الحلقة٤٦

الحلقة السادسة و الاربعون

المطرودة من الجنة

بقلم نورا محمد علي

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا و حبيبنا و نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين ٠ ٠ ٠ ٠ ٠ ٠ ٠ ٠

رمضان كريم علينا و عليكم و كل سنة و انتم طيبين

٠٠٠٠٠

كانت ثورة ميرنا شئ غير متوقع منها هي المنطوية التي لم تجرأ علي فعلها من قبل و لكن يبدوا ان الكيل فاض و الغضب المخزون بداخلها زاد انفلت المارد من المصباح أعلنت غضبها علي كل ما ال عليه حالها و علي حبها الضائع و قلبها المكسور و عينها التي سكنها الحزن و الدمع قالت كل ما لم تجرأ علي قوله له من أجلها و لكنها لم تقوي أن تظل تتفرج

و لكن من هول ما قالت لم يشعر سامي بنفسه و هو يرفع يده ليصفعها علي خدها و من قوة الصفعة تراجعت خطوة و اختل توازنها و هي تنظر إليه بصدمة و ايريني تصرخ بصوت مرتفع و هي تتحرك إلي ابنتها

ايريني : سامي ايه اللي عملته ده انت اتجننت

اخذت تضم ميرنا و هي تحاول ان تساعدها لتنهض و بينما هي تقف كانت ميرنا تنظر إليه و هي تقول

ميرنا : حتي لو قتلتني مش هسكت و مش هسمح ليك تعمل فيها اللي عملته فيا اختي هتدخل الجامعة

أيريني : اهدي اهدي بس تعالي نتكلم بعدين

ميرنا : مفيش بعدين اختي هتدخل الجامعة و الكلية اللي هيا عاوزاها كمان

سامي : ماشي يا بنت ايريني وريني ازاي

ميرنا و كأن نوبة من الجنون تسيطر عليها قالت

ميرنا : بنت ايريني أيوة انا فعلا بنت أيريني لانك عمرك ما كنت اب و من ناحيتي هوريك هتشوف بنت ايريني هتعمل ايه

يبدوا انها ليست في حالتها الطبيعية و الا كانت انزوت او بكت و لكن يبدو ان الجنون مسيطر عليها

اما سامي كان يشعر بالصدمة من كلام ابنته الصادم و لكنه يعرف انها لن تفعل شئ فماذا في يدها لتفعله

و لكن في لحظة اجل لحظة واحدة شعر بانها محقة و لكنه رجع الي رأيه او بمعني اصح رأي امه ان البنت مسيرها للزواج حتي لو كانت متعلمة و ان هذه المصاريف لن تجدي عليه شيئ و لكن ان عملت بعد الثانوية سيكون لها دخل و قد تساعد في جهازها

اما هناك في الغرفة فكانت البنات

كانت ميرنا في الغرفة تنظر اليها ماريا بمزيج من الحزن و الفرح هي حزينه علي ما فعله والدها لاختها التي اخيرا نطقت و سعيدة بان اختها تقف في ظهرها اقتربت منها لتضمها بمحبة و كانها تجد فيها ما لم تجده مع والدها و هي تقول

ماريا : خلاص

ميرنا نظرت اليها بستفسار و كأنها تسأل هو ايه اللي خلاص

ماريا ردت و قالت : خلاص انا كفاية عليا ثانوية عامة و ممكن أشتغل زيك رغم انا فرحانة اوي انك واقفة جنبي و بتدعميني بس انا عارفة بابا مش هيصرف جنيه بدل مش عاوز و انتي عارفة كده كويس فبلاش تقفي قصاده علي الفاضي بدل ما يزعلك تاني و هو قرر خلاص

ميرنا : بس انتي مش عارفة انا هعمل ايه و وقتها تقولي ميرنا قالت و عملت

نظرت اليها ايريني التي لازالت تحتضنها باستفسار لكن ميرنا تنقلت عينها بين امها و اختها و قالت

ميرنا : بكرة تعرفوا و هتقولوا ميرنا قالت بس بكرة

و رغم نظرة ايريني الي ميرنا التي تشعر انها قد بدات تفهم فيما تفكر ميرنا و لكنها ايضا خائفة من النتيجة

و لم تنتظر أن تمر ايام او يغير سامي رأيه كانت تعرف انه لن يتغير و أنه لن يحن حتي بعد أن نامت ايريني في غرفة البنات و لم تتكلم معه من الأساس لقد فاض الكيل و هي ستقف مع ابنتها حتي لو فتحت ملف في الكنيسة و هي خطوة تعد صادمة في عائلتها و لكن ان كانت الطفلة وقفت مع أختها فهي لن تتخاذل فهذه المرة لم تكن مرة وعدت و هي لم تنام فقط من اجل ان تدعم ميرنا أو تطيب خاطرها بل كان قرارها لقد قالت ميرنا كل شيئ كل الكلام الواقف علي لسانها و كانها تتكلم عن ما تحمله ايريني في قلبها و هي في هذه اللحظة تري انه لو أمامها فرصة لكسرت ذلك الرباط المقدس الذي لم يلتزم به سامي فلا هو كان القائد و لا السيد و لا كان السند هو فقط متكل عليها و لو بيدها أن تطلب الطلاق لما تأخرت و لكن كيف و هو من رابع المستحيلات أن يتكلم احد في الطلاق سواء كان في دينها أو كنيستها

اما ميرنا كانت قد عزمت امرها و في اليوم التالي لم ترجع علي البيت بل اخذت تاكسي املته العنوان و هي تنظر من النافذة و ترتب الكلام في عقلها الي ان اقتربت من المكان

ميرنا : لو سمحت هنا

اوقف السائق التاكسي امام الوكالة

ناولته الاجرة و نزلت الي حيث بجلس جدها

الذي ما ان رأها حتي أبتسم لها و لكن ما ان لمح وجهها و نظرة عينها التي تحمل الكثير و الكثير من الكلام شعر بالحزن علي الصغيرة التي كبرت علي يده و كانت ولا زالت مدللته رغم انها كبرت

و لكن ما يراه في وجهها اشعره بالوجع

أشار إليها لتقترب منه ضمها في حضنه و هو يقول

جمال : حبيبة جدها مالها

نظرت إليه نظرة أبلغ من كل الكلام و قالت

ميرنا : عاوزاك اتكلم معاك يا جدي محتاجة ليك

جمال : اتكلمي يا قلب جدك و كل اللي انتي عاوزاه من عين دي قبل دي المهم انك كويسة و بخير اي حاجة تانية مقدور عليها ايه بقي

ميرنا : بابا

و هنا شعر بالشفقة عليها و علي ابنته فهو يلوم نفسه و برغم كل المساعدات التي يقدمها الي إيريني الا انه يعرف انه عنصر اساسي في كل المشاكل التي تعاني منها ابنته و حفيدتيه

جمال : عمل ايه تاني

نظرت إليه بوجع و حكت له كل ما حدث و ماذا قال ورفضه ان يدخل ماري الي الجامعة

جمال : انا هكلمه

ميرنا : مش هيقتنع يا جدي انا عارفة

جمال : انا هقنعه ولو مش أقتنع انا هتكفل بكل مصاريف ماريا

ميرنا : انا مش بتكلم علي الفلوس يا جدي طيب ما انا بشتغل و معايا فلوس بس انا بتكلم عليه علي ابويا اللي المفروض نكون اهم حد عنده احنا أخر اهتماماته لان أول اهتماماته جدتي ماري و بعدين جدي سمير و عمي بولس و ابنه و احنا فين ليه يحصل معانا كده ليه يا جدي
احنا أقل من مين ده مطلع عنينا علي اي حاجة طيب نعمل ايه

جمال : مش انتي اللي هتعملي


نظرت اليه باسفسار فابتسم جمال و هو يربت علي يدها و يقول

جمال : مش انتي اللي هتعملي انا اللي هعمل بس اشربي العصير و اهدي

هزت رأسها وهي ترفع كوب العصير الي فمها و بعد قليل كانت تنهض لتتحرك و لكن جدها قال

جمال : اصبري هجيب مفاتيح العربية و اجي أوصلك

ميرنا : لا بلاش تتعب نفسك انا كده كده هاخد تاكسي عشان ما تاخرش و بعدين المهم انك تكلمه

هز راسه و هو يناولها مبلغ من المال و هو يقول

جمال : حاسبي التاكسي و خلي الباقي معاكي هزت رأسها و هي تنظر اليه برفض و تقول

ميرنا : معايا يا جدي صدقني

جمال : مصدقك بس خدي من ايدي ولا عاوزاني ازعل ولا ايه

ميرنا : بابتسامة قالت الا زعلك انت يا جدي انت عارف قد أيه انت غالي يا مقدس جمال عليا

جمال : عارف يا قلب المقدس يا بنت الغالية..

لم يمر وقت حتي كانت ميرنا تصل الي الشقة و ما ان دخلت حتي اتجهت إلي غرفتها عندما رأت ابوها يجلس امام التلفزيون

نظر اليها و هي تتحرك و كأنها تهرب من المكان الذي يجلس فيه و حتي ايريني نفسها لم تخرج من الغرفة مع ماريا و كانها تتجاهل وجوده لم تكلف نفسها و تسال ان كان يريد شيئ

مرت اللحظات قليلة قبل ان يزعجه صوت التليفون الذي اخرجه من افكاره ولانه لجواره رد علية

سامي : الو

جمال لم يرد جمال بالكلمة المعتاد عندما يتكلم مع احد في التليفون بل قال بحزم و شده

جمال : انت مش في ورشتك ليه

سامي : عمي ازيك عامل ايه

جمال : مش مهم عامل ايه المهم انت عمايلك مش هتتعدل بقي مش هتبقي راجل انا رنيت علي الورشة

عشان كنت عاوزك تجيني فالوقت تكون عندي حالا

سامي : حاضر يا عمي مسافة السكة

و لكن ما ان اغلق الهاتف حتي تحرك الي غرفة البنات و هو يفتح الباب دون ان يطرق و هو يبحث بعينه عنهم ميرنا التي تجلس بجوار ماريا

سامي: انتي كنتي عند جدك

نظرت إليه دون أن ترد و لكن الرد وصل

و لكن الغضب في عينه و علي وجهه و لكنها لم تهتم فماذا هناك ليفعله أكثر

نظر إلي ايريني التي ادارت وجهها كأنها لم تعد تريد أن تنظر إلي وجهه و لكنه تحرك إلي باب الشقة ليذهب إلي عمه و هو يترقب ماذا سوف يكون الحوار

و لكنه مهما تخيل لم يستطيع أن يصل الي ما سيحدث لقد وقف جمال وهو ينظر اليه بقوة و غضب ممزوجه بحدة و قال

جمال : انت هتفضل كده لامتي انت ايه مش بني أدام مش راجل عارف ان بيتك مسئول منك و أن بناتك اهم مسئوليتك

سامي : و انا قصرت في اية يا عمي انا

جمال : انت ايه انت مش شايف ولا انت مش حاسس بنتك مقهورة و التانية هتحصلها ايه هو مش ابن اخوك مش بيتعلم و هيكمل ولا ابن اخوك يكمل بفلوسك و بنتك لا

سامي : انا ماقولتش كده

جمال : انت ما قولتليش انت لو مش عاوزهم خلاص شيل ايدك خالص عن ايريني و بناتها مش هما بناتها زي ما انت بتقول ليهم هي كده كده قاعدة في ملكها و انا هتكفل بيهم و انت برحتك روح ربي ابن اخوك و ارمي لحمك .. وده انا اللى متوقعه منك يا ابن ماري هاستنى ايه من واحد مربياه واحده جاحده زيها

بهت وجه سامي.


سامي : حضرتك بتقول ايه لا طبعا انا ما.قدرش استغني عن ايريني و بناتي

جمال : مش بأبن

سامي : انا بس زعلت لما ميرنا اتكلمت بالطريقة دي ده خلاني اقول كده و بعدين انا كنت فرحان بالوظيفة دي فرصة بس اللي انتي شايفة

جمال : يعني هتدفع المصاريف ولا ادفع انا

سامي: لا طبعا هدفع يا عمي انا اللي خلاني اقول كده الأسلوب نفسه

جمال ى بلا اسلوب بلا زفت انت مسئول عن بيتك و عن احتياجاتهم و زي ما قولت ليك انا ممكن اشيل الشيلة بس لو انا هشيل شيلتك انت مش هيبقي ليك مكان و دي اخر مرة اتكلم في الموضوع ده لاني بعد كده هاخد طريقة مش هيعجبك

هز سامي راسه و هو ينتظر أن يقول عمه شى اخر و لكنه نظر اليه ليذهب

خرج سامي يشعر بالارتباك و الاحراج فلقد اهانه عمه و عراه امام نفسه و هو يتحرك إلي بيته

كان يدخل إلي الشقة و يبحث بعينه عنهم و لكنهم لازالوا في نفس الغرفة لم يتحركوا منها

وقف بالباب و هو ينظر إلي ميرنا و ايريني التي لا تنظر إليه

سامي وتكلم مع ماريا و قال : انتى قلتى كلية ايه

ماريا بجد و نظرت اليه و إلي امها و اختها و كأنها لا تصدق

سامي : ايه رجعتي في كلامك

ماريا : لا ابدا انا بس مش مصدقة يعني حضرتك وافقت

سامي : انتي شايفة ايه يمكن بهزر

ماريا : لا لا يا بابا مش قصدي المهم شكرا بجد طيب ايه رايك طب

سامي : طب سبع سنين ايه ما صدقتي لا طبعا دي مصاريفها غاليا و بعدين انا هدفع كل المصاريف بتاعت الكتب و الكلية بس

ميرنا : يعني ايه

سامي : زي ما سمعتي مش هدفع غير الحاجات الأساسية بس و لو عملتي حاجة تانية يا ميرنا هرجع في كلامي

ميرنا : ماشي مش هعمل حاجة تاني و انا هتكفل بمصريفها و مواصلاتها و لو هشتغل بدل الشغلانة ثلاثة

سامي : برحتك بس هي مافيش غير اربع سنين بس

هزت ماريا رأسها فكما يقولون نصف رغيف افضل من لا شئ

خرج وتركهم نظرت اليها ماريا وهى تسالها بلهفه

ماريا : انتى عملتى ايه

ميرنا : كلمت جدو جمال وحكيتله كل الل حصل معايا ومعاكي

نظرت لها ماريا بصدمه .. اما ايرينى قالت : ده اللى كان لازم يحصل من بدرى


يتبع ٠ ٠ ٠ ٠

(المطرودة من الجنة)
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي