62

(انقلاب الدفة)



المراهقون، اكثر فئة يصعب التعامل معها، فهم اذكياء جدا ولكن لا يجيدون التصرف، فإن وجد ذكان بدون حكمة تصبح الامور كارثية!

آدم؛

بعد ان كان سعيدا منذ لحظات بأنه سيوقع عقدا ما، اصبح الآن متفاجئ من وجود جيڤان وغاضب ايضا من تدخله. وقف آدم وحاول سحب الورقة من بين يدي جيڤان الا ان الآخر ابعدها بسرعة.

"مرحبا آدم، كنت اظنك ذهبت الى المنزل!" قال جيڤان ذلك بنبرة عتاب ولوم ان آدم كذب عليه واستغله.

احمر وجه آدم وقال: "انا افعل ما أشاء يا جيڤان، والآن اعطني هذه الورقة!"

تظاهر جيڤان باللامبلاة واخبر آدم انه سوف يقرأ الورقة ليرى ماهي اولا.
ازداد حنق آدم ولكن لم يتحدث، ولكن جيڤان اصبح مرتبك اذ ان هذا العقد مبهم وغير واضح وهناك به الكثير من الثغرات القانونية!

قال جيڤان الرجل الذي كان لا يزال جالس بكل برودة اعصاب وهو يراقب ما يحدث: "هل تسمح له بمهلة للتفكير اولا؟"

قال الرجل وقد بدا عليه الملل: "لقد اخذ وقته في التفكير بالفعل." ثم التفت الى آدم وقال بكل جدية: "آدم، اعطني قرارك فليس لدي اليوم بطوله." انهى جملته وهو ينظر الى ساعته بملل!

التفت آدم نحو جيڤان وقال: "جيڤان، ارجوك ان تعيد الي الورقة، لقد اصبح الامر سخيف جدا."

ابتسم جيڤان ابتسامة جانبية فهو يعلم ما يحاول ذلك المراوغ القذر فعله، قال جيڤان موجها حديثه الى توم: "هل تعلم انه تحت السن القانونية بعد!؟"

اومأ توم برأسه ايجابا، فقال جيڤان: "اتعجب اذا كيف يوقع فتى تحت السن القانونية عقدا ليس بحضور اي شخص بالغ من اهله!؟"

قال جيڤان ذلك وهو يمزق العقد فهو متأكد ان وراء هذا الرجل الغامض شيء ما ليقدم عرضا كهذا به مغريات كثيرة الى فتى مايزال في سن المراهقة مثل آدم!

وما ان بدأ جيڤان في تمزيق ذلك العقد حتى وقف توم متوترا وعرق ينبض في رقبته، فكر جيڤان في نفسه 'واخيرا ظهرت عليه اي ردة فعل'.

فتح آدم عينيه بصدمة، ما الذي فعله جيڤان، لقد مزق العقد!! امله في ان يغير مصير حياته لا يصدق انه فعل به ذلك! والمشكلة ان توم يهم بالخروج.

استوقف آدم توم وهو يقول: "سآتي معك لأوقع عقدا غير هذا في مكتبك."
ابتسم توم ابتسامة جانبية وقال: "كما تشاء!"

اسرع آدم يمشي خلف توم وجيڤان واقف مذهول، وأفاق على نفسه عندما رأى آدم يتوجه فعليا خارج المطعم مع هذا الذي يدعى توم.

لحق به وامسكه في آخر لحظه عندما اوشك على ركوب السيارة، وما ان امسك به حتى لكمه وجره نحو سيارة اجرة خرج راكبها للتو.

بدأ آدم يقاوم ويدفع جيڤان ويقول وهو يصرخ: "ابتعد عني، اتركني اذهب."

وكانت فرصة مثالية بالنسبة الى توم لكي يستغلها، فأرسل سائقه مسرعا الى أمن المطعم ليلقوا القبض على جيڤان وينفرد هو بآدم.

جاء رجال الامن مسرعين وابعدوا جيڤان الذي كان يدفع آدم الى داخل السيارة، ابعدوه عن آدم، كانا اثنين فأمسكاه من كتفيه وبدأ يجرانه نحو مكتب الامن التابع للمطعم الفاخر.

وقف آدم مذهول كيف جرت الامور وكيف تغير فجأة كل شيء! انطلق مسرعا وأوقف رجال الامن وهو يقول: "اتركوه انه خالي، كان فقط يحاول اعادتي الى امي فهي قلقة علي منذ يومين لم اعد الى المنزل."

قال احد رجال الامن: "هل انت متأكد؟ فقد تم ابلاغنا انه كان يحاول اختطافك!"

نفى آدم ذلك فأبعدوا ايديهم عن جيڤان، توجه الاثنان نحو الطريق بدون ان يتحادثا، لاحظ آدم اختفاء توم، ففكر انه ربما تكون مخاوف جيڤان حقيقية.

"انتبه، فأنت اصبحت بارع في الكذب".

قال ذلك جيڤان وهو يوقف سيارة اجرة، ثم أشار له ليركب فيها معه.
انطلقا متوجهين نحو منزل اخته سارة، وكانا صامتين طوال الطريق، فآدم يفكر 'هل سيخبر جيڤان اخته سارة وكريستيان بم حدث اليوم؟ وهل سيخبرهم عن موضوع استدعاء ولي الامر؟'

"لم تبعتني؟" قال آدم وهو ينظر نحو يديه المعقودتين.

اجابه جيڤان بنبرة عادية: "شعرت بك تخفي شيئا ما خصوصا سبب تأخرك في العودة الى المدرسة ذاك اليوم!"
ثم اضاف بجدية اكثر وقال: "ان هذا الرجل هو السبب اليس كذلك؟ هو من التقيته؟"

اومأ آدم برأسه ايجابا، ثم ركن السائق السيارة امام منزل كريستيان وسارة، وقد كانت سارة تراقب من نافذة المنزل تنتظر على شوق مجيء اخيها.

نزل كل من آدم وجيڤان من السيارة ودخلا الى الحديقة الامامية الصغيرة، توقف آدم وقال لجيڤان: "هل ستخبرهما بما حدث؟ انا لا اريدهما ان يعلما شيء؟"
استشعر آدم التفهم من جيڤان فأحس انه فرصته فقال مصرا: "هما لن يتفهماني، وانا اعدك انني لن اكرر ذلك."

سارة واقفة خلفهما فسمعت ما كان يقال.

نيكولاس؛

كان عقل نيكولاس يعمل بسرعة فائقة محاولا التركيز على ايجاد جواب لوالدته المصدومة من الابرة التي في يده.

نظر ناحية الابرة التي في يده وبدأ يضحك وهو يمسد رقبته بإحدى يديه ويقول: "ان زميلي الذي معي في الغرفة، هو مريض سكري، ويبدو ان احدى ابره سقطت في حقيبتي!

ابتسمت والده وقالت بدون اهتمام: "ستحضر لك الخادمة بدلة فاخرة اشتريتها لك خصيصا لهذا العشاء، انها تكلف ثروة، ولكن يجب ان يكسب والدك هذا العميل وانت ستكون استثمار والدك الاضخم امام ضيفه."

قالت والدته هذه الكلمات ثم اتجهت خارجة من الغرفة تاركة اياه يحدق في الابرة بذهول، يبدوا ان الحيلة قد انطلت على والدته.
حسنا، عليه ان ينفذ خطته الليلة حيث ان والدته ستكون مشغولة بضيوفها، سيأخذ عقد والدته وسيبيعه لكي يدفع المال لذلك الوغد الذي رفض ان يبيعه بالسعر القديم!

فعل كما طلبت والدته بالضبط، اغتسل وارتدى ثيابه، كان نيكولاس طويلا وله شخصية وحضور رائعين، لا يظهر على هيئته انه مدمن مخدرات ابدا. كانت البدلة الرسمية التي يرتديها ملائمة له مع شعره البرتقالي وعيناه الخضراوان، كانت ملامحه جميلة ذكورية

نزل بعد ان ارسلت له والدته الخادمة لتخبره ان الضيف قد وصل، هو حقيقة لا تستهويه هذه الجلسات ولكنه مضطر لكي يقوم بمهمته دون ان يشك به احد.

جلس مع الجميع وتبادل معهم الاحاديث العابرة وهو يكاد ينفجر من الملل، ثم بعد تناولوا العشاء وانغمس والده في الحديث مع ضيفه، وانغمست والدته ايضا في الحديث مع زوجة الضيف تحاول ان تسليها حتى لا تشعر بالملل وتستعجل زوجها.

استأذن نيكولاس من الجميع متظاهرا انه سيدخل الى الحمام ويعود، بعد ان صعد إلى الطابق العلوي تسلل الى غرفة والديه دون ان يراه الخدم، فقد استعانت والدته اليوم بخادمتين اضافيتين من اجل المساعدة، او ربما من اجل التظاهر بأن لديها طقم ممن الخدم من يدري!!

دخل الى غرفة والدته وفتح احدى الادراج واحدا تلو الاخر الى ان وجد احد الادراج مقفلا بالمفتاح، لعن في نفسه ثم بدأ يفكر كيف سيفتح الدرج، اخذ يبحث في كل مكان ولكن دون ان يثير الفوضى في المكان، ولكن لا فائدة لم يجد اي شيء.

الي ان عثر على مشبك شعر صغير لوالدته، فبدأ يحاول فتح الدرج وهو مرتبك يخاف ان يأتي احد ما ليبحث عنه، حيث انه تأخر في العودة!

الى ان فتح معه القفل، فوجد مجوهرات والدته فعلا في هذا الدرج، اخذ العقد فقط واقفل الدرج وخرج، وما ان خرج حتى سمع صوت يصعد الدرج، اسرع مبتعدا عن باب الغرفة وادعى انه يكمل سيره نحو الامام.

كانت والدته القادمة فتظاهر انه كان عائدا الى الاسفل، امسك والدته من كتفها يحتضنها وقادها عائدا الى الاسفل.

خبأ العقد في جيبه، وجلس حتى انتهاء العشاء.

بعد رحيل الزوجين استأذن والديه ان يأتي صديقيه للمبيت هنا، فقد اتصلا به وهما قادمين في الطريق.


جيف؛

لم يكن والد جيف كبيرا في السن، كان فقط في عمر 39 حيث انه تزوج باكرا وهو لايزال في 22 ووالدته كلوديا كانت في 18، تزوجا بسبب اتفاق عائلي بين عايلتيهما الشديدتا الغنى.

  كان والد جيف يعاني من مرض نفسي يصيبه بسرعة الغضب والانفعال، هو يحب زوجته بطريقة غريبة جدا، متعلق بها بدرجة لا توصف، ولا يستطيع ان يخطوا في حياته خطوة بدونها، احبها من اول ما وقعت عيناه عليها.

ولكنه يؤذيها بهذا الحب، يريد منها فقط الطاعة، وعندما يرى الالم الذي سببه لها يصيبه الندم الشديد، ويخاف ان تتركه لدرجة انه يهدي لها اي شيء غالي، مجوهرات، ملابس، عطور، سيارة اي شيء يمكن ان يتنسيها الالم الذي تسبب لها به.

المشكلة انه لا يراها ترتدي اي منها، على العكس تأخذها وتضعها في الدرج مع ابتسامة باهتة وتمتمة لكلمة شكرا.

اخيرا، قرر ان يتعالج بعد ان اصرت هي على ارسال ابنها الى مدرسة داخلية، كان يعلم انها كانت تحاول حماية ابنها منه، كان هذا شعور قاتل له ولرجولته، ان لا يكون مصدر آمان لعائلته الخاصة!

وعندها صارحها انه ذهب إلى طبيب نفسي، وطلب ان تسانده، وافقت هي بعيون دامعة، وبدأ الامر يتحسن بينهم حقا.

الا ان صفقة في العمل خاسرة، ومع طلبه منها ان ترافقه الى عشاء عمل فوافقت ولكن رفضت ان تلبس اي شيء من تلك الثياب والمجوهرات، جعله يغضب، او ربما نسي تناول دوائه بسبب تلك الصفقة اللعينة!

والآن هو توماس احد اكبر رجال الأعمال، ومن عائلة غنية ذات اصول عريقة، يتم لكمه بواسطة ابنه المراهق!

وقفت كلوديا بينهما وهي تقول: "جيف، اعتذر من والدك فورا".

صدم كل منهما ايعقل ان بعد كل هذا تطلب من ابنه ان يعتذر له!!

كانت لكمة ابنه اللكمة الوحيدة التي لن ينساها طوال حياته!
قال جيف بتهور مراهق: "انا لن اعتذر لهذا!"

اقتربت كلوديا منه وامسكت وجهه بين يديها وهي تقول ما ذبح توماس: "انا اتحمل كل شيء منه لأننا عائلة، لانه جيد معي بإستثناء تلك النوبات، انه والدك  وهو يحبك."

ضحك جيف بإستهزاء وقال: "لو انك غبية لا يجب ان اكون انا ايضا."

تقدم توماس نحو ابنه ليصفعه ليسكت، الا ان زوجته امسكته من يده. فأكمل جيف قائلا: "اتعلمان شيئا!؟ لقد ندمت انني اتيت من الاساس، لا اريد حبكما ولا عطفكما، انا راحل."

اخذ هاتفه ومحفظته وخرج مسرعا دون ان يلتفت الى عيون والديه الحزينة. لم ينتظر حتى ليأخذ حقيبته!


آدم؛

بعد ان رحل جيڤان، استلمت اخته سارة التحقيق وهي تسأله ماذا يقصد جيڤان بكلامه، كانت تتحرك بعصبية طول الغرفة ذهابا وايابا.

كانت شديدة التوتر والخوف على اخيها الصغير، فهي دائما ما تراه صغير وامانه يجب المحافظة عليها.
ولكن للأسف آدم لم يرى الموضوع من وجهة نظر اخته، بل ككل المراهقين احس انها تتدخل في حياته وتحاول التحكم فيه وان تقيد تصرفاته.

كانت المرة الأولى التي يرفع فيها آدم صوته على اخته، حيث صرخ في وجهها وقال لها: "يكفي! ليس لكِ علاقة بتصرفاتي انا افعل ما أشاء، لما تتدخلين في كل شئوني؟"

قالت سارة مذهولة: "انا خائفة عليك، ان هذا العالم مليء........"

قاطع حديثها وقال: "هذا العالم مليء بالناس السيئة التي ستحاول ايذائي!"

تنفس بغضب بينما هي ما تزال مذهولة وقال: "انا لم اعد طفل سارة، لقد هجرت الطفولة منذ زمن ولكن انت تصرين على عدم رؤية ذلك!"

دخل كريستيان على صوتهما وهو يقول: "ما الامر؟"
كان اسلوب آدم هجوميا حتى لا يتعرض هو الى الهجوم.

علق قائلا بسخرية: "ها قد اكتملت، انا راحل اراك لاحقا."

قال هذه الكلمات وخرج مسرعا، استقل سيارة اجرة واخذ هاتفه واتصل بجيف ليسأله ان يبيت عنده، فوجده هو ايضا قد ترك المنزل، فأتصلوا بنيكلاوس ليقضيا الليلة في منزله.

اوصلتهم سيارة الاجرة امام منزل نيكولاس......
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي