الفصلالرابععشر

كانت تقف في وسط الطريق تراقب السيارت المارة أمامها وهي تفكر لما عليها الإستيقاظ متأخرا ألا تستطيع تخطي تلك العادة
أهو هيفوتك الإمتحان يا حلوة هتعملي ايه دلوقتي
كانت تتحدث إلى نفسها كعادتها عندما تغضب من نفسها، لكنها لم تلاحظ السيارة التر تقترب منها، أفاقت من شرودها على صوت زامور السيارة
رفعت نظرها إلى حيث السائق، لكنها فوجئت عندما شاهدته أمامها ثم اقتربت ببسمة: دكتور مالك.. حضرتك بتعمل ايه هنا؟
أجابها مالك ببسمة: رايح الجامعة.. شكلك أتأخرتي
آسيل: أتأخرت بس.. ده أنا شكلي هروح بعد الإمتحان بنص ساعة
ضحك مالك، لكنها عقبت قائلة: بتضحك على معاناتي يا دكتور طب متشكرين يا ماسر
مالك: أفندم!
توجست آسيل منه لكنها قالت بخفة ظلها حتى تقلل من حدة الموقف قليلا: مالك يا دكتور بس أنا كنت بهزر
ابتسم مالك: طب ما أنا كمان بهزر
آسيل: طب ينفع حد يخض حد كده ده أنا حتى متاخرة على الإمتحان يعني أبقى سقوطة وكمان خوافة
ضحك مالك ثم فتح باب سيارته: طب اتفضلي عشان أوصلك معايا
نظرت إليه بتردد لكنه طمئنها: ما تخافيش أنا الدكتور بتاعك يلا اركبي
آسيل: يعني كده المفروض ماخافش
مالك: المفروض تترعبي
آسيل: بالظبط
مالك: افتحي شباك العربية طول الطريق وخلي في ايدك موبايلك
آسيل: يا سلام وافرض خدرتني
مالك بإستغراب: لا يا بنتي كفاية أفلام عربي
عقبت آسيل: من فضلك ماسمحلكش أنا بتفرج على هندي وكوري
مالك: خليكي عمالة تتكلمي كده لحد ما يفوتك الإمتحان
فتحت آسيل باب السيارة سريعا ثم جلست وهي تقول: بسرعة يا دكتور سوق بارك الله فيك
لم يستطع كتم ضحكاته عندما قالت جملتها الأخيرة ثم ضغط على السرعة حتى يلحق بإختبارها سريعا
*****************************************************
أخرجت كل ما تحتويه حقيبة يدها ثم التقطت ملاحظتها بعدها بدأت في قراءتها وبهمس، بعدها ألقطها من يدها بإهمال وهي تردد جميع الأجوبة التي بها دون الخذ بعين الإعتبار الساكن بجوارها
نظر إليها عندما قفزت تلك الأوراق بين قدميه قائلا بسخط: مش ناخد بالنا أن في ناس جنبنا ولا ايه
ألقطه بنظرة حادة دون الآخذ بعين الإعتبار أنه أستاذها ثم بدأت في مراجعة جميع الأجوبة التي برأسها، إندهش من نظراتها لكنه ابتسم وهو يراقبها بين الفينة والأخر
تنحنح قليلا ثم قال: أي مساعدة
أجابته سيل بتلقائية: والنبي سبني دلوقتي وخليني في حالي أنت ماتعرفش أد ايه المادة دي غتتة ومش فاهمة ايه اللي يخلي حد يدرسها غير أنه يكون غتت زيها
ارتسمت ملامح الدهشة عل محياه وهو يلقيها بنظرات حادة.
نظرت إليه ببراءة ثم قالت وهي ترفع ذراعها قرب وجهها: دي الحقيقة والله يا دكتور بجد يعني ايه اللي يخلي حد بيفهم يدرس المادة دي غير أنه يكون معقد ومستفز زيها
مالك: فعلا
سيل: والله يا دكتور.. يعني مثلا عندك المادة دي بيدرسها دكتور زي السل بس مش فاهمة ايه اللي وقعه في المادة دي و....
توقف عن الحديث وهي تضع يدها على وجهها فور استيعابها أن تلك المادة التي تتحدث عنها ما هي الا مادته
تنحنحت ثم قالت وهي تعتدل في جلستها: بس عارف يا دكتور بردوا مش أي حد يدرسها اللي يدرسها لازم يكون إينشتاين في نفسه كده
أجابها بأعين ناعسة: والله
سيل: اه والله زي ما بقولك كده.. يعني عندك أنت مثلا لكنها اعتذرت فور استيعابها لكلمتها: سفة أقصد حضرتك يعني مع حفظ الألقاب
أشار إليها بيده حت تكمل حديثها: يعني مثلا حضرتك شوف شاب ذكي ولماح أهو وما شاء الله دكتور أد الدنيا في مادة صعبة زي دي أوك معيد بس قدرت تدرسها أهو وأثبت نفسك فيها.. لكنها أضافت: أوع تكون مفكرني بحسدك... بسم الله ما شاء الله يعني إحنا ما بنقرش
مالك: ده كله ومش بتقري
سيل: بحقد؟
أوقف السيارة ثم قال بصوت مر لا يبشر بخير: اتفضلي انزلي وصلنا
نظرت إليه بتوجس: دكتور أنا سفة لو كنت..
قاطعها مالك لصوت حاد: قولت اتفضلي
فتحت باب السيارة ثم ترجلت منها وهي تقول: أنا سفة
بعدها ذهبت بعيدها لكنها لم تر ابتسامته التي ارتسمت على محياه فور أن أعطته ظهرها
************************************************************
بعد مرور سبع سنوات على تلك الأحداث....
استيقظت متأخرة كعادتها التي لن تتركها يوما.. ظلت تركض في جميع أنحاء الغرفة لا تعلم ماذا تحضر، لكنها ظلت تلتقط كل ما يقع نظرها عليه
بعدها خرجت من غرفتها تركض وهي تضع حقيبة ظهرها تهتف بصوت مرتفع: ماما أنا نازلة
أجابها إياد: يا بنتي مش هتبطلي عادة كل يوم دي
جاءه صوتها منخفض قليلا لأنها كانت تنزل الدرج سريعا: مش فضيالك لما أرجعلك
ابتسم بحزن على حال شقيقته عندما تذكر ما حدث معها في سنواتها الأخيرة، لكنه نفض أفكاره سريعا عندما تاه صوت والدته: وأنت يا أستاذ مش نازل
إياد: نازل يا عين الأستاذ
رقية: يا واد مش هتبطل بق اللي بتعمله ده
إياد: يعني ينفع أبطل اعاكس الجمر ده، يرضيكي
ضربت رقية كف عل كف: والنبي ما أنت نافع
إياد: لا شكلي فلا بخسر جاذبيتي من ساعة الكلية
جاءه صوت والده: امشي يا إياد بدل ما أوريك جاذبية اللي في رجلي
إياد: صباح الفل يا حجيجة.. كان على وشك الحديث إلا أن قاطعه رنين هاتفه
نظر إليه والده ثم قال بهدوء: رد يا روميو
إياد: هرد عشانك أنت بس يا سكر
تأفف مصطفى ثم جلس أرضا يأكل فطوره كعادته، ظل صامتا لكنه تخل عنه عندما خرج
أنا قلقان على آسيل
أجابته رقية: ليه بتقول كده؟
مصطفى: أنتي مش عارفة بنتك بقى عندها كام سنة ولا أنتي مش واخدة بالك
رقية: ده نصيب يا مصطفى
بغضب عارم رمى كل ما هو أمامه: نصيب.. مش هي الليي فسخت خطوبتها مرتين.. واتنطط على كل اللي اتقدمه ليها لحد ما بقى عندا 30 سنة ولسة قعدالي
رقية بصوت منخفض: لسة 29
مصطفى: رقية ماتعصبنيش
أمسكت بيده: اهدى بس وقولي مالك؟
خر مكانه بإنهزامية: قلقان عليها.. إحنا مش هنعشلها العمر كله
رقية: ربك مش هينساها وبعدين بتسبق الأحداث ليه.. أكيد ربنا سيبلاها الأحسن
مصطفى: يارب
*********************************************************
في دولة من الدول الأوروبية.. كان يجلس ينظرإلى صورتها يتذكر كل ما قالته في ذلك اليوم عندما آتاها يخبرها أنه سيقف أمام والده لأجلها متخليا عن كل ما يملك لأجلها ولأجلها فقط لكنها فاجئته عندما قالت:
تفتكر أنا كنت مرتبطة بيك ليه يا يحيى؟
أجابها: عشان بتحبيني
ترددت ضحكاتها في أذناه ثم قاطعتها بحديقها الذي قسمه إلى نصفين: غلطان يا حبيبي أنا أرتبط بيك عشان فلوسك، عشان العز اللي كنت هغرق فيه وجاي دلوقتي تقولي إنك هتسيب ده كله عشان الهبل اللي قولته من شوية.. لا يا حبيبي ماعطلكش.. أروح أشوفلي حد تاني بقى أقدر أخد فلوسه
بعدها تركته بأنفة وعنجهية تلحق بها تالين دون النظر خلفها
رمى صورتها وهو يصرخ بكل ما أوتي من قوة: غبي.. غبي.. ازاي تحب واحدة زي دي.. ازاي ماشوفتهاش على حقيقتها.. بقى دي توقعك في شباكها
لكن نبرة صوته تغيرت عندما قال بحقد: مش هسيبك يا آسيل ما بقاش أنا يحيى شاكر إن ماكنت خربتلك حياتك كلها
**********************************************************
ذهب إليها سريعا عندما أخبرته أنها اصتطدمت بسيارةالأجرة،لكنه هلع عندما شاهدها تمسك بياقة السائق وهي تصرخ بغضب: ده أنا مش هسيبك غير في القسم
اقترب منها ثم قال بصوت آمر: غدير سيبي الراجل
نظرت إليه بلهفة تستغيث به: إياد.. هو ده اللي خبطني يلا غزه
إياد:ايهأغزهدي يا بت وأنت مفكرة نفسك مخطوبة لشمام
غدير: وأنت لسة هتتعرف عليا وتستغرب غزه بقولك الأول وبعدين نبقى ننفي الألقاب
إياد: أنتي مستوعبة اللي بتقوليه
نظرت إليه بحنق: شكلي اتكلت على حيطة مايله.. بقولك ايه يا إياد إن ما تصرفتش أنا اللي هتصرف
تدخل السائق: تتصرفي ايه أنتي اللي غلطانة ما تقول حاجة يا بيه ولا أنت مالكش كلمة عليها
تدخلت غدير: ألحق غلط فيك
إياد: هو الكلام ده كان موجه ليا
غدير: أمال ليا أنا مثلا
إياد: يعني غلط؟
غدير: وأنا كنت مستنياه يغلط
رفع كم قميصه ثم قال: يبقى مبروك علينا المدعكة يا رجالة
غدير: أسد يابا يا زين ما اختارتي يا غدير
********************************************************
تحركت على أصابع قدميها حتى لاتزعجه فأخيرا قد نال قسطا من الراحة بعدما قضى الستة أشهر الفائتة بدون أجازات بسبب الحفل الضخم الذي كان يقام بالفندق الذي يعمل به
نظرت إليه بهيام تراقبه وهو نائم وأفكارها تدور بها منذ اعترافه بحبه لها أول مرة.. ابتسمت وهي تتذكره عندما كان يجلس أمام باب عمارتها، ثم قام متعجلا عندما لمحها، تذكر يومها من كثرة توتره أنه هشم التمثال الذي كان يزين مدخل العمارة ضحكت وقتها لكنه وقف أمامها ثم مد يده يده بورقة بيده بعدها تركها وذهب مسرعا لكن قبل أن يختفي قال لها إن وافقت عما كتب بداخل تلك الورقة فقط تهز رأسها إيجابا له من شرفة غرفتها بعدها أختفى من أمام نظرها
أمأت بإلايجاب له ومنذ ذلك الحين لم تفارق البسمة شفتاها
لم تعي حتى متى استيقظ، لكنها وعت تماما له عندما شعرت بالذي يجذبها بين أحضانه ناظرا إليها بشغف ظاهر: سرحانة في ايه؟
ابتسمت: في أول مرة اعترفتيلي فيها بحبك.. ماكنتش أعرف انك بتحبني من زمان أوي كده
أجابها براء: أنا ماحبتش حد غيرك يا سهى
سهى: ليه ماقولتليش؟
براء: كنت خايف ترفضيني بسبب فرق السن
سهى: ماكنوش عشر سنين دول
براء: أنا كمان بقول كده.. بقولك ايه تعالي أقولك كلمة سر
حاولت إبعاده عنها لكنها لم تستطع ثم غرقت معه في بحر هيامه الذي لن تشبع منه أبدا طالما حيت
***********************************************************
كان تركض في الطريق إلى أن أوقفت أول سيارة أجرة جائت أمامها، بعدها ألتقطت هاتفها من حقيبة يدها بعد سماع صوت رنينه
ضغطت على زر الإجابة سريعا عندما وقع نظرها على اسم المتصل: نزلتي
ابتسمت: أيوة نزلت خلاص
جاءها صوته: طب تمام أول ما توصلي رنيلي
آسيل: حاضر
بعدها أغلقت الهاتف معه، ثم أخرجت سماعات أذنها تستمع إلى بعض الأغاني التي تحبها وهي تتذكر أول مرة تعرفت على حمزه الذي جاءها كغيمة ممطرة في شهر أغسطس، عند هذا تذكرت يحيى الذي تحمل إلى الآن ذنبه بعدما رمته كورقة بالية في عز الريح بعدما قالت له أنها تعرفت عليه بسبب أمواله.
دعت الله في سرها أن يجعله سعيد في حياته مع زوجته الذي زف عليها بعد فراقهم بشهر واحد، تذكر وقتها أنها دخلت في اكتئاب حاد لم تخرج منه حتى بعد مرور أربع سنوات على فراقهم، إلى أن تقدم لها شخصا ما وقتها تحدثت معها تالين لكي تستمر بحياتها وكفى عذاب لنفسها
وقتها اقتنعت بحديث صديقتها لكنها لم تستطع الإكمال في تلك الخطبة لفترة طويلة وخصوصا بسبب تصرفات خطيبها وبخله المبالغ فيه، تركته بعد مشاكل كثيرةمرت بها في بيتها، بعدها تعرفت على حمزه من خلال مواقع التواصل الإجتماعي
في الأول كانت تتوجس منه لكن بعد فترة كانت عرفته بعدها اعترف بحبه لها وقررت أن تعطيه الفرصة
أوقفت السيارة بعدما وصلت إلى وجهتها المنشودة
دخلت إلى المدرسةوهيتلقي تحية الصباح على الجميع
إلا أن أوقفتها صديقتها عندما قالت أن المدير يطلبها في مكتبه
فور أن دخلت إلى المكتب تحدثت قائلة:
والله يا مستر أنا ولا ضربت حد ولا زعقت لحد ولا...
قاطعها قائلا:يابنتي اسكتي وأنا كنت كلمتك
جلست بإريحية ثم قالت:اه إن كان كده نعد، ها ايه بقى حضرتك عايزني في ايه؟
المدير:سمعت انك ناوية تحضري الماجستير
هزت رأسها إيجابا تؤكد على حديثه: أيوة
طب وده مش ممكن يأثر على شغلك
فهمت ما يرمي إليه وقتها وقفت مكانها: لا طبعا مش ممكن إلا لو كان في حاجة مهمة وقتها هخلص شغلي واستأذن
ابتسم مديرها: يبقى تمام
أسيل: إن كان كده يبقى أنا هستأذن النهاردة
ضحك مديرها ثم قال أن عليها الإنتهاء من حصصها بعدها تذهب أينما تريد
**************************************************************
أخذ الملف الذي أمامه ثم بدأ في قرأته جيدا يفسر كل كلمة به جيدا
ثم بدأ في تدوين ملاحظاته، ضغط على الزر الذي أمامه، فور أن ضغط عليه ولجت إلى مكتبه فتاة في أواخرالعشرينات وقفت أمامه: أيوة يا فندم
رفع حمزة نظره إليها: الملف ده يتسلم فورا لشريف بيه ويوقع عليه كمان أخويا
أمأت برأسها بإيجاب ثم قالت: تؤمرني بحاجة تانية
كان على وشك قول شئ إلا أن أوقفه صوت رنين هاتفه أشار إليها بالرحيل ثم أجاب: وصلتي
وصلت من بدري و.. ثم تذكرت شيء لتهتف: انت أتغديت ولا لسة؟
ابتسم حمزة قائلا: اتغديت، بصي هضطر اقفل دلوقتي عشان عندي شغل وهبقى اتصل بيكِ أول ما أروح اتفقنا
أسيل: اتفقنا
حمزة: بحبك
أسيل بخجل: وأنا كمان
**********************************************************************************************************
في صباح يوم جديد....

ولجت إلى مكتب مديرها عندما أذن لها بالدخول، أذدرقت ريقها: مستر مجدي لو سمحت كنت عايزة استأذن
رفع إليها نظره: ليه؟
أغمضت عيناها وهي تأخذ نفس عميقا قبل أن تجيبه، فمن عادتها أنها لا تطيق كثرة الأسئلة وهي غاضبة، لكنها حاولت تهدئة نفسها قدر المستطاع ثم قالت: طالبين مننا أوراق نقدمها للرسالة فهضطر استأذن بدري شوية
أجابها متأففا: خلصتي حصصك
هزت رأسها إيجابا: أيوة خلصتها وخلصت كمان التصحيح
مجدي: تمام اتفضلي
تحركت لكنها توقفت بعدما تذكرت شيئا ما: مستر مجدي كنت عايزة استأذن حضرتك في حاجة تانية
رفع رأسه: اتفضلي
أسيل: كنت عايزة حضرتك تخلي كل حصصي قبل البريك عشان أقدر بس أخلص قبل ما أروح الكلية
سألها بإستفسار يشوبه السخرية قليلا: ليه وأنتي كل يوم هتروحي الكلية
استوعبت نبرة صوته التي لم تعجبها كثير لكنها تغاضت عنها بسبب فرق السن وأجابت بهدوء: لا حضرتك مش هروح كل يوم أكيد بس عشان لو حصل حاجة مفاجأة زي النهاردة ماعطلش الشغل ومأثرش فيه
أمأ برأسه: تمام يا أسيل هظبط جدولك وهقولك، بس لازم تستأذني من زمايلك
أسيل: أكيد.. عن اذن حضرتك
مجدي: اتفضلي
#يتبع
#رحاب_قابيل
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي