49

خرجت دينا من المكتب و عادت تفكر في امر ريان المريب و حامد ايضا
فحامد رجل غني و ثري جدا فما الذي جعله يزوج ابنته لريان فالظاهر عليها و على اخوتها انهم من الطبقة المتوسطة ثم انها مريضة بعدة امراض و مع ذلك فهم الان يجهزون لحفل الزفاف و لم يمضي على خروج ريان المستشفى سوى يوم واحد فقط.


توجهت دينا إلى غرفة الممرضات بعد ان حان وقت استراحة الطعام حاملة بيديها طبقين من الطعام واحد لها و الاخر لمنى صديقتها في العمل،
طرق دينا الباب و دخلت فوجدت منى لا تزال تجلس في مكانها فالقت عليها التحية و دخلت واضعة امام منى اطباق الطعام و قالت: تفضلي هذا طعامك قد وصل
منى: شكر جزيلا على اهتمامك
دينا: لا شكر على واجب عزيزتي تناولي طعامك و اخبريني ما سبب ضعفك الشديد هذا
منى: حسنا و لكن عديني ان تتحملي كلامي و تتفهمي وضعي من فضلك
دينا: تفضلي يا عزيزتي انا اسمعك
منى: انا يا دينا كنت قد تربيت بمنزل بعيد عن الله عز و جل حيث كان والداي كل همهما هو العمل فأمي تذهب من الصباح إلى عملها و لا تعود إلى الظهيرة بينما كان والدي يعمل في خطوط التصدير فيغيب عنا اياما و و اسابيع متتالية

مما تسبب لي و لأخوتي بحالة من التفلت و الانحلال فكان اخوتي بشربون السجائر و هم في سن العاشرة و لا رقيب و اما انا فكنت اقضي غالب ليامي في الطرقات اتسكع دون ان اذهب لمدرسة او ما شابه ذلك.
و مضى بنا الحال إلى ان بلغنا و صرنا راشدين فتعرفت على بعض رفاق السوء و قد كانوا من الذين يتعاطون الممنوعات..
فتعلمت ذلك الامر منهم و ادمنت و بقيت على ذلك الحال عاما كاملا دون ان ينتبه لي احد ابدا حتى جاء ذلك اليوم الذي القت الشرطة القبض علينا فيه و قد وجاهت محاكم عدة حتى تم الحكم علي في النهاية بالسجن في مصحة لمدة عام كامل و من ثم دخلت برامح اعادة التأهيل و بناء الذات.

فبعد ان ادمت تدمرت حياتي و لم اعد اعي ماذا يحدث من حولي و طردني والداي من المنزل و بعد ان شاع صيتي بين الناس انني من تلذين كانوا يتعاطون المننوعات ابتعد الجميع عني و لم يعد احد يرغب بالاقتراب مني ابدا و بثيت منبوذة اعيش في إحدى المصحات بدون اي مأوى اذهب اليه و لا من يرغب في مساعدتي حتى اتى ذلك اليوم الذي تعرفت فيه على السيد حامد كنت مريضة في احد الايام و قد سقطت في الشارع مغما عليا فقام احدهم بأسعافي إلى هذا المشفى و تم الاعتناء بي و بعد ان علم الاطباء بحالتي السابقة و انني كنت من المدمنين اخبر احدهم السيد حامد عني،

و في احد الايام اتى إلى و جلس بالقرب مني ثم عرض عليّ العمل هنا فوافقت من فوري
ثم قام بتأمين سكن لي و انا منذ ذلك الحين اعمل هنا و انا كما ترينني هزيلة و شاحبة اللون ذلك لأنني تركت الممنوعات فجأة و بدون اي تدرج فتدهورت حالتي الصحية و لكنني الحمد لله تتحسن حالي مع مرور الايام و ها انا كما ترينني بكامل صحتي و فوتي و إنما هي نوبات ضعف و خور في القوى

و تصيبني هذه النوبات كل فترة من الوقت و لكنني اعتدت على الامر و قال لي الاطباء انني سأتعافى بعد مرور عام من الان.

هذه قصتي يا دينا بكل اختصار
دينا: اتعلمين اشعر بالاسف حيالك لقد كنت ضحية الاهمال
منى: لا ادري اظن انني كنت ضحية نفسي اكثر و لكنني سعيدة بما انا عليه الان فقد اصبحت افضل من السابق بكثر و ثقتي بنفسي تزداد يوما بعد يوم
دينا: اتمنى لك التوفيق و الشفاء العاجل انت فتاة طيبة و تستحقين الافضل بإذن الله
منى: شكرا لك و لكن لا داعي للمجاملة فأنا اعتدت نظرات الناس لي على انني مجرمة و فتاة سيئة
دينا: لست اجاملك و نظرات الناس لا تعنيني بشيء ما يهمني هو قلبك و افعالك و اما الماضي فقد ذهب و لن يعود اليس كذل يا عزيزتي
منى: شكر لك يا دينا انا حقا ممتنة لك انت فتاة ذات قلب طيب و اتمنى لك التوفيق في حياتك
منى: اخبريني هل انت مخطوبة؟
دينا: بصراحة انا لا ادري
ضحكت منى و قالت: و هل هناك من لا تدري بأنعا مخطوبة او عزباء!
دينا: اجل انها انا و لكنها قصة طويلة سأحكيها لك فيما بعد..
منى: كما تريدين
دينا: ما رأيك بكوب شاي بعد الطعام
منى: و لكن من صنعي انا
دينا: دعينا نتذوقه إذا
منى: الحقي بي إلى الداخل...

دخلت دينا إلى الغرفة الاخرى و جلست تنتظر ريثما تأتي منى و معها اكواب الشاي

فرن هاتف دينا مستقبلا مكالمة من رقم مجهول
تعجبت دينا من الرقم فهو لم يتصل بها قبل اليوم
و وضعت الهاتف على اذنها فكانت صديقتها ريان
ريان: الو السلام عليكم
دينا: و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
ريان: الم تعرفيني يا دينا!
دينا: في الحقيقة لا انا اسفة
ريان: لا عليكِ انا ريان و لا اظنك نسيتي اسمي ايضا
دينا: ابدا ابدا؛ اهلا ريان كيف حالك
ريان: بخير الحمد لله كيف حالك انتِ
دينا: انا بخير الحمد لله لقد اتيت إلى المستشفى اليوم و لم اجدك
ريان: اجل لقد تم تخريجي البارحة و قد طلبت رقم هاتفك من السيد حامد لكي اتصل بك و اطمئن عليكِ
دينا: اتعلمين كنت اقول في نفسي اين سمعت هذا الصوت لكنني لم اتوقع انها انتِ
ريان: حبيبتي خفظك الله هل انت في المستشفى!
دينا: اجل انا فيها
ريان: اسمعي ما رأيك ان تأتي لزيارتي غدا
دينا: اتشرف بذلك و لكنني لا اعرف المنزل و اين يقع
ريان: لا تقلقي منزلنا قريب سأرسل لك الموقع و سوف تأتين إلى هنا بكل سهولة
دينا: هذا رائع جدا عزيزتي
ريان: اذا سأنتظر زياىتك غدا ما رأيكِ
دينا: حسنا في الغد ان شاء الله
ريان: حسنا اتركك لعملك بأمان الله عزيزتي
دينا: رافقتك السلامة

اغلقت دينا الخط فعادت منى و هي تحمل في يديها اكواب الشاي و جلست بجانب دينا
تحتسيان الشاي في فترة استراحتهما

اما ريان فنهضت من فراشها بعد ان اغلقت الهاتف لترى ماذا يفعل اخوتها
فخرجت من الغرفة لتجد المنزل قد انقلب حاله رأساً على عقب
فبعدما دخلت البارحة بصحبة اهلها و رأت المنزل متسخاً و الاحواض جافة و كل شيء فيه قد ذبل
وجدت اليوم المنزل و هو يشع نظافة و القا
و الاحواض مروية و الاشجاء منتعشة و كل شيء يلمع و كأن المنزل قد عاد لسابق عهده
فانبهرت ريان مما رأته بشد و اكملت تنزل عن السلالم ببطء و حذر و هي تنظر لأخوتها و هم في الاسفل كل منهم يحمل بيده ممسحة يجري بها في كل مكان فرحاً

يتبع..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي