الفصل الثالث والخمسون

لم يأخذ وقتا كثيرا في التفكير ..أخرج هاتفه الجوال ليضعه علي قناة للطبخ ومن ثم بدأ في عمل المفاجأة..ولكن أي مفاجئة هذه فبعد انتهائه..كان المنظر كالآتي
أواني الطهي تملئ الحوض...كيس من الطحين مرمي بإهمال علي حافة الطاولة ليغرق الأرضية...قدر ممتلئ بالماء وبه بعض من عيدان المعكرونة التي تناثرت في كل مكان ولم يدخل هذا القدر سوي القليل منها.
نظر إلي المطبخ نظرة تهكمية وهو يضع يده الممتلئة بالطحين في جيبه قائلا:
أنت ماعملتش مفاجأة..أنت ولعت في المطبخ..برافو يا آدهم والله
يأس من نفسه لذلك أغلق شعلة البوتجاز، ودلف خارج المطبخ ليخرج جواله من جيب بنطاله ...ويتصل "بتيم" الذي قال... إنه أمامه ساعة بالكثير ويصلون ..لذلك قفز من مكانه ليتصل بأول رقم للطعام السريع ،ويطلب طعامهم..ثم أسرع قليلا ليخرج وردها المفضل "البنفسج" في الزهرية....ثم بدأ في نثر باقي الورد علي الأرضيه من أول باب الفيلا وصولا إلي طاولة الطعام ،ثم أخرج مجموعة من البالونات بألوانها المفضلة ليضعهم علي الأرض ويتوسطهم لعبة العروسة التي أحبتها وأرتها إياه مؤخرا..لذلك عندما وقع نظره عليها إبتاعها سريعا..وهو يبتسم فالبرغم من إنها أصبحت أما لولدين إلا إنها ما زالت طفلة..طفلته المدلله...نبض قلبه..."قلب الآدهم"
بعد ذلك أخرج مجموعة من الشموع المعطرة ليضعهم علي الطاولة،ويضع منهم علي الأرض
إبتسم وهو ينظر لما فعله ...بعد أن انهي ما بدأه قائلا:
فعلا كان لازم أطلع الأول والله علي الدفعة..أحلي مهندس ديكور ده ولا ايه؟!
ثم نظر بإتجاه المطبخ ليكمل جملته :وأفشل طباخ بردوا مافيش كلام..الله يعينك يا كريم أنت وكل اللي بيساعدوني في البيت لما هتشوفوا المنظر ده!
ثم ضرب جبهة رأسه:يا نهار أبيض كنت هنسي..أسرع من خطاه ،ليدلف غرفة نومهم ،ووقف أمام طاولة الزينة ،وهو يمد يده ليأخذ عطرها المفضل الذي تعشقه..ثم بدأ في رشه علي ملابسه وخرج لينتظرها.
لم ينتظرها كثيرا ..فبعد دقائق كانت قد وصلت لتخرج مفاتيح المنزل وتدلف إلي الداخل..لتتفاجئ بما فعله وهو ينظر لها بإبتسامته المعهودة التي تعشقها
جرت عليه وهي تبتسم بعيون دامعة لترتمي بين أحضانه
أروي:ربنا يخليك ليا يا حبيبي
آدهم:
ويخليكي ليا قلبي
إحتضنته كما لم تحتضنه من قبل فهو لها "السند..الصديق..الأخ..الأب..الأم"هو كل شئ ...وبدونه لا شئ
أمسك راحت يدها ليقبلها بحنان..لينظر إلي شفتيها التي طالما ذاب بهما ليضع عليها قبلة رقيقة ليسبحوا في عالم أحلامهم ..لم يعلم كم من الوقت مر ..وهو يبتعد عنها ليأخذ أنفاسه قائلا:
-احم يلا الأكل هيبرد..وبصراحة لو ماروحناش ناكل دلوقتي..يبقي مش هناكل النهاردة خالص
ثم غمز بعينيه لتنظر إليه بخجل وهي تهرب منه متوجهة إلي طاولة الطعام ولكن لفت نظرها مجموعة البالونات المتواجدة علي الأرض..ويتوسطهم اللعبة التي كانت تريدها..لتجذبها بين أحضانها وهي تسرع إليه وتضع له قبلة علي وجنته قائلة:
انت جيبتها؟! هييييييه
آدهم وهو يجذب اللعبة منها:
ماحدش مسموح ليه بالحضن ده غيري!
ثم جذبها إليه ليجلسها علي قدمه قائلا:
يلا علشان ناكل
أروي بخجل:
طب سبني علشان أكل
آدهم:
لا..هتاكلي وانتي هنا
إبتسمت أروي :
حاضر يا دومي
آدهم:
اللهم طولك ياروح..يابنتي اهدي بقي علشان نعرف ناكل اللقمة ثم انا تعبت أوي في الأكل ده
أروي بإستغراب:
أنت طبخت!
آدهم مفتخر بنفسه:
طبعا
أروي بسعادة:
طب وريني كده
رفع الغطاء من علي الطبق لتتفاجئ ببيتزا تتوسط طاولة الطعام
أروي بتهكم:
عايز تفهمني إنك عملت بيتزا
آدهم:
لا ماعملتش
أروي:
أمال ايه بقي..تعبت في الأكل دي!
آدهم:
طلبته
ضحكت هي حتي أدمعت عيناها وظهرت نغزتها الوحيدة الساكنة في الخد الأيسر ليضع قبله عليها،ثم علي الخد الايسر ...لم يتمالك نفسه لينهال بالقبل عليها تلو الأخري نزولا إلي عنقها
قاطعته هي بصوت مبحبوح:
ديمو....
آدهم:
يخربيت ديمو
أروي:
اخص عليك عايز تخرب بيتنا
آدهم:
وأنا أقدر بردوا يا عسل
أروي:
طب العسل جعان..ممكن ناكل بقي
آدهم:
ممكن..هتروحي مني فين!
****************************************************************
نظرت لنفسها في المرآة ،لآخر مرة ،وهي تبتسم إبتسامة رضا قائلة:
-في قمر كده..هاتي بوسة..أموووووه
إمتدت يده ليحتضنها من الخلف وهو يدفن رأسه في عنقها قائلا:
خدي حضن كمان!
رحاب بإبتسامة:
عمر!
عمر:
-عيونه
رحاب وهي تلتفت لمواجهة عينيه الزمردتين ...التي طالما تاهت في سمائها الزرقاء..كيوم ربيعي دافئ لا يتخلله أي شائبة.
كانت سرحة بأفكارها ...مبتعدة عنه،وهي تتذكر أول يوم رأته فيه،عندما شاهدته في المعبد هي وصديقتها،أو مقالبه التي استمر بفعلها عندما كان "شبح"
فاقت من شرودها علي قبلته الحنونة علي شفتاها.
نظرت له بإبتسامة وهي تحتضنه:
أنا بحبك أوي
عمر وهو يبتعد عنها ليقابل عيناها قائلا:
مش أكتر مني!
رحاب:
طب ايه؟!
عمر وهو يغمز لها:
ايه!
رحاب ببراءة:
ما تقولي علي المفاجئة بقي وأنا هعملك الكيك اللي بتحبه
عمر:
مع إن العرض مغري...بس أبدا لا يمكن!
دفعته مبتعدة عنه بغضب طفولي ، وهي تضع يدا فوق الأخري:
-خلاص ..مش عايزة أعرف..بس أفتكر إني زعلانه منك.
إبتسم علي طفولتها قائلا:
-وأنا ما قدرش علي زعل الجميل أبدا..بس هتبقي مفاجأة إزاي!
رحاب بتفكير:
-عندك حق..ثم إتجهت إليه ، وهي تلف يدها حول رقبته،وتنظر له بإبتسامة مغرية قائلة:
-طب قولي لمحة!
عمر بعين ناعسة:
-طب ما بلاش نخرج النهاردة وهقولك لمحة بردوا وكل حاجة...ايه رأيك؟
ابتعدت عنه سريعا بخجل:
لا..بص ..يلا ..أنا هروح أجيب شنطتي
ضحك بصوت عالي علي برائتها ،فبرغم إنه مر علي زواجهم أكثر من ثلاث سنوات ..إلا إنها مازالت تشعر بالخجل منه.
دلفوا إلي الخارج بعد أن اطمئنوا علي إبنتهم الوحيدة .
رحاب:
بردوا مش هتقولي رايحين فين؟
عمر:
تؤتؤ...ماتحاوليش
رحاب:
ربنا علي الظالم
عمر:
أنا ظالم!
رحاب:
أي نعم!
عمر:طيب أنا بقول نوقف العربية بقي،ونطلع فوق نستريح شوية،ولا ايه يا بطتي؟
رحاب:
لاااا...ده أنت قمر،وكلامك قمرين..وعيونك ذات مناظر خلابة...عدسات لاصقة دي
عمر:
أيوة كده ..اظبطي
رحاب:
حبيبي والله
عمر:ناس ما بتجيش إلا بالدق
نظرت له وهي تضحك..ليأخذ هو راحة يدها الصغيرة لتغرق في كف يده ،وهو يرفعها إلي فمه ويضع لها قبلة حانية قائلا ،وهو يغمز لها:
-إستعدي بقي!
ثم تحرك بسيارته إلي المكان المقصود
بعد مرور ما يقارب النصف ساعة..نزل من سيارته سريعا في إتجاه باب السيارة الآخر ،ليفتح لها الباب ،وهو يمد لها يده.
مدت يدها إليه ،تنظر له بحب..راجية الله في سرها ان تدوم سعادتهم إلي الآبد
مشت معه بسعادة ،وهي تتأبط ذراعه إلي أن أوقفهم صوت أنثوي ،ينادي علي اسم زوجها
إلتفت الإثنان ليتفاجئ عمر عندما وقع عينيه عليها قائلا:
لي لي!
لي لي:
-عمر ..كيفك!..اتوحشتك كتير..وينك...ليش اختفيت فجأة!؟
إنهالت عليه بالأسئلة ، وهي تقترب منه لتحتضنه،ولكنها وقفت بينهم ..لتأخذها بين أحضانها ،وهي تجزعلي أسنانها من شدة الغيظ،وتحاول أن ترسم إبتسامة زائفة علي فمها:
والله عمر لذيذ..وحاجه زي الفل..شكرا علي السؤال..تفاجئت الأخيرة مما حدث للتو..ولكن الآخر كان ينظر لها وهو يحاول أن يبتلع إبتسامته...يعلم هو زوجته علم اليقين .. والآن هذه الفتاة المسكينة علي وشك أن تتقابل مع أكبر كوارث حياتها..إن لم يتدخل هو
تدخل سريعا قبل حدوث الإنفجار قائلا:
-ازيك يا لي لي انتي.. دي تبقي...
قاطعته لي لي:
-مين هيدي يا عمر!
رحاب وهي تضع يدها علي ذقنها وهي تنظر له بغل قائلة بنفس لهجتها:
ماتقولها مين هيدي يا سي عمر!
عمر وهو يحاول إخفاء إبتسامته قدر الإمكان:
-دي رحاب ..مراتي يا لي لي
لي لي وهي تبتسم:
عنجد! ما بصدق إن دنجوان الدفعة تزوج..زعلتني كتير!
عمر :
ليه بس ؟
لي لي:
مين راح بدي أتزوج هلا!
رحاب وهي تكور يدها في محاولة فاشلة للسيطرة علي أعصابها وهي تغمض عيناها:
-بص أنا لو وقفت أكتر من كده
عمر وهو يضم شفتيه حتي لا تري إبتسامته :
آه
رحاب وهي ترفع يدها في إتجاه رقبته:
هرتكب فيكم جناية
ثم تركته وذهبت بعيدا عنه وهو يضحك..لينظر إلي "لي لي"التي تنظر لها هي الأخري تبتسم عليها قائلة:
-ربي يسعدكم
عمر:
شكرا يا لي لي ..معلش لازم..
لي لي مقاطعة إياه:
بعرف..إلحقها..بس هيدا المرة ما بتنحسب
أجابها وهو يركض خلف زوجته لاحقا بها
-أكيد
إبتسمت وهي تنظر لهم، تدعي الله لهما بدوام السعادة..وتتمني في نفسها أن تجد من يحبها مثله
عمر:
انتي يا مجنونة
رحاب بغضب:
-سبني دلوقتي يا عمر لو سمحت
عمر:
-طيب أنا ماشي...سلام
رحاب
-بجد..كمان هتسبني
عمر:يابنتي مش انتي اللي قولتي؟
رحاب:
تقوم سايبني فعلا
عمر وهو يمسكها من يدها ليجعلها تستكين بين أحضانه:
ماحدش غيرك يقدر يدخل هنا أبدا...ثم أبعدها قليلا وهو يشير موضع قلبه مكملا حديثه:
ده بتاعك إنتي وبس
إبتسمت هي بخجل لتضع قبلة مكان قلبه قائلة:
أنا بحبك أوي..علشان كده ما قدرتش استحمل..
عمر:
عارف..بس لي لي ماتقصدش حاجة..هي صديقة ليا..اتعرفت عليها في لبنان..وكانت إنسانة في منتهي الإحترام وساعدتني كتير..علشان كده ...
رحاب مقاطعة إياه:خلاص مش زعلانة
عمر:طب مش عايزة تشوفي المفاجئة
رحاب بسعادة:
فين؟!
عمر:وهو يرفع رأسها في إتجاه النيل وهو يشير علي قارب ذا طابع عصري..باللون الأبيض..ويتوسطه إسم مزخرف باللغة العربية(دقة القلب)وبين الكلمتين يتوسط إسمها
نظرت بدهشة إلي القارب ثم إليه حتي تتأكد إنها لا تحلم:
عمر ده اليخت ....يعني لما قرأت الرواية وعجبني الموقف...أنت!..إزاي؟..إمتي؟
نظر لها بحب قائلا:
طلباتك أوامر يا قلبي
بدأت في القفز كالأطفال الفرحة بلعبتها الجديدة لترتمي بين أحضانه بسعادة:
بحبك...بعشقك...أنت كل حياتي..ربنا يخليك ليا
ثم قبلته علي وجنته ليقول:
-لااا....معلش أنا خدي طول عمره طاهر
كان تائها هو في إبتسامتها التي لا يرتوي منها أبدا ليخرجه من شروده صوت هاتفه وهو ينظر بإستغراب لإسم المتصل...ضغط علي زر إستقبال المكالمة ليستقبله صوتها وهي تصرخ:
ألحقننننننننني يا عمرررررررررررررر.......آدهم بيموت!
وقع الهاتف من يده وهو لا يستوعب شئ
***************************************************
فى وقتنا الحالى.....
رياح قوية عاتية تنذر بهبوب عاصفة هوجاء ..ممزوجة بمطر عاصف... يتناهي إليه بعض من حبات المطر علي حواف زجاج سيارته ،مشكلة أجمل إيقاع موسيقي ممكن أن يستمع إليه
يحب الشتاء بكل تفاصيله..المطر...الرعد...حبات القهوة اللذيذة التي يعشقها و...ملامحها البريئة وهي تنظر إليه من خلف كتابها ...ينظر إلي الطريق ،وهو يتذكر ملامحها البريئة الهادئة ،وهي تنظرإليه بنظرات خاطفة من خلال عيونها الحوراء عبر كتابها الذي تحمله .... لتتهادي أمامه ضفائرها السحرية السمراء كليلة لا ينيرها القمر..استنشق بضع من الهواء يتخيل نفسه وهو ممسك تلك الضفائر السمراء...يستنشق عطر الورد من خلاله....أغمض عينيه وهو يتذكرها...يحاول أن يتناسى ماحدث معه منذ قليل.
كانت على حق عندما تذكر إياها
قبل رحيله...خائفة... قلقة..يظهر علي محياها الحوري بضع من التوتر.... بسبب تلك الأحلام التي كانت تروادها بقلق بالغ قائلة:
-بلاش تروح السفرية دي علشان خاطري
نظر لها بإبتسامة وهو يضع يديه علي وجنتاها قائلا بنبرة مطمئنة:
ما تقلقيش...إن شاء الله خير..ده كان مجرد حلم يا أروي
أجابته بنبرة باكية تشوبها القلق:
حلم بيتكرر بقاله 5 سنين يا آدهم
آدهم :
مجرد حلم مش أكتر...حبيبتي إحنا مؤمنين ،ولو أخدنا حياتنا علي الأحلام مش هتستمر....ثم أكمل حديثه مستشهدا بالآية الكريمة
"قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلَّا مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَىٰنَا ۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ"
أروي:
صدق الله العظيم
شعور بالراحة تمكن منها بداخلها بعد سماع الآية الكريمة..لينعكس علي محياها
خلاص يا حبيبي سافر...بس أرجوك خلي بالك من نفسك،خصوصا إنك هتسافر بالعربية والجو شكله هيمطر و.....
كانت يده مازالت مستقرة علي وجنتها.
مد إبهام كفه ليمسح دمعة هاربة قائلا بإبتسامته الهادئة:
حاضر...ثم إستكمل حديثة بخفة دمه التي إكتسبها من شريكة عمره قائلا:
أي أوامر تانية يا سي دوني
إستفاق من ذكرياته الوردية علي صوت بوق الشاحنة الآتية أمامه تنظره أن يهدئ من سرعته قليلا،ولكن...صدم عندما إنتبه أن مكابح السيارة لا تعمل،وضع قدمه عليها مرارا وتكرار في محاولة بائسه منه لتهدئة سرعة سيارته قليلا ولكن بلا فائدة.
رفع عينيه علي الطريق ليتفاجئ أن الشاحنه قد إقتربت منه كثيرا..لذلك وفي حركة مفاجأه منه ..حاول تفادي الشاحنة لتنزاح سيارته عن الطريق.
وتبدأ في الإنقلاب مرة تلو الأخري... لتستقر علي سطحها ،وهو بداخلها.
****************************************************************
جالسة بهدوء بجانب نافذة غرفتها تستمع إلي زخات المطر التي تهطل ،تراقب بوابة فيلتهم.. عسي أن يأتي الآن قائلا إنه إستمع لكلامها،ولن يسافر.
ولكن...ما الذي يحدث؟لما توترت بهذا الشكل؟!وضعت يدها علي قلبها وهي تحاول تهدئة نبضاته السريعة قائلة:
اهدي يا أروي..مافيش حاجة..كل شئ تمام
ثم تحركت من مكانها لتدلف إلي غرفة أولادها تطمئن عليهم ...اقتربت بهدوء علي أطراف أصابعها...لعدم إيقاظهم،لتضع يدها وتملس علي شعر إبنها وتبتسم إليه بحنان...اقتربت منه ووضعت قبله علي جبينه ثم اقتربت من الآخر لتضع قبلة حنونة علي وجنته هو الآخر.
بعد أن شعرت بالإطمئنان قليلا ..دلفت خارج غرفتهم ،لتتجه نحو غرفتها.
فتحت الباب ،لتسحب هاتفها الجوال من علي الكومود الساكن بجانب سريرها ذا الطابع الحديث.
ضغطت علي رقم هاتفه...ليتهادي صوت لشخص ما بالجانب الآخر قائلا:
أيوة حضرتك تعرفي صاحب الموبايل ده
رعب سيطر علي أطراف جسدها لتجيب بتلعثم:
أيــــــــ...أيوة..أيوة..أأ...أنا مراته هو...
الشخص:
طيب حضرتك للأسف...هو عمل حادثة..وفي ناس الله يباركلهم اتصلوا بالإسعاف علشان ينقلوه المستشفي..بس هي أتأخرت أرجوكي لو تعرفي حد...
لحظات من الصمت ...تشعر أن الهواء ابتعد عن رئتيها ...ماذا؟...ماذا قال؟!
كانت علي وشك السقوط،لكنها تماسكت في اللحظة الأخيرة..وهي ترجع إلي الخلف ،لتجلس علي حافة سريرها...وهي تحاول أخذ نفسها ،لتستوعب ما قيل لها للتو.
أخرجها من شرودها صوت الشخص علي الجانب الآخر:
-يا مدام..يا مدام
استجمعت شتات نفسها وهي تحاول التماسك للحظة الأخيرة:
أيـــــ...أيوة مع حضرتك...ممكن تقولي فين العنوان؟
أجابها الشخص:
-العنوان(...)بس أرجوكي حاولي تسرعوا شوية...حالته ماطمنش ،وأنا منعت الناس يسحبوا من جوا العربية.
أروي بعصبية :
-ليه؟..ليه تمنعهم؟
الشخص:
اهدي بس...ماينفعش نيجي جنبه،لإن أي حركة غلط ممكن تسبب ليه لا قدر الله الموت
أجابته بنبرة خائفة سريعة:
-بعد الشر...أحم..أرجوك خلي بالك منه،وأنا هتصل بالإسعاف فورا
الرجل:
حاضر
بأصابع مرتعشة تتصبب عرقا من شدة التوتر ..نظرت إلي هاتفها عبر غشاء لاذع من شدة الدموع التي تتحداها أن تسيل علي وجنتيها ، ولكن من مكان عميق من بئر الشجاعة في أعماقها وجدت رباطة الجأش..لتسيطر علي ضعفها.
لا يوجد وقت للإنهيار..هو بحاجة إليها..في أمس الحاجة إليها
أخرجت اسمه لتضغط علي زر الإتصال
****************************************************************
رنين مزعج يأتي من بعيد ليوقظه من ثباته ،بعد طول عمل شاق ..فتح عينيه بتمهل ليقابله ظلام يحيط بغرفته
تململ في سريره وهو يحاول الوصول إلي هاتفه الجوال .
فتح نصف عين ليجدها مستكينة في أحضانه تتشبث به كطفلة صغيرة تخاف الفراق.
إبتسم هو ..ليبعدها عنه قليلا حتي يستطيع التحرر ويصل إلى جواله الذي إيقظه من نومه ،وأحلامه السعيدة
إلتقط الجوال ،وهو يعتدل في جلسته عندما وقع نظره علي هوية المتصل ليجيب سريعا
-خير يا حبيبتي في ايه؟
أروي وهي تبتلع غصة في حلقها في محاولة منها للسيطرة علي نفسها:
-تيم أرجوك بسرعة اتصل علي الإسعاف
تيم بخوف وصوت مرتفع نسبيا:
-ليه؟ حصل ايه؟ انتي كويسة؟
أروي :
أيوة ..بس..آدهم...وهنا لم تستطع السيطرة علي دموعها أقصي من ذلك لتتحرر وتسقط علي وجنتها
تيم بخوف:
-ماله آدهم؟
استيقظت أسما من سباتها العميق قائلة بنبرة ناعسة:
-في إيه؟
وضع سبابته علي فمه في إشارة منه لإسكاتها ،وهو يحاول تهدئة أخته ،ليستطيع أن يفهم ماذا يحدث؟
تيم:
اهدي يا أروي ،وقوليلي في ايه؟
تحدثت من بين شهقاتها التي تحاول السيطرة عليها:
آ..آ..آدهـ...في واحد رد عليا وقالي إنه عمل حادثة والإسعاف أتأخرت
إنتفض من سريره ليقف وهو يكمل حديثه:
تيم:
قوليلي العنوان بسرعة
أملته العنوان ...وجرت إلي خزانتها ..لترتدي أول شئ يقع بصرها عليه
**************************************************************
ممر طويل كل ما به يتشبع باللون الأبيض علي طرفيه يوجد مجموعة من الكراسي السوداء ،ينتهي بغرفة العمليات
لم تستطع قدماها التحمل أكثر من ذلك..لذلك جلست علي أول كرسيا قابلته ،وهي تردد بعض آيات من الذكر الحكيم...لا تنفك تنظر إلي باب الغرفة..علي أمل أن يخرج الطبيب ليبشرها أن كل شئ علي مايرام،ولكنه لا يخرج ،ولا تسمع أي خبر من الداخل...بدأت في هز ساقيها بعنف دلالة علي قلقها شعرت صديقتها بها...لذلك وضعت يدها علي ساقها لحثها علي إيقاف هزيزها:
-إن شاء الله هيبقي كويس
نظرت لها من خلف غشاء لاذع ملئ بالدموع:
-يارب يا أسما...ادعيله
لمح شقيقته بطرف عينيه ليسرع من خطاه، ويجلس بجانبها وهو يرفع كفه ويمسح دموعها قائلا بنبرة تملئها الحنان:
-إن شاء الله هيبقي كويس يا حبيبتي،وبعدين ما حسام معاه جوا
أروي في محاولة منها للثبات:
إن شاء الله
بعد مرور بعض من الوقت...فتح باب غرفة العمليات ليخرج منها طبيب بشعر أشيب ..وجسم ممتلئ نوعا ما..ووجه يعتليه نظارة طبية..توجه إليهم وهو يزيح الغطاء الطبي عن فمه قائلا بنبرة صارمة وهو يوجه حديثه لزوجته:
الطبيب:حضرتك مرات المريض..مش كده؟
وضعت يدها في جيب تنورتها لتستمد الشجاعة قائلة بوجه متشنج من شدة التوتر:
أ...أأيوة..أنا!
الطبيب:
-عايزك تكوني جاهزة للي هقوله لحضرتك
مادت الأرض من تحت قدميها عند سماعها لكلمات الطبيب ،لذلك استندت علي كتف أخيها لتستمد منه قوتها،شعر بها لذلك إبتسم لها وهو يضغط علي كف يدها ليمد لها يد العون قائلا:
أنا معاكي
هزت رأسها إيجابا،وهي تنظر للطبيب:
سمعاك!
تنحنح الطبيب قليلا قبل أن يستعيد توازنه ليتحدث بنبرة جادة:
الحادثة اللي جوز حضرتك اتعرضلها كبيرة أوي فالبتالي أدت ليه لنزيف خارجي وده لحقناه بس المشكلة كانت في النزيف الداخلي وحدث شرخ في الجمجمة غير شوية كسور...إحنا عملنا اللي علينا بس أنا عايزك تجهزي نفسك إن ممكن جوزك لا قدر الله يدخل في غيبوبة لو ما اجاوبش مع العلاج
إلي هذا الحد ولم تستطع الإستمرار...ماذا يقول؟..غيبوبة..من الممكن ألا تستعديه مرة ثانية؟......لا..لا ،لا تستطيع تحمل فقدانه...مادت الإرض من تحتها ولم تري شئ إلا ظلام دامس وهي تسقط بين يدي أخيها لا تشعر بشئ

بعد ساعة....
كان يراودها نفس الحلم الذي تحلمه من بعد زواجهم بثلاث أشهر مرورا بخمس سنوات كاملة ،ولكن هناك شئ مختلف.
فخاطفها كان ينظر خلفها بعيون خائفة..يحاول تحذيرها من شئ ما ،نظرت خلفها لتجد شاشة تلفاز تعرض عليه صورتها وهي تنظر إليه ...كيف؟! ليظهر شخص نحيل لم تستطع تحديد ملامحه بسبب القناع الأسود الذي يعتلي وجهه.
كان يقف وهو ممسك بمسدس يوجهه إلي قلبها مباشرة.
نظرت خلفها إلى خاطفها ،تتسأل عن ماهية ذلك الشخص، ولكنها لم تستطع..بسبب إستقرار رصاصة في صدرها خرجت من الشخص الغامض الذي يقف أمامها ،ولكن...لما خاطفها يصرخ هكذا؟!
قامت من نومها بفزع،وهي تبحث عن أمانها،ولكن..أين هو؟!أين ذهب؟..نظرت يمينا ويسارا ،في محاولة منها لإستيعاب لحظتها الأخيرة.نظرت حولها وهى تشاهد..غرفة يطغي عليها اللون الأبيض ، راقدة علي سرير غريب..ماهذا؟
أخذت دقيقة لتستوعب ما يحيطها..لتتذكر ماحدث له.
بدأت في البكاء بيسهسترية عالية .. سمع صوتها أخاها، ليدلف سريعا، وهو يضعها بين أحضانه لتستكين قليلا بعد شعورها بالأمان .
إبتعدت عنه ،لتنظر له ،لتتحدث من بين شهقاتها قائلة بصوت متقطع:
-أد..أدهـ..أنا..مش..مش هعرف أعيش..صدقني!..طب الولاد..أمير وأنس..هيحصلهم ايه؟..دول مرتبطين بيه؟
أخذ وجهها بين راحتي يده قائلا بنبرة يشوبها الحزن:
ماتقلقيش يا حبيبتي..إن شاء الله هيقوم بألف سلامة..إن الله مع الصابرين...أدعيله..أدعيله وإن شاء الله هيقوم منها
نظرت له أروي قائلة بنبرة لاهفة:
هات موبايلك
إستجاب لها سريعا بدون أي إعتراض قائلا وهو يمد لها يده:
خدي أهو الموبايل،ولكنه تذكر شئ سريعا ليضع يده علي الهاتف وهو بين كفيها:
ماتتصليش ببابا ولا ماما يا أر...
ابتلع جملته الأخيرة ،بسبب دفعها لكف يده..حتي إنها لم تلتفت له ،وهي تضغط علي بضع أرقام في الهاتف،ولكن يقابلها صوتها المزعج قائلا"إن الهاتف الذي تحاول الوصول إليه غير متاح حاليا"
نظرت له من خلف غشاء دموعها قائلة بنبرة هيسترية:
ات..اتصلي بعمر دلوقتي..لو سمحت!
كان علي وشك الإعتراض،إلا أن يد حسام التي وضعها علي ظهره ،وهو يشير إليه برأسه ألا يعترض الان:
تيم وهو ينظر لحسام بتفهم:
حاضر
أخرج رقم هاتفه ليضغط علي زر الإتصال..خطفته من يده سريعا
وعند سماعها صوته أخبرته أن صديقه يحتضر...ليغشى عليها مرة أخري
وما أن سمع نبرة صوتها ،وذلك الخبر الذي استقبلة كصاعقة مميتة..وقف ثابتا ،وهو لا يستوعب ما قالته.
أمسك بيد زوجته ليدلفوا إلي السيارة سريعا.
كان يقود سيارته بسرعة جنونية..حتي إنها إضطرت لغلق مأقتيها ،إستعدادا لإصطدام سيارتهم في أى وقت.
رحاب:
يا عمر هدي السرعة!..أنا خايفة أرجوك...طب قولي في ايه؟
لا تستوعب شئ!..ما الذي يحدث؟أحدث شئ؟..في الشركة ربما!
-يا عمرررررررررر
لم يكن معها...لم يكن يسمع صوتها...فقط يسمع صوتها هي فقط وهي تردد صارخة أن صديق عمره يحتضر!...ماذا؟!وكيف؟...ولما؟..لا لن أصدق إلا أن آراه...هو بخير!..نعم،هو بخير!
أوقف سيارته أمام المشفي،وهي تصدر زأير دليل علي سرعته وهو يفتح باب سيارته لينزل منها سريعا دون أن يلتفت خلفه .
كانت تعدو خلفه،وهي تنادي بإسمه عاليا...ولكن هيهات لم يكن حتي صدي صوتها يصل إليه...بل صوت صديقتها يعلو ويعلو...وصل إلى مكتب الإستقبال ،وما ان وقعت عيناه علي موظفة الإستقبال التي خلفه حتي قال بنبرة قاسية:
-فين هو؟
الممرضة بإستغراب:
-هو مين؟
ضرب بيده علي سطح مكتبها،لتقف سريعا وهي ترجع للخلف من شدة خوفها قائلة:
هو..في إيه؟
نظرت لها رحاب..وهي ترفع يدها في الهواء لها دلالة علي الإعتذار قائلة:
آسفة جدا..هو متوتر ثم نظرت إلي زوجها وهي تضع وجهه بين كفيها:
إهدي ياحبيبي!..هي هتعرف منين أنت بتدور علي مين بس؟
لان قليلا بعد أن شعر بلمستها علي وجهه قائلا بإنهيار:
-بيموت يا رحاب..بيموت!
رحاب:
هومين اللي بيموت؟
عمر بإنهيار ولأول مرة تسقط دموعه أمام الناس:
آدهم
جمدت مكانها كأنها قطعة من تمثال شيد لتوه.
لملمت شتات نفسها..وهي تبتلع غصة في حلقها لتتوجه إلي موظفة الإستقبال..قائلة بنبرة تخلوا منها الحياة:
غرفة آدهم عثمان الشرقاوى فين؟
موظفة الإستقبال:
هو دلوقتي في العناية المركزة..تقدروا تاخدوا الاسانسير،وأول ما يوقف هتمشوا شوية وبعدين تدخلوا الممر اللي علي إيديك اليمين
جري ما أن استمع إلي شرح الموظفة وهي خلفه تحاول أن تلحقه ،وكل ما يدور في ذهنها صديقتها فقط "أروى"
ترى كيف هى الآن؟..
وجد تيم أمامه وهو يتحدث إلي حسام بعين هائمة لا تستوعب شئ.
هو..هو فين؟عايز أشوفه
حسام:
ماينفعش يا باشمهندس عمر..ممنوع الزيارة
عمر وقد بدأ الغضب يعتلى وجهه:
-يعني إيه؟
حسام بنبرة إحترافية:
يعنى حضرتك..ممنوع الزيارة ليه دلوقتى؟أنا آسف..بس أنت كده ممكن تضره..أرجوك..اتفهم الموقف!
لان عمر قليلا ...ليتحدث في محاولة منه للسيطرة علي أعصابه:
-تمام
حسام:
بس تقدر تشوفه من خلال الزجاج ده
خط خطوات سريعة ليقف أمام الزجاج الذي يعكس صورة صديق عمره...وهو يعتليه مجموعة من الأسلاك الطبية التي وزعت علي جميع أنحاء جسده العلوي الراقد بضعف تحت رحمة هذه الالآت المزعجة..وضع يده علي أذنيه حتي لا يستمع لتلك الالآت ،وهي تأخذه في ذكرى والدته
أفاق من شروده على وضع يد توضع علي كتفه..نظر خلفه ليجدها واقفة بإبتسامة حنونة .سقطت دموعه دون إرادة منه لتمد يدها تمسحها من علي وجهه قائلة:
-إن شاء الله هيقوم ..ماتقلقش..آدهم قوى
وضع يده على يدها المستقرة علي وجهه:
-يارب يا رحاب يارب...ده مش صاحبي ،آدهم أخويا..وقف جنبي فى مواقف كتير..
رحاب:
-إن شاء الله خير
عمر:
-إن شاء الله..ثم أخرج جواله من جيب بنطاله يتصل علي صديقهم الثالث
**************************************************************
جالس علي حافة سريره ممسك بصورتها..كم هى جميلة..نقية..أحبته بجنون،ولكنه في المقابل أضاعها من بين يداه بإرادته،وضعف شخصيته،ولكن لا...لن يسمح بذلك..لن تكون سراب ينزلق من بين يداه كالرمال،ولن تكون كصفحة في كتاب ذهبت في طى النسيان ...لن يسمح لها بأن تنساه،ولن يسمح لنفسه أن يكون هناك أحدا آخر غيرها...إما هى ..وإما....يهد العالم ويقلبه رأسا علي عقب وتكون له ،لا لأحد سواه..حتي وإن إضطر إلي القتل لن يتأخر..حتي وإن كان صديق عمره "آدهم"
رنين جواله المزعج يتصاعد عاليا ...أمسك هاتفه وهو ينظر علي اسم المتصل.
أجاب بتأفف:
أيوة يا عمر..خيـــــ
ابتلع جملته عندما استمع لصوت صديقه وهو يخبره ما حدث لصديقهم.
زادت دقات نبض قلبه ليس خوفا علي صديقه..حسنا هو خائف بعض الشئ عليه..حسنا،كان يفكر فى قتله منذ وقت ليس بكثير ،ولكنه في النهاية صديقه،ولكن زاد خوفه عليها..يعرفها عندما تقع في حب أحد..لا ليس حب فقط،بل غرام..عشق من نوع آخر،هي أحبته نعم...ولكن حبها لزوجها يتخطي كل الحدود...ولكن ماذا إن حدث له شئ؟..لن تكون هي على قيد الحياة..
قفز من مكانه عندما آتته تلك الفكرة ليذهب مسرعا وهو يلتقط مفاتيح سيارته وجواله
*************************************************************
بعد مرور أسبوعين علي هذه الأحداث..

جالسة بجواره وهي ممسكة يده ..تحتويها بيداها الإثنتان...تنظر له من خلف دموع عيناها التي سرعان ما سقطت كالمطر علي وجنتيها ،وهى تتذكر الطبيب عندما قال لهم أن مرحلة الخطر قد زالت عنه لذلك تم نقله إلي غرفة عادية..،ولكن ما لا يستطيع فهمه لما لم يستيقظ إلي الان.
أحنت رأسها لتضع قبلة علي كف يده :
-قوم بقى ..أنا مش قادرة أتنفس من غيرك صدقني..أرجوك ..طب علشان خاطرى قوم أنت عمرك ما رفضتلي طلب...طب بلاش علشان خاطرى،علشان خاطر ولادك"آنس وأمير" كل يوم بيسألونى عنك..مش عارفين نعيش من غيرك وأنا كل حججى خلصت..أرجوك ماتسبنيش يا آدهم..أنت وعدتنى إنك هتفضل طول عمرك جنبي..أوفى بوعدك..ماتسبنيش
ثم قامت من مكانها لتحتضنه تريد أن تشعر بالأمان..كان هو أمانها وما زال حتى وإن لم يكن يعى ما حوله..فهو السند..الأب..الصديق..العشيق..المحب..الزوج...كل شئ وبدونه لا شئ
كانت في دنيا أخري بين أحضانه ،ولم تشعر به هو يدلف إلي الغرفة ينظر إليها بغضب جارم...شعور بالغيرة يجتاحه..لم تكن من المفترض أن تكون بين أحضانه هو...هو!..ولكن أين هو الآن؟ بعيد عنها ،وما زالت لا تشعر إلا به!
فاق من شروده عندما دلف "عمر ورحاب"إلي الداخل
عمر:
-واقف كده ليه يا عبد الرحمن؟
عبد الرحمن وهو يحاول أن يهدئ من نفسه قليلا:
-ها..لا مافيش..بس ماحبتش أتطفل عليها
تقدمت لها رحاب.وضعت يدها علي كتفها لتشعر بها وما أن وقع نظرها على صديقة عمرها أرتمت بين أحضانها،وهي تبكي بإنهيار:
-مش قادرة أعيش من غيره...قوليله يفوق
تركتها لتذهب إلي زوجها:
قوله أنت طيب...أنت أخوه مش صاحبه
ثم ذهبت إليه ولم تشعر بنفسها وهى تمسك كف يده.
تفاجئ من حركتها المفاجأة ليكور قبضة يده الأخرى ..في محاولة مستميته منه للسيطره علي مشاعره:
أحم...اهدي يا أروي..هيقوم والله
أروى:
لالا..أنتوا بتكذبوا عليا
رفع يده ليمسح دمعة هاربة من عيناها ولكنه منع نفسه في اللحظة الأخيرة عندما صدح صوت صديقه في أنحاء الغرفة قائلا بنبرة تشوبها السعادة:
-فتح عينيه...آدهم فتح عينيه
نظر الجميع في إتجاه الراقد على سريره ينظر لهم بعيون تحاول إستيعاب الإضاءة التى تحيط غرفته بعد ،سبات دام لفترة أسبوعان
بتعب مد يده ليرفع قناع الأكسجين الذى يعلو وجهه قائلا بنبرة أشبه من الهمس من شدة التعب:
-أنا فين؟
بخطوات مسرعة أشبه إلي الجرى وصلت إلى حافة سريره ،وهى تبتسم له ،ممسكه يده قائلة بسعادة:
أنت..أنت رجعت زى ما وعدتنى
بإستغراب ونظرات يشوبها القلق ،جذب يده مسرعا من يدها قائلا:
إنتي مين؟!
يتبع
رحاب_قابيل
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي