22

نهضت الجدة و توجهت إلى غرفتها لتؤدي صلاتها بينما بقيت دينا لتجمع الاطباق و ترتب المطبخ قليلاً انهت عملها و توضأت هي الاخرى لتذهب إلى غرفتها وتصلي فرضها ...
فتحت باب الغرفة فتنبهت لصوت الهاتف يرن نظرت إلى هاتفها فرأت بضعة رسائل من محمد يقول فيها ...
" مرحبا لقد قمت بقرأة الرسالة و لقد كانت جميلة جداً ذات احساس مرهف و كلمات رائعة اتسائل من اين تأتين بتلك التعابير إنها اشبه بلقط الجمان كل كلمة منك بالنسبة معجم من الاحاسيس ينتابني الجشع شيئا ما حيال المزيد منها ظللت نصف ساعة اقراء تلك القصاصة الورقية الصغيرة "
لا تعلمين كم تمنيت ان لا تنتهي كلمة وقعت عيني على نهاية السطر تنمى قلبي سطرا اخر جديداً تمنيت ان لا تنتهي ... "
هذا عن رسالتك أما عنك انت فلنا حديث طويل اخر لا ينتهي و ااني اشعر ان اموري ستنتهي معك على خير "
لكن كل ما علي هو ان اصبر و ان لا اتهور فمن اراد حلاوة العنب صبر على مر الانتظار و لكن ادعوك انت ان تكوني اسرع استجابة و اقوى قلبا فقط لا اكثر ... "
" بالمناسبة توقعت ان تكون الرسالة مكتوبة بحبر سري كما يميه الناس اتعلمين احببت ان اكتب لك ايضا لكنني اعلم ان ذوقك اعلا بالكتابة فاحب ان ارى رسائلك فقط .. "
" طاب يومك و سلمت يداك .. "
محمد .

انهت دينا قرأة الرسائل و شعرت بفرحة غامرة ملأت ارجاء فؤادها سعادة و دفئاً و ارتسمت على وجهها ابتسامة ساحرة من دون ان تشعر بها ...
نظرت فرأت نفسها بالمرأه صدفة ..
لقد مضى وقت طويل لم تجلس امام مرأتها كما كانت تفعل في الماضي وضعت يدها على خدها تتحسسه و تنظر في المرأة متعجبة هل هذه هي انا حقاً . !
ما بال وجهي يبدو منيراً و زاهي اكثر من العادة !
لطالما كنت اراه شاحب اللون جاف الملامح خالي المشاعر إن استثنينا الحزن و الكئابة . ..
لربما هي الابتسامة تفعتل كل هذا !

تقدمت دينا و جلست امام مرأتها تحدق في ملامحها و تتبسم و هي تقول " حق له ان يحتال عليَّ ليراني و هل سيصبر على ان لا يسترق نظرة لي .. !

هذا الوجه الجميل امرضه طول الحزن و كثرة الأنين اما ان له ان ينعم قليلا ببعض الراحة
و لا سبيل لراحته إلا بأمر واحد ..

تذكرت دينا صلاتها فقامت من مكانها و ارتدتت لباس الصلاة الخاص بها و افترشت سجادتها و توجهت نحو بيت الله الحرام و صلت ما شاء الله لها ثم جلست بعد ان انهت صلاتها تتلو بضعا من ايات القرأن ...
فسمعت هاتفها يرن مجددا ..
اغلقت المصحف و نظرت إلى الهاتف فإذا هو ايهاب يتصل بها
فتحت الخط و ردت قائلة
اهلا خالي
ايهاب : كيف حالك يا دينا اين انت !
دينا : الحمد لله انا بخير
ايهاب : انا عند المكان الذي التقيت بك عنده البارحة
دينا : ياااه اسفة يا خالي لقد اتيت إلى المنزل باكرا اليوم و نسيت ان اخبرك بذلك ايضا
ايهاب : لا بأس المهم انك في المنزل و بخير
دينا : اجل اجل انا في المنزل
ايهاب : حسنا انا في طريقي اليكم هل تحتاجون شيئاً من الخارج
دينا : لا لا داعي لشيء نريد سلامتك فقط ..
ايهاب : حسنا القاك هناك اذا ..
دينا : مع السلامة يا خالي
اغلق ايهاب الخط و اكمل قيادة سيارته نحو المنزل يفكر بطريقة يخبر بها عائلته ان عمله قد توقف لفترة غير معلومة الاجل هو لا يريد ان يشعر بنات اخته انهن عبئ عليه و لكن ايضا لا مناص عن اخبارهن ايضا ..

اما دينا فقد عادت لتجلس امام مرأتها و تناظر لنفسها تتأمل شكلها بالحجاب ..
تذكرت امر فاطمة و ما الذي عليها فعله في هذا الخصوص فكرت قليلا فرأت انها لو اجبرتها على شيء ما هي لا تريده فلربما ستكون فاطمة اضعف و ستنجر بطريق غير محمود العواقب و لربما ستظل تقابله مع مزيد من الحذر دون ان تستطيع دينا ان تراقبها مستقبلا ..
فقررت عدم جدوى المواجهة المباشرة بل تركتها ترى بنفسها عواقب ما تفعله و المصي بما بدأته و بجعلها متوترة اغلب الوقت و خائفة من ان دينا قد تكتشف الامر ..

وصل أيهاب إلى المنزل فدخل و نظر فلم يجد احداً فنادى على دينا فلم تسمع ندائه
عاد و نادى على فاطمة عدة مرات فسمعت فاطمة نداء خالها فانتابها الذعر من جديد اطلت برأسها من باب غرفتها و هي تنادي لترى إن كان حقا يريدها فهتفت قائلة : نعم يا خالي انا هنا في الغرفة
ايهاب : تعالي تعالي اريدك بامر ما ..
اشتد خوف فاطمة مما سيحدث ارتدت خفها و نزلت مسرعة إلى حيث يجلس أيهاب نظرت اليه من بعيد كان يجلس على الاريكة متمدداً فاقتربت نحوه و سلمت عليه
فرد ايهاب : اهلا فاطمة تعالي ادني مني اريدك في امر مهم ..
توالت الشكوك في رأسها و تزايد الخوف الذي يعتريها ..
تقدمت فاطمة على مهل و هي تشبك كفيها ببعضهما و تخفض راسها إلى الاسفل و نظرت إليه قائلة بصوت خافت خجول : نعم يا خالي ماذا هناك !
أيهاب : اريد ان اكلمك بأمر لكن لا تخبري به دينا او جدتك اتفقنا ..
تسارعت دقات قلبها و استعدت للصفعة التي ستهوي على وجهها من خالها فاغمضت عينيها باللا شعور
و ردت بصوت يكاد يكون همسا : نعم يا خالي
لسوء الحظ لم يكن ايهاب ينظر لها ويرى تعابير وجهها فاسترسل في صمته بضعة لحظات و فاطمة يكاد قلبها ينخلع من الخوف ..
قطع ذلك الصمت الطويل يد ايهاب و هي تمتد على رأس فاطمة لكي تمسح على رأسها و هو يقول انا حاليا بدون عمل يا حبيبتي لفترة من الوقت لكنني لا اريد لجدتك ان تعلم لذلك سوف نمثل تمثيلية صغيرة انا و انت عليها اتفقنا ! ؟
فتحت عينيها المغلقتين و هدأ قلبها بل كاد يهبط من مكانه عندما سمعت كلام خالها و حاولت ان تتدارك الموقف فردت عليه قائلة : تحت امرك يا خالي و لكن اخبرني ماذا حدث ؟ !
ايهاب : لا شيء ! مجرد مشاجرة صغيرة المهم لا نريد ان تعلم جدتك انني تركت العمل انا اعلم انها سوف تشعر بالضيق و الهم اخبرتك انت لأنني اعلم ان عقلك راجح
فاطمة : كما تريد يا خال

رُن جرس الباب مؤذنناً بقدوم زوار فذهبت فاطمة لتفتح الباب و دينا ترلقبها من الدور العلوي امام غرفتها .
فتحت فاطمة الباب لفاجئ بيوسف واقفٌ امام الباب ...


يتبع ..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي