الفصل الخامس

ذلك المساء عادت فاطمة الي البيت وفي جعبتها اخبار كثيرة عن حفلة الميلاد المرتقبة التي ستقام في العزبة:
-مش عارفة هي ازاي بنت عمه دي قدرة تقنعه انه يعمل عيد ميلادها.انا كنت مفكرة انه عمره ما هيسمح لنفسه يختلط بالناس تاني
نظر حمزة الي سارة وعيناه تبرقان ولكنه لم يتفوه بكلمة فجاة بدا لها صغيرا ضعيفا مثلها

حين رات سارة سيف ثانية احست بالاختناق علما ان الاسبوعين الماضيين كان جحيما بطيئا بالنسبه لها فيهما هيات نفسها لقول ماتريد ولكنها لم تكن مهياه للتغير المأساوي الذي حل به
لقد توارت الحفلة الصاخبة خلف باب مكتبته المظلمه الضخكة..
وقفت متوترة تستند بكتفيها الي الباب المحفور طلبا للدعم وهو يجلس امام المدفأه الرخامية السوداء وظهر اليها بحيث لم تكن تري سوي جانب صغير من وجهه كان شعره أطول لكنه مازال كثا أسود وكان جسده الطويل منحنيا الي الامام في الكرسي النقال وكانه يحاول جذب الدفء من النار الخامد

عندما خطت نحوه خطوة مرتبكة رات جوا من الاهمال يحيط به وقد جعلها هذا الجو ترغب في الصراخ احتجاجا علي الظلم الذي حل به والذي جعله هزيلا مرهقا ومهزوما ولعل الكأبه في عينيه هما سببا لها اعظم الالم كانت تنظر الي شاب فقد الكثير من وزنه وكبر في العمر بشكل رهيب والانكي انه بدا فاقد الامل
قاومت لابعاد العذاب عن صوتها وقالت بهدوء وبصوت منخفض:
-الحفلة مالهاش اي طعم من غيرك.
ساد صمت رهيب .. ثم سمعت صوت طقطقة هائلة صادرة عن قصطعه حطب ضخمة محترقه وقعت منقسمة في الموقد..رقع سيف رأسه الي الوراء بكبرياء واستقلاليه ثم استوي في جلسته متوترا يصغي بجمود بدون ان يستدير اليها..أكملت المسير بساقين واهنتين مختبئتين تحت فستان صوفي طويل حاكته لها العمه فاطمة
-الضيوف بيسألوا ازاي اللي داعهم مش موجود لحد دلوقتي
انقبضت يداه في حركة عنيفه علي ذراعي مقعده وكانه يتمني لو يستطيع ان يثب واقفا ليضع الاف الاميال بينهما..لذعتها عيناه بامكار غاضب .ثم مرر يده علي وجهه قبل ان يطلق أنفاسه:
-عرفتي دلوقتي
-أيوة ..بقيت عارفه ايه اللي حصلك
استدارت لتمد يديها الي النار وكأنها تطلب الدفء وسألته بمراره اسادعي الغضب ليحل محل كل الحب الذي يوحف اليها حبا تعرف نعم المعرفة انه سيرفضه
-انت ازاي تخبي عني حاجه زي كده؟
-خبيت عشانك انتي بس انا واثق انك مش هتفهمي ده
استدارات لتواجهه:
-افهم؟لالا انا مش فاهمه..انت ازاي متوقع مني اني افهم؟انت عارف انت عملت فيه ايه؟
لم يشح بوجهه عن نظرتها المتهمه .جلس ساكنا ينظر الي النار الخضراء المتقدة في عينيها ثم قال بصوت ميت العاطفة
-انا مش عايز اشوفك يا سارة ..انتي شايفه دلوقتي اني مش الراجل اللي عرفتيه بصي عليه كويس ويعدين اخرجي واقفلي الباب وراكي وانتي خارجه.
حبست انفاسها بحده ثم ترقرقت دموع حارقة براقة في عينيها:
--ارجوك ماتقولش كده ياسيف..انت نجحت مره انك تبعدني عنك انما المره دي مش هتقدر
أمسك ذراعي مقعده بشده حتي كادت تسمع تحطمهما
-انا مش عايزك هنا!
-انت اكيد ماتقصدش اللي بتقوله!
-اخرجي من هنا يا سارة!
ارتجفت:
-وازاي عايزني اعمل كده؟فهمني ازاي؟انت نجحت انك تبعدني عن حياتك بس ازاي اقدر انسال؟
ادار وجهه ينظر الي النار المستعره في الموقد:
-اعتقد ان الموضوع ده بقي سهل دلوقتي بعد ما شوفتيني في الحاله دي.
-انا مش مصدقة..انت فعلا استسلمت؟
-لا انهزمت.
-طول عمري كنت مفكراك راجل قوي
رد بصوا هادئ كالاموات:
-اخرجي من حياتي ياسارة..في كتير حاولوا قبلك وفشلوا.انا مش محتاج صدمه نفسيه معاكسة ولا اي حاجه زي كده
-وانت محتاج لايه؟
نظرت اليها عيناه البارقتان ثم انسلت منه ضحكه قصيرة لا شفقة فيها:
-مش انتي اللي محتاجها ومش عارف ازاي لاقتني اصلا او انتي جيتي ليه..بس انا عايز انك تمشي من هنا دلوقتي حالا ..اعتقد ان سفرك كان مالوش اي لزمه..ارجعي القاهرة انا ماكنتش ومش هكون اللي بيتحمل شفقتك
رفعت رأسها وكأنها تستمع:
-تصدق انا ماسمعتش كمان وانت بتقول الكلمتين دول عشان يأثر فيه..المفروض يعزفوا لحن حزين دلوقتي عشان ينسجم مع الي بتقوله ده..اللي انت بتقوله ده اكتر حاجه ممكن تخلي البني ادم يعيط وشويه كمان هتقول انك نص راجل مش اكتر
مال الي الامام ووجهه يتلوي الما ونار غاضبة تثب الي عينيه الكليلتين:
-اطلعي بره حلا!
-وافرض اني اخترت افضل هنا؟هترميني بقي بره بنفسك؟انت مفكر انك قادر تعمل كده؟
صاح ينادي خادمه بصوت راعد:
-محمود
ابتسمت بهدوء ولكنها لم تتمكن من اخفاء نظرة الخبث من عينيها:
-ماتتعبش نفسك ياحبيبي..محمود مش هيجي..حمزة دلوقتي بيلهيه عشان اقدر اكلمك المكالمه الممتعه دي دلوقتي..ولو سمعك محمود وانت بتزعق عشان يسمهك حمزة هيخليه يتجاهلك .
ضم قبضته في حجره قبل ان يتنهد بمرارة وهو يقول"حمزة؟!"
هزت رأسها ايجابا تحس فجأة بأن الجو قد تبدل الي غضب من نوع اخر .جلس مستقيما وكانه يهيئ نفسه لشئ ما:
-تمام يا سارة ..هعتبر نفسي اسير عندك ..عايزة ايه بقي دلوقتي؟
-مش اقل من اننا نتجوز
(الفصل العاشر)

.جلس مستقيما وكانه يهيئ نفسه لشئ ما:
-تمام يا سارة ..هعتبر نفسي اسير عندك ..عايزة ايه بقي دلوقتي؟
-مش اقل من اننا نتجوز
أذهلته وقاحتها:
-انتي بتهزري ..صح..انتي شيفاني كويس أحنا اللي بينا مابقاش ينفع يرجع خلاص خلصنا انا دلوقتي بقيت علي كرسي وده واقع ومش هيتغير
-سيف شاهين اللي أعرفه ماكنش هيستسلم بسهولة
-.أعتقد اني وضحت اللي بينا انتهي خلاص
-لا.ـنت مش موافقه انيه ينتهي أنت طلبت ايدي للجواز وانا وافقت وأعتقد انه من حقي دلوقتي اوافق ان اللي بينا ينتهي ولا لا وأنا مش هسمح انه ينتهي أو انك تهرب بسبب اللي انت فيه
وربتت ذراع مقعده..فقال ساخرا:
-ياالله ! احنا مش هايشيت في روايه رومانسيه وكل اللي عليكي انك تقولي بحبك عشان نعيش كلنا في سعادة للابد . فوقي احنا في الواقع
صدر عنه صوت مخنوق وادار وجهه المتجعد بعيدا عنها فنظرت اليه عاجزة:
-ممكن اكون رومانسية..ممكن أكون خياليه..بس ده مايمنعش اني بحبك ومش مهتمه انك مابقتش قادر تمشي أنا بحبك عشان انت انت
جثت علي ركبتيها امامه:
-أنا حاولت أشيل حبك من قلبك لاني كنت مصدقة انك انسان متجوز بس بعد ماعرفت الحقيقة انا عمري ماهوافق اني اسيبك مهما يحصل ومهما تعمل انا هفضل هنا ومش همشي

مرر يديه علي وجهه وركز نظرته علي يديها الممسكتين بساقيه الخاليتين من الحياة:
-هتفضلي تحبي في راجل عاجز لحد امتي؟وبعد قد ايه هتزهقي مني وانتي بتشوفيني دايما قاعد علي الكرسي ده يوم بعد يوم..سنة بعد سنة..؟ انتي شابه في بداية عمرك وانتي بحاجه لرجل كامل عشان يقدر يوفرلك حياة كاملة كريمة ماتضطريش فيها تضحي عشان تقدري تهتمي بواحد مقعد زي

التمع العذاب في اعماق عينيها:
-مش ده اللي الحب بيعنيه؟الاهتمام؟وبعدين أنت مش مضطر تفضل قاعد هنا..في حاجات كتير تقدر تعملها من غير رجلك..ممكن يكون دلوقتي الموضوع مستحيل بس المستحيل بيكون مش موجود لما يبقي في أمل
قرب وجهه من وجهها وشد علي عضلات فكيه:
-وانتي بقي شايفه نفسك كده..انتي بقي المفروض شعاع النور اللي بنشوفه في نهاية النفق؟ انا بقي مش محتاجك عشان تديني الامل ده

حبست انفاسها بحدة تقاوم لتسيطر علي ألمها الذي غمرها:
ممكن ماتكونش محتاجني بس........ انت بتحبني؟

ابتلعت ريقها بقسوة تنظر اليه بخوف .جلس بلا حراك يحدق اليها بعذاب ولكنه فجاه دفعها عنه ..وتمتم من أعماق حنجرته :
الحب ما بيعنيش شئ لما يكون الموقف زي ده...عمرنا ما هنكون زي الاول ولا عمرنا هنرجع لبعض فوقي بقي وكفايه لحد كده..انتي تبقي غبية لو مفكرة اننا ممكن نرجع زي الاول

اغمضت عينيها تعصرهما والعجز يسحقها:
-انت ماتقصدش اكيد اللي بتقوله ده
-لا أقصد ..اخرجي من حياتي بقي
وقفت أمامه بطريقة ما باردة وكأن الحياة عجرتها.كان الالم واضحا في عينيها:
-أنا مش عايزة اسيبك يا سيف انا عايزة أفضل معاك طول العمر
-مش وانا في الحاله دي ..من الافضل اللي كان بينا يموت ويدفن في خانه ذكريات وكل ما نشتق لبعض نروح مزورها وبعدين نقفل عليها في مكان بعيد ونرجع للواقع
-بس انا حاولت انساك وماقدرتش
-مع الوقت هتنسي!
كان صوته حازما وهو يناور بكرسيع نحو الباب
-لو فكرتي شوية هتعرفي ان ده الحل الامثل!وهيجي اليوم اللي هتشكريني فيه علي موقفي ده
-يااااه علي حبك لمصلحتي والله..عشان كده ده اللي بيخليك ضعيف
رفع رأسه بشئ من عجرفته القديمة ولكنه لم ينظر اليها:
-انا راجل قوي مش ضعيف
-قوتك هي ضعفك
لم يظهر دليلا علي انه سمعها كانت حركاته مضطربه خرقاء ولكنه تمكن من فتح الباب والجلوس ببرود منتظرا خروجها
-يعني مافيش فايدة؟
--ارجعي بيتك يا سارة..وافقي علي راجل مناسب
-كل سنة وشاهي طيبة يا سيف
نظر وراءه ليزداد وجهه قساوة وبرود وتجاهل امتداد يد حمزة وجلس يحدق اليه بدون ان يتفوه بكلمة واحدة
زاد ذلك من حيرة سارة تري ما الذي حدث بينهما ليجعل أفضل أصدقاء بهذا الشكل؟!

-كل سنة وشاهي طيبة يا سيف
نظر وراءه ليزداد وجهه قساوة وبرود وتجاهل امتداد يد حمزة وجلس يحدق اليه بدون ان يتفوه بكلمة واحدة للحظات طويلة محرجة
هز حمزة كتفه وشد فكه قبل ان ينزل يده:
-غريب جدا والله..شاهي قالتلي ان الحادثة أثرت علي عمودك الفقري بس ماقلتش انها أثرت علي علي دراعك
رد سيف من بين أسنانه
-ابعد عن شاهي
رد حمزة بعذوبة بعدما أصبح توتره دقيقا:
-مش هتقدرطول ما انت أسير الكرسي ده مش هتقدر تبعدني عنها..وهعمل اللي أنا عايزه
عينا سيف المشعتين بغضب قاتل اجفلتا حمزه
-ماكفتكش جميلة؟
-ماتقولش كده!
كانت جملة بسيطة ولكنها مشبعة بتهديد ينذر بالشر..
ضاقت عينا سيف وكان صوته هادئا خطيرا عكس وقفته المتحدية المحاربة بدا هادئا بشكل غير طبيعي قبضتاه مشدودتان الي جنبيه وقدماه متباعدتان وثابتتان وكأنه يعد نفسه للقتال .. ولو قرر فجأة ان يثب علي حمزة..لما أدهش فعله هذا سارة أبدا.

جلس سيف متشنجا وعروق عنقه بارزة الي الآمام ونظرة كراهية واجرام تلوي شفتيه.كان الجو بين الرجلين مشحونا نظرت سارة بيأس الي محمود الذي كان يتململ في الخلف.
أمسك محمود بمزهرية كبيرة من الخزف ورماها الي الآرض فتحطمت ولكنه قال بدون انفعال:
-انا غبي أوي أنا اسف يا سيف باشا..أنا هبعدك عن المكان عشان انضفه من الازاز اللي انكسر ده
-ولا يهمك يامحمود .. وصل أستاذ حمزة للباب.. هو ماشي
ارتد حمزة الي الوراء ثم مرر يده علي وجهه المتوتر ولم تمض لحظة حتي استطاع القول:
-وانتي ياسارة مش هتمشي ؟ انا متفهم اوي ان الباشا مش هيتجاوز واقع مسواتنا الاجتماعي
حبست انفاسها بحدة لان هذه الفكرة لم تخطر لها علي بال فحتي الآن لم يتباه سيف بثرائه بل لم تدر هي حتي انه فعلا يلك كل هذه الثروة الطائلة لانه لم يتصرف يوا بطريقة مختلفة عن الاخرين ..ولكن هل جعلها حبها له لا تلاحظ فيه ذلك.
رد سبف ساخرا:
-انت فعلا عندك حق. بصوا حواليكوا كده وقولولي اذا كان في حد فيكوا فعلا بينتي للكان ده او كن يليق بواحد فيكوا
كانت الردهة بيضاوية فخه رائعة والرخا الاسود رائعا كانت الاعدة المرتفعه الانيقه تدع سقفا نحوتا رتفعا بجلال يتدلي ن نتصفه ثريا ضخة ن الكريستال . بعد أن دققت النظر فما حولها تصورت نفسها بملابسها وحمزة بملابس العمل فغاص قلبها ان سيف علي حق..ليس منهما من ينتمي الي هذا المكان
كان ما قاله الان هو الاكثر تأثيرا في نفس سارة لقد قال لها مرة انهما عالمين مختلفين وهاهي تعرف الان قصده بل تعرف أيضا انها لن تنتمي أبدا الي عالمه الا في الآحلام.

أعتدلت في وقفتها بشئ من الكبرياء وامسكت ذراع حمزة واقتادته بطريقة ما الي الباب الضخم بسممو رشيق وقور..نظر حمزة الي الخلف محدثا محمود متجاهلا سيف تماما:
-ممكن تقول لشاهي اني روحت عشان اوصل سارة؟
-مازال سيف هناك في مكانه لا يحرك ساكنا.
نظرت سارة الي الخلف مرة واحدة فقط وعيناها المصدومتان مليئتان باذلال جريح لم تستطع اخاءه..ثم ارتدت علي عقبيها مبتعدة..
لقد انتهي الامر..
انهما حقا من عالمان مختلفان..

تلك الامسية ظلت شيلي حتي وقت متأخر جالسه كالمسمرة في مكانها..نام اياد في غرفته في الطبقه العليا التي خصصتها له فاطمة أما عن فاطمة فظلت في العزبة
ظلت هناك مسمرة لدرجة ان شاهدتها من بعيد ظننت انها تمثال شمع من متحف مدام توسون
كانت تفكر...
لقد تلقت كرامتها ضربة ولكنها أدركت أنه قال الحقيقة اذ ما كان زواجهما لينجح أبدا تصورته يسير في منزله الجميل الذي لن تنتمي اليه أبدا . الامر سخيف غير انها في لحظة اغراء تركت للحلم مجالا.
انسلت منها تنهيده صغيرة ..فرفع حمزة رأسه اليها:
-ماتفكريش في كلامه هو ماكنش يقصد اي حاجه من اللي قالها قال بس الكلام ده عشان يبعدك عنه بس عشان خايف تشفقي عليه
تمتمت
-لا يقصد احنا فعلا ماننفعش لبعض هو من عالم وانا من عالم
-وانتي بردوا اللي بتحبيه
-هو قال اني هقدر انساه وممكن أبدامن دلوقتي
-تبقي غبية لو صدقتي كلامه ده فعلا ..اوعي تخلي غناه يقف حاجز ما بينكوا ..ماهو ايام ما كان خاطبك عمره ما حسسك بده
-بس انا ماكنتش متخيلة انه غني اوي كده ..انا كنت مفكراه عنده شركة صغيره علي قده كده وبس مجرد مشروع كبداية حياة اي شاب
-هو فعلا شاب عادي جدا يا سارة انتي مالحظتيش انه كان عمال يدور علي اي سبب عشان يبعدك عنه والسلام بصي يا سارة انتي مؤمنة عشان كده احنا لازم نصبر شوية ونشوف ربنا مخبي ايه يمكن يحصل سبب يقربكوا من بعض
بعد مرور شهر خطا القدر خطوته واخرج كل شئ من بين أيديهما.
كانت سارة نائمة حين سمعت صوتا بدا أشبه بنباح منخفض ..اهو كلب حمزة؟ ثم حاولت الجلوس في سريرها الضيق لكنها لم تستطع رؤية شئ في الظلام الدامس.رمشت عينيها لآنها شعرت بوخز فيهما وفي أنفها ثم بدات تسعل وتسعل قبل ان تدرك ماذا يجري.
دخان كثيف عابق أقفل ذعر مفاجئ عقلها وعطل عمله ولكنها لم تلبث ان استردت شتات وعيها وخرجت من الغرفة راكضة.
جرت الي خزانة ملابسها لتخرج منها كنزة لتجعلها كرة وتضعها علي فمها وأنفها قبل ان تعود الي الردهة شاقة طريقها..لم يكن هناك نار غير انه حين وصلت الي الدرج..وجدت جدارا من اللهب الاصفر يتثلق بثبات نحوها ..فحاولت ان تصيح:
-ياعمتو ! اصحي..اصحي البيت بيتحرق!
وجدت نفسها امام باب غرفة عمتها تحاول فتحه . لكن المقبض أنزلق في يدها فاخذت تضربه حتي ألمتها راحتي يدها.. فسعلت بخشونة ثم وجدت حمزة الي جانبهافجاة
-انت جيت امتي ..مش مهم ..شوف اياد انا كنت بحاول اصحي عمتو الاول!
-روحي هاتيه بسرعة وأنا هخرج عمتك..شيليه وروحي لاوضتك احنا هنضطر نخرج من شباكها بسرعه!
ذهبت الي غرفة اياد وايقظته بعد ذلك دثرته بحرام دمعت عيناها من شدة الدخان
ذهبت مسرعة الي غرفتها لتجد حمزة يخرج عمتها الدائخة من النافذة يربطها بالشراشف المعقودة معا..وكان يشهق:
-خلي بالك .. ماتخافيش المسافعه مش عاليه اوي
ثم نظر خلفه ليحدث سارة قائلا
-سارة اقفلي الباب
نفذت ما قاله سريعا ..ازدادت كثافة الدخان حتي احست انها سوف تفقد وعيها في ايه لحظه في ذلك الوقت اخذ همزة اياد من يديها ليخرجوا هو الاخر ثم نظر اليها قائلا
-يلا يا سارة دلوقتي
ووجدت نفسها تنزلق بدون وعي فوق الشراشف.يتبعها حمزة
نظرت سارة وهي وعمتها الي المنزل الذي كان يحترق امامهم ولا يسعهم فعل شئ سوي مشاهدته وهو يحترق
وقفت سارة بجانب عمتها في الظلام ترتجف من الخوف .كانوا جميعا حفاة الاقدام مرتدين ثياب النوم
سمعوا اطارات فوق حصي الطريق فاستداروا مخدرينن ينظرون الي جماعه من الجيران الذيم وصلوا متأخرين عن المساعدة وتوقفت سيارة طويلة أنيقة خلف الجميع وقبل أن تتوقف نهائيا قفزت شاهي منها ..لتسرع خطاها الي حمزة وهي تبكي بطريقه هستيرية:
-أنت كويس؟ أنت بخير ؟حصلك حاجه؟سيف ماعرفش ينام وشاف الدخان من الشباك بتاعه .. وهو اللي خلاني اجي هنا عشان يتأكد..أنكوا بخير
أخذ يهدأها :
-هس..احنا كلنا كويسين وبخير
زحفت فاطمة متأرجحة نحو سارة وحاولت بشجاعة أن تمنع ارتجاف صوتها وهي تقول:
-هو سيف ممكن يستقبلنا عنده لحد ما نشوف هنعمل ايه؟
والتفتت الي الحضور ثم خرت أرضا مغميا عليها.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي