الفصل، العشرون

تركها مروان واتجه مروان ناحية منظم الحفل و طلب منه أغنية رومانسية أخيرة و وافق...
فقال منظم الحفل في المذياع الداخلي للقاعة :
_ اطلب من جميع الكابلز الصعود للمسرح لمشاركة العروسين رقصتهما الأخيرة.
توجه مروان ناحية آية ومد يده إليها فلم تعره إهتمام فضحك وجذبها من يدها و صعد بها وبدأ الرقص معها ...
مع وجومها إقترب من أذنها وبدأ يغنى لها مع الأغنية..
فى البداية لم تتجاوب معه حتى ذابت بين يديه وهو يغنى لها وينظر لعيونها بحب إبتسمت له و هو يتابع غنائه بهمس عابث...

كان الجميع يتطلع إليهم وإلى سعادتهم التى مصدرها حبهم البادى فى كل نظرة حتى سارة و زياد أخذوا يتطلعوا إليهم بسعادة ....
وقف إيساف ينظر إليهم بغضب وقال بصياح هادر:
_ هل سامحته بهذه البساطة؟!! هل تحبه بهذا الشكل؟! تحب هذا التافه و تتركني أنا.. قسما بربي لأجعلكم تندمان على ما فعلتماه بي و ستريان و سيرى الجميع إنتقامي.

ترك المكان وخرج والغضب يأكل فيه كالنيران المشتعلة ... و يتوعدهم..

عادوا لمنزلهم بعدما إنتهى الحفل.. فهمت سارة بالنزول من السيارة أمسك زياد يدها وقال بحب :
_ ستتركيني يا سارة.. فقط أردتكِ أن تعلمي أنني احبكِ جدا و لكن هل أحببتني أنتِ أيضاً؟!
إبتسمت بخجل و طالعته بحب فقال بتلهف:
_ هذه الابتسامة و تلك النظرات تعني أنكِ أحببتني و هذا يكفيني انا لم أكن يوماً طماع أو عجولا لأمر ما.. أدامك الله بحياتي يا كل حياتي.
تركته و هبطت و هي تضع كفها على قلبه عله يهدأ قليلا و تمتمت بخفوت قائلة:
_ و أنا أيضا أحبك يا زياد.

•   * * * *

فى الصباح إستيقظت راما على لمسات حانية على وجهها.. فتحت عيناها بتثاقل فوجدت أبيها يجلس على طرف فراشها و يبتسم لها في هدوء...
إنتفضت جالسة و إحتضنته و هي تقول بسعادة:
_ أبي هل أنا أحلم؟!!!
ضمها لصدره قائلا بنبرته القوية الحانية:
_ حبيبتي الغالية أنا معكِ أنتِ لا تحلمين.
إبتعدت عنه قليلا و طالعته بشوق و هي تقول بسعادة:
_ إشتقت إليك كثيرا إسبوعين لم أرك.. هل إستطعت ان تبتعد عني إسبوعين كاملين يا أبي ؟!!
لملم شعراتها الذهبية خلف رأسها و هو يقول بهدوء:
_ فعلا طالت مدة زيارتي لكِ و لكن لأنني كنت أحضر لكِ مفاجأة ستسعدكِ كثيراً.
طالعته بإهتمام و هي تبتسم بهدوء فأردف فؤاد قائلا بإبتسامة متسعة:
_ بعد إسبوع ستعودين للبيت و تنيريه يا حبيبة قلبي كما كنتِ تتمني.
تلاشت إبتسامتها ببطء و بات وجهها شاحباً و هي تطالعه بصدمة.. تعجب فؤاد من إنفعالها و سألها فؤاد بتوجس:
_ راما انتِ بخير يا إبنتي ؟!!
إبتلعت راما ريقها و سألته بأنفاس متلاحقة:
_ سأعود للبيت؟! و لكن هل أمورك إستقامت و إختفت مشاكلك؟!
ربت على ذراعها و قال مؤكداً بقوة:
_ تقريبا.. فبعد ثلاثة أيام ستعقد المناقصة و سواء فزت بها أو لم أفز فالخطر علينا سينتهي و بعدها نعود لحياتنا الطبيعية و تعودى لبيتك يا حبيبتي.
تهدلت ملامحها و هي تتخيل أنها لن ترى غنام مجدداً.. فاللحظة التي طالما خشيتها قد إقتربت...
تابع فؤاد حديثه قائلا:
_ لقد تعبت و أنا احادثك سراً بهواتف سرية و آتي لزيارتك بالكثير و الكثير من التشديدات الآمنية حتي يطمئنوا أنه لا أحد يتتبعني و المسافة بعيدة من القاهرة للإسماعيلية.. فليكفينا بُعد قاربنا على العام حبيبتي.
تنهدت راما بأسى و قالت بنبرة خافتة:
_ ولكنني إعتدت على المكان هنا و أحببته كثيراً.. كيف لي أن أتركه هكذا ببساطة؟!!
رفع فؤاد وجهها ناحيته و قال:
_ لهذا جئت إليكِ اليوم.. أمامك إسبوع لتجهيز نفسك للعودة و الشقة هنا ملككِ أينما شئتِ و وقتما شئتُ تعالىّ و إبقي بها كما تريدين.
جذبها من ذراعها و هو يقول بحماس:
_ قومي فلتغتسلي و بدلي ملابسكِ كي نخرج لنتناول فطورنا بمطعم على البحر و نتنزه بالإسماعيلية قليلاً.
وقفت و هي تومئ برأسها بإنصياع.. تركها وخرج.. فتوجهت للمرحاض و إغتسلت و هي تشعر بإختناق شديد لن ترتاح منه إلا برؤية غنام.. لابد أن يجدا حلا لهذه المشكلة.. فهي لن تستطيع البُعد عنه....
إرتدت ملابسها و خرجت من غرفتها.. فناولتها رمزية الحقيبة و هي تتفرس في ملامحها بأسي..
رمزية من إهتمت براما بعد وفاة والدتها و تعلم جيدا أنها كانت تخشى لحظة عودتها و ترك غنام لأنها تحبه و هو يحبها حتى لو لم يصارحاها بذلك....
ربتت على ذراعها و قالت بنبرة شاحبة كهيئة راما:
_ لقد وضعت لكِ أدويتك و معقمك بالحقيبة.. إهتمي بحالك حبيبتي.
تنهدت راما بأسى و قالت بجمود:
_ حسناً.
وقف فؤاد و توجه ناحيتها و قال بجدية:
_ و أخيرا ستعودين لي يا حبيبتي.. سآخذك الآن لمطعم يعد إفطاراً شهياً.
خرجت معه بملامح مجمدة و ما ان خرجت للطريق حتي بحثت بعينها حولها عن غنام.. فلم تجده.. إقترب منها فؤاد و سألها بتوجس:
_ هل تبحثين عن شئ ما يا راما؟!
هزت رأسها نافية و قالت و هي تعاود سيرها ناحية سيارة والدها:
_ لا.. لا أبحث عن شئ فلننطلق.
صعدت معه السيارة و عيناها مازالت تبحث عن غنام الذي يختفي بكل مرة يأتي والدها لزيارتها و بكل مرة يتحجج بعذر جديد....

•   * * * * *


إستيقظت آية متأخرة فقامت متثاقلة .. تمطأت قليلا لترى أمامها على المكتب باقة ورد جميلة نظرت لها بتعجب و وقفت و سارت ناحيته حتي وجدت بها بطاقة فقرأتها ...
ابتسمت شفتاها و هي تتابع كلمات مروان بسعادة حيث كتب لها :
"سامحيني حبيبتي.. فأنا أحبكِ بجنون و أعدكِ أنني لن أزعجك بأي شئ مجدداً.. أحبكِ يا آية"
إبتسمت ولكنها فكرت قليلا في كيفية وصول تلك الوردات لغرفتها لتجد سارة تدخل غرفتها وقالت بإبتسامة متسعة و هي تغمز بعيناها بسخرية :
_ صباح الورد.. الأمور تسير معكي بمنتهي الرومانسية يا صغيرة.
حملت آية الوردات و إستنشقت عبيرها و قالت بتعجب :
_ و لكن من أتي بتلك الوردات إلي مكتبي.. هل دخل مروان لغرفتي و أنا نائمة؟!!
أسرعت سارة قائلة بتوضيح هادئ:
_ لا تقلقي فأنا من وضعتهم على مكتبكِ.. لقد وقف مروان فوق رأسي منذ الصباح لأستيقظ قبلكِ و أفاجئكِ بتلك الوردات و بكلماته الناعمة يا سندريلا عصرك.
ضحكت آية ضحكة عالية وقالت بتنهيدة عاشقة و قد لمعت عيناها :
_ إنه مجنون و لكنني أعشقه و أعشق أى شئ منه.. فأنا كنت أحلُم بنظرة واحدة من عينيه و الآن يغدقني بمشاعره و إهتمامه و صدقه.
مصمصت سارة شفتيها و طالعتها بنفور و هي تقول بسخرية:
_ أنتما الإثنان مجنونان يا حبيبتي.. سيري أمامي فهناك عمل كثير ينتظرك و لم تتناولي فطوركِ بعد.
عبثت آية بشعراتها الطويلة وقالت بتمني حالم :
_ هل مروان بالخارج إشتقت إليه كثيراً؟!
هزت سارة رأسها نافية و هي تطالعها بنفاذ صبر و قالت:
_ لا ليس بالخارج.. فقد أنهى مهامه مع جدتي و صعد لشقتنا كي تكوني على راحتك و عندما تنتهي سيأتي ليراكِ قبل ذهابه لمحل أبي فهو يحتاجه كثيراً اليوم.
أسرعت آية قائلة بتلهف وهي ترتب غرفتها و فراشها :
_ سأنهي كل اعمالي بسرعة كبيرة كي آراه قبل ان يغادر.

ضحكت سارة على هيأتها و هي تصفع كفيها بتعجب قائلة بمزاح:
_ فلتتعلمى أن تكوني ثقيلة فأخي لطالما جذبته الفتاة التي تريه العذاب ألوان و تجعله يدور حول نفسه كي تمنحه إبتسامة منها.
إلتفتت إليها آية و قالت بتذمر:
_ سارة فلتقولي خيراً أو تصمتي إتفقنا.
اخفت سارة إبتسامتها و هي تهز رأسها بيأس...
إنتبهت على طرقات على الباب فإرتدت حجابها و أسرعت ناحية الباب و فتحته فقال لها مروان بهيام :
_ إشتقت إليكِ يا أغلي وردة ببستان الوردات جميعهم.. فأنتِ بالأمس بخطبة سارة كنتِ رائعة الجمال.
رفعت آية أحد حاجبيها بغرور لذيذ وقالت بإيباء :
_ هذا هو الطبيعي لدى و لكنك أنت من كنت أعمى في البداية.
إبتسم مروان إبتسامة متسعة وقال بمزاح هادئ :
_ بحق لكِ الدلال و الثقة حبيبتي.. فلتتدللي اكثر و أكثر.
تنهدت آية بسعادة وقالت بإمتنان و هي تتعمق بنظراتها في عينيه :
_ شكرا لك على الورد لقد أحببته كثيراً و سعدت بتلك المفاجأة.
غمز لها بعينيه و قال هامساً:
_ و أنا أحسده على لمستك له.
إحمرت وجنتاها بخجل.. فهز رأسه بيأس على جمالها و قاوم رغبته و ناحيتها تركها وذهب لمحل والده ليساعده فى بعض الأعمال....
أنهت آية أعمالها المنزلية بعد الغداء وجلست مع جدتها تشاهد التلفاز وهى سعيدة ثم حملت روايتها الجديدة و ظلت تقرأ بها حتي المساء...
تركت روايتها و وقفت لتحضر العشاء فسمعت طرقات على الباب ، تعجبت وقالت بإندهاش :
_ من الطارق الآن فخالتي و سارة مشغولتان؟!
إرتدت إسدالها وفتحت الباب لتجده إيساف.. إتسعت عيناها و شهقت بذعر و هي تتابع وقفته المتحفزة..
دفعها للداخل ودخل وأغلق الباب ورائه و هو يطالعها بحدة.. إبتلعت آية ريقها بصعوبة وقالت بتلعثم من خوفها :
_ إيساف!! ما الذى أتي بك إلي هنا هل جننت.. إلي الخارج حالا و لا تعود لهنا مجددا أنا لا أريد مشاكل بحياتي أرجوك.
تخلي عن تحفزه وتطلع إليها بشوق وهو يقول بنبرة ملتاعة عليها :
_ إشتقت إليكِ يا آية كثيراً.. لو تعلمين أنني كنت أموت بالثانية ألف مرة و أنا لا أستطيع رؤيتك و لا حتي سماع صوتك حبيبتي.
نظرت آية لغرفة جدتها وقالت بهمس قلق مشيرة بإبهامها على فمها لتنبيهه بإخفاض صوته :
_ أخفض من صوتك أرجوم فجدتي بالداخل و ستسمعك.. أخرج من فضلك نحن قد إنتهينا و أنا لم اخدعك بأى شئ.
هز رأسه بأسى و قال بملامح حزينة و هو يطالعها بوهن:
_ لا لم ننتهي فقلبي مازال متعلقاً بكِ و عقلي لا يفكر بأحد سواكِ يا آية.. فلتترفقي بي أنا أموت.
تعجبت الجدة عندما وصلها صوت طرقات الباب و مع ذلك لم يدخل إليها أحد فقالت بصياح عالي:
_ من الطارق يا آية؟!
إتسعت عيني آية بذعر و اجابتها مسرعة :
_ ثواني يا جدتي و سآتي إليكِ.
إلتفتت آية ناحية إيساف و قالت برجاء و توسل:
_ أرجوك إمشى سيفتضح أمرنا و انت لا ترضى لي بالآذى فأنا لم اؤذيك.
قال لها وهو ينظر لها بتمعن متفرساً في ملامحها المذعورة :
_ لماذا رفضتني أنا و وافقتي على مروان؟! ما به زيادة عني كي تحبيه و تتركيني فأنا سأوفر لكِ حياة رغدة و كل طلباتك بها مجابة فقط إحلمي و إتركي التنفيذ عليّ.
رفعت عيناها بملل و عادت بعينيها لغرفة جدتها و هي تهمس بفتور:
_ هذا ليس من شأنك.. و أنا لا أريد منك شئ أى شئ فقط إتركني لحالي فحياتي بها ما يكفيها و لا أحتمل أى إخفاق جديد.
إقترب منها إيساف أكثر وقال بنبرة ملتاعة و ألم :
_ و هل أهون عليكِ يا آية.. فكرى قليلا اعطي نفسك فرصة للمقارنة بيننا و ستعلمين وقتها أنه لن يحبكِ أحد كما أحببتكِ أنا.
تملك القلق من الجدة فقالت و هي تحرك جذعها جاذبة لخصرها الميت كي تنحني قليلاً لترى من بالخارج :
_ يا آية أجيبيني يا إبنتي من الذى أتي بالخارج أسمع همهمة و بدأت أقلق عليكِ.
صفعت آية وجنتها و قالت بهمس متذلل :
_ أرجوك إخرج الآن و إخرج من حياتي كلها انا لا أريد أن أراك مجدداً فأنا أحب مروان و لا أريد غيره و لا تغريني أموالك تلك لأنني مقتنعة بإختيارى.
نظر لها بغضب وقال محذراً :
_ يا آية فكرى و لو قليلاً.
دفعته من ذراعه ناحية باب الشقة و هي تقول بإصرار:
_ لن أفكر إخرج و لا تريني وجهك مجددا هل تسمعني؟!
تصلب جسده و قال بنبرة قاتمة تنذر بالأسوء:
_ اذا فأنتِ الجانية على نفسك و تذكرى دائما أنني طلبت منكِ التفكير و أعطيتك فرصة.
كانت تحاول دفعه و لكنه كان كمن إلتصق بالأرضية بصلابة حتي وجدته يخرج من بنطاله محرمةً و يطالعها بنظرات شيطانية...
قبض على محرمته و التي قد ملأها بالمخدر سابقا وضعها على أنفها وفمها فجأة... قاومت فى البداية و تعالى صراخها.. ولكنها بعد ثواني لم تشعر بشئ .. و تهاوى جسدها على الأرضية في صمت...
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي