28

.. كتبت دينا رداً على رسالته " محمد اين انت ؟

ارسل محمد تسجيل صوتي و هو يبكي و لا يكاد يقدر على التكلم بشيء مفهوم اصلا ..

وقفت دينا بمكانها تشعر بالفزع و اتصلت بمحمد و هي تصرخ : محمد محمد ! ماذا هناك هل انت بخير رد علي ! !

كان محمداً ممسكاً الجوال و يداه ترتجفان و دموعه تنهمر تكلم بغصة شديدة بعد محاولات جهيدة ليقدر على ان يبتلع ريقه فكان كل ما استطاع قوله : دينا دينا ... اسماعيل انه ميت ! !
صعقت دينا بما سمعت من محمد و صرخت : مات اسماعيل مات ! هل انت متاكد !
اين اين انت الان رد علي ؟

شهق محمد شهقة طويلة محاولاً استجماع ما تبقى لديه من قوة و هو يمسح بكمه عيناه و هو يقول : في المنزل دخلت فرأيت اسماعيل ملقاً على الارض لا يتكلم و لا يتنفس حتى ..

وضعت دينها على شعرها و تكلمت على عجل محمد ارسل موقعك الان بسرعة إليّ هيا

اغلقت دينا المكالمة و اتصلت بالمشفى التي تعمل فيه تطلب سيارة اسعاف إلى الحي الذي يسكن به هو ..

انتفضت من مكانها و غيرت لباسها بغضون عشر دقائق و وقفت تنتظر ان تصل الاسعاف إلى امام منزلها
تنبه إيهاب لصوت دينا و هي تنزل الادراج مستعجلة فخرج من غرفته ليرى ما يجري فوجد ابنة اخته مرتدية لباسها تهم بالخروج من المنزل فصرخ عليها ايهاب و قال : دينا دينا إلى اين انت ذاهبة في هذا الوقت المتأخر من الليل . ؟ !

التفتت دينا إلى خالها و ردت عليه صارخاً ساعود بعد قليل حالة اسعاف طارئة و لا يوجد ممرضون سأعود بعد قليل ..

وصلت سيارة الاسعاف إلى امام منزل دينا مطلقة انذارها المعروف امام المنزل فخرجت دينا مسرعة نحوها بلمح البصر و اغلقت الباب مسرعةً ..
صعدت بالسيارة و جعلت توجه السائق حتى وصلوا لعنوان محمد دخلت مجموعة الاسعاف لتجد اسماعيل ملقا على الارض و بجانبه محمد مصدوم لا يملك سوى البكاء فقط و دموعه عربون ذلك
دخلت دينا خلف المسعفين و توجهت إلى المكان الذي فيه محمد فرأته جالساً على الارض متأثر بالصدمة هرعت إليه مسرعة تهزه من كتفه و هي تصرخ : محمد محمد قم قم معي هيا .!
لكن محمداً لم يكن يستجيب لها ابدا
قامت دينا من مكانها و جلست امامه و نظرت إليه و هي تقول : محمد ما بك هيا قم اسماعيل حي و لكن قلبه قد توقف للحظات هيا الاسعاف اخذته للمستشفى ...
التفت محمد إلى دينا و نظر إليها و وجهه عابس يعلوه الحزن دون ان يتفوه بأي كلمة
وقفت دينا و نظرت إليه محتدة النظرات و خاطبت محمد بنبرة قاسية و قالت : هيا قم خذني إلى المستشفى منذ متى اصبحت بهذا الضعف الرجل حي و ها انت لم تعد تسطيع الوقوف فماذا تريد مني ان افعل انا
نظر محمد إلى دينا و قد اثرت فيه كلماتها
وقف على قدميه و اشار بيده على الطاولة و نظر إلى دينا و قال لها بصوت خافت : احضري المفاتيح عن الطاولة ..
خرج محمد إلى خارج الشقة و لحقت به دينا تهرول خلفه حاملةً المفاتيح القت بهم بيدي محمد و صعدا بالسيارة متوجهين إلى المشفى الذي تعمل به دينا مضت الدقائق ببطئ شديد و محمد يقود السيارة باتجاه المشفى صمت كئيب و نظرات ثابتة لا همس و لا كلام ..
وصلت السيارة إلى امام المستشفى فنزل محمد و نزلت معه دينا و توجها إلى قسم الاسعاف و جلسا في الممر ينتظرون ان يخرج الطبيب من غرفة العناية المركزة لعل خبراً ساراً يأتيهم من الداخل مضت الدقائق و الساعات و لا اخبار ابداً عن اسماعيل لا زال الاطباء في الداخل و يبذلون قصارى جهدهم في انقاذه و انعاش قلبه الضعيف ...
اذن الفجر و و بدأ الضوء في الطلوع فنهضت دينا إلى المصلى الخاص بالنساء توضأت و جلست تصلي الفجر و تدعو بالشفاء لأسماعيل و ان يربط الله على قلب محمد ة يصبر فؤاده عند محنته هذه ...
قام محمد و لحق بدينا ليصلي الفجر في الموضأ الخاص بالرجال صلى فرضه و جلس يدعو و يبتهل و يقرأ القرأن راجياً من الله ينظر لإسماعيل بالشفاء العاجل
نهضت دينا من مصلاها و ذهبت إلى امام حجرة العناية المركزة تنتظر احد الاطباء للخروج إليها
امسكت مصحفها الصغير و جلست تتلو القرأن على امل ان الله تعالى يساعد اسماعيل في وعكته الصحية هذه . ..
و ما هي إلا دقائق معدودة حتى خرج الطبيب من غرفة الاسعاف لتهب دينا نحوه و تسأله عن حال اسماعيل الصحي
رد عليها الطبيب قائلاً : الحمد لله استطعنا الحفاظ على النبض بأعجوبة و لكن حالته حرجة جدا جداً و بصراحة يحتاج معجزة طبية لإكمال حياته ...
دينا : ارجو له ذلك ..
شكرا على جهودكم حضرة الطبيب

عادت دينا إلى محمد تتفقده في المصلى فلم تجده هناك بحثت عنه فلم تجده
توجهت إلى خارج المستشفى فوجدته جالساً خارج المستشفى شارد الذهن
توجهت نحوه و جلست بجانبه مدت يدها تريد ان تضعها على كتفه فلم تستطع ..
ليست معتادة على ان تصافح او تلمس احداً مهما كان الوضع
جلست بجانبه على درج المستشفى و شبكت اصابعها ببعضهما و تنحنحت ثم خفضت صوتها قائلةً : محمد ماذا بك لماذا انت يائس هكذا ؟
نظر محمد إليها نظرة سريعة يعلوها البؤس و الحزن ثم رد الطرف عنها ينظر للسماء و قال : و أسفاه يا دينا أكلما اتى الزمان لنا بخليل تخطفته يد الردى من بين ايدينا ؟ !
دينا : اهدأ يا محمد و وكل امرك لله لم اعهدك يؤساً هكذا
اسمع لقد كلمت الطبيب قبل قليل و قال لي انه اسماعيل بخير و قلبه عاد لضخ الدم من جديد و كل ما يلزمه الان هو بعض الراحة لا اكثر ..
تنهد محمد و اخرج نفساً كان عالقاً بصدره و قال لها : اتمنى ذلك يا دينا انا حقاً اصبحت احس بأنه و الدي الثاني لم اعد اتخيل العيش بدونه
دينا : هل نسيتني هل نسيت دينا ام انك لا تثق بها !
محمد : اتعلمين لقد كان اول من نظر إليّ و اعانني في هذه البلاد الموحشة لن انسى كيف فتح لي ابواب منزله و ظل يساندني و يمدني بالمال حتى غدوت على الحال الذي ترينه ...

لقد فعل كل ما يستطيع ان يفعل شخص شهم مثله
انا حزين لأنه كان مريضاً و انا كنت مشغولاً عنه لم اوفيه حقاً يا لي من ولد عاق ناكر للجميل ..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي