الفصل السادس

مرت الأيام والفتيات تستعد للجامعه حلمهم منذ الطفولة.. فلقد تعبوا و إجتهدوا حتى وصلوا لهذه المرحلة من حياتهما ... بنوا عليها آمال و أحلام و مستقبل تمنوه و لكن إرادة الله هي الغالبة .. و ما عند الله خير و أبقي دائما و أبدا .....



بمجتماعاتنا يظن الجميع أن بداية حياتهم تكتب عند أبواب الجامعة ذلك العالم المبهر الشاسع و الذي تضم أيامه قصصاً و حكايات تحكي لآخر العمر...



فتحت آية باب شقتهم بإبتسامة وقالت بعذوبة :



-  صباح الخير خالتي .



أجابتها سهام و هي تدلف للداخل مطأطأة على ذراعها بحنو :



_ صباح الورد .. مستعدة إبنتي .



أومأت آية برأسها قائلة بحماس :



_ نعم مستعدة و لن نخذلكم كما عودناكم سابقا .. سنعمل بكل جهدنا على أن ننجح و نرفع رأسكم بنا.



قبلت سهام مقدمة رأسها و قالت بعزم:



_ أعلم ذلك و لكما مني كل الدعم.



بحثت آية خلفها و هي تطالع الدرج ثم عادت بعينيها لسهام و تسائلت بتعجب:



_ و لكن .. أين سارة ؟!



وضعت سهام مفاتيحها على الطاولة و هي تقول ببساطة :



_ إنها تنتظر مروان لكي تذهبوا معه إلي الجامعة .



إنتفضت كل خلجاتها و زادت دقات قلبها و هي تمرر جملة خالتها بقلبها لا بأذنها.. سيذهب معهما لقد قالت سيذهب معهما..



هل سترافقه طوال الطريق..



هل ستدخل للجامعة التي تخشاها لأنها عالم مبهم بالنسبة لها برفقته و بحمايته...



هل ستعطي رسالة لجميع الفتيات هناك أنه يخصها وحدها..



إتسعت عينى آية من الفرحة وقالت بتلهف جرئ و هي تقترب منها مسرعةً بحركة طفولية :



_ حقا خالتي !!



إبتسمت سهام قائلة بتأكيد و هي تومئ برأسها :



_ نعم يا قلب خالتك .



و تركتها و دلفت لغرفة الجدة ... و آية متصنمة مكانها بفرحة .. ستذهب معه .. سيرافقها طوال الطريق .. ستستمتع بعطره و سحره أطول وقتٍ ممكن، لربما تشبع حواسها بهيئته الرائعة دوما....



ركضت حتي غرفتها و هي تلامس وجنتيها المكتسيتين باللون الأحمر من الفرحة و فتحت خزانتها و وقفت قبالتها تقلب بين ملابسها لإختيار الأفضل بينهم...



تريد أن تملأ عيناه حتي لا يطالع غيرها و يتأكد أنها أجمل من جميلاته الذى يتحدث عنهم دائماً بإستفاضة أمامها دون مراعاة لمشاعرها و إحتراقها من حزنها..



إرتدت طقماً أحضرته منذ أيام و وقفت تطالع هيأتها بالمرآة واضعة مرطب الشفاة الذى جعل شفتاها تحمران بخجل و أظهر جمالهما و إكتنازهما..



ثم أزالته مسرعاً في حركة واحدة بكف يدها فهي تخجل من أن تخرج هكذا و مروان سيوبخها كما يفعل دائماً معها هي و لا يستطيع أن يثني سارة عما تضعه كما يستطيع قمعها..



هزت رأسها و هي تقول بداخلها:



_ هذا ليس يوم تلك الأفكار القمعية و السوداء.. فأنا سأرافقه للجامعة و هذا يكفي.



حملت حقيبة يدها و خرجت مسرعة و هي تكاد تكون طائفة على الأرضية لا تسير عليها من سعادتها...



بعد قليل نزلت سارة و مروان، دخلا للجدة و بعد إتمام روتينهم اليومي إنصرفوا ثلاثتهم و هى فى قمة سعادتها و عيونها قد تعلقت به و سارة كعادتها تهز رأسها بيأس على حالتها الهيمانة و العاشقة تلك ...



إستقلوا سيارة أجرة وظلت آية على حالتها طوال الطريق تتطلع إليه بفرحة لقربه منها ......



و هو لم تفارق عينيه هاتفه و هو يراسل أحدهم.. لن تسمح لعقلها البائس أن يخيل لها أنه يراسل فتاة لأنه أخبرها بعينيه منذ قليل و هو يطوف بهما عليها بإعجاب أنها جميلة..



لتحمل تلك اللحظات بداخلها أفضل لها من الإنصياع ورتء أفكارها التى باتت تؤذيها نفسياً...



وصلوا للجامعة.. دلفت لهذا العالم الكبير الواسع و هي تبتلع ريقها بتوتر و قلق و لا تدرى أي شئ يخبئ لها هذا المكان المكتظ بالشباب أمثالهم ...



إنبهرت الفتاتان بالجامعة فهي بالتأكيد أكبر من فناء المدرسة الذى تعودن عليه ، ساروا بداخله يتطلعون حولهم بشغف اخذتهم هالة و شموخ هذا الصرح الكبير و حلمهم الأكبر ...



قطع إنجذابهم و إندهاشهم قدوم فتاه تقترب منهم حيث مروان و هي تقول بنعومة :



_ مروان حبيبي إشتقت إليك .



رفعت آية طرف شفتها بحنق و هي تطالعها شرزاً ، رد عليها مروان بإبتسامة شقية :



_ يالا حظي .. و أنا إشتقت إليكي و إشتقت للجامعة فقط لرؤيتك .



ردت الفتاة بدلال قائلة :



_ لو كان الامر كذلك لكنت سألت عنى خلال فترة الإجازة .



إقترب منها و قال بنبرة هادئة :



_ حبيبتى لدى الكثير لأفعله بالإجازة و لكنني لم أنساكي و لو للحظات كنت المسيطرة بلا أدني شك على تفكيري و مشاعرى .



ضحكت وقالت :



_ أيها المحتال.. لقد إشتقت لحديثك الناعم جدا.



إقترب منها و هو يقول بهمس ناعم و آية تضغط أسنانها بقوة:



_ أبعد الله الشر عنكي يا قمر.



لوحت له بيدها وهى منصرفة موزعة أنظارها بين آية و سارة وقالت برقة :



_ سأتركك الآن يبدو أنك مشغول و نلتقي بوقتٍ آخر.



تركته مبتعدة وعيونه تتفحصها من قدميها حتى رأسها فهى



مرتدية ما يعريها أكتر ما يسترها.



فقالت له آية بغيظ :



_ من هذه الفتاة و لم تقول لك حبيبي؟!



فرد عليها محذراً :



_ لا دخل لكِ بما يحدث إهتمي بشئونك و فقط.



جحظت عيني آية مجدداً و هي ترى تقدم إحدى الفتيات منهم مرة أخرى وقالت موجهة حديثها لمروان :



_ مروان إشتقت إليك كثيراً أين انت؟!



كتمت سارة ضحكتها و هي تطالع آية التي وقفت بينهما و توزع أنظارها عليهما بإبتسامة ساخرة.. حتي إقترب مروان منها و أجابها قائلا بجرأة:



_ سامحيني يا قمر.. و لكن ما كل هذا الجمال إزداد جمالكِ و أصبحتي أجمل فتاة بالجامعة.



تغنجت الفتاة بكتفها وقالت هامسة :



_ حقاً يا مارو؟!



ضيقت آية عيناها و هي تحولها ناحية مروان الذي كان يحدجها بنظرات هائمة و هو يقول بنبرة تذيب الحجر:



_ أكيد.. ألا تمتلكين المرايا ببيتكم لتتأكدى من حديثي.



فضحكت ضحكة عالية ماجنة فقال بصياح :



_ أموت أنا .



نظرت له بدلال وتركته ومضت وعيونه تتبعها... نظر حوله



و تنهد قائلا :



_ هل هذا موسم حصاد الفاكهة.. الفتيات كلها قد طابت و أصبحت جاهزة للقطف.



إشتعلت عيني آية بغضب و قالت له بنبرة لاذعة :



_ إحترم حالك أو إحترم وجودنا على الأقل.



إنتبه لوجودهما فقال بنفاذ صبر :



_ و ما شأنك أنتي بما أفعل.. هل أنتي ضميري و أنا لا أعلم.. ها هي سارة تقف و لا تنطق كما تفعلين انتي فإفعلي مثلها كعادتك.



إبتلعت ريقها بخجل و نكست رأسها و هي تقول بحزن:



_ معك حق.. كنت فقط أنصحك.



تطلع إليها بغضب وقال بحدة :



_ وفرى نصائحك لنفسك هل تسمعيني؟!



إتسعت عيناها وقد بدت على مشارف البكاء و طالعته بصدمة متسائلة بتلعثم :



_ هل ترفع صوتك علي يا مروان؟!



تدخلت سارة أخيراً لفض النزاع بينهما كعادتها وقالت بصرامة :



_ هل ستتشاجرون هنا أيضاً.. فلنهدأ من انفسنا قليلاً.



إقترب منهم شابان من أصدقاء مروان .. رحب به محمد قائلا و هو يوزع أنظاره بين آية و سارة بإعجاب :



_ كيف حالك مروان.



رد عليه مروان بإيتسامته الشقية :



_ بخير حال و أنتما كيف حالكما؟!



أجابه عبده وهو يتطلع على الفتاتان أيضاً بإعجاب :



_ كما تركتنا ليلة أمس.. و لكن متي إستطعت صيد تلك اليمامتين.. يبدوان جديدتان بورقتيهما.



دفعه مروان بعيداً عن الفتاتين و هو يقول بغضب :



_ هل جننت إنهما إخوتي فلتهدأ قليلاً أفضل لك.



فقال له محمد وهو يلتهم آية بعينيه :



_ أنا اعرف أختك سارة و لكن من تلك الجميلة معها؟!



وقف مروان قبالتهم يحجب عنهما الرؤية بجسده العريض وقال محذرا :



_ إنها إبنة خالتي و إبتعدوا عن وجهي حالا قبل أن يطالكم غضبي.



إلتفت مروان للفتاتان وقال بحسم :



_ إنتظراني هنا ريثما أعود سأصور لكما جدول محاضراتكما و سأعود من فورى.



فقالت له سارة بضيق :



_ لأ نحن سنذهب و نصوره و انت تعامل مع من ينتظرونك.. ستبقي فاشل للأبد.



جذبت آية من ذراعها وإنطلقا لكليتهما تتبعهم عيني مروان بقلق.. في البداية كسي وجههما التعجب و الإنبهار و لكن بعد قليل و بسؤال بعض زميلاتهن صوروا جدولهما و جلستا سوياً لإلتقاط أنفاسهما فقالت سارة بإرهاق :



-  الموضوع أصعب مما تخيلنا يا آية.



و لكن آية كانت بعالم آخر و هي تتطلع حولها وقالت بقلق :



_ أين مروان انا لا أراه؟!



زفرت سارة بعصبية و قالت :



_ هل تبحثين عنه لتكملوا شجاركما و تجعلونا فرجة للجميع بأول يوماً لنا هنا.. إتركيه لفتياته.



عدلت آية من حجابها و هي تقول بضيق :



-  ربنا يهديه .



وقفت سارة مجدداً و قالت بجدية:



_ هيا بنا لنرى اماكن المحاضرات لا نريد مشاكل من البداية.



وقفت آية و سارت بجوارها و هي مازالت تبحث عنه بعيناها و فكرة انه الآن يقف مع إحدى الفتايات تزيد من إشتعال قلبها و تخرجها من تركيزها.....



..................................................................

...............







شعرت راما بالملل فوقفت بشرفة غرفتها تطالع البحر حتى وقفت بجوارها رمزية و سألتها قائلة:



_ هل تريدين شيئاً لتشربيه حبيبتي؟!



إلتفتت إليها راما و قالت بضيق:



_ أريد أن أعود لبيتنا فأنا منذ قدومي لهنا و أنا أشعر بالملل.



جلست رمزية على مقعد بجوارها و قالت ببديهية:



_ من المؤكد ستملين حبيبتي فأنتي لم تخرجي من هنا سوى مرتين فقط و البلد رائعة لم أتوقع أن تكون الإسماعيلية بذلك الجمال خاصة منطقة قناة السويس.



إبتسمت راما بهدوء و قالت بحماس:



_ ما رأيكِ أن تأخذيني بجولة داخل الإسماعيلية ربما أقع بعشقها كما تفعلين أنتي؟!



اجابتها رمزية بفرحة:



_ طبعاً.. سأنهي اعمالي المنزلية حتي تستعدى و ترتدى ملابسك.



و تركتها و خرجت.. وقفت راما أمام خزانتها تبحث عن شئ بسيط ترتديه فإرتدت بذلة رياضية سوداء و حذاء رياضي أبيض و أسدلت شعراتها الشقراء على ظهرها و وضعت بعض مساحيق التجميل التي ابرزت جمال ملامحها الرقيقة و عينيها العسلية و حملت حقيبتها و وضعت بها هاتفها و الكاميرا الخاصة بها و تعطرت و خرجت لتجد رمزية بإنتظارها...



أغلقتا الشقة التي إشتراها والدها لها لتبقي بها بآمان بعيداً عنمشاكل عمله و إستقلا المصعد حتي هبط بهما و خرجتا تضحكان.. وقفت راما امام سيارتها و ضغطت زر جهاز التحكم بها فإنفتحت و فجأة وقف أمامها شاب طويل يرتدى فقط بنطال صدره عارى ممتلأ بالعضلات و يستخدم سترته بتلميع السيارات المصفوفة و قال لها بهدوء:



_ مرحبا آنستي.. هل انتي صاحبة تلك السيارة؟!



إبتعدت راما بعينيها عنه بعدما طالعته مطولاً بإعجاب و قالت بإستحياء:



_ نعم هي سيارتي.



فقال لها بعملية:



_ لقد إهتممت بها الفترة السابقة و لم أجعل قطة صغيرة تقترب منها و كنت أنظفها كل يوم بإنتظام.



طالعت رمزية بعدم فهم.. فإقتربت منه رمزية و اخرجت من حقيبتها مبلغاً مالياً و أعطته إياه قائلة:



_ شكرا لك.. تفضل.



أخذ منها المبلغ المالي و قبله و وضعه ببنطاله و هو يقول بفرحة:



_ انا تحت أمركما بأى وقت و إن إحتجتا أي شئ فقط قولا يا غنام سأحضر على الفور.



ثم إعتدل بوقفته و تابع بتفاخر:



_ فأنا السايس المسئول عن السيارات بتلك المنطقة كلها.



إبتسمت راما على ثقته بنفسه و قالت و هي تفتح باب سيارتها:



_ تشرفنا يا غنام و فرصة سعيدة.



صعدت رمزية هي الآخرى بجوارها حتي أدارت راما السيارة فإقترب غنام من سيارتها و قال بصياح:



_ رافقتكما السلامة بآمان الله.



أشارت له راما بيدها و إنطلقت بالسيارة و هي تقول لرمزية بإبتسامة متسعة:



_ يبدو لذيذاً.



أشاحت رمزية بيدها و قالت بحنق:



_ أنا لا أحب أمثاله فهم لا يعملون و يأخذون من أصحاب السيارات أموالا بدون أي سبب.



طالعت راما الطريق و قالت بجدية:



_ و هل حراس القصر عندنا يفعلون شيئاً سوى الحراسة و مع ذلك يعد وجودهم أهم شئ لحماية البيت و حمايتنا.. لا تسخفي من عمل أى أحد فلولاه لكنا ننظف السيارة بنفسنا حاليا لأني لم اقودها منذ إسبوعين.



أشارت لها رمزية علي الطريق و هي تقول بإنصياع :



_ معكِ حق حبيبتي.. اترين هذا الطريق إسلكيه كي نتجه لقناة السويس سيعجبك المكان حتماً.



طوال الطريق وراما تتطلع حولها بإعجاب و هي تطالع الصيادون بهيأتهم التي لطالما رآتها بالأفلام القديمة بقبعاتهم المميزة و ستراتهم التي تلوثت خلال صيدهم و آثار الإجهاد على وجوههم حتي أصبحت علي طريق قناة السويس و بعد دقائق صفت سيارتها و خرجت منها مستنشقة رائحة البحر..



إلتفتت لرمزية و قالت بإعجاب:



_ المكان هنا رائع، بالمرة القادمة سأحضر معي أدوات الرسم و اجلس هنا و أرسم بأريحية.



اومأت رمزية برأسها و قالت مؤكدة:



_ معكِ حق فالمناظر الطبيعية هنا خلابة.



أخرجت راما الكاميرا الخاصة بها و بدأت بإلتقاط الصور للمكان حولها و اعطت الكاميرا لرمزية فأخذت لها الكثير من الصور عند مرور إحدى السفن العملاقة بالقناة و التي زادت المكان عظمة و كبرياء حتي إنتهيا و إستقلا السيارة و إتجها لمكان لتناول وجبة غذاء خفيفة.....



قد أسر المكان لُبها و ظلت لساعات تتجول بالسيارة حتي قررا العودة.. بطأت راما بسيارتها فوجدت غنام واقفاً بمكانه و ما أن رآها حتي إقترب منها و هو يقول بصياح عالي:



_ إلا اليمين آنستي و بهدوء.



إبتسمت راما و هي تصف سيارتها كما قال لها.. حتي أوقفتها تماماً و ترجلت منها فإستقبلها قائلاً:



_ أهلا آنستي.



ترجلت من السيارة و قالت له بود:



_ إسمى راما.



ضحك ضحكة عالية و قال متعجباً:



_ ماذا؟! راما.



رفعت عيناها بملل و هي تعدل من حقيبتها قائلة بسخط:



_ ألم يعجبك إسمي يا غنام.



تنحنح بخجل و قال مسرعاً:



_ لم أقصد السخرية و لكنه إسم غريب بعض الشئ.



هزت رأسها بتفهم و قالت و هي تنصرف:



_ أعلم ذلك.. أراك قريباً يا غنام و لن أوصيك بسيارتي.



اجابها و هو يطالع إبتعادها عنه:



_ سأحميها بعيناي آنسة راما.. طاب يومكِ.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي