الفصل الحادى عشر

استيقظ حازم من نومه على رنين منبه هاتفه اطفأه و جلس على فراشه يتمطأ بكسل و هو يقاوم العودة للنوم..
حمل هاتفه و طالعه ليجد رسالة من چيلان قرأها فابتسمت شفتيه و عينيه وهو يقاوم نعاسه بقوة..
"حبيبي هل سنلتقي اليوم؟! فأنا أصبحت لا أرى ليومي مبرر من الأساس بدونك.. حتي ولو لدقائق على الأقل"
رد على رسالتها كاتباً..
" سأحاول توفير وقت لنا حبيبتي و إن لم أستطع سأهاتفك فيديو لأراكي "
ووضع هاتفه على الكمود بجواره و وقف مسرعاً.. حمل منشفته و خرج ليجد والدته تحضر له الإفطار على الطاولة.. ابتسم بهدوء و هو يتقدم نحوها قائلاً:
_ صباح الخير يا كل الخير.
ضمها لصدره و قبل رأسها لتجيبه بابتسامتها الودودة:
_ صباح الخير حبيبي.
خرجت مريم من غرفتها تتمطأ و هي تقول بفتور :
_ أشتهي يوماً أنام فيه حتى الظهيرة كالفتيات.
ابتسم حازم على حالتها و قال لمداعبتها:
_ كوني فتاة بالبداية لتنامي مثلهم عزيزتي.
اتسعت عيني مريم متخلية عن رداء النوم ذاك وهي تقول بغضب:
_ رأيتِ يا أمي إنه يستفزني و أنتِ لم توبخيه.
سارع حازم قائلا و هو يتصنع البراءة:
_ أنا أستفزكِ معاذ الله.. أنا فقط أقول الحقيقة.
رفعت آمال عيناها بملل و قالت بحزم:
_ لا أريد الشجار اليومي هذا قد سأمت منه كفي انت وهي.
ثم تطلعت بمريم و قالت بنبرة جادة:
_ ادخلي لغرفة سجدة و حاولي أن توقظيها و إن فشلتي سأدخل لها أنا.
أومأت مريم برأسها و قالت و هي تستدير مبتعدة:
_ هذا يعد جهاد في سبيل الله.. فابنتك البائسة تلك تحتاج لقنبلة نووية لإيقاظها لا لفتاة مثلي.
تعالت ضحكات حازم على إثر كلماتها.. بينما قالت له أمه بحنو:
_ لقد أعددت لك الإفطار اغتسل أولاً و ارتدى ملابسك و تعال كي نجلس سوياً.
طالعها بحب و هو يقول بامتنان:
_ أدامك الله بحياتي يا غالية.. لا أعلم إن تزوجت هل ستهتم بي چيلان هكذا كما تهتمين انتِ؟!
أجابته و هي تلوى فمها علي مضض قائلة بسخرية:
_ لا تقلق ستجد خدامة تفعل لك كل هذا.. هل تظن أنها ستفسد طلاء أظافرها من أجلك.
ابتسم بيأس قائلا:
_ لا تقلقي فهي لم تعد كما كانت تغيرت كلياً بعد مشكلتنا الأخيرة و باتت أكثر تعقلاً و بدأت في تعلم الطهو من أجلي و لم تخشي على طلاء أظافرها كما تقولين.
حركت آمال كتفيها بتسليم وقالت و هي تتجه ناحية المطبخ:
_ ربما و لكنني أدرى منك و أعرف بأمور النساء... مثلها لن ينصلح حاله و لن يتغير و ضع تحت ينصلح حاله ألف خط يا حازم.
تابعتها عينيه و هو يتنهد بأسي.. ثم عدل من وضع منشفته على كتفيه و دلف للمرحاض مستسلماً..



•   * * * *

وقفت راما أمام مرآتها تجدل شعراتها بشرود و هي تمتم بخفوت:
_ أفكر ألا أخرج اليوم.. لا بل سأخرج لأرسم بداية النهار.. ولن اعطيه وجهاً.. ربما أرفض اصطحابي له و أذهب بمفردي ..
انتهت من جدائلها الجميلة و هي تطالع نفسها بإعجاب قائلة:
_ كما كانت تفعل لي أمي بالضبط.
انتبهت لكلماتها ليعلو الشرود و الوجوم وجهها.. تشتاق لامها فالإنسان مهما كبر و تقدم بالعمر يظل احتياجه لوالديه دائم.. و يصيبه الفقد و الوحدة بخسارة أحدهما...
حملت هاتفها و عبثت به قليلاً قبل أن تضعه على أذنها تستمع للرنين حتى أتاها صوت والدها قائلا بحنو:
_ كيف حالك اليوم حبيبتي.
أجابته بفتور:
_ لا شأن لك فأنا غاضبة منك جداً.
وصلها صوت ضحكاته و هو يقول بمزاح:
_ حبيبتي الصغيرة غاضبة مني أنا.. لا أنا لا قوة لي على مجابهة غضبك سنيوريتا.
ابتسمت بخفوت و هي تقول:
_ أنت لا تتذكرني كما يجب و لا تسأل عني كأنني كنت عاتقاً و حملاً عليك و تخلصت منه.
هز رأسه نافياً و كأنها تراه و قال بشهقة خفيفة مستنكراً كلماتها:
_ أنا يا راما.. لقد هاتفتك بالأمس أربع مرات و هاتفت رمزية أكثر منكِ لأطمئن عليكِ و علي صحتك.
أجابته راما علي مضض:
_ هذا لا يكفي يا أبي.. فأنت نمت بالأمس قبل أن تسمع صوتي و تطمأن علي و قد غضبت منك و لم أنم جيداً بسببك.
أجابها بجدية مصطنعة:
_ معكِ حق.. لقد أخطأت بذلك الأمر و لن أكررها مجدداً.
اتسعت ابتسامتها و قالت بحنو:
_ لقد عفوت عنك يا حبيبي.. فقط أنا أشتاق اليك ليس إلا.
تنهد مطولا قبل أن يقول لها بهدوء:
_ أنا أشتاق اليكِ أكثر.. وقريباً ان شاء الله ستكونين معي و تعودين لبيتك سالمة يا قلب والدك.
انتفض قلبها مذعوراً عند سماع كلماته.. ستعود يوماً ما لبيتها و حياتها.. و غنام..
اغمضت عيناها و هي تقول بتلعثم:
_ حسناً يا أبي سأتركك الآن كي أتناول فطوري و أرجوك ألا تنساني و هاتفني دائما.
إجابها بتأكيد:
_ بالطبع حبيبتي سأهاتفك طوال اليوم كي أؤنسكِ يا غالية لا تقلقي.. بآمان الله وحفظه.
ابتلعت ريقها و هي تقول بهمس رقيق:
_ في حفظ الله.
أغلقت الهاتف و عادت لشرودها الجديد.. هل ستبتعد عنه بيوم ما.. و هل يسمى يوما من الأساس حينها.. لقد اعتادت عليه و لن تستطيع العودة لوحدتها مجدداً...
لن تتحمل اختفاؤه.. لو كان الأمر بيدها لطلبته للزواج و تزوجته و أغلقت عليه ألف باب كي لا تراه أى أنثي غيرها..
أي أنثي غيرها!!!!
اتسعت عيناها بفزع و هي تقول بغضب:
_ لعله الآن و هو ينتظرني قد اقتربت منه فتاة كالمرة السابقة يجب علي ان أنزل إليه حالاً.
حملت أشيائها و خرجت مسرعة فأوقفتها رمزية قائلة:
_ إلي أين ألن تأخذي شطائركما ككل يوم.
مدت راما يدها ناحيتها و قالت بضيق:
_ ناوليني إياهم أسرعي.
فسألتها رمزية بتعجب:
_ و لم العجلة فلتنتظري قليلاً.
صرخت بها راما بفقدان صبر و هي تتخيله الآن يقهقه ضاحكاً مع غيرها:
_ و ما شأنك أنتِ هل ستعطيني الشطائر أم أتركها لكِ.
ناولتها رمزية الشطائر و هي تقول مسرعة بهدوء:
_ لا تفضلي ها هي.. و لا تنسي أن تتناولين بعدها أدويتك لقد وضعتها بحقيبتك ككل يوم اتفقنا.
التقطتهم راما و هي تقول بانصياع هادئ:
_ حسناً لا تقلقي سأتناوله.. وداعاً.
هبطت بالمصعد للأسفل و هي تتذكر قربها منه آخر مرة به فابتسمت بتنهيدة حالمة.. خرجت تتعثر بثقل معداتها و هي تمسح المنطقة بأكملها بعينها فلم تجده..
شعرت بالضيق يتملك منها و قد تهدل وجهها بحزن و وقفت كالتائهة لا تعلم أين تذهب..
هل تعود لشقتها.. أم تذهب لمكانهما المعتاد و ترسم.. لم تشعر بقدميها التي حملتها إلي السيارة واضعة ذلك الحمل بها و صعدتها وهي مازالت تبحث عنه حتى ملت و أدارتها و انطلقت..



•   * * * * *

حضرت آية الفطار لها و لجدتها و هي لا تطيق الانتظار أكثر.. ارتدت ملابسها الجديدة والمكونة من سروال جينز ضيق وعليه فزت بنى طويل وارتدت حجاب بيج في بنى .. وضعت زينة وجه بسيطة .. ووضعت عطرها الجديد و انتعلت حذائها العالي وظلت تنظر لنفسها في المرآة بسعادة .
سمعت طرقات على باب الشقة تعرفها عن ظهر قلب حاولت تمالك توترها وفتحت الباب لترى مروان أمامها.. و الذى وقف يحدق بها بتعجب وقال بمزاح ساخر :
_ هل يوجد عند جدتي ضيوف بهذا الوقت المبكر؟!
فابتسمت ابتسامة مصطنعة وقالت بضيق :
_ تفضل يا خفيف الظل فجدتي تنتظرك.
طالعها بنظرة شمولية من حذائها حتي أحمر شفاهها الوقح ورسمة عيونها المقيتة و عطرها المنفر و قال متصنعاً التفاجئ و الانبهار:
_ إذا أنت آية أليس كذلك؟!
لوت ثغرها بامتعاض و قالت بضيق:
_ نعم هي أنا.. هل أصبت بالعمي فلم تراني.
رمقها شزرا و هو يقول بازدراء:
_ ما هذا الذى فعلتيه بنفسكِ.. يا آية؟!
اعتدلت بوقفتها و وضعت ذراعيها في وسطها و طالعته بحدة قائلة بغضب :
_ لماذا تنظر الي هكذا هل أنا قبيحة مثلا؟!
قبيحة... ذلك الجسد الملفوف لفتاة هل تكون بيومٍ قبيحة.. ذلك الوجه الملائكي لفتاة هل بيوم تكون قبيحة.. تلك العيون المرسومة بحدة كنصل سكين حاد وجاهز للذبح هل صاحبتها تعد قبيحة.. تلك الشفاه التي يموت على أعتابها آلاف الجنود و كأنها قلعة محصنة هل يجوز وصف صاحبتها بالقبيحة...
لاحظت نظراته المدققة لها.. فابتلعت ريقها بتوتر و ما زاد توترها أكثر أنه مال نحوها مقترباً بشدة جعلها ترجع للوراء ليصطدم ظهرها بالحائط خلفها..
بينما اقترب هو من وجنتها وأغلق عينيه مستنشقاً عطرها أكثر وقال هامسا :
_ علي العكس تماماً فأنتِ تبدين جميلة للغاية و جذابة لأبعد الحدود.
ثم فتح عينيه متوغلا بليل عيناها و قال بنبرة قاطعة تحمل كل الحزم و القوة:
_ ولكن..... لن تذهبي للجامعة هكذا.
اتسعت عيناها و دفعته من صدره وقالت بدهشة :
_ ماذا؟!!! ولم لن أذهب للجامعة هكذا اتراني أرتدى بدلة رقص دون أن أدرى.. ألا أشبه حبيباتك اللاتي تسعي ورائهن يومياً بل أزيد أنا عنهن باحترامي و ملابسي الطويلة نسبياً.
ضغط على ذراعها بقبضته و هو يهدر بها بعصبية قائلا من بين أسنانه:
_ قلت لكِ لا تشبهين نفسكِ بأحد مفهوم.
حاولت تخليص ذراعها من قبضته و هي تقول بحدة:
_ إتركني، ذراعي بات يؤلمني منك.
انتبه على قوة قبضته.. فتركها و هو يرد عليها بحزم لا يقبل النقاش :
_ كما قلت لن تذهبين هكذا للجامعة مهما حدث و ستسمعين كلمتي هذا هو ما عندي.
طالعته بقوة و هي تقول ثائرة:
_ أنت لا تمنع سارة عن ارتداء أي شيء ترغبه و لكن أنا ترغمني على فعل ما ترغبه دائماً.. لماذا يا مروان لماذا؟!!
لم يجد عنده إجابة على سؤالها.. فقط هذا ما يشعر به و عليها تنفيذه كما اعتادت...
تخطاها قائلا ببرود:
_ لن أعيد كلماتي.
نظرت لآثره بغضب وتركته ودخلت غرفتها صافعه الباب خلفها بقوة.. فاستدار هو و نظر لها وابتسامة غريبة تعلو شفتيه..
دخلت سهام و سارة عليهما بينما بحثت سارة عن آية لتجدها جالسة فى غرفتها واضعة يدها على خدها فقالت بتعجب :
_ هل فعلتِ كل هذا بنفسكِ لتجلسي بغرفتكِ أخيراً يا غبية.
زمت آية شفتيها وقالت بضيق و هي تطالعها بنظرات جرو صغير حزين :
_ لقد قال لي أنني لن أذهب هكذا للجامعة يا سارة.
ضربت سارة الحائط بجوارها بقبضتها و هي تصيح بها بعصبية لاعنة غباؤها و ضعفها قائلة:
_ دعيه يقول ما يريد و أنتِ افعل ما شئتِ .. أنتِ الآن بالغة مسئولة عن نفسك.. يا ابنتي أنتِ حرة.. حررررررة.
وقفت آية مسرعةً و هي تطالع غضب سارة و ضربها للحائط بيدها فاقتربت منها و قالت بهدوء:
_ نعم انا حرة انتِ معكِ حق حبيبتي.. و لكن إهدأي قد تؤذين نفسك.
نفضت سارة قبضتها بألم و هي تقول بيأس:
_ اريد أن أراكِ قوية و لو لمرة واحدة يا آية يا ابنتي قبل أن أموت فأنا لستُ دائمة لكِ.
ابتسمت آية على طريقتها و قالت بانصياع:
_ حسنا سأكون قوية و لن أخشى أي أحد مجدداً.. سوى مروان.
عقدت سارة كفيها حول رقبتها و اعتصرتها بقوة و هي تقول بصياح غاضب:
_ إذا سأقتلكِ أنا قبل أن تجلطيني و أموت شهيدة على يديكِ يا آية.
قهقهت آية بصوت عالي و هي تحاول تخليص نفسها من قبضتها قائلة:
_ أنا أمزح.. و ربي أمزح.

وقفت سارة تراقبه حتى اطمأنت أنه خرج فخرجت هي وآية و ودعوا جدتهم و سهام واتجهوا للجامعة ، انبهرت الفتيات زميلاتهم من شكل آية الجديد .. و تجمعوا حولهم يطالعونها بتعجب...
فقالت لهم سارة بتفاخر :
_ ما رأيكم بالشكل الجديد الذى اخترته لها قولوا صدقاً؟!
صفرت غادة بإعجاب و قالت :
_ انتِ جميلة من الأساس يا آية و لكنكِ الآن أصبحتِ غاية في الجمال.
فقالت لها آية بفرحة :
_حبيبتي كلك ذوق.. ما رأيكم أن أعزمكم على عصير بهذه المناسبة.
طالعت سارة ساعة معصمها و قالت بهدوء:
_ أمامنا وقت.. اذهب و لا تتأخري.
اتجهت لكافيتريا الجامعة لتُحضر العصير فرأت عيون الشباب تتبعها بإعجاب و رأت إيساف يقف لها مبتسما مستندا علي شجرة وكعادته رائع الجمال.. نظرت ناحيته وأطرقت رأسها بخجل وأحضرت العصير وعادت...
جلست مع زميلاتها أخذهم الحديث فقالت غادة بصياح :
_ لقد تأخرنا المحاضرة ستبدأ و الدكتور سعيد يتصيد لنا الأخطاء.. اسرعوا يا فتيات.
أنهوا محاضراتهم وخرجوا جلسوا فى مكانهم المعتاد يمزحون و يتسامرون.. لتصطدم عيونها بعيون مروان الغاضبة فتجاهلته و أشاحت بوجهها موجهة الحديث لرفيقاتها و تعالت ضحكاتها لإغاظته...
كور قبضة يده و ضربها بكفه الآخر وقال بغضب :
_ هكذا إذا.. تتمردي علي و لا تنفذي أوامري.. إنتظرِ فقط ريثما نعود ليلتك سوداء كعينيك يا آية و لن أرحمك.
فاقترب منه محمد وقال بتعجب :
_ اليست تلك الفتاة هناك ابنة خالتك الجميلة.
اشاح مروان بيده و قال بانزعاج:
_ نعم هي الزفتة يا خفيف الظل.
تمسك بسترته و هو يقول برجاء:
_ انا أطلب القرب منك يا مروان زوجها لي ارجوك و لن أنسى معروفك هذا طوال العمر.. و سألتزم وربي.
بينما قال له عبده بتعجب زافراً بقوة :
_ ماذا حدث لتتحول هكذا.. اصبحت رائعة الجمال.
نظر إليهم مروان بغضب وقال محذراً بحدة :
_ قسماً بربي لو لم تحترما حالكما سأفرغ فيكما كل الغضب بداخلي فأنا شياطيني كلها تقفز أمام وجهي الآن و لا اريد أذية لأحد منكما.
فقال له محمد و هو يطالعها بهيام :
_ انا لم اخطئ فأنا دخلت البيت من بابه لماذا أنت غاضب إذا.. حدد لي موعد مع والدك بأقرب وقت.
فزفر مروان بضيق و التفت ناحيته وقال من بين أسنانه :
_ اللهم اخزى الشيطان.. يا حبيبي ابتعد عن وجهي قبل أن احطم لك فكك السفلي بضربة واحدة.
فرد عليه عبده ضاحكاً و هو يرفع كفيه باستسلام فهو يعلمه جيداً :
_ حسنا نحن آسفين.. فقط اهدأ لن نكررها مرة اخرى.
وظلا الاثنان ينظران لها من وقت إلى الآخر و مروان يشتعل غضبا ويتوعدها.. و سباب لاذع يخرج منه كل حين و آخر....
أنهوا الفتيات محاضراتهم وعادوا لمنزلهم وهم يصعدون الدرج هتف بهم مروان قائلا بنبرة قاتمة :
_ آية.. انتظرِ...
انتفض قلبها مع سماع صوته وانهارت أعصابها.. فقالت لها سارة لتطمئنها بهمس خافت :
_ تحلي بالقوة و لا تخشيه.
صعد مروان الدرجات التي تفصلهما و نظر مروان لسارة نظرة تحذيرية وقال :
_ سارة على شقتنا مباشرة دون حرف.
فردت عليه سارة بقلق و هي تحتضن دفاترها :
_ لا لن اترك آية بمفردها معك.
فقال لها وعيونه تشع نارا ارعبتها و جعلتها تجفل بعينيها:
_ سارة.. هل تعرفين إن لم تختفي من أمامي حالاً بدون حرف واحد ماذا سأفعل بكِ يا وش الغراب انتِ.
ابتلعت سارة ريقها بتوتر و أومأت برأسها وتركتها وصعدت راكضة لشقتها ، و آية تستنجد بها بعينيها كي تنجدها منه...
اقترب مروان من آية وقال بصوت جاهورى ارعبها منه أكثر :
_ انا لم اقل أنك غير مسموح لكِ الذهاب للجامعة بهذه الملابس و أكدت على ذلك.. صحيح.
حاولت تجميع قوتها وقالت بصلابة منتصبة في وقفتها تطالعه ببرود :
_ و لكن جدتي و خالتي قالوا انني أبدو فيه جميلة و سمحوا لي بالنزول كما أنا طالما لم أخطئ بشيء.
أشعلت نظرات التحدي بعينيها نيرانه اكثر و دنا منها قائلا بشراسة:
_ و لكن أنا قلتُ لكِ ألا تذهبي هكذا و وجب عليك تنفيذ ما قُلته دون أي اعتبارات اخرى.
ضربت الارضية بكعب حذائها العالي و قالت بغضب :
_ أنا حرة هل تسمعني أنا حرة.. أنا لم أعد صغيرتك البلهاء التي تنفذ أوامرك بغض النظر عن رغبتها هي.. سأفعل ما أريد يا مروان من الآن فصاعداً و سأرتدى ما أريده هل تفهمني.
وقف مشدوها من كلماتها و صلابتها وقال بدهشة و هو يمسح احمر شفاهها المقيت ذاك بكفه :
_ هكذا إذا.. و ما هذا الذى تلطخين به وجهك حتى أصبحتِ كما المهرج بالسيرك.
دفعت يده عنها وردت بثقة :
_ هذه مستحضرات تجميل الكل يضعها حتى سارة اتُحرم علي وحدى وضعه .
فقال ساخرا مقلداً طريقتها فى الكلام :
_ مستحضرات تجميل!!! منذ متي و أنتِ تضعين مستحضرات تجميل يا اميرة.
فقالت بعند و هي تطالعه شزرا :
_ قلت لك من اليوم فصاعداً.. ألست أشبه الآن الفتيات التي تقف معهن و تبدو وقتها بمنتهي السعادة و تعشقهم يا استاذ مروان.
أغمض مروان عينيه كاظماً غيظه و هو يقول بحزم :
_ لا لا يوجد شبه بينكم يا آية.. ثم كيف لكِ أن تقارني نفسك ببضعة فتيات رخيصة أنا أعرفهم للتسلية فقط يا مختلة؟!
تنهدت بأسي و سألته بحرقة:
_ و ان كانوا رخيصات كما تقول لماذا إذا صدقاتك تلك اخبرني.
فتح مروان عينيه و طالعها بنظرة جادة وقال فاقداً صبره:
_ هذا ليس شأنك أنت ِ.. أعرف من او لا اعرف من هذا ليس شأنكِ أنتِ .. أخرجيني من رأسك.
ابتسمت بسخرية و هي تقول بنفسها:
_ اخرجك من رأسي و هل تظن نفسك برأسي فقط.. انت بقلبي متشعباً به اخبرني كيف سأخرجك منه.. كيف؟
إحتدت نظراتها وقالت بلهجة حازمة :
_ حسناً سأخرجك من رأسي.. و لكن أولاً أخرجني أنت من رأسك و لا شأن لك بي.. أنت دعك بشأنك و أنا دعني بشأني اتفقنا.
طالعته مطولا بصمت قاتل ثم صعدت الدرج بهدوء و خيلاء لتختفي من أمامه وهو يستشيط غضبا فقال لنفسه بتوعد :
_ حسناً.. انتِ من إخترتِ يا آية.. أما سارة فعقابها معي أعلم جيداً أنها سبب قوتك و تحديك لي ستدفعان الثمن أنتما الإثنين.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي