امام الغاز تراقب الماء ليغلي
فاقتربت من والدتها و حضنتها من الخلف ثم قبلت رأسها و اشتمت عبيرها و قالت بصوت خافت: صباح الخير يا سيدة المنزل
فعلمت هناء انها ابنتها ريان تقف خلفها فردت عليها قائلة: صباحك ورد يا ابنتي لقد اشتقت لصوتك عند الصباح


اقتربت ريان من امها و وقفت بجانبها و لفت ذراعها حول خصرها و انا اشتقت لرؤيتك في كل صباح
ماذا اعدت لنا يا امي
هناء: اعدت لك كل ما تحبينه اضافة لفطائر الجبن و الزعتر لرافع
ريان: اممم يبدو ان لديكِ احتفالين اليوم يا ام رافع
هناء: و لم لا احتفل اوليس اليوم الله قد رد لي الله ابناي و سلمهما من الشر و السوء
ريان: بلى و انا لدي احتفال لأنني عدت إلى منزلي و اخيرا لا تعلمين كم اشتقت للمنزل و جمعتكم الجميلة هذه
هناء: اذهبي إلى حوض ازهارك و اجلسي هناك ريثما يجهز الطعام
ريان: الا تريدين ان اساعدك في شيء
هناء: تساعدينني في المساء اما الان فخذي اجازة من العمل
ضحكت ريان و قالت بصوت طفولي بعد ان قلبت شفتها السفلى كالاطفال: يبدو انك مللت مني بسرعة ام رافع اليس كذلك
ضحكت هنا و قرصت ابنتها و قالت: اجل و مللت و سوف اجعل خالد يأخذك من هنا في اسرع وقت
شعرت ريان بالخجل و تلون خداها في اللون الاحمر و ضمتهم بكلتي كفيها و قالت ممازحة امها: من الاساس انا المظلومة هنا دوماً

خرجت ريان من المطبخ و توجهت إلى باحة المنزل تمشي و تتراقص فرحة بقدمها اولا بعد ان كانت تواجه خطر البتر و بأخيها رافع بعد ان ظن الحميع انه توفي و غادر الحياة

فأراها رافع قادمة نحوه فضحك و احب ان يمازحها فقال: و ها قد جنت اختي يا لسعادة حظك يا خالد
نظرت ريان لرافع عابسة و قالت: في احلامك ايها الشرير
ضحك رافع و بدأ يرشها بالماء و قال: بل قولي في احلام خالد المسكين
ريان: سيموت خالد لو اصابني مكروه
رافع: اجل سيموت من الفرح

ضحكت ريان و ركض إلى اخيها تحاول عضه كالأطفال اما طارق فقد كان يراقبهم و يشعر انهم فقدو عقولهم و هما يلاحقان بعضهما في الباحة و هم يرشون بعضهم في الماء

فنظرت ريان إلى طارق و هو عابس متجهم الوجه و قالت: و انت ايها الصغير ما لي اراك تنظر لنا هكذا!
طارق: انا انظر للسقف يا فتاة
اقتربت ريان منه و هي تتظاهر بالحزن و قالت: يااااه يا للأسف لقد اصيب اخونا المدلل بالعمى

فلم يستطع طارق ان يمسك نفسه و انفجر بالضحك اما رافع فقال: اجل اصابه العمى من جمالك مولاتي
ريان: اسكت يا رجل فأنا لا ادري من اين سنخطب لك فتاة تقبل بهذا الحمال الآخاذ

علا صوت ضحكاتهم و قهقهتهم جميعا في الباحة بينما علا صوت والدتهم و هي تناديهم كي يأتوا و يأخذوا اطباق الطعام من بين يديها

فأسرع الاخوة الثلاث إلى والدتهم و بدأوا بأخذ الطعام واحدا تلو الاخر حتى صنعوا مائدة كبيرة على الارض فيها من كل ما لذ و طاب من الاطعمة و المربيات و الاجبان و الالبان و الفول و كانت ام رافع لم تبقي نوعا و لا صنفا من المأكولات الشعبية لم تضع منه على المائدة و اكثرت من كل شيء

فتعجبت ريان من الطعام الكثير و قالت: ما كل هذا يا امي اننتظر ضيوفاً ام ماذا!


تجاهل الجميع كلام ريان و لم يرد عليها احد و ما هي إلا لحظات حتى رن جرس الباب

فنظرت ريان لاخوتها الشباب فهب طارق مسرعاً إلى الباب ليفتحه بينما كانت ريان تقف متعجبة من المر و كأن شيئا ما يجري و لا تعلم ما هو

فسمعت صوت طارق و هو يقول بفاوة: اهلا اهلا تفضلوا نورتم المنزل، يا اهلا و سهلا و مرحباّ.

فصعقت ريان عندما علمت ان احدا ما قادم و ان طارق نسي ان معهم ريان في المنزل
و اسرعت تركض إلى غرفتها فاستوقفها صوت اتى من البعيد يقول لها: إلى اين تذهبين!
مان هذا الصوت قريبا إلى قلبها و جعلها تلتفت له رغما عنها

التفت إلى الوراء بخوف فكان هو خالد خاطبها قد اتى لزيارتها و هو يقف عند عتبة الباب برفقة والديه و الجميع يحدق لريان
فتوقفت ريان و شعرت بخجل شديد و غطت عيونها من الخجل بعد ان رأت ان الجميع متفق على الامر

ضحكت هناء و ذهبت لتقف بجانب ابنتها و هي تضحك و حضنتها قالت لها: افتحي عينيكي فخذا خالد جاء لزيارتك
تكلمت ريان بصوت خافت و قالت: اعلم ذلك و لكن لماذا لم تخبريني يا امي
هناء: هيا هيا اذهبي لتستقبلي زوارك
ريان: يا ويلي سوف اموت خجلا

ضحكت هناء و دفعت ابنتها نحو خالد و والديه و وقفت ريان بوجهها الاحمر كحبات الرمان مرتبكة و مدت يديها لتصافح عمها في البداية فدخل حامد و صافح ريان ثم اكمل طريقه للداخل ثم تبعته سمر و قبلت ريان من وجنتيها مرتبكة ثم تبعت زوجها و وصل الدور إلى خالد فاكتفى بمصافحة ريان و هو يضحك بسبب منظرها و هي تشعر بالخجل و قدم لها باقة الورود التي كان يحملها و علبة الشوكولاه ثم تبع والديه نحو المكان الذي وضع فيه الطعام و مدت حوله السفنجات و الوسائد للجلوس.

و لحقت بهم ريان إلى الداخل و القت على الضيوف التحية و اسرعت نحو غرفتها متسللة بينما انشغل الجميع بالترحيب و المباركة لران بالشفاء و اغلقت على نفسها الباب و بدأت تغير ملابسها بسرعة و مشطت شعرها مثل البرق و تزينت اجمل تزيين لأجل خاطبها و استعدت مجددا للخروج إليهم،

بينما كان الجميع قد جلس حول مائدة الطعام و هم يتهامسون و يتسائلون عن ريان التي هربت و هي تشعر بالخجل
حامد: ان العروس يبدو انها خجولة جدا
رافع: لا عليك يل سيد حامد نحن لم نخبرها بأنكم قادموت من الاساس
سمر: و لماذا لم تفعلوا هذا!
رافع: انها رغبة خالد يا خالة و نحن فعلنا ما اراد
نظرت سمر إلى ابنها مؤنبة اياه و قالت معاتبة له: لا تفعل هذا يا بني فالفتاة تحب ان تكون في اجمل حالاتها امام زوجها فكيف إذا كانت في مرحلة الخطوبة
خالد: سأعتذر لها حين تعود المسكينة لقد كانت تذوب كحبة التوت

ضحكت هناء و قالت: انها ريان خجولة بعض الشيء و كما قالت السيدة سمر انها من عادات الفتيات
حامد: لن يكفي اعتذارك لها بشيء اتمنى ان تكون قد احضرت معك هدية لها لتبرير فعلتك
خالد: لم احضر و لكنني حضرت و حينما تعود سوف تعرف هي
سمر: يا لك من قاسِ يا خالد لقد اخجلت ريان حقا

في تالك اللحظة كانت ريان قد فتحت باب غرفتها و عادت مرتدية تنورة طويلة تجر على الارض خلفها و بلوزة قطنية جميلة خفيفة حمراء اللون ذات حبكة جميلة تظهر جمال و مفاتن من ترتديها

فلفتت انظار الجميع إليها و هي قادمة و مانت ريان قد سمعت كلام السيدة سمر و هي تدافع عنها
فنظر الجيمع لها بذهول و خالد بالذات كان ينظر لها و لا يصدق ما يراه من جمال و صفاء في الوجه و الملامح

فتقدت ريان و جلست بجانب امها و اشار رافع للجميع بأن يبدأوا في تناول الطعام
فبدأوا بالاكل و عيون خالد لم تكن تبتعد عن ريان و هو ينظر لها يتأمل جمالها الخارق و لباسها الأنيق

و اما ريان فكانت تسترق بعض النظرات لخالد بينما كان الجميع منشغلا عنها و كانت كلما نظرت له رأته يحدق بها مما اشعرها بالخجل منه و من نظراته
و سرعان ما انتهى الطعام و عاد الجميع إلى الخلف حامدين الله
و نهضت ريان لكي تجمع الاطباق و تأخذها إلى المطبخ
و خالد لا يزال مبتسما يتأمل ريان و ينتظرها بفارغ الصبر كي تأتي و تجلس بقربه

انهت ريان اخذ الاطباق و عادت لتضيف الجميع اكواب الشراب الذي كانت امها قد اعدته من عصير البرتقال الطازج فوصلت إلى خالد فاراد ان يأتي بها لكي تجلس بقربه فغمز لها و اخذ كأسين من الشراب واحد له و الاخر لريان كي تجبر و تعود لتجلس بجانبه،

فعلمت ما يريد و قامت بتلبية رغبته و ذهبت تجلس بجانبها و انهمك الجميع بالاحاديث بينما كان خالد يجلس بجانب ريان ممسكا يدها و يهمس لها بأذنها و هي تضحك و تحمر وجنتاها و تنكز في بطنه لكي يسكت و لا ينتبه لهم احد

و مضى الوقت و هم جلوس و الاحاديث تأخذهم يمنة و شمالا
فقد كان حامد يتكلم عن ان حفل الزفاف سيكون الاسبوع القادم و رافع يكلمه عن التحضيرات و الدعوات اما الحامتين هناء و سمر فقد جلستا بجانب بعضهما في زاوية لوحدهما يتكلمن عن اولادهما و كم يبدوان سعيدين و متوافقين مع بعضهم جدا

و فجأة نهض خالد من بين الجميع مستأذناً
فرد عليه والده و قال: إلى اين يا بني
خالد: سأخرج انا و ريان لنقضي بعض الوقت خارجاً ان لم يكن هناك مانع لدى رافع
اجابه رافع قائلا: الامور متروك لعروسك يا خالد انتم احرار فيما تريدون
ريان: سأخرج مع خالد قليلا لكي نتفسح
حامد: حسنا نحن سنتباحث في امور حفل الزفاف ريثما تعودان انتما الاثنين
ريان: عن اذنكم سأذهب لأبدل ملابسي
هناء: لا تتأخري يا ريان


ذهبت ريان و بدلت ملابسها و ارتدت جلبابها ثم عادت مسرعةً و خرجت مع خالد من المنزل و ركبا بسيارته و انطلقا مبتعدين

يتبع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي