الفصل الثامن والاربعون

الشئ الوحيد الثابت بهذا الكون .. هو التغيير ...
يبدو كلامى متناقضا و لكن يتغير حالنا و تتقلب أيامنا و ننسى وجعنا و نعيش سعادتنا .. دائما .. و ليست لمرة واحدة .. ننسى و نبدأ .. نتألم و نصفح .. نغضب و نغفر .. تغيير فى تغيير .. إذا فالثابت الوحيد بأيامنا هو التغيير ....
فجأة يلين قلبنا و ينسى آلامه و جروحه و يبدأ من الصفر .. و البداية دائما بحب جديد .. و قصدى هنا الحب المطلق و ليس الحب المشروط .. فالقلب العامر بالحب لا ييأس و لا يفقد إيمانه بالحياة ....
عم الهدوء فى منزلهم وتوقفت المشاحنات لتتحول لصداقة وهذا الظاهر مؤكدا.. أما الباطن فكان أكثر سخونة من باطن الأرض تقربوا من بعض أكثر... وأصبح حبهم مضاف عليه الإعتياد قد يكون التعود أصعب من الحب فحين تحب تستطيع أن تنسى.... لكن إن إعتدت أحدا لن تتخلص منه بسهولة فكيف إذا إجتمع الحب والإعتياد..
جلسوا جميعا قبل الافطار فقالت أحلام بحزن بادى على ملامحها :
_ لقد انقضي الشهر الكريم سريعا كانت امي دائما تقول يا ليتك سنة يا رمضان.
لترد مريم عليها بحزن و هي تضع كوبها الفارغ علي الطاولة :
_ لا اصدق اننا اصبحنا بالايام العشر الاواخر منه لقد مر سريعا اللهم تقبل صيامنا و قيامنا واعمالنا الخالصة لوجهه بها .
امنت سجدة علي دعائها و قالت وهي تغترف من الطعام و تضعه بالطبق امامها :
اللهم امين يا رب و تنعاد علينا تلك الايام و حن جميعا بخير .. لقد انتهى المؤذن من الاذان فلنااكل .. بسم الله الرحمن الرحيم .
قطبت آية حاجبيها متعجبة وقالت و هي تطالع باب الشقة بترقب
ألن ننتظر حازم لقد تاأخر فلتهاتفيه يا مريم لنعرف سبب تأخره .. انا قلقه عليه .

فردت احلام وهى تقدم لهم الطعام بتلقائية :
_حازم لن ياتي علي الفطار يا ايات فلتبداي يا حبيبتي و تناولي طبقك كاملا كي لا اغضب منك .
اتسعت عيني اية و قالت بخوف :
_ لماذا لن ياتي علي الافطار هل هو بخير ؟!!
طالعتها احلام و قالت بعدما تذكرت :
_ لقد نسيت ان اخبرك يا حبيبتي ان حازم موكل بمأمورية هو و اسر و سيبقيان بها ايام للاسف .. اللهم احميه لي و اعده لي سالما غانما يا رب العالمين .
وقفت اية مصدومة وقالت بغضب :
_ مامورية .؟. و لماذا لم يخبرني بامرها فنحن تحدثنا سويا بالامس كثيرا و لم ياتي بذكرها من بعيد او من قريب .
نظر الجميع لبعضهم نظرة تعجب لتقول أحلام موضحة :
_ لانه يا حبيبتي لم يعرف بامر هذه المامورية سوى صباحا و كنتم جميعكم نائمون .. فاضطر للخروج مسرعا و لم يخبر احد سواى .
جذبتها سجدة من ذراعها كي تجلسها و قالت :
_ اجلسي يا ايات تناولي طعامك علي الاقل اشربي بعض العصير .
رفضت اية الجلوس و قالت بحدة :
_ هكذا الامر اذا يا حازم فقط انتظر ما سافعله بك عند عودتك .
عند هذه النقطة عاد عقلها للعمل مجددا و التفتت لاحلام قائلة بترقب :
_ امي كم يوما تحديدا سيحتاج حتي يعود الي البيت مجددا هل ستطول مهمته ؟!
هزت أحلام كتفيها وقالت بعدم معرفة :
_ لا اعرف كم ستاخذ ماموريته وقتا .. بكل مرة يستغرق ايام مختلفة عن ذى قبل .
جذبتها سجدة مجددا من ذراعها و هي تقول بابتسامة خبيثة :
_ يا ايات اجلسي و افطرى و بعد الافطار سنتحدث بهذا اللشان مجددا .
اجابتها ايات بنبرة مختنقة و قالت بفتور :
_ لا اريد ان اءكل اتركيني يا سجدة من فضلك .
مالت سجدة علي مريم وقالت بنبرة منتصرة :
_ الم اقل لك يا مريم صدقتنى .. صحيح انااصغر منك و لكن اعرف و افهم عنك بكثير و ربي انهما يحبان بعضهما .
إبتسمت مريم وقالت بتاكيد :
_ معك حق يا سوسة .. فتلك اللهفة بعيتها القلق عليه ليس سوى اهتماما نتيجته حبا .
تركتهم آية ودخلت الغرفة أغلقتها عليها ودخلت فى نوبة بكاء على بعده المفاجئ .. لاول مرة تشعرت فجأة بالخوف و بالبرد و باليتم ..
دخلت مريم لها الغرفة و طالعت نحيبها بحزن .. فاقتربت منها و جلست بجوارها وقالت بضيق :
_ يكفيكي بكاء لهذا الحد يا ايات قلبي ينفطر علي حالك .. لقد تورم وجهك و عيناكي .. تعالي معي و تناولي فطورك انت صائمة .
نظرت لها اية بدموعها وقالت بصوت متحشرج:
_ هل مأموريته تلك كالماموريات التي نراها بالتلفاز و يضربون بعضهم بالطلقات النارية و يصابون.. لو اصيب حازم سأظل ابكي للابد.
ضحكت مريم علي حالتها وقالت ساخرة :
_ بكل موضوع تقارين بين الواقع و التلفاز.. لن اتركك تشاهديه مرة اخرى لقد مسح ما تبقي من تعقلك.. لا تقلقي يا ايات حازم بخير.
طالعتها اية و هي تتلمس صدقها و كففت دموعها بكم قميصها.. فقالت لها مريم بتعقل:
_ هل تعتقدين انه لو هناك خطرا عليه كانت امي ستكون بهذا الهدوء.. او نحن كنا سنكون طبيعين كانه معنا.
رن هاتف مريم فاخرجته من جيب منامتها و نظرت لشاشته لتتسع عيناها وقالت بسعادة :
_ هذا حازم.. الحمد لله.
اجابت الاتصال قائلة:
_ حازم كيف حالك يا حبيبي طمني عليك؟!
جذبت آية الهاتف من يدها و وقفت مشدوهة وقالت له بدموعها :
_ حازم.. لماذا تركتني و لم تخبرني بامر ماموريتك تلك.. هل طاوعك قلبك و ابتعدت قبل ان تودعني و اودعك؟!
رد عليها حازم بصوت متعجب :
_ آيات!! لماذا تبكين لهذا الحد هل ضايقك احد؟!
مسحت أنفها المتورم من البكاء وقالت بحدة :
_ انت من ضايقني و يجب ان تعاقب نفسك.. تركتني قبل ان اراك.. هل انت بخير؟!
إبتسمت مريم على حالتها وخرجت وأغلقت ورائها الباب .. بينما ضحك حازم ضحكة عالية وقال مسرعا :
_ نعم انا بخير و الحمد لله لا تقلقي و اهدأي كي اطمأن عليكِ .
جلست علي فراشها و سالته بترقب قلق:
_ متي ستعود الي البيت؟! هل ستأخذ وقتا طويلا؟!
صمت حازم قليلا ثم قال بجدية :
_ هذه اسرار عمل و لا يجب علي اخبارك اي شئ عن المهمة و لكن عندما تنتهي سأعود الي البيت علي الفور.
زاد بكائها وقالت بنحيب آلم قلبه عليها.. استد برأسه علي الحاىط خلفه و آسر يطالعه بإبتسامة متسعة.. تركها تهدأ فمجنونته تبكى بعده بحرقة.. ما ان انتهت حتي قالت له بنبرة خفيضة :
_ انا اشعر بالخوف الشديد لانك لست هنا و بعيدا عني لاول مرة بحياتي التي بدات برؤيتك.
رغم إستمتاعه بالجملة .. إلا أنه قال ليطمئنها بحزم:
_ لا لقد تركت خلفي رجال اشداء و ليست فتيات ضعيفة.. ثم انت يا ايات لا نخشي عليكِ من احد بل نخشي علي الجميع منك و من لسانك الاطول منكِ.. الا تتذكرين ما كنتِ تفعليه بي الايام السابقة؟!
لاحت علي شفتيها ابتسامة خفيفة و ردت عليه بدلعها المعتاد معه :
_ انا لساني اطول مني يا حازم.. لقد خاصمتك و لن اسامحك مجددا الا اذا عدت للبيت.
تنهد حازم طويلا وقال بتنهيدة ملتاعة :
_ و انا لا اقوى علي خصامك لحظة واحدة و لن اعود الا اذا سامحتني.
لمعت عيونها وزاد جمالها وقالت بتلهف قاتل :
_ حقا لا تقوى علي خصامي اليس كذلك.
لاحظ تطور حديثهما و نظرات اسر العائمة بسخرية ناحيته فاعتدل بجلسته و قال بسرعة :
_ ايات انا لا استطيع التحدث بالهاتف اكثر من ذلك ساتركك الان لانني مشغول للغاية ابلغي سلامي لامي ارجوكي.
اجابته بقلقبعدما استشعرت بعده عنها مجددا:
_ سابلغها و لكن احترس علي حالك ارجوك و عد للبيت سريعا.
ابتسم قليلا و قال بنبرة حنونة:
_ حسنا.. و لكن انتِ ايضا احترسي علي حالك و كفاكي بكاءً.. لا اله الا الله.
تجمعت العبرات بعينيها و قالت:
_ محمدا رسول الله .
أغلقوا الهاتف وكل منهم يقتله نار شوقه للآخر رغم أنها مجرد ساعات ولكن أمانها ليس بجانبها تركها بمفردها ... غمز اسر لحازم و قال بمزاح :
_ قلبي الضعيف لا يحتمل هذه الرومانسية بهذه الخرابة القذرة و التي نجلس بها مختبئين.
امتعض وجه حازم و قال له بجدية:
_ حسنا سأغلق هاتفي كي ترتاح.. اخرج و راقب الوضع قليلا بنفسك و اطمئن ان كل رجل من رجالنا بمكانه المحدد.

جلست مريم بجوار أحلام وقالت لها بغمزة من عينها :
_ امي.. ماذا يدور حولنا دون علمي.. وجب عليكِ التوضيح يا حبيبتي.
ردت عليها أحلام متصنعه عدم الفهم و هي تتطلع بشاشة التلفاز امامها :
_ ما هذا الشئ الذي يدور يا مريم انا لا افهمك؟!
اجابتها مريم بنبرة قاطعة:
_ حازم وآيات .
ابتسمت احلام و قالت لها بمكر:
_ ما بهما حازم و ايات و ماذا جمعهما بسؤال واحد؟!
فقالت لها مريم بنفاذ صبر :
_ امي اجييني مباشر ولا تتخابثي معي لانني افهمك جيدا .
دخلت سجدة لتضيف قائلة:
_ هل ما نشعر به حقيقي يا امي ام اننا نتوهم ؟!!
وضعت أحلام معلقتها جانبا وقالت :
_ من اليوم الاول لهما و انا اشعر ان هناك شيئا بينهما حتي و لو كان الظاهر لنا مشاحنات و مشجارات و هذا ما اكد لي انهم يدارون على مابداخلهم بالخناق .. لكن على من .
غمزت لها سجدة وقالت بسخرية :
_ و هل فشل ردار الامهات يوميا من قبل تلتقطونكل شىء قبل ان يحدث .
ضحكت احلام وقالت لمريم برجاء :
_ مريم ادخلي لاياتو اتي ها لكي تاكل انها صائمة و لم تشق صيامها بشىء .
دخلت مريم لآية وقالت لها بحزم :
_ اعطني هاتفي و تعالي معي كي تاكلي فنحن لن ناكل من غيرك .
أعطتها اية الهاتف وهى مازالت حزينة فجلست مريم بجوارها وقالت :
_ ما بك يا ايات و لماذا مازلت حزينة الم تهاهفيه و سمعتي صوته و اتطمانيتي عليه .
ردت عليها اية بهدوء :
_ انا لاول مرة اشعر بالخوف و هو ليس بجواري يا مريم .. اقصد بجوارنا .
إبتسمت مريم وقالت مباشرة :
_ ىايات هل تشعرين بشىء من ناحية حازم ؟!
تنهدت اية طويلا وقالت :
_ صدقا نعم .. فانا لا اشعر بالامان سوى معه و بجواره اما و هو بعيد عني اشعر بالخوفالذي داهمني ليلة التقيته اول مرة حين كنت وحيدة بالشارع .. و عندما يكون الا جوارى و يطالعني اشعر كانني ملتحفة بنظراته من البرد و اشعر بالدفء و عندما جربت غيابه لاول مرة اليوم شعرت بخوف لا اجد له سببا .
زادت ضحكة مريم وقالت :
_ السبب معروف لقد وقعتي يا قطة ولم يسمي عليكي احد .
قطبت آية حاجبيها وقالت بتعجب :
_ ماذا تقصدين ؟
وقفت مريم وقالت بمكر :
_ لا انت مازلت صغيرة عليالحديث بهذه المواضيع .. قومي معي امي تنتظرنا و لا يصح ان نتاخر ليها .. و المسلسل الذي تحبيه قد بدا .

*********************

مر يومين و اية على نار فى إنتظار عودته والحزن أصبح صديقها جلست فى المطبخ مع أحلام تتابع طهيها للطعام .. ليأتى إليهم صوت شجار سجدة و مريم خرجوا وقفوا أمامهم لتقول مريم بغضب :
_ لقد سأمتك يا سجدة قلت لك اكثر من مرة لا تلمسي اشيائي و انت لا تفهمين .
ردت عليها سجدة بامتعاض :
_ و هل سيتسخون من لمستي يا مريم .. الامر ابسط من صياحك هذا .
رفعت مريم عينيها بملل و قالت :
_ لا الامر ليس بسيط .. فاشيائي مهمة و غالية و ان اختفي جزء منه تختل دراساتي .
وقفت أحلام بينهما وقالت بضيق :
_ ما بكما يا بنات لماذا تتشاجران ؟
ردت عليها سجدة بغضب :
_ مريم تريد التحكم في في غرفتي يا امي و انا لا اريدها بها مجددا فانا من سامت و ليست هي .
ردت مريم بعصبيه :
_ و هل انام علي اريكة الصالة مثلا كي اريحك مني ؟!
ردت عليها آية مسرعة :
_ عودى الي غرفتك يا مريم و انا سانام علي الاريكة حتى عودة حازم فهو ليس بالبيت و ساكون علي حريتي اكثر .
ردت عليها احلام بسرعة ونيران عيونها طالت مريم و سجدة :
_ لا يا حبيبتى انتي لن تنامي على الاريكة يمكنكى استخدام غرفة حازم حتي عودته .
لمعت عيونها من الفرحة وقالت :
_ حقا !! يمكنني النوم بها .
إبتسموا جميعا عليها و غمزت مريم لسجدة بمكر بينما قالت أحلام بدهاء بعدما لاحظت نظرات الاثنان المنتصرة :
_ نعم حتي يهداوا قليلا .
فى المساء دخلت غرفته لتنام..... أغلقت ورائها الباب ووقفت تتطلع إليها بشوق ثم أغمضت عيونها .... وأخذت نفس عميق لتملأ صدرها برائحته التى ما زالت بالغرفة .. إقتربت من فراشه وجلست عليه ...ومررت أناملها فوقه تتلمس آثاره ... وحملت وسادته وقربتها لأنفها وإشتمتها ليدق قلبها عشقا ... ثم قبلتها وتركتها وسارت ناحية مكتبه جلست عليه ........ ونظرت لصورته مع سجدة و مريم وهو يضحك بينهم تنهدت بشوق وقالت :
_ لقد اشتقت اليك كثيرا يا حازم .. اشتقت لضحكت و غمازتك تلك حتي صياحك بي و عصبيتك اشتاقها .. يا رب اعده لي سالما كما تقول امي و بسرعة فانا احتاجه .
وجدت دفتر على المكتب فتحته وقرأت ما كتبه لتحلق معه ومع
كلماته الحانية التى لم تتوقعها من هذا المغرور حيث كتب :
《 بى رغبة شديدة أن أكتبك أن أحلق معك فى محاولة للطيران لن تكون متاحة لغيرك ، بى رغبة شديدة فى لمس كفيك لتهمس لك كفي بأننى هنا ولن أكون يوما سوى هنا ......كنت أظنك حلما سرعان م أستفيق منه كنت أعتقدك لحظة من جنون المشاعر سرعان ما تتبدل لتحل محلها لحظة واقع يخلو منك ولكنى ما سلوتك وما توقفت عن إحساسى بك ...... 》
كم تمنت لو قال لها هذا الكلام بوجهها وهى تتطلع لعينيه البندقيتين فما زالت تمنى نفسها أن تكون هى حبيبته المجهولة .
عادت لفراشه إحتضنت وسادته ونامت لأول مرة منذ تركها تنام وهى مطمئنة فرائحته تشعرها أنه بجوارها يحتضنها لتنام كالأطفال بحضن
أمهاتهم هذا الحضن الدافئ والحصن المنيع .

********************
باتت مشاعرى تنزف و تُستهلك بقوة .. لم أعد أحتمل أكثر ... لأول مرة أستسلم و أتمنى الموت .. ربما به الراحة و السكينة المنشودة و التى طالما ما بحثت عنها ...
لماذا أحيا بدنيا أخذت منى الجميع .. و تركونى لوحدتى و ذكرياتى معهم .. تركونى بغابة مليئة بالحيوانات المفترسة و التى تترقب وقوعى و هوانى لتلتهمنى دون رحمة أو شفقة ...
و لكن ..
الأصعب أن يأتيك الغدر من أقرب ما لديك بالدنيا .. تؤلم .. تؤلم جدا .. و تحطم أرواحنا و تخترق وجداننا كخناجر مسممة تخترقك مسببة آلام و جروح و قروح تنضح صديدا لا تندمل
جلس زياد بجوار سارة وعلى قدميه اللاب توب الخاص بسارة وقال مشيرا علي احدى الغرف :
_ ما رايك ياسارة بهذه الغرفة اجدها مناسبة فخمة و بسيطة بنفس الوقت كما ترغبين .
لترد عليه سارة بوجوم :
_ جميلة جدا .
زفر "زياد" بضيق وقال :
_ هذه المرة الثالثة التي تقولين بها جميلة جدا .. اختارى معي يا سارة فهي شقتك انت و اريد ان اشعر انك انتقيتي كل شىء علي ذوقك و رغبتك يا حبيبتي .
زفرت سارة بضيق وقالت :
_ اختار ما شئت يا زياد و انا اثق في ذوقك و لا تضغط علي ارجوك .
فرد بإبتسامة و قال مازحا ليخرجها من حالتها :
_ من المؤكد ذوقي جميل لانني تركت كل البنات و اخترتك انت .
ضحكت علي مزحته فقال بمداعبة :
_ و اخيرا ضحكتي يا سارة .. لقد اشتقت لضحكتك كثيرا .
طالعته بحب و قالت بامتنان :
_ انت الوحيد القادر علي اضحاكي يا زياد و اخراجي مما انا فيه .
فاقترب منها وقال بهمس ساحر :
_ فقط اضحكك .
ردت عليه "سارة" بخجل و هي تبتعد عنه :
_ زياد عد مكانك و ابتعد قليلا لو سمحت .
إقترب منها أكتر وقال هامسا :
_ و ان لم ابتعد ماذا ستفعلين ؟!!
ابتعدت عنه مجددا و قالت باستحياء :
_ ساتركك و اخرج و ستسالك امي لماذا خرجت و ستحرج امامها .
تعالت ضحكاته وإبتعد عنها وقال بإستسلام :
_ لا سابتعد فانا من البداية امزح معك .. المهم اختارى معي غرفة النوم .. لانها اهم غرفة في الشقة و في حياتنا ايضا .
نظرت له بغضب وقالت :
_ زياد انت قليل الادب و انا اكتشفت ذلك مؤخرا بشخصيتك .
إبتسم وقال وهو ينظر داخل عيونها نظرات ذات مغزى جريئة :
_ يا حبيبتي قلة الادب الحقيقية ستقابلينها عندما يغلق علينا باب واحد و خاصة باب تلك الاوضة التي اخترتها .
قالت بخجل ترجم على وجنتيها بحمرة لذيذة :
_ اخفض من صوتك يا مجنون امي ان دخلت علينا ستسود عيشتك و عيشتي حينها سترتاح .
دخلت سهام عليهم وقالت بعدما وضعت صينية الكعك من يدها امامهم :
_ هل اتفقتم علي شىء يا اولاد اريد ان ارى اختياراتكم النهائية .
قال لها "زياد" بضيق و هو يقرب الحاسوب منها :
_ لا لم نختار شيئا .. اختارى انتي معي يا امي لانها اصابتني بالم في راسي و لم نهتدى بشىء .
ردت عليه "سهام" بنبرة قاطعة :
_ لا يا حبيبي اختاروا انتم هذه شقتكم و انتم من ستعيشون بها .
سألها "زياد" بتعجب :
_ هل مروان مازال يسكن مع الجدة بالاسفل ام عاد للبيت هنا .
قالت له سهام بأسى :
_ نعم مازال ينام بالاسفل بغرفة اية طوال النهار .. وطوال الليل يقضي سهرته حتي الصباح .. حتي كليته و الذي كان تفوقا بها رسب ببعض المواد و لا اعرف هل سيقدم الاختبار بها ام سيعيد العام الدراسي كله .
قال لها "زياد" بحزن :
_ اللهم اهده للطريقالصحيح و باعد بينه و بين كا ما يؤذيه ى.. انا مازلت اشفق عليه رغم كل شىء فما مر به يهدم اي شخص .
ردت عليه "سارة" ساخرة و هي تشيح بوجهها بعيدا عنه :
_ لا يستحق الشفقة فهو من الاساس شخص اناني لا يهتم سوى بنفسه و فقط .
رد عليها زياد بألم :
_ سارة حرام عليك بالنهاية هذا اخوكي الكبير و يجب ان تحترميه .
ردت عليه بلهجة حازمة بعدما همت واقفة بانفعال :
_ انا لا اخوات لدى و لن يعود اخا لي سوى مع عودة اية سالمة للبيت و هذا صار مستحيلا علي ما يبدو .
تركتهم "سهام" و خرجت وقلبها يعتصره الألم على غائبة حاضرة وبائس غارق فى وحله لأذنيه ومعذبه عل فراق أختها وأخوها .
الفطرة ....
خلقنا الله بفطرتنا النقية و الصافية و مع مرور الأيام تتلوث الفطرة و يدفعنا الشيطان لطريقه و يحول نفسنا إلى شخص آخر أو صديق سوء مسلط على آذيتنا و آذية من حولنا ...
أما عن ما يسمى تأنيب الضمير .. ففى ذلك الوقت نغلق عليه ألف باب و باب و نتغاضى عن صراخه بداخلنا باحثا عن منفس يخرج من خلاله ....
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي