9

تناول خالد كوب العصير و همس لها : شكراً سلمت يداك
و اكملت دينا توزيع العصير ثم جلست على إحد الارائك و هي تحدق في الأرض و قد أحست ان عقارب بدأت تتباطئ شيئاً فشيئاً و الجميع يحدق بها من اخمص قدميها إلى أعلى رأسها و والد خالد يسألها عن احوالها و اخبارها و عن هواياتها و هل تحب شيئاً معيناً من سكن أو ملبس أو طعام كانت اجابت ريان تنم عن تواضع و رضاً بما يقسمه الله لها فهذه تربية والدها التي رباها عليها منذ صغرها أعجب الوالد باخلاق ريان و تربيتها اقترحت ام طارق أن يتركوا ريان و خالد بمفردهم لبعض الوقت ليتعرفوا على بعضهم قليلاً ذهب الجميع إلى باحة المنزل و بقي خالد و ريان يجلسون بمفردهم قليلا من الوقت نظرت ريان إلى خالد فرأت شاباً جميل المحيا صاحب هيبة ظاهرة ذو لحية خفيفة وقد شع وجهه بجمال ملائكي صافي ضخم الجثة فقد كان يرتاد النادي الرياضي ذو شعر اسود ناعم و عينين بنيتين فتلاقت نظراتهما ببعضهما البعض فأشاحت بناظريها عنه فقد حان دوره فرأى فتاة ممشوقة القامة بيضاء البشرة ذات عينين رماديتين و وجه مضيء يظهر عليه تعابير الخجل و الحياء ووجنتين حمراوين يعلو كل ذلك نظارتها البريئة برموش طويلة سوداء اللون لم تكن قد وضعت مساحيق تجميل ابدا فهي تحب ان يراها على طبيعتها تاق لسماع صوتها من جديد فنطق بعد صمت طويل
وائل : كيف حالك يا ريان ؟
ريان : انا بخير شكرا لك
كيف حالك انت يا خالد
خالد : انا بخير ايضا شكرا لك
حدثيني عن نفسك
ريان بتلعثم قليلاً : أنا ! بصراحة لا ادري ماذا اقول
خالد : حسنا لا بأس ماذا تحبي ان تعرفي عني
ريان : حسنا كم عمرك
خالد : عمري سبعة وعشرين عام
ريان : هل تحفظ شيئا من القرأن
خالد : احفظ نصفه و انا مسجل في دورة لأكماله في نهاية هذا العام
ريان : هل تدخن
خالد: لا
ريان : حسنا حان دورك
خالد : حسنا
كم عمرك
ريان : عمري ٢٤
خالد : هل تحفظين من القرأن
ريان : نعم كاملا
خالد : ماشاء الله وماذا تلبسين خارج المنزل
ريان : عبائة واسعة وحجاب
خالد : جميل جدا

مضى الوقت سريعاً بينما يتحدثان بكلمات قليلة قاطعهما نداء والد خالد ليرحلوا فقد تم الأمر و حان وقت الذهاب ودع خالد ريان و مضى يلبي نداء والده و ٣اما ريان فقد وقفت لتذهب إلى غرفتها بعد هذا الحوار
خرج الضيوف ومضوا في طريقهم ولا تزال صورة ريان مرسومة في بال خالد لقد دخلت قلبه بسرعة لم يكن يتوقعها كان كل ما يفكر فيه هو ان متى سيكون موعد اللقاء التالي ومتى سيراها مجدداً

وأما ريان فقد كانت سعيدة جداً بأننها رزقت بذلك الشاب الكامل الصفات ربما كانت هذه ثمرات دعواتها ولعل الله قد استجاب لها
واما دينا فقد كان لها حال اخر فقد كانت ترفض الزواج رفضاً لا رجوع عنه على امل ان يعود خطيبها الغائب
ذهبت الجدة لتخبر ابنها ايهاب برفض دينا عرض الزواج مهما كان وانها لازالت على عهدها القديم تنتظر وائل
عادت فاطمة من الجامعة وقد قدمت امتحانها الثاني دخلت إلى غرفتها لتبدأ المذاكرة للأمتحان القادم سمعت فاطمة طرقا على باب غرفتها إنها الجدة تستأذن بالدخول

الجدة : فاطمة هل انت بالداخل
فاطمة : اجل يا جدتي تفضلي بالدخول
دخلت الجدة وجلست في جوار حفيدتها تسألها عن احوال الاختبارات واخبار الدراسة
فاجابت فاطمة : بخير يا جتي كل شيء على ما يرام اطمئني
الجدة : حسنا يا بنيتي ارجو ذلك ولكن هل تكلمتي مع اختك دينا في هذا الاسبوع ؟
فاطمة بصراحة ليس كثيراً يا جدتي لماذا؟
الجدة : بصراحة يا بنيتي لقد سأل احد الشبان خالك ايهاب عن اختك ويبدو انه يريد خطبتها
فاطمة : حقاً هذا رائع
الجدة : رائع ولكن ليس بالنسبة لأختك
فاطمة : ولماذا الا تريد الزواج
الجدة : يبدو انها لا تريد
فاطمة : و لماذا هذا التعنت
الجدة : لا ادري ولكن يبدو ان لديها سبباً وجيها للرفض بهذا الشكل.
فاطمة : وما الحل هل ستتركونها هكذا؟
الجدة : بصراحة لا اعرف لقد جئت اليك لعلك تقنعينها او على الاقل تعلمين منها ما هو سبب رفضها للزواح
فاطمة : حسنا لا بأس غداً هو يوم عطلة سأنتظر حتى صباح الغد واكلمها علنا نتوصل معها إلى حل لهذه المشكلة
ولكن ياجدتي هل الشاب يليق بدينا ؟
الجدة : حسنا سأنتظر حتى يوم غد على كل حال لقد امهلتها ثلاثة ايام ولكن ماذا تقصدين بكلامك يليق بدينا
فاطمة : اقصد ان دينا فتاة مثقفة ولها طموح في الحياة وهي على حالها الأول انعزالية قليلا عن الناس وانتي تعلمين رأيها بالحجاب وبعض المسائل الدينية يعني المفروض ان يكون الشاب يتقبل هكذا اطباع
اليس كذلك ؟

ضحكت الجدة حتى بدت نواجذها وقالت في ابتسامة عريضة : ما كل هذا يا بنيتي
لا تقلقي الزواج سوف يغير اطباع كثيرة في دينا ولكن عليها ان توافق في البداية
فاطمة : حسنا اتركي الامر لي سيكون عندي غدا حصة في علم النفس مع اختي و غاصت بضحكتها
وقفت الجدة و ربتت على كتف حفيدتها حسنا يا فاطمة ساعتمد عليك
فاطمة : لاتقلقي سافعل ما بوسعي
الجدة : حسنا اتبعيني لنحضر الغداء هيا
فاطمة : يااااه ياجدتي انا متعبة جدا من الطريق والسير
الجدة : هيا ايتها الكسولة تعالي
فاطمة حسنا اعطيني دقيقة لأبدل ملابسي و اتبعك
الجدة : حسنا لا تتأخري
مضت الجدة إلى عند ايهاب لتتكلم معه قليلاً حول موضوع دينا
وجدته يجلس في غرفة المعيشة يشاهد التلفاز فاليوم السبت عطلته عن العمل
جلست الجدة على الاريكة و اشارت إلى ايهاب ان يقترب فهي تريد ان تكلمه همسا بحيث لا يسمعهما احد
اقترب ايهاب من امه
ايهاب : تفضلي يا امي انا اسمعك
الجدة : اسمع يا بني دينا ترفض وانا بصراحة لا اعلم السبب هل تظن انها... وسكتت الجدة
ايهاب : انها ماذا ؟ تكلمي يا امي
الجدة : لا شيء هل تظن انها معجبة بأحد ما ؟!
ايهاب : من دينا لاااا لا اظن هذا لماذا تظنين هذا
الجدة : لا ادري يا بني استغرب من رفضها ولا اجد تفسيرا منطقيا لرفضها القاطع
ايهاب : كيف لم تسأليها لا نريد ان نظلمها او نجبرها على شاب لا تريده
الجدة : بصراحة لم يكن يخطر ببالي هذا حين كلمتها لكن انا امهلتها ثلاثة ايام وربما اسألها عن اذا كانت معجبة باحد معين
ايهاب : حسنا يا امي ولكن لا تضغطي عليها
الجدة مبتسمة وهي تمازح ابنها : لاتقلق هل ستعلمني كيف اتكلم
ايهاب : لا لا العفو يا حجة ولكن اين الغداء انا اتضور جوعا
الجدة سوف يجهز بغضون ساعة قم وبدل ملابسك ريثما يجهز الطعام
مضت ساعة وكان الطعام مصفوفا على المائدة والجميع قد حضر ما عدا دينا كانت لا تزال تكتب فصول قصتها التي هي اشبه بالمذكرات
صعد ايهاب إلى غرفة دينا وطرق الباب فلم تجب كانت شاردة وهي تنظر للعصافير من النافذة وهي تكتب في سطور صفحتها طرق ايهاب مجددا مناديا على دينا : هل انتي هنا دينااا
تنبهت دينا لصوت خالها : اجل ياخالي تفضل عقدت جبينها ظنا منها انه جاء ليكلمها بشأن الزواج لا اكثر لكنه فاجئها بقوله :
تعالي يا دينا لقد برد الطعام
دينا : حسنا انا قادمة
ذهبت دينا برفقة ايهاب لتناول الطعام و بينما تاكل دينا الطعام إذ بهاتفها يرن في جيبيها مستقبلاً بضعة رسائل نظرت إليه باستغراب فقلما تتلقى رسائل نصية في هذه الأيام
إنه محمد يرسل لها بالتحايا و يسألها عن حالها و اخبارها عادت دينا لتكمل تناول الطعام بعد ان اغلقت هاتفها فقد لاحظت ان الجميع ينظر لها و كأنما يراقبونها و يراقبون تعابير وجهها ظناً منهم ان شاباً ما قد دخل حياتها بدون ان يشعر احد
فاطمة : لماذا لا تردين على هاتفك يا اختي
دينا : لا داعي لذلك الان سأرد بعد انتهائي من الاكل
فاطمة : حسنا كما تريدين يا فتاة
انهى الجميع تناول طعامه وتوجه كل منهم إلى غرفته باكرا فقد كان اخر يوم في الاسبوع و الجميع متعبون يريدون قسطاً من الراحة
صعدت دينا إلى الأعلى متوجهة إلى غرفتها وامسكت الهاتف لتنظر ماذا يريد محمد
دينا : اهلا محمد مساء الخير
كيف حالك
محمد : اهلا دينا انا بخير كيف حالكِ انتِ
دينا : بخير شكرا لك اسفة لقد تاخرت بالرد عليك كنت اتناول الطعام فقط
محمد : لا بأس خذي وقتك
هل انتِ متفرغة الان ام يشغلك شاغل ما ؟
دينا : لا لاشيء عندي باستثنا الكتابة
محمد و قد بدى عليه علامات الاستغراب: الكتابة؟!
دينا : اجل اعمل على كتابة قصة قصيرة عن بعض محطات حياتي مارأيك ؟
محمد : هذا رائع ولكن لم اكن اعلم انكِ مِن مَن يحبون الكتابة و الروايات

جال في خاطر دينا ان تكتب له ومنذ متى يهمك امري و ما احب و اكره لكنها لم تفعل و اكملت الكتابة

دينا : بصراحة لم اكن كذلك لكنني بدأت في هذا الشهر و احببت ان ادون بعض الصفحات ما رأيك ؟!
محمد : رائع جداً هل يمكنني قرأة بعض منها
دينا : حسنا ليس هناك مانع سارسل لك نصاً اريد ارفقه فيها
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي