9

" اممم ، مرحباً ماما ، انتِ لم تجيبي عليّ ، لذا أظنُّ أنّك لستِ بالمنزل ، و اعتقد أنّ الجميع قد خرج أيضاً ،
حسناً ، أنا آسفة ، لقد قلتُ أنني لم أعد أريد رؤية وجهكِ بعد الآن ، و أني كرهتكِ ، و ذلك لأني كنت غاضبة ، لكن هذا لا يعني بأنّك لم تخطئي ،

لكني تفهّمت الأمر فيما بعد ، لأني أعلم أنكِ لم تريدي إيذائي ، بل فعلتِ ذلك بدافع خوفكِ عليّ .

و مع هذا لم يكن عليكِ الاتصال بليام في ذلك اليوم ....

ماما ، أنا لم أعد تلك الطفلة الخُدّج ، التي كانت بحاجة لعنايتك ، و رعايتك طوال الوقت ،
أرجو أن تكفّي عن الاهتمام المفرط بي ،
اتفقنا ؟ ...

شيء آخر ماما ..... ، أنا أحبك . "

و هكذا أنهت روز رسالتها الصوتية ، كانت كلمة " ماما انا أحبك " أجمل شيء سمعته إيلا منذ زمن طويل ،

و تذكّرت روز التي ولدت قبل أوانها ، فكانت بوضع غير مستقرّ لفترة ،

تذكّرت إيلا نفسها ، عندما كانت تراقب أنفاس روز طوال الليل دون أن تنام ، و هي خائفة من أن يُصيبها مكروه ، فقد كانت هشّة لأبعد حد ،

حتى أنها لم تسمح لأليكس بحملها ، إلا بعد أن تحسّنت صحتها ....

كانت أسعد ما يكون بعد أن اتصلت بروز ،
و على الفور خطرت لإيلا دعوة عزيز لها بأن تتحسن الأمور بينها و بين ابنتها ، و حصل ذلك بالفعل ، و أحسّت أن ما حصل كان بتأثير دعواه ، فشعرت بالامتنان له .

أرادت أيلا أن تتأكد أنّها لم تكن تهلوس بتأثير ألم رأسها ، كما اشتاقت لسماع صوت روز كثيراً ، فقامت بالاتصال بهاتف روز الخلوي بسرعة ، عندها كانت روز ذاهبة إلى الجامعة .... ،

إيلا : لقد سمعت رسالتك حبيبتي ..... ، و أنا آسفة حقاً ، أردت الاعتذار منكِ حقاً ...

روز : لا عليكِ ماما ، لم أعد متضايقة ....

إيلا : كلا ، الأمر ليس كذلك ، أنا أشعر بالأسف لأني لم احترم مشاعرك ...

روز : لننسَ هذا الآن ....
في الحقيقة ، أنا قلقة عليكِ ، أقصد ... بخصوص ما قلتيه قبل أيام ، هل صحيح أنّكِ حزينة جداً ؟
......

في هذا الموقف بالذات بدت روز و كأنّها الأم ، و إيلا هي الابنة .

إيلا : لا يا عزيزتي ، كيف أكون حزينة ، و أمتلك ثلاث أطفال رائعين ، قد ربيتهم ؟ .

روز : قصدت علاقتكِ مع بابا ....

لم تملك إيلا غير قول الحقيقة ، فلا داعي للتظاهر .

" لقد مضت سنين طوال على زواجي أنا و والدك يا ابنتي ،
ليس من الغريب أن يقلّ عشقنا لبعضنا بهذا الشكل . "

روز : أعتقد أنني قد فهمت .

مع أنّ روز لم تكن مقتنعة بكلام أمها ، إلّا أنهما أغلقا الموضوع .

و بعد أن وضعت إيلا سماعة الهاتف ، جلست تفكّر بالحبّ ،

" لكن كيف لي أنا المجروحة من الحبّ و المتأذية منه ، أن أعود للتفكير في خوضه ثانية ، لا اريد أن يخيب أملي ، إذ إني لا أجرؤ على ذلك ، و أعدُّ ذلك خطراً عليّ ،

أتعجّب كيف يستطيع عزيز ساراي ، و أمثاله السفر إلى مختلف أصقاع الأرض المجهولة ؟ ! ،

إذ إن عالماً غامضاً ، لا يمكن التنبؤ بخباياه ، يجعل أناساً يبرحون بيوتهم ، ولا يفارقونها ،
و يجعل أناساً آخرين  - مثل عزيز -  شديدي الفضول لمعرفته و استكشافه ، و استطلاع حقيقته ،

بصراحة أنا لم أجرؤ أن أسأل أليكس أين كان يقضي الليالي الماضية ، بحجّة أنني أظنّه يقوم بعمل جراحي ما ، لأحد مرضاه ، أو لديه مناوبة في المستشفى ،

و بالتأكيد حتى حتى هو يتساءل ، عن نوع الزوجة التي لا تكترث أين يقضي زوجها الليل خارج المنزل ، لكني لا أمتلك الشجاعة لهذا الأمر بعد ، أن اواجهه وجهاً لوجه ، بحقيقة خيانته ،

و بما أنّني لم ألمّح له عن شكوكي ، و لا أحد من المعارف ، أو الأصدقاء يعلم طبيعة علاقتنا ، سهّل علينا هذا تحاشي الموضوع ،

و لا أعلم تماماً كيف استطاع اخفاء أمر مساعداته الشابّات  ،
فلقد بدا واضحاً أنّه يدير أمر علاقاته بهدوء و ذكاء ،
لكنَّ للخيانة رائحة واضحة حقاً ، لم يستطع إخفاءها

و دون أن تنجز إيلا عملها المنزلي المعتاد ، و دون أن تكترث لآلامها ، بدأت بكتابة رسالة لعزيز :

سيد عزيز

لقد قرأت رسالتك اللطيفة من تلك المرّة ،
و أودّ أن أخبرك أنني ممتنّة ، فقد اسعدتني رسالتك ذلك الوقت ، و خففت شيئاً من العبئ في داخلي ،
بالإضافة أن دعواتك لي قد استُجيبتْ حقاً ،
تصالحت مع ابنتي اليوم ، و أخبرتني أنّها تحبني ، و لم تعد غاضبة ،

لقد كنت محقاً في الأمرين الذين ذكرتهما ،
فأنا إما أن أتدخّل في شؤون من أحبّهم ، أو أنني أشعر بالعجز تجاه تصرفاتهم بحق ،

لكني و بكلّ حال ، لم أمارس الإذعان من قبل ، و لا أظنُّ أنني استطيع أصلاً ،

لكني أردت أن أخبر بهذا حقاً :
لقد تحسّنت الامور بيني و بين ابنتي على نحو مفاجئ ، بعد أن قررت ألّا أتدخّل بشؤونها بعد الآن ،
لذا أنا أدين لك بشكر ،

كنت أتمنّى أن أدعو من أجل شيء أردته أنتَ أيضاً ، لكن لا أعتقد أن دعواي لك ستستجاب .

من نور ثامبتون :
إيلا  .

.....
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي