7

مضى يومان منذ ذلك العشاء، خلالهما سوزي وسارة نشأت بينهما علاقة ودية جيدة نوعا ما.
الآن هو ما بعد فترة الغذاء، فبعد تناولهم لغذائهم جلسوا في الحديقة الامامية سويا سارة وميليسا وسوزي يتجاذبون اطراف الحديث.

كان كريستيان يقود سيارته متجها إلى المنزل، فبعد ذلك العشاء انقلب السحر على الساحر وبدأت فيرونيكا تحاول إعادة الوصل بينهما بأية طرق ممكنة، حتى انها اخبرته انها ستتنازل على القضية تماما، وتعيد له ماقد استولت عليه بغشها وطمعها.

ولكنه عافها وقلا ولم تعد روحه تأبى المآلفة معها.
فبعض الاشخاص نراهم بريقا حلوا يلمع، تجذبنا أضوائه، كالنجوم فالسماء نأمل ان تضيء دروبنا. وما ان نقترب حتى نكتشف انه ضوء اصطناعي يضيء وينقطع، لا يصلح لأن توكله حالك وترحالك.

قرر العودة إلى سكينة جناحه، لينزوي بأفكاره ويستبصر امر حاله، لكم صادق الهدوء والسكينة والوحدة هذه الفترة، لم يعد يرغب في غيرهم إيناسٌ له.
حتى انه انقطع عن اصدقائه والنوادي الليلية هذه الفترة، كان يذهب فقط الى نادي الملاكمة.

وصل الى المنزل ووجد والدته واخته وصديقتها يجلسن فالحديقة ويتسامرن، لكم تمنى أن تكون علاقة اخته ووالدته علاقة طبيعية، هو يعلم أن والدته قد أخطأت كثيرا في طفولة ميليسا حيث كانت تضغط عليها كثيرا في التربية وتقسوا عليها أكثر، تظن بذلك انها تجعل منها إمرأة مجتمع راقية معتمدة على نفسها.
وهي الآن تحاول إصلاح علاقتها مع ميليسا ولكن يبدو أن الوقت تأخر فعلا، او ربما لا من يدري.

اتجه اليهن القى التحية ومشى مباشرة نحو غرفته، حيث ملاذه وأُنْسه.

.....................
آدم

اليوم هو يوم المغامرة الكبير لقد أصبحت ضابط فالجيش مثل خالي ميكائيل، سوف أتسلق حصن العدو، وسوف انقذ الاميرة!
خرجنا الى الحديقة الامامية وسمحت لي سارة ان ابتعد قليلا على شريطة الا أثير المتاعب.
انها فرصتي، تسللت إلى القبو في غفلة من الخدم واخذت حبلا ودسسته تحت قميصي، عدت إلى سارة واخبرتها انني اريد الذهاب إلى الحمام، ولكنها لم تشأ ان ترسلني بمفردي فأرسلت إحدى الخادمات معي.
حسنا الخطة تسير بشكل جيد، هذا رائع، حتى سارة لم تلحظ الحبل تحت القميص!
لكن لدي عقبة واحدة وهي الخادمة يجب ان أتخلص منها، وكما يقول خالي ميكائيل "نذلل الصعاب ونرفع الهمم، رجال اقوياء نغزوا أعلى القمم".
رددت هذا النشيد داخلي بحماس وكأنني ذاهب لغزو احدى الحصون والقلاع.
دخلنا إلى الجناح، وطلبت من الخادمة ان تخرج، ولكنها رفضت وقالت ان سارة اوصتها انني لا يجب ان اغيب عن ناظريها اطلاقاَ. لا أعلم لم اختي سارة تبالغ!!
فقلت للخادمة: اريد تغيير ملابسي.
- حسنا، سأنتظرك هنا في صالة الجناح وانت ابدل ثيابك في غرفة الملابس.
لم اجد حلا لأتخلص منها، فقلت لها : انا عطشٌ جدا، احضري لي عصير الليمون.
نظرت لي في شك ثم قالت : "لن أتأخر" وذهبت.
ركضت مسرعا ناحية الشرفة وأخرجت الحبل وعقدت عقدة قوية كالتي علمنيها خالي ميكائيل لربط الحبال، عقدتها في درابزين الشرفة وعدت مسرعا إلى الجناح، ومن حسن حظي دخلت الخادمة بعد دخولي من الشرفة.
تنفست الصعداء، نظرت لي الخادمة وقالت: الم تغير ثيابك؟
قلت لها : لا قررت انني لن اغيرهم، لقد استعملت المرحاض فقط.
عدنا إلى حيث سارة وميليسا.
اخبرت سارة انني سألعب بالجوار، فقالت لي حسنا على ان لا اسبب المتاعب.
انها لا تتعب من هذه التوصية.
خطتي تسير بشكل جيد، هكذا هم المخططون الشجعان، الآن سوف اتسلل للحديقة الخلفية، لأتسلق الحبل واغزو الحصن!
انا متحمس جدا.
بعد بضع من الوقت كنت قد وصلت الى مُرادي دون ان اثير الشبهات.
وقفت اسفل الشرفة ونظرت إلى اعلى، شعرت بقليل من الخوف إن المسافة طويلة.
ولكني تغلبت على مخاوفي وامسكت طرف الحبل اشده.
ثم بدأت في التسلق وانا اردد بصوت عالي: "نحن نذلل الصعاب ونرفع الهمم، رجال اقوياء نغزوا أعلى القمم".
ظنا مني ان هذا سيجعلني شجاع واستمر فالصعود، ولكن كل مازاد الارتفاع زاد خوفي، ثم نظرت للأسفل وكدت أسقط من شدة الهلع، فبدأت أصرخ في إرتعاب وجزع.
تمسكت بالحبل وانا مرتاع من ان اسقط على الارض وجلجلت المكان بصراخ عالٍ.
........................

سارة

شُرب القهوة في هدوء من احب الامور التي تحبها سارة. وها هي تجلس برفقة ميليسا ووالدتها تحاول جعل ميليسا تجالس والدتها اكثر، فقد لاحظت تجافٍ بينهما.
وهي التي تجرعت الم فقدان والديها الحنونان عليها، تدرك كل الادراك مامعنى ان يحتاج المرء الى نصحهما وحنوهما عليه!
وقررت لابد ان تساعد صديقتها وترد لها جمائلها حتى بشيء بسيط، وهي تحاول إعادة إحياء الوصل بينهما.

كانوا يتحدثون عن طفولة ميليسا، وسوزي تحاول ابراز الجانب الايجابي في طفولة ميليسا.........

حتى سمعوا صوت صراخ آدم، هبت سارة واقفة فزعة، تنظر حولها في صدمة، هذا صوت صراخ اخيها آدم، ركضت تجري تتبع مصدر الصوت.
قالت ميليسا بصوت عالي: من هنا ياسارة يبدو انه فالحديقة الخلفية.
ركضت سارة ومن خوفها تشعر ان قدميها كالهلام لا يحملانها، لقد كان صراخ آدم هستيريا، وعشرات السيناريوهات لما قد يكون حصل له مرت في مخيلتها خلال ثواني.
وصلت إلى حيث آدم وصدمت مما رأت، كان آدم متعلق بحبل متدلي من الشرفة، وهو في منتصف المسافة مابين الارض والشرفة.
بدأت سارة تصرخ بغير شعور منها، خافت كثيرا جدا، وتصرخ ب: آدم، آدم، أرجوك تمسك.
آدم بصراخ وعويل: ارجوك ياسارة انزليني، انا خائف.

خرج كل من في المنزل على صوت صراخ آدم وسارة.
تجمع الجميع بمن فيهم الخدم وكريستيان.
سوزي ركضت بإتجاه ابنها: بني ان الفتي سيسقط، اسرع اليه ارجوك.
كريستيان اقترب من آدم وقال بصوت يحاول أن يجعله مُطَمئِن لآدم : آدم انت بطل والمسافة ليست عالية كما تعتقد، انا سوف اقف أسفل منك مباشرة وانت افلت يديك وسأمسك بك.
وضعت سارة يديها على فمها حتى لا تبكي ولا يسمع آدم بكائها.
كانت مرعوبة فعليا.
نظر آدم للأسفل وزاد خوفه وزاد تمسكه وحركته العشوائية على الحبل وقال يبكي: لا أستطيع.
كان كريستيان متوقع ان ينفك الحبل في أي لحظة فوقف تحت الصغير مباشرة على استعداد.
بصوت يشوبه البكاء تحاول سارة بث الشجاعة في اخيها فأنشدت له نشيد خالها ميكائيل المحبب لقلب آدم: نذلل الصعاب ونرفع الهمم، رجال اقوياء نغزوا أعلى القمم.
اغمض آدم عينيه وبدأ يغني معها بصوت منخفض، لم يكن احد الموجودين يفهم مايقال.
ولكن فجأة انفك الحبل فلم تكن عقدة آدم تحتمل رفعه كل هذا الوقت حتى وان علمه اياها عقيدٌ فالجيش.
جلجلت صرخه مدوية من آدم وسقط مباشرة إلى ذراعي كريستيان الذي كان مستعداً له.
عم السكون المكان ثواني قليلة، سقطت سارة على ركبتيها وأسرع آدم إليها يحتضنها ويبكي.
بكت سارة بكاء شديد، لم تتحمل فكرة ان يصاب اخيها ايضا بمكروه.
تقدم الجميع يهنئون آدم على سلامته.
أمرت سارة آدم أن يشكر كريستيان.
آدم بخجل: شكرا لك.

...................
ميليسا

كانت تريد الخروج اليوم كعادتها ولكن سارة اصرت عليها ان يبقوا فالمنزل.
جلسوا بعد الغذاء في الحديقة وجلست والدتها معهم، يتبادلون اطراف الحديث، عند ذكر طفولتها على لسان والدتها تحس ميليسا انها ربما بالغت في لوم امها، وربما انها كانت فقط تحاول أن تجعل منها الافضل، كما يفعل معظم الاباء والامهات ظنا منهم أن القسوة والشدة تجعل من الاطفال يتبعون النظام والقوانين بشكل افضل!
عاد اخيها كريستيان مبكرا اليوم من الشركة، كان كما كان يبدوا دائما، واثقا قويا متفاخرا ذو هيبة لا يؤثر شيء فيه.
ولكن كانت هناك هالة من الحزن والبعد تحيط به، لن يلحظها الا المقربون منه.
فهي التي تتآلف روحها معه منذ الصغر تعلم ذلك، ولكنها تعلم ايضا انه لن يخبرها بشيء، دائما ما كان كتوم، ويجب عليك ان تغوص لأعماق عينيه وروحه وتكون فطنا للغة العيون حتى تقرأ ما تسبر به اغوار نفسه.

كانوا يتحدثون عن الازياء والموضة، حتى سمعوا صراخ طفل صغير.
ورأت سارة تهب فزعة واللون خطف من وجهها.
اسرعت هي وسارة ووالدتها الى مصدر الصوت، وكان آدم المشاغب يتدلى من حبل علق فالشرفة.
من حسن الحظ أن كريستيان كان فالمنزل.

وبعد ان تم انقاذ المشاغب الصغير بنجاح، عادو للجلوس في حديقة المنزل الامامية.
أمرت سوزي الخدم بإحضار عصير البرتقال و الليمون الطبيعي.
كريستيان عبث بشعر آدم وقال له:
ان مافعلته اليوم كان امر خطير يا ايها الرجل الصغير.
نظر آدم الى الاسفل في خجل.
كانت ميليسا تخشى من ان تقسوا سارة على آدم، فهي التي عاشت طفولة مملوئة بالقوانين والقواعد ودائما ماعوقبت بسبب خرقها المستمر لها، ولا ترغب في ان ترى آدم يعاقب بسبب حبه الطفولي للاستكشاف.
سوزي: ان اطفال هذه الايام مشاغبون جدا، الذي فعلته يا آدم خطر جدا حقا.
ميليسا: انه مجرد طفل!
سارة كانت في حالة صمت، كانت هذه ثالث حادثة يقوم بها آدم خلال يومين، ولكنها اخطرهم. لا تعلم كيف تتصرف معه ومايجب عليها فعله!
كريستيان: هل تحب المغامرات والاستكشاف أيها المغامر الصغير.
آدم أومأ برأسه بالايجاب.
كريستيان: لدي صديق وهو رائد فالكشافة، وسيسر كثيرا اذا ما انظم لهم فتى شجاع مثلك.
آدم: ولكنني لست شجاع بل صرخت مثل الاطفال!
ضحك الجميع ماعدا سارة التي اكتفت بإبتسامة بلا روح.
نظر كريستيان إلى سارة وقال: اذا ما سمحت لك سارة، سنذهب إلى مكتب الرائد جيفان غدا للتسجيل.
سارة: آدم يذهب إلى المدرسة لا اعتقد انه يستطيع.
ميليسا: لم لا تذهبين الى المكتب معهم وتنظري فالامر بنفسك؟

قد يزداد الحمل الشاق علينا ويرهقنا، لتزيدنا الايام من قسوتها اضعافا مضاعفة، فتضع على اعناقنا أعباء لم نكن ندرك وجودها فالدنيا قبلا.

.......................

كانت سارة تشتاق كثيرا لوالديها، وقد بلغ منها الشوق مبلغه الآن بعد ما فعله آدم، تتمنى حضن امها الحنون، ودلع ابيها لها، فقد كانت فتاته المغناج.
اشتاقت ان تبكي لهما حزنها وبئسها، وان تستمد من ثبات والدها القوة.
بدأت تشعر أن آدم يحتاج توجيه وإرشاد أكثر مما تفعل هي، ولكنها لن تستطيع تركه يبتعد عنها، ليس وهو كل عائلتها وكل ماتملك في هذا الكون.
كثيرا جدا تذكر حياتها واستقرارها وآمانها، فتلعن الحروب والاطماع والتهجير.
كم من الليالي بكت في دُجْنَة الليل البهيم، ينشق قلبها كلما تمست وتصبحت على صورة والديها، تذكر لحظة وفاتهما وصراخ والدتها من شدة الالم بعد ان سقطت قذيفة على منزلهم.
توفي والديها قبل ان يصلا الى المستشفى، كان القاذف قد سقط مباشرة في غرفة نومهما.
واما سارة وآدم كانا قد اصيبا بجروح طفيفة، وهاقد مر عام على تلك الحادثة، تذوقت فيها سارة طعم اليتم واللجوء والجوع والبرد.
حتى ان اخبار خالها ميكائيل لم تصلها حينها الا قبل يوم من زيارتها له فالسجن، عندما جائها محاميه واخبرها ان خالها حي ويريد رؤيتها.
فمنذ ان عم الهرج والمرج البلاد انقطعت اخبار خالها، حتى ان والدتها كانت تبكي اخاها ظنا منها انه قد مات.
وتذكر حين زارته قال لها انه سمع بوفاة والديها وهو فالسجن، وبدأ يحاول البحث عنها وعن آدم عن طريق اصحاب له خارج السجن، حتى عرف مكانها منذ اسبوع.
عادت بأفكارها إلى الواقع على صوت الرائد جيفان: هذه قائمة النشاطات الصيفية لهذا العام، وهي تبدأ بعد اسبوع من اليوم.
سارة: انه يوافق اول يوم عطلة صيفية لآدم!
جيفان: نعم، وفترة الكشافة تكون كفترة النادي الصيفي، ويسمح للاطفال بممارسة هواياتهم او طقوس دينية معينة، بجانب النشاطات الكشافية من تخييم وغيره.
سارة: طقوس دينية معينة؟
ابتسم جيفان: نعم، مثلا يقوم زميلي الرائد جاك بأخذ بعض الاطفال الى الكنيسة كل أحد. وانا اقوم بأخذ البعض إلى المسجد كل جمعة.
سارة: هل انت مسلم؟
جيفان: نعم، فأنا أمريكي من اصول بكستانية. ونحاول فالكشافة ابعاد التمييز العنصري واعطاء كل فئة حقها وخلق روح الاندماج بين الجميع.
سارة بحماس: وااو، هذا جيد.
ضحك جيفان: اجل!
ولكن سرعان ما اخفت سارة حماسها حتى لا يلاحظ كريستيان، الذي كان يتابع الحديث بصمت.
سارة: حسنا، اود ان أسجل آدم.
استغرب كريستيان حماس سارة المفاجيء، وقبولها السريع ايضا، فهي التي أتت لتسجيل آدم تحت اصرار وتشجيع من ميليسا، ولكنه لم يعر الامر اهتمام.
جيفان: يمكنكِ ارسال معلومات اخاكِ عن طريق البريد الإلكتروني.

عادوا إلى المنزل وكان آدم متحمس جدا طوال طريق العودة.
وسارة لا تستطيع التوقف عن التفكير، كيف لها ان تنفصل عن اخيها لثلاثة أشهر بزيارات معدودة يقوم بها.
ولكن ربما تكون فترة جيدة لتستقر في عمل وتجد منزل.
وبعد ان وصلوا المنزل شكرت سارة كريستيان الذي اتجه ذاهبا الى الشركة، واتجهت هي مباشرة الى غرفتها تحاول الاتصال بخالها ميكائيل مجددا، تود لو تستطيع التواصل معه وسؤاله عن رأيه. ولكن كما هي العادة الرقم مقفل!

في هذه الاثناء كانت ميليسا في حالة هيجان وثوران على الخدم.
لقد اختفى سِوار تعتز به كثيرا، كان هدية من جدتها قبل ان تتوفى.
سمعت سارة صوت صديقتها حيث ان جناحيهما متقابلين، ذهبت لها مباشرة لتستطلع الامر.
حاولت تهدئتها ولكنها لم تفلح. كانت ميليسا عصبية جدا حتى انها قامت بصفع احدى الخادمات، وهو الامر الذي لم تفعله قبلا قط!
تفاجأة سارة برد فعل ميليسا، فكيف يمكن لصاحبة قلب حنون كميليسا ان تصير فجأه عدائية؟ كانت تتصور ان ميليسا لا يمكن ان تؤذي نملة!

كما نتوقع الاجمل من بعض المقربين منا، علينا ايضا ان نتوقع منهم الاسوء على حد السواء، مهما كان قرب هذا الشخص منا، فقد يؤذينا بقصد منه او بغير قصد! فالبشر يظلون بشرا يفلحون احيانا ويخطئون احيانا اخرى.
وظالمٌ لنفسه من اعتقد غير ذلك.

بعد ان هدأت ميليسا قليلا بدأت تحكي لسارة عن جدتها بحزن وشوق.
ميليسا: جدتي كانت احن شخص علي، كانت تدافع عني اذا ما أرادت امي معاقبتي. كنت اهرب ليلا من غرفتي بمساعدة مربيتي السيدة ميلودي لأنام في حضنها الدافئ، لانه لا يسمح لي بالنوم خارج سريري. وكنت أعاني من رهاب الظلام ولكن اتتصورين ان احد لم يعلم بذلك غيرها؟
سكتت قليلا ثم تابعت: كانت تحبني وتحميني، وقد اعطتني هذا السوار وهي فالمستشفى تحتضر، قالت لي انه سيشعرني بقربها مني.
سارة تحاول تهدئة ميليسا وطمئنتها: انا متأكدة من انكِ سوف تجديه، فقط عليهم ان يبحثوا جيدا.
ميليسا بيأس: آمل ذلك، ولكني أخشى ان يكون قد سرق، اني احتفظ به في درج مقفل، ولا اذكر انني تركته مفتوح ابدا.
شعرت سارة بالحزن من اجل ميليسا، ليس بسبب السوار، بل لطفولتها الحزينة. لقد حصلت سارة على طفولة رائعة حقا، ثم تذكرت اخوها آدم والطفولة البائسة التي يعيشها الآن.
......................

غرفة لا يزيد اتساعها عن مترين في المتر ونصف، بها مرحاض فقط، والروائح الكريهة منبعثة من كل مكان فيها، سيئة الإضاءة سيئة التهوية، لا تصلح للإستخدام الآدمي!
حاول مرارا وتكرارا أن يصل الى النافذة فالسقف، ولكن لا فائدة لا أمل.
لا يعلم كم مر من الوقت وهو هنا، ولا يعلم الصباح من المساء الا من خلال الضوء البسيط الذي يدخل من النافذة الشديدة الصغر!
يأكل وجبة واحدة فاليوم، طعام ليس به طعم ولا شكل. ماء الشرب هو ماء الصنبور المستخدم للمرحاض!
يتمنى ان يغتسل ولا يوجد مكان لا للاستحمام ولا حتى قطعة صابون صغيرة.

توضأ للصلاة وهو لا يعرف اي توقيت هو الآن، فقط يحاول أداء خمس صلوات فاليوم.
اكمل صلاته ورفع بصره الى النافذة يناجي ربه ويشكوا حزنه.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي