الفصل الخمسون

الخوف في كل صوره قد تملك منه .. بدا لنفسه كأب يعلم ابنه ركوب الدراجة و يخشي عليه من الوقوع او الاصابة ...
"حازم" بخوف و هو يطالع ايات بقلق :
_ ايات ارجوك افعلي كما علمتك حرفيا وبهدوء اتفقنا .
ضغطت بقدمها على المكابح لتسير السيارة فاتسعت عيناها و قالت "آية" بسعادة بالغة :
_ يا الهي انها تسير .. هل لاحظت حركتها ؟!
ضحك "حازم" ضحكة عالية وقال ساخرا :
_ من المؤكد ستسير فهي لن تحبو .. بهدوء فان خدشت السيارة ساقتلك يدى .
نظرت له نظرة شريرة فهمها فقال محذرا :
_ اياك يا ايات ان تفعليها .
زادت من سرعة السيارة ليقول صارخا :
_ ساقتلك يا مجنونة ما ان نتوقف احياء .
أمسك لمقود وحاول أن يتحكم بها لتضغط هي على المكابح فجأة لتصطدم رأسيهما ببعض ، تأوهت "آية" من ألمها وقالت :
_ لقد ضربتني براسك في راسي فلتحذر قد تؤذيني .
نظر لها "حازم" بتعجب وقال بحدة :
_ انا من ضربك و احذر ايضا .. انا المخطىء بالنهاية .
دخلت اية فى نوبة ضحك حد الدموع ظل ينظر لها بحب وقال :
_ ماذا افعل بك الان ؟!
نظرت له "آية " وقالت مباغتة :
_ جازم عندما قلت لي يا حبيبتي هل كنت تعنيها ؟!!
نظر لها طويلا ثم نظر أمامه وقال :
- نعم .
فقالت له بفرحة :
_ هذا يعني انك ....
قاطعها قائلا بجدية و بنبرة قاطعة:
_ نعم اقصد بها انك كمريم و سجدة .
إتسعت عيناها وإختفت إبتسامتها وإمتلأ صدرها ألما إرتسم على ملامحها وقالت :
_ اريد ان اعود للبيت حالا .
فقال بقلق عليها :
_ فلنبدل اماكننا كي اقود السيارة .
نزلت وهى قدماها لا تحملها...... ولكنها أخفت ذلك عليه حتى لا يشعر بضعفها ، إلتفت وركبت مكانها وظلت تنظر للطريق هل هو من يبتعد أم هى من تبتعد دون أن تشعر .
لاحظ "حازم" حالتها فقال بداخله :
_ سامحيني يا ايات اخشي عليك من التعلق بي و ربما يكون خطأ ستدفعين ثمنه عند عودة ذاكرتك .
عادوا للمنزل دخلت غرفتها مسرعة أغلقتها عليها وبدلت ملابسها ونامت ، تعجب الجميع من حالتها ....
فسألت" أحلام" "حازم" بتعجب :
_ ما بها ايات يا حازم .
رد بهدوء :
_ انتي تعلمين يا امي اننا نتشاجر اكثر ما نتفق هذا اصبح الطبيعي .
مرت أيامهم وهى تبتعد عنه وعن الجميع أخذتها "مريم" للطبيبة النفسية لتطمأن عليها ، أما هو لم تكن حالته أقل منها .

*********************

جلس "آسر" بجواره وقال بتعجب قلق :
_ ما بك يا حازم تبدو منزويا هذه الايام ؟!!
رد عليه حازم بألم :
_ ايات الان حزينة بسببي .
_ مجددا عدتما لشجاركما .
ضم حازم رأسه بين يديه و قال بألم :
_ لا اريدها ان تتعلق بي يا اسر .
ضحك "آسر" ضحكة عالية وقال :
_ تتعلق بك !! يا حازم لقد تخطت مرحلة التعلق بك و اصبحت تحبك .
فقال "حازم" بضيق :
_ و عندما تتذكر من هي و الطبيبة قالت هناك مؤشرات تفيد بانها علي الطريق الصحيح للشفاء و ظهر لها خطي او حبيب اضعها في اختيار بيننا يا اسر .. و انا لن احتمل ان تختاره هو و تتركني .
زفر "آسر" و قال بضيق :
_ و ربما هذا الشخص الاخر ليس موجودا .
_ ومن اين لي ان اعرف .. انا افتقد وجودها حولي و ضحكتها و حديثها و حزين علي حالة الاكتئاب التي اصابتها .
- وأنا أعرف منين بقا..... بس وحشنى كلامها وضحكتها متضايق من
فكر "آسر" قليلا وقال :
_ عندى فكرة رائعة .. انت اجازتك يوم الاربعاء خامس يوم العيد .. استغلها و اذهبوا الا راس البر مثلا و استمتعوا هناك بالاجواء الربيعية .
نظر له "حازم" بتعجب وقال :
_ انت انسان و تفكر مثلنا يا اسر !! عامة فكرتك فعلا رائعة شكرا جزيلا يا باشا .
وخزه "آسر" فى ذراعه وقال مازحا :
_ عد الجمايل اذا يا ابو لسان طويل .
ضحك "حازم" فقال "آسر" له:
_ هذا ما اريده ان تضحك براحة .. و ربي اشعر انها ستكون من نصيبك يا حازم .

* * * * *

عاد "حازم" لمنزله ليجدهم جالسون أمام التلفاز فبحث عنها فلم يجدها فسألهم بضيق :
_ هل ايات مازالت بغرفتها و لم تخرج منها ؟!!
ردت عليه "سجدة" بضيق :
_ البركة بافعالك يا حازم .
رد "حازم" عليها بتعجب وهو يطالعها شرزا :
_ ساقع لك لسنك هذا بيوم .. هي بغرفتها اليس كذلك ؟
ردت عليه "مريم" مؤكدة :
_ نعم بغرفتها .
نظر ناحية غرفتها وقال بتعجب :
_ الغرفة مظلمة هل هي نائمة ؟
ردت "أحلام" :
_ لا انها مستيقظة و لكن هذه رغبتها .
إقتربت منه "مريم" ووضعت ذراعها فى ذراعه وقالت له موضحة:
_ ساشرح لك.. الطبيبة طلبت منها ان تجلس بمفردها في مكان هادئ و ان تسمع موسيقي هادئة ربما تصفي ذهنها و تتذكر من هي و من اهلها.
تأبطت "سجدة" ذراعه الثانى وقالت :
_ فقمت انا بتحميل جميع الاغاني الهادئة مثل كتاب حياتي يا عين.. و انا مين.. و مشيت علي الاشواك لعبد الحليم و كل اغاني المقاسي بالترتيب.
ضحك عليها حازم وقال :
_ انا احبك بسبب دمك العسل هذا.
إلتفت "لأحلام" وقال :
_ امي هل يمكنني الدخول اليها؟!
ردت عليه "أحلام" :
_ لحظة.. سجدة ادخلي غرفتها و تاكدى انها ترتدى حجابها علي راسها.
نظرت "سجدة " داخل الغرفة وأشارت له وقالت بصوت منخفض :
_ لا تفاجئها كي لا تفزعها فهي سابحة بعالم اخر.. ادخل عليها بهدوء.
دخل عليها وجدها جالسة على مقعد يتأرجح ... مغمضة عيونها
ورموشها قصة اخرى.. أخذ يتطلع لها بشوق جارف بات يرهقه ... محبوبته المجنونة حزينة تضع سماعات الهاتف فى أذنها ، وجدها تبتسم إبتسامة خفيفة إبتسم معها قلبه فإقترب منها وقال :
- آيات ..... يا آيات .
فتحت عيونها لتجده أمامها... ظلت تنظر له ولم تتحدث ولكن حديث العيون كان الغالب ليخرج هو عن صمته وقال :
_ ما الذي تسمعينه و جعلك تبتسمين هكذا؟!
ردت عليه ببرود :
- حيرت قلبى معاك .
ضحك وقال بمداعبة :
_ احبها هذه الاغنية و لكن صدقا ماذا تسمعين؟
إعتدلت فى جلستها و نزعت سماعات الهاتف وقالت :
_ اسمع اغنية النفسية محتاجة اسكندرية اسمها هكذا حرفيا.
استند علي الحائط بكتفه و قال:
_ و كانك تعلمين بما ساتحدث معك به و لكن لماذا تجلسين بمفردك؟!
تنهدت وقالت و هي ما زالت عيونها بعيونه تبثه لومها و عتابها علي قوته معها :
_ اشعر بالراحة اكثر بوحدتي.
مد يده إليها وقال :
_ قومي معي و اجلسي معنا بالخارج لانني اريد ان اقول لكم شبئا مهما و احتاج رايك.
نظرت ليده نظرة طويلة ثم وقفت وخرجت وتركته ليبتسم عليها....
خرج ورائها وجلس الجميع فى إنتظار ما سيقول حتي قال بابتسامة رائقة :
_ الامر انه عطلتي ستكون خامس يوم من العيد فما رايكم ان نذهب الي راس البر و نقضي وقتنا هناك امام البحر في هذا الجو الممتع.
قفزت "سجدة" وقالت بسعادة :
_ هذا افضل قرار بالعالم.. اموت انا.
لاحظ الجميع "آية" التى أمسكت برأسها متألمة إقتربت منها "مريم" وقالت بتلهف :
_ هل تذكرتي شيئا جديدا يا ايات؟!
أومأت "آية" برأسها وقالت بألم :
_ نعم رايت وجه الشاب الذى اسمع صوته دائما برأسي الايام المنصرفة و كان يقول كما قالت سجدة و لكنني لا اتذكر من هو.
ردت عليها "مريم" بفرحة :
_ طالما وصلنا لمرحلة تذكر وجوه اذا فنحن علي الطريق الصحيح.
نظر لها "حازم" بألم فهو على حق هناك على الضفة الثانية من حياتها شخص آخر ينتظرها ...
لاحظت "أحلام" وجومه ففطنت لما يدور براسه.. فقالت مسرعة :
_ المهم يا حازم هل موضوع راس البر هذا حقيقي.
اجابها متصنعا الابتسام:
_ نعم يا امي كي نغير جو قليلا و من اجل ايات كي تتحسن نفسيتها و تعود لثقل دمها ثانية.
ردت "آية" بسخرية :
_ لا يعجبك صمتي و لا ثقل دمي اصبحت شخص خنيق يا حازم.
حول نظره "لسجدة" فقالت بضحكات هيستيرية:
_ نعم انامن علمتها اياها .. قلت لكم ايات هذه تربيتي .
ضحك الجميع فقالت "أحلام" بشجن :
_ هل تعلمون يا اولاد كنت اريد ان اصنع الكعك و البسكويت بنفسي و لكن ساتركها للعام القادم باذن الله .

* * * * *

جلس "مروان" مع أصدقائه بأحد الكافيهات و هو شارد بالبعيد الذى اخذ عقله و قلبه معه و ابتعد .. إقتربت منه إحداي صديقاته وقالت بغنج :
_ مروان اعتاد علي الجو هنا فمنذ اتينا و انت شارد و انا لا اعتاد على ذلك منك .. و اصبح دمك ثقيل .
رد عليها "مروان" بعتاب و نظرات جريئة:
_ انا دمي ثقيل .. ستدفعي ثمنها غاليا تلك الكلمة عندما نكون بمفردنا .. بعد مرور هذا الشهر الكريم .
وقف "عبده" وقال بحماس ليلفت انتاههم له:
_ يا شباب ما رايكم في ان نذهب لمكان في العيد لنغير جو قليلا .
رد عليه "محمد" قائلا بمزاح :
_ و اين سنذهب هذه المر ايها الذكي .
ليقول "مروان" مسرعا :
_ انا قد اعلنت افلاسي ابي قد حدد مصروفي و لا املك اي نقود .
رد عليه "عبده" قائلا :
_ اتركها علي يا صديقي و انا عندى اقتراح لمكان جديد ورااائع للتغير عما سبق .
إقتربت الفتاه من" مروان" وقالت له بجرأة :
_ مروان تعال معي لنتركهم و نغادر فانا اشتقت اليك كثيرا .
نظر لها وقال بضحكات ساخرة :
_ نحن برمضان اتقي الله و لا تستفزى شيطان نفسي فانا الجمه بصعوبة عنك .. و مع ذلك ساوصلك حتي بيتك و اذهب .
وقفا لينصرفا فضحك "محمد" وقال بمكر :
_ اتقوا الله فنحن بايام مباركة .
اجابه مروان مبتسما :
_ لا تقلق ساوصلها و انصرف تبقي القليل من الاخلق بداخلي لا تقلق .

دخلت" سهام" غرفة "آية" لتجد "سارة" جالسة على فراشها تتطلع لصورهما سويا فقالت "سهام" بأسى :
_ تعالي و اجلسي معنا يا سارة الم تكتفي من وحدتك .
ردت "سارة" عليها بحزن :
_ حسنا يا امي ساتي فقط اعطني لحظات .
جلست "سهام" بجانبها وقالت بحزن :
_ اشتقنا لاية كلنا يا سارة و اشعر انها ستعود قريبا و سنعثر عليها و سنراها مجددا و ستعود لاحضاننا .
بكت "سارة" بحرقة وقالت :
رمضان انتهي يا امي و الليلة ليلة العيد و هي ليست معي لاول مرة بحياتي كلها .. كانت دائما تقول لي انني نصفها الثاني و الان اصبحت نصف ميتة .
ربتت "سهام" على كتفها وقالت :
_ اهداى يا حبيبتي و ادعي الله دائما ان يجمعنا بها باقرب وقت .
رفعت "سارة" يديها للسماء وقالت برجاء :
_ يا رب .. انتتشعر بما داخلي وانا ليس لدى احد سواك كي اطلب منه ان يعيدها الي يا رب العالمين .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي