35
" ايلا "
نورثامبتون
سيد عزيز
سوف أقول لك شيئاً ، و قد تعتقد أنني مجنونة ،
لكن أخبرني ،
هل انتَ شمس ، إم أنّ شمس هو أنت ؟
مع تحياتي
ايلا
.......
ايلا العزيزة
لقد ذكرتني بما قاله لي السيد وايل ذات مرّة ،
فقد قال أننا حتى لو وحدنا شخصاً مثل شمس ،
فأين سنجد شبيهاً للروميّ ؟ ! .
اتمنى ان تكوني بخير
عزيز .
........
العزيز عزيز
من قد يكون السيد وايل هذا ؟
مع تمنياتي
ايلا
......
ايلا العزيزة
سألتني عن السيد وايل ،
أنها لقصة طويلة حقاً ، فعل لا زلتِ ترغبين بمعرفتها ؟
تحياتي
عزيز .
.........
السيد عزيز
إني أؤكّد لك أن في جعبتي الكثير من الوقت .
مع تحياتي الحارّة .
إيلا .
.........
سيدتي إيلا
في البداية ، لقد سألتني من قبل عن كيف اصبحتُ ما أنا عليه الآن ،
لقد اخبرتكِ أنني اسكتلندي ، عشت في إحدى المدن هناك ،
و التي كانت تعتبر ميناءً ضخماً ،
و مشهد تلك السفن الضخمة التي كانت ترسو في الميناء ، ما زال ماثلاً أمامي .
كانت الحياة صاخبة في ذلك المكان ، لكني دائماً كنت ابتعد إلى اطراف المدينة ،
و أصعد إلى أعلى شجرة اعتدت اللعب عندها منذ طفولتي ،
حيث كنت استطيع رؤية كل شيء حولي تقريبا من اعلى تلك الشجرة .
كان والداي يُديران محلاً لبيع الكتب المختلفة ،
و لم اكن اتخيل يوماً انني سأغادر مدينتي ، كنت احبها كثيراً .
كانت كل لحظة عشتها هناك ثمينة عندي ،
و أحسست أني بحاجة لتوثيق كل شيء جميل كل يوم ،
فوجدت ما اريد في مهنة التصوير ، و عشقت مهنتي كثيراً ، و استمتعت بها ،
و بسبب مهنتي هذه بدأت اسافر لعدّة بلدان ، و في إحدى رحلاتي ، قابلتُ ناشطة إعلامية و صحفية تدعى ماري ،
أحببتها كثيراً ،
كانت ماري مثل شعلة نارية مُلتهبة ، تناشد بحقوق الإنسان ، و تسافر لأماكن بعيدة لتقديم المساعدة للاجئين و محتاجين ،
و كانت بالنسبة لي مثل بندول الساعة المتأرجح ،
ساعةً اراها سعيدة لأقصى درجة ، و ساعة اخرى تكون كئيبة منطوية عن العالم ،
كانت كثيرة التغلّب و شديدة الغضب ،
و تبحث في أدقّ تفاصيل الحياة ، و احياناً كانت تشنّ حرباً اعلامية طاحنة على المجتمع ،
و حتى انا لا أعلم لمَ بقيتُ بقربها و متعلّقاً بها هكذا ،
و مع شجاعتها الحرة المستحيلة ،
و آرائها الشبيهة بالثورة ،
كانت شيئاً رقيقاً يسهل كسره ، لذا قررت البقاء بجانبها ، و حمايتها من اي شيء قد يؤذيها ،
حتى من نفسها !
كنت احبها بولع ، لكني اعلم انها لم تكن بحبني بذلك القدر ،
كانت تحبني على طريقتها الانانية نوعاً ما ،
و هكذا انتهى بنا الأمر متزوجين و نعيش في بروكسيل ،
هذا عندما كان عمري اربعة و عشرين عاماً ،
و بسبب عمل ماري في منظمات انسانية لدعم اللاجئين و المتضررين ،
كرّست وقتها للقيام بعملها على اكمل وجه ، لا و بل فوق ما كانت تستطيع ايضاً .
اما بالنسبة لي فلم اكن ابدي اهتماماً لتلك الأمور و انهمكتُ بنفسي ، بعد ان تخرجتُ من كلية ادارة الاعمال .
و عملتُ في شركة وقتها ، و لم تكن ماري تعترض على ما كنت اقوم به ، مع انني لم اساعدها ابداً ،
بل كانت تعمل لوحدها ، دون مساعدة .
كنت اطمح لتحقيق انجازات اكثر و اكثر ،
كما كنت قد رسمتُ خططاً لحياتنا كاملة ، و كنا قد خططنا معاً لإنجاب الأطفال بعد سنة ،
كنت اتمنى لو نحظى بفتاة و صبي ، و نربيهما على اكمل وجه .
و كان كل شيء يبدو مثالياً ، مستقبل واحد ، و بلد آمن مستقرّ ،
و لم نواجه مشاكل مادية ابداً ،
كنت اتطلّع لكلّ تلك الأمور التي رسمتها في ذهني ، لحياتنا المستقبلية معاً ،
و أنا اليوم في في الخمسين من عمري ،
و لم احقق شيئاً من تلك الأمور ، هذا لأن ماري قد خرجت من مخطط حياتي ،
فتحطّم ذلك المخطط تماماً ،
ذات يوم كانت ماري تقود سيارتها على الطريق السريع ، و هي عائدة من مقابلة مع لاجئ يطلب اللجوء إلى اوروبا ،
فتعطّلت سيارتها على الطريق ، كان هذا امراً استثنائياً ،
فلم تكن تهمل سيارتها ابدا ، و كانت تقوم بكل شيء بإتقان و على اكمل وجه ،
لكن ما حدث حدث يومها ، و على نحو غريب و غير متوقّع .
فما فعلته كان مختلفاً عن شخصيتها التي تحب الالتزام بالقوانين ،
و بدلاً من ان تشعل الوامض الخاص بسيارتها ، و تنتظر المساعدة
، قامت بارتداء معطفا آنذاك ،
و اتجّهت نحو بلدة صغيرة قريبة من ذلك الطريق ، مشياً على الاقدام ،
فصدمتها شاحنة ضخمة لنقل البضائع ، و اردتها ميّتة ،
و لم تكن تحمل معها اي ضوء ،
قال السائق وقتها انها كانت مختفية في جُنح الظلام تماماً .
ماتت ماري وقتها ، و تركتني وحيداً ،
لم أكد اصدق ،
كانت في اتمّ صحتها ، و تهتمّ بغذائها الصحي على نحو فريد ،
و تمارس الرياضة بانتظام ،
كانت نحيفة و رشيقة ، و لم تعاني من اي مشاكل صحية ،
و على الرغم من انها اكبر مني بسبع سنوات ،
فقد كنتُ ابدو انا الأكبر منها ،
و مع ذلك كنت بجانبها فتىً قد فتح الحبّ عينيه على الحياة بكل حيوبة و أمل ،
و بعد ان فقدتها لم اعد فتى يافعاً و لا رجلاً بالغاً ،
بل اصبحتُ شيئاً حبيساً و وحيداً قد فقد كل شيء .
اعتذر لإطالة رسالتي بهذا الشكل ،
و إن احببتِ فسوف أروي لك الشطر الثاني من حياتي ،
الذي ساعد في تغُّري أيضاً .
مع اطيب امنياتي .
عزيز .
.........
لم تستغرب إيلا ان وراء عزيز قصص كثيرة ،
و لما قرأت رسالته ، تطلّعت لمغرفة ما حدث معه أكثر ،
لذا ارسلت له رسالة تشكره فيها انه قد أفضى ما بداخله لها ،
و تكلّم لها عن اكثر الاشياء الصعبة التي مرَّ بها ،
و تمنّت منه ان يتابع لها قصته .
........
نورثامبتون
سيد عزيز
سوف أقول لك شيئاً ، و قد تعتقد أنني مجنونة ،
لكن أخبرني ،
هل انتَ شمس ، إم أنّ شمس هو أنت ؟
مع تحياتي
ايلا
.......
ايلا العزيزة
لقد ذكرتني بما قاله لي السيد وايل ذات مرّة ،
فقد قال أننا حتى لو وحدنا شخصاً مثل شمس ،
فأين سنجد شبيهاً للروميّ ؟ ! .
اتمنى ان تكوني بخير
عزيز .
........
العزيز عزيز
من قد يكون السيد وايل هذا ؟
مع تمنياتي
ايلا
......
ايلا العزيزة
سألتني عن السيد وايل ،
أنها لقصة طويلة حقاً ، فعل لا زلتِ ترغبين بمعرفتها ؟
تحياتي
عزيز .
.........
السيد عزيز
إني أؤكّد لك أن في جعبتي الكثير من الوقت .
مع تحياتي الحارّة .
إيلا .
.........
سيدتي إيلا
في البداية ، لقد سألتني من قبل عن كيف اصبحتُ ما أنا عليه الآن ،
لقد اخبرتكِ أنني اسكتلندي ، عشت في إحدى المدن هناك ،
و التي كانت تعتبر ميناءً ضخماً ،
و مشهد تلك السفن الضخمة التي كانت ترسو في الميناء ، ما زال ماثلاً أمامي .
كانت الحياة صاخبة في ذلك المكان ، لكني دائماً كنت ابتعد إلى اطراف المدينة ،
و أصعد إلى أعلى شجرة اعتدت اللعب عندها منذ طفولتي ،
حيث كنت استطيع رؤية كل شيء حولي تقريبا من اعلى تلك الشجرة .
كان والداي يُديران محلاً لبيع الكتب المختلفة ،
و لم اكن اتخيل يوماً انني سأغادر مدينتي ، كنت احبها كثيراً .
كانت كل لحظة عشتها هناك ثمينة عندي ،
و أحسست أني بحاجة لتوثيق كل شيء جميل كل يوم ،
فوجدت ما اريد في مهنة التصوير ، و عشقت مهنتي كثيراً ، و استمتعت بها ،
و بسبب مهنتي هذه بدأت اسافر لعدّة بلدان ، و في إحدى رحلاتي ، قابلتُ ناشطة إعلامية و صحفية تدعى ماري ،
أحببتها كثيراً ،
كانت ماري مثل شعلة نارية مُلتهبة ، تناشد بحقوق الإنسان ، و تسافر لأماكن بعيدة لتقديم المساعدة للاجئين و محتاجين ،
و كانت بالنسبة لي مثل بندول الساعة المتأرجح ،
ساعةً اراها سعيدة لأقصى درجة ، و ساعة اخرى تكون كئيبة منطوية عن العالم ،
كانت كثيرة التغلّب و شديدة الغضب ،
و تبحث في أدقّ تفاصيل الحياة ، و احياناً كانت تشنّ حرباً اعلامية طاحنة على المجتمع ،
و حتى انا لا أعلم لمَ بقيتُ بقربها و متعلّقاً بها هكذا ،
و مع شجاعتها الحرة المستحيلة ،
و آرائها الشبيهة بالثورة ،
كانت شيئاً رقيقاً يسهل كسره ، لذا قررت البقاء بجانبها ، و حمايتها من اي شيء قد يؤذيها ،
حتى من نفسها !
كنت احبها بولع ، لكني اعلم انها لم تكن بحبني بذلك القدر ،
كانت تحبني على طريقتها الانانية نوعاً ما ،
و هكذا انتهى بنا الأمر متزوجين و نعيش في بروكسيل ،
هذا عندما كان عمري اربعة و عشرين عاماً ،
و بسبب عمل ماري في منظمات انسانية لدعم اللاجئين و المتضررين ،
كرّست وقتها للقيام بعملها على اكمل وجه ، لا و بل فوق ما كانت تستطيع ايضاً .
اما بالنسبة لي فلم اكن ابدي اهتماماً لتلك الأمور و انهمكتُ بنفسي ، بعد ان تخرجتُ من كلية ادارة الاعمال .
و عملتُ في شركة وقتها ، و لم تكن ماري تعترض على ما كنت اقوم به ، مع انني لم اساعدها ابداً ،
بل كانت تعمل لوحدها ، دون مساعدة .
كنت اطمح لتحقيق انجازات اكثر و اكثر ،
كما كنت قد رسمتُ خططاً لحياتنا كاملة ، و كنا قد خططنا معاً لإنجاب الأطفال بعد سنة ،
كنت اتمنى لو نحظى بفتاة و صبي ، و نربيهما على اكمل وجه .
و كان كل شيء يبدو مثالياً ، مستقبل واحد ، و بلد آمن مستقرّ ،
و لم نواجه مشاكل مادية ابداً ،
كنت اتطلّع لكلّ تلك الأمور التي رسمتها في ذهني ، لحياتنا المستقبلية معاً ،
و أنا اليوم في في الخمسين من عمري ،
و لم احقق شيئاً من تلك الأمور ، هذا لأن ماري قد خرجت من مخطط حياتي ،
فتحطّم ذلك المخطط تماماً ،
ذات يوم كانت ماري تقود سيارتها على الطريق السريع ، و هي عائدة من مقابلة مع لاجئ يطلب اللجوء إلى اوروبا ،
فتعطّلت سيارتها على الطريق ، كان هذا امراً استثنائياً ،
فلم تكن تهمل سيارتها ابدا ، و كانت تقوم بكل شيء بإتقان و على اكمل وجه ،
لكن ما حدث حدث يومها ، و على نحو غريب و غير متوقّع .
فما فعلته كان مختلفاً عن شخصيتها التي تحب الالتزام بالقوانين ،
و بدلاً من ان تشعل الوامض الخاص بسيارتها ، و تنتظر المساعدة
، قامت بارتداء معطفا آنذاك ،
و اتجّهت نحو بلدة صغيرة قريبة من ذلك الطريق ، مشياً على الاقدام ،
فصدمتها شاحنة ضخمة لنقل البضائع ، و اردتها ميّتة ،
و لم تكن تحمل معها اي ضوء ،
قال السائق وقتها انها كانت مختفية في جُنح الظلام تماماً .
ماتت ماري وقتها ، و تركتني وحيداً ،
لم أكد اصدق ،
كانت في اتمّ صحتها ، و تهتمّ بغذائها الصحي على نحو فريد ،
و تمارس الرياضة بانتظام ،
كانت نحيفة و رشيقة ، و لم تعاني من اي مشاكل صحية ،
و على الرغم من انها اكبر مني بسبع سنوات ،
فقد كنتُ ابدو انا الأكبر منها ،
و مع ذلك كنت بجانبها فتىً قد فتح الحبّ عينيه على الحياة بكل حيوبة و أمل ،
و بعد ان فقدتها لم اعد فتى يافعاً و لا رجلاً بالغاً ،
بل اصبحتُ شيئاً حبيساً و وحيداً قد فقد كل شيء .
اعتذر لإطالة رسالتي بهذا الشكل ،
و إن احببتِ فسوف أروي لك الشطر الثاني من حياتي ،
الذي ساعد في تغُّري أيضاً .
مع اطيب امنياتي .
عزيز .
.........
لم تستغرب إيلا ان وراء عزيز قصص كثيرة ،
و لما قرأت رسالته ، تطلّعت لمغرفة ما حدث معه أكثر ،
لذا ارسلت له رسالة تشكره فيها انه قد أفضى ما بداخله لها ،
و تكلّم لها عن اكثر الاشياء الصعبة التي مرَّ بها ،
و تمنّت منه ان يتابع لها قصته .
........