45

.جلست في غرفتها وحيدة تشعر بالملل و الفراغ فجأة فهي لم تعتد على ان تكون كما مهملا هكذا في الحياة و خاصة في حياة محمد؛
فهو الذي دائما ما كان يمنيها و يشعرها بأن الكون بخير ما دامت عينيها الخضراوين بخير و انه لربما ستسقط النجوم من السماء و تخر على الارض إن سقطت دمعة من إحد مقلتيها و لامست خديها الجميلين

امسكت دفترها الجديد و بدأت تتصفح ما فيه من رسائل حب كانت قد كتبتها لمحمد و اخفتها حتى عن نفسها لأنها كانت خجلة جدا حتى من نفسها و جعلت تقرأ و تقرأ حتى وصلت إلى النهاية إلى اخر صفحة مكتوبة فوجدت انه لا زال في دفترها صفحتان فارغتان فقط.
فكأنما كانت دينا تشعر بأنها لازال امامها محاولة قبل ان تكتب نهاية روايتها الحزينة الاحداث مجهولة النهاية
و لم تتمنى ان تكون هذه هي النهاية فخافت ان يكون محمد قد تركها و رحل او انه فقط تعب من كثرة محاولاته في استعطاف قلبها ليناله كلمة حب او رسالة اشتياق مع بعض العطور و اوراق الورد مثلا
و لم لا يمل!
اوليس قلبه كقلبها يتعب من كثرة الحنين و يجهده الحب
فأمسكت قلمها الذي كان محمد قد اهداه لها و كتبت في الصفحة ما قبل الأخيرة: الندم.
هو هذا الشعور الذي يسيطر عليّ الان
لا لشيء يا عزيزي و لكن يبدو انني بالغت في مكابرتي فلم تبالغ انت في صبرك و اطلت في تأرجحي بين قراراتي فلم تطل انت خياطة قلبك
فهل تراك نسيتني ام انك حقا مشغول!
اتعلم انا لن ارسل لك هذه الرسالة بالتأكيد و إن حدث و وقعت في يديك على وجه الصدفة فلا تنظر في عيناي لأنك تخجلني حقا و اكتفي فقط بضمة صغيرة و عناق لا ينتهي
انا مشتاقة لك مشتاقة لرسائلك التي لا تنتهي إلا بتظاهري بالنعاس او نومك انت من شدة التعب و طول الانتظار
اشتاق ل "صباح الخير يا روحي"
كانت تلك العبارة في صباح كل يوم كفيلة بأن تجعلني امضي يومي و انا في كامل نشاطي و حيويتي
و اعتذر لأنني لم اكن ارد عليك إلا بعبارة "مساء النور"

هكذا جافة متأخرة مملة تخرج مني و تنبعث إليك
و على العكس تماما فقد كنت انت تستقبلها بحفواة و حب كبيرين و كأنها كنز ثمين

اتعلم ما المشكلة! احس بأنني قد كتبت لك هذا الكلام قبل اليوم
و لكنني على يقين بأنني لم افعل و لا ادري ما السبب الذي جعلني لا اكتبه إلا ان هذا الكلام كان يحيك في صدري منذ مدة طويلة
اخبرتك منذ زمن ان فاطمة ستكون هي الأولى و ها هو خالي اليوم يخبرني عن من تقدم ليطلب يدي
فهل تكون استثنائي الوحيد من بين كثرة المتشابهين ام ماذا!

و ها هي الصفحة تمتلئ بأسرع مما ظننت كالعادة و لا يزال في قلبي الكثير لك و لكن هذه المرة سيكون الكلام من القلب للقلب بلا حبر و لا روق

اذا لم تكن توأم روحي! لماذا يُخبرني قلبي بذلك؟
لماذا صورتك لا تمحي تفاصيلها ليالي السهر الطويلة؟ لماذا أشعر بوجودك و انت غائب كأنك معي!

أنت لم تلمس قلبي و حسب ، ولم تُعجب عيني فحسب، انت اخترقت روحي و حجزتَ مقعدك الابدي في كياني.

اذا لم تكن توأم روحي
فلماذا إذا ابحث عن وجهك في وجوه البشر؟ و أدعو لقائك ليلا عند اكتمال القمر؟ لماذا أرى كل الناس متشابهة لا شيء يميزها،
وأراك انت كنجمٍ ساطع لا شبيه لك سوى القمر!

يبدو الأمر و كأنه ضربة من الجنون،
لإنسان عاقل مثلي انسان يتحكم به المنطق قبل العاطفة، انسان لا ينتظر احد و لا يبكي على أحد، انسان محب لذاته كل الحب، لا يبحث عن من يملأ فراغاته،

سأنام الان و غدا ارجو ان تكون في دكانك فلي معك حديث مهم جدا..

اغلقت دينا دفترها و استسلمت للنوم و النعاس و اغمضت عينيها بعد ان اخفت دفتر اوراقها اسفل رأسها و نامت و هي تخطط للغد و ماذا سيكون بعده

و ماهي إلا سويعات قليلة و بدأ المنبه يرن فاستيقظت دينا من فراشها و نظرت إلى الساعة فكانت تشير العقارب إلى السادسة صباحاً
فنهضت من فراشها و غسلت وجهها و اسنانها و استعدت للخروج باكرا من المنزل فلديها خطة مهمة يجب ان تنفذها قبل ان يبدأ دوام العمل..

خرجت من المنزل مسرعة دون ان ينتبه لها احد و صعدت في إحدى سيارات الاجرة و اتجهت إلى المكان الذي يفتتح فيه محمد دكانه فكان المحل مغلقا مع الاسف
فعادات و اتجهت إلى دكان العم اسماعيل فكان مغلقا هو الاخر فشعرت بخيبة الامل و وقفت امام المحل تفكر في امرها فرأت بعص الاطفال و هم في طريقهم إلى المدرسة فاستوقفتهم دينا و سألتهم عن بيت العم اسماعيل فأجابها احدهم و اخبرها عن المكان بدقة
فمضت دينا إلى المكان الذي اخبرها به الطفل لتبحث عن محمد لعلها تلتقيه في الطريق..

وصلت إلى المكان و نظرت حولها فلم تجد سوى بناء واحد فقط يتألف من طابقين اثنين و البقية من اربعة او خمسة طوابق فأصبحت سبه متأكدة من هذا هو المكان المطلوب.

فأخذت نفسها عميقا و دخلت إلى العمارة فصعدت إلى الطابق الاول الذي هو طابق اسماعيل كما كان محمد قد اخبرها
فأكملت صعودها إلى الطابق الثاني و وقفت امام الباب
و توقفت لثانية تفكر في ما الذي اتى بها إلى هذا المكان!
و هل حقا جيد ما تفعله ام انها ترتكب خطئا قد يتسبب لها بمشاكل هي في غنىً عنها!

هي واثقة من محمد جيدا و لكن.

توقفت عن التفكير و استجمعت شجاعتها و وضعت يدها على جرس الباب و ضغطته عدة مرات
لينطلق بعدها ذلك الصوت الذي ملئ ارجاء الشقة و جعل محمد يستيقظ من نومه متعجبا
نظر إلى الساعة فكانت الساعة السابعة إلا ربعاً
فتعجب من الذي يطرق عليه الباب في مثل هذا الوقت
فنهض من فراشه على مضض و توجه إلى الباب ليرى من الطارق و فتح الباب فرأى امامه فتاة منقبة تغطي تفسها بعبائة و اسدال و لا يظهر منها إلا عينيها
فقال في نفسه إما انها دينا او انني فقدت عقلي
عرك عينيه بعض الشيء و نظر مجددا ليرى ذات الفتاة فقال مندهشا: من!
دينا: ماذا الم تعرفني يا محمد!
محمد: دينا! أهذه هي انت حقا!
دينا: اجل فما بالك يا محمد تبدو مريضا
محمد: دعك مني و اخبريني كيف وصلتي إلى هنا و ما الذي اتى بك!
دينا: جئت اطمأن عليك فقط
فقد مضى يومان و انت لا ترد على هاتفك
محمد: اسف و لكن انت تعلمين ما حدث فاعذريني
دينا: اتقصد العم اسماتيل عافاه الله لا يصح.
قاطع محمد كلام دينا و قال: عافاه! انت تقصدين رحمه الله اليس كذلك
دينا: هل توفي العم اسماعيل
محمد: اجل توفي رحمه الله
شهقت دينا و وضعت يدها على فمها و قالت: حسبنا الله و نعم الوكيل لم يكن لدي علم بهذا اقسم لك








يتبع...
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي