8

ركضت الثواني والدقائق في تتابع كما تفعل دائما، وفق ترتيب زمني محدد، لا تنتظر احدا ولا تبالي بمن واكبها ومن تخلف عنها. فهي تتجه مسرعة لتختطف منا لحظاتنا وايامنا لنغدو في غدٍ جديد، نجاهد لمواكبتها وهي تسرع بنا الي ان نشيب ونفنى، كما فنى اجدادنا الاولين.
وهكذا انطلق يوم جديد، لا يشبه الامس ولا الغد له بشبيه، فهذه الدنيا تقلبنا كل يوم لحال، و وتتلاعب بكل من يجعل لها تثمين.
لا تفرح ان تبسمت لك اليوم فلا يصدقها الا الشقي المسكين.
ولا تقنط امام الحزن وان بدا لك انه دهر طويل، فكما للنهار بداية ونهاية، فكذلك الحزن!

.ً...............
مرت فترة الصباح جميلة وهادئة على الجميع، وكأن الهدوء قبل العواصف رمز أساسي.
كريستيان كعادته استيقظ مبكرا وتناول افطاره وحيدا وذهب إلى الشركة.
سارة صلت الفجر وقرأت بعض القرآن ثم نزلت إلى الحديقة تتمشى كعادتها والسماعات في أذنيها تستمع إلى صباحيات فيروز.
آدم استيقظ وتناول فطوره وذهب إلى المدرسة برفقة السائق.
ميليسا تغط في نوم عميق.

...................
ميليسا

صعدت سارة إلى جناح ميليسا لتوقظها، قفزت بجانبها على السرير وبدأت تحاول إزعاجها لتستيقظ.
جلست ميليسا وهي لا تكاد تقوى على فتح عينيها.
ميليسا: ماذا؟ اريد النوم، كفي عن ازعاجي.
سارة: هيا ميليسا، ان والدك اخبرني منذ قليل ان اذهب للشركة حتى ينظر كريستيان اين سيوظفني.
وما ان اكملت حديثها حتى وجدت ميليسا تغط فالنوم مجددا.
سارة: ميليسااااا، هيا سوف أتأخر.
ميليسا: انتٓ مزعجة جدا، حسنا اذهبي وتجهزي حتى ارتدي ثيابي انا ايضا.
سارة: لا لن اذهب حتى تستيقظي.
جلست ميليسا وابعدت شعرها عن عينيها وتربعت وقالت : ها انا ذا لقد جلست.
ضحكت سارة بإنتصار.
كانتا كالاختين، علاقة روحية جميلة نشأت بينهما، سكينة وطمأنينة وسلام.

لكن كل علاقة في حياتنا وجب عليها ان تخضع للإختبار، تخضع للتجربة، وهو قانون كوني لا خيار لنا فيه ولا تستثنى منه اي علاقة، حتى علاقة الام بأبنائها يسير عليها هذا القانون.
تختبر هذه التجارب مدى قوة العلاقة بين الاشخاص هل تستمر ام تقطع!
والغريب انه كل مازادت قوة العلاقة زادت شدة الاختبار!

اتصلت ميليسا بكريستيان وهم فالطريق إلى الشركة.
ميليسا بتهكم: نحن فالطريق، آمل الا تؤخرنا.
كريستيان: ميليسا، انا مشغول في اجتماع يبدأ بعد عشرة دقائق، وينتهي بعد ساعة ونصف.
ميليسا: حسنا اذا سنفطر اولا ثم نذهب اليك.

سارة: ما رأيك ان نذهب للمطعم الصيني، ان طعامهم لذيذ.
ميليسا: اوه ذلك المطعم الاسلامي؟ حسنا لا باس.
فجأه جاء اتصال الى ميليسا، نظرت بإنزعاج ثم قالت: انها فيرونيكا، ماذا تريد هذه الآن؟
ميليسا اجابت: نعم؟
فيرونيكا بصوت حماسي: مرحبا ميليسا، انا فيرونيكا.
ميليسا: ماذا تريدين فيرونيكا؟ فأنا مشغولة.
فيرونيكا برجاء تحاول اقناع ميليسا: اريد مقابلتكِ الآن انه امر مهم جدا!
ميليسا: فالحقيقة، انا مشغولة ولا استطيع ان أراك الآن.
فيرونيكا: لن آخذ من وقتك الكثير، اخبريني اين انتِ وسوف آتي إليكِ.
ميليسا بإستسلام: في المطعم الصيني في شارع...........

...............
سارة

تشعر سارة هذا الصباح بسعادة وارتياح على غير العادة، فستحصل على عمل اليوم.
كانت تفكر كثيرا بخصوص هذا الموضوع، وجيد انها ستعمل في شركة ومؤكد ان الراتب جيد.
ولكن كما يقول المثل "تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن".

جلست لتتناول فطورها مع ميليسا في المطعم الصيني. المطعم صغير وحميم له طابع أسري. ترتاح سارة فالجلوس فيه.
جاءت فتاة صينية تبدو بشوشة الوجه، ترتدي زيّ المطعم وحجاب على رأسها، لغتها الانجليزية ضعيفة قليلا.
كانت سارة قد تعرفت عليها في المرة السابقة عندما أتت بمفردها تبحث عن عمل، وهي إبنة صاحب المطعم، وتدعى يو يان.
حيَّت الفتاة سارة بترحاب وأخذت طلباتهم وذهبت.
دخلت فيرونيكا إلى المطعم وبحثث بعينيها عن ميليسا، وعندما رأتها ورأت معها سارة ابتسمت بلؤم.
تصنعت الحزن واتجهت مباشرة إلى طاولتهم.
فيرونيكا: مرحبا.
ميليسا: فيرونيكا، مرحبا!
جلست فيرونيكا وقالت: أنا لن آخذ من وقتكِ الكثير، وبدأت تحكي قصتها مع كريستيان وهي تبكي وتمسح دموعها بالمناديل.
شعرت ميليسا بالملل فلم تعلم الى ماذا ترمي فيرونيكا وماشأنها هي بعلاقتها بكريستيان.
كانت فيرونيكا تحاول جذب عطف سارة، وبالفعل سارة احست بالتعاطف معها، فهي دائما داعمة لبنات جنسها من النساء.
جاءت يو يان بطلبات الفطور.
فجأه قالت فيرونيكا انا أسفة اتعبتكما، وقالت لسارة هل لديكِ مناديل وأشارت للدموع في عينيها.
سارة: اجل.
ومدت سارة يدها لحقيبتها لتخرج المناديل الورقية، وبحركة متعمدة من فيرونيكا ضربت حقيبة سارة، سقطت الحقيبة ارضا وانتثرت كل محتويات الحقيبة.
قالت فيرونيكا: اوو، اسفه لم اقصد.
سارة كانت على وشك الوقوف لتجمع أشيائها بسرعة حتى لا تُحرج.
نظرت ميليسا بصدمة وكأن الزمن توقف، بدأت تنظر للأرضية المغطاة بأشياء سارة وثم إلى وجه سارة.
ضحكة خبيثة على وجه فيرونيكا.
يو يان تضع الصينية على الطاولة وتراقب ما يحصل.
بدأت سارة بجمع أشيائها، اقتربت منها ميليسا، ومدت يدها إلى الاشياء الملقاة على الارض، ومن بين كل المحتويات أمسكت بسوار جدتها!

لم تنتبه سارة فمن إرتباكها اعتقدت أن ميليسا تقوم بمساعدتها.
ميليسا تقف أمام سارة الجاثية تلملم أشيائها بسرعة.
ميليسا بصدمة: سارة؟!
سارة نظرت للأعلى ورأت نظرة غريبة في عيني ميليسا وسوار يتدلى من بين أصابعها.
لم تفهم سارة ما يحصل، نظرت بتعجب وقالت: ماذا؟
ميليسا تنظر لسارة وكأنها تراها للمرة الأولى.

تلك هي اللحظة الفارقة المعينة التي يتغير فيها كل شيء، لا يعودون كما كنا نراهم، نظرتنا لهم تتغير، احساسنا بهم يتغير، حتى ملامحهم التي آلفناها تتبدل وكأننا نراهم للمرة الأولى!
لم تنبس ميليسا ببنت شفة، استدارت والتقطت حقيبتها وخرجت.
نهضت سارة بعد ان لملمت اشيائها بسرعة لتلحق بميليسا، ولكن فيرونيكا اوقفتها ممسكتا اياها من ذراعها وقالت:
الى اين تعتقدين انكِ ذاهبة؟
سارة لاحظت الغل في صوت فيرونيكا فسحبت ذراعها وقالت: وما شأنك؟
فيرونيكا بضحكة استفزازية: ذلك السوار، انه سوار فيرونيكا الذي اهدتها اياه جدتها.
صدمت سارة.
واكملت فيرونيكا: هل تستطيعين ان تقولي ماذا يفعل في حقيبتك؟
تفاجأة سارة وصعقت مما سمعت، نظرت حولها وجدت جميع من في المطعم يحدق بها.
سارة بدفاعية: ولكن انا لا اعرف، اقسم انني أراه لأول مرة في حياتي!
فيرونيكا: يبدو انكِ احدى المتسولات تحاولين جذب التعاطف ثم تقومين بسرقة من احسن لكِ.
كما تبث الافعى سمها في عروق ضحيتها بثت فيرونيكا كلماتها وخرجت.
كل من في المطعم ينظر لسارة بإزدراء.
جلست على الطاولة مصدومة، لابد ان هناك سوء تفاهم.

أما ميليسا فكانت تقود بسرعة جنونية، هل سارة كانت تخدعها طوال هذه المدة، وهي مجرد سارقة وانتهازية، كم بكت بجانبها من اجل هذا السوار الذي يعني لها الكثير جدا!
كانت تقود والدموع تملء عينيها، في هذه اللحظات اتصل كريستيان ليخبرها انه انهى اجتماعه.
اجابت وهي منهارة وقالت: لم لا أجد من يحبني بصدق؟ لم الجميع له اهداف واطماع؟
كريستيان: ميليسا؟ ما الامر عزيزتي؟
ميليسا: لم افعل شيء سوى انني احببتها واعتبرتها اخت لي!
كريستيان بغير فهم: ولكن ميليسا ما الذي يحدث؟
ميليسا: لقد وجدت السوار كريستيان، وهل تعلم اين وجدته؟ في حقيبة سارة!! اتصدق ذلك؟!
كريستيان احس ان اخته منهارة: اين انتِ الان؟ لا تقودي السيارة سوف ابعث لكِ بالسائق.
ميليسا: انا أقود بالفعل! هل كنت تتوقع ان هذا يمكن ان يبدر منها؟
كريستيان: ميليسا اركني سيارتك في اقرب موقف سيارات.
ميليسا: اخبرني هل كنت تتوقع منها ذلك؟
كان تفكير كريستيان في ان اخته ممكن ان تتعرض لحادث، قد يبدو الموقف عادي ولا يستوجب ردة الفعل هذه كلها من ميليسا، ولكن هذا صحيح في حالة ان ميليسا لم تتعرض لذلك الموقف البشع ممن كانت تسميهم صديقاتها قبلا!
كريستيان يحاول التخفيف عن اخته ليمتص توترها فقال لها: لا، لا اعتقد ان سارة تفعل ذلك لابد ان هناك تفسير استمعي لها.
ميليسا بإندفاع: لا تدافع عنها كريس، وان كان ذلك لانك تتوقع ان تجذب اهتمامها فهي لا تهتم بالرجال وخصوصا من نوعك انت.
كريستيان تفاجأ من كلام اخته فهو لم يفكر في سارة من قبل ابدا، كان دائما يرى هالة تحيط بها تصعب الوصول اليها!
اكملت ميليسا بحزن: او هذا ما كنت اظن انني اعرفه عنها.
كريستيان: بحق الله ياميليسا انه سوار لا يستوجب كل هذا الانفعال.
ميليسا : لا يهمني ذلك السوار اللعين الا تفهم، مايصدمني انها سرقته مني وقد اخبرتها بقيمته عندي ولم تقم بإرجاعه حتى.

في المطعم الصيني جاءت يو يان بكوب من الماء لسارة وابتسامة هادئة على وجهها.
قبعت سارة في مكانها بضع من الوقت ثم فكرت في انها يجب ان تلحق بميليسا وتخبرها انها لا تعلم كيف جاء ذلك السوار إلى حقيبتها!
دفعت فاتورة الافطار الذي لم يُمس.
استقلت سيارة اجرة واتجهت إلى منزل آل جراي بعد ان اتصلت بالمنزل لتتأكد من ان ميليسا في المنزل فهاتفها مقفل.
اجابت على الهاتف احدى الخادمات واخبرتها ان ميليسا عادت توا وهي في غرفتها.

طوال الطريق كانت سارة تفكر كيف وصل السوار الى حقيبتها؟ وكيف يمكن لميليسا ان تظن بها ظن السوء؟!
عندما وصلت كان المنزل هاديء، فمن المؤكد ان السيد والسيدة جراي خارجا في مثل هذا الوقت.
اتجهت إلى غرفة ميليسا قرعت الباب عدة مرات ولكن لا من مجيب.
سارة: ميليسا، افتحي الباب.
لا إجابة.
سارة: اريد التحدث معكِ
لم تجب ميليسا نهائيا، وسارة لم تعلم ما الذي عليها فعله.
ميليسا ارسلت رسالة الى كريستيان
" لا اريد رؤيتها، اذا امكنك القدوم تعال لتخرجها من المنزل"

جلست سارة في غرفة الجلوس تنتظر أن تخرج ميليسا.
بعد ساعة جاء آدم من المدرسة وجد اخته حزينة، جلس بجانبها يحكي لها يومه.
حاول كريستيان ان ينهي بعض امور العمل باكرا وعاد الى المنزل، كان يومه شاقا جدا ومحبط حيث ان بعض امور العمل لم تسر بشكل جيد.
دخل ووجد سارة جالسة في غرفة الجلوس.
القى التحية واتجه مباشرة إلى غرفة ميليسا، ثم بعد عدة دقائق جاءت خادمة لسارة وقالت:
الآنسة ميليسا تبلغكِ انها لا تريد رؤيتكِ بعد الآن، واخبرتني ان اساعدكِ لجمع اغراضك.
تفاجأة سارة، وبقيت صامته.
الخادمة: آنسة سارة؟
آدم: ما الذي يحدث سارة؟
سارة نظرت لآدم مطولا، أحست بالخوف، بالمسؤولية، والرعب ايضا.
واخيرا خرج صوتها: لا بأس سوف اقوم بجمع اغراضي بنفسي.
الخادمة بمكر: اخبرتني الآنسة ميليسا ان اكون موجودة معكِ عندما تجمعين حاجياتك، لا تريد ان تفقد شيء آخر.
امتلئت عيون سارة بدموع القهر والظلم والالم.
غصة في قلبها جثمت لا تريد الحراك.
اتجهت إلى الجناح مباشرة وآدم يتبعها، جمعت اشيائهم وخرجت.
وقفت قليلا امام باب جناح ميليسا ثم اتجهت الى الطابق السفلي.
خرجت هي وآدم ومعهم حقائبهم الاثنين، وقفت امام بوابة المنزل نظرت يمنى ويسرى وفي كل اتجاه، لم تعلم الى اين ستذهب حتى نقودهم لا تعتقد انها تكفي ليستأجروا غرفة في فندق!

كان قلبها مملوء بالحزن، يكاد ينفجر حزنا، عيونها تحرقها بشدة بسبب تراكم الدموع فيها، ولكنها لا تريد البكاء والانهيار الآن فلا مكان للضعف وخصوصا امام اخاها الصغير الخائف.
لم تشأ ان تطيل الوقوف امام المنزل حتى لا تبدوا مذلولة، فكبريائها فوق انفاسها يعيش.
بدأت فالمشي ومعها آدم يجران الحقيبتان خلفهما، وبعد ان ابتعدا مسافة جيدة وجدوا حديقة عامة جلسوا فيها.
كان آدم صامت جدا على غير عادته، اخذت تتصفح الانترنت ودخلت على حجز الفنادق ولكن النقود لا تكفيها حتى لحجز غرفة صغيرة في فندق صغير!
بعد بحث طويل على شبكة الإنترنت وجدت فندق يعرض غرفة ويصدف ان لديها ثمنها.
ولكن اذا استقلوا سيارة الاجرة لن يتبقى لديهم مال لشراء الطعام.
لم يكن لديها خيار، اوقفت سيارة اجرة وذهبوا إلى الفندق. كان فندق صغير في اخطر الزقاق والاحياء، حيث تفوح روائح السُّكر والخمور في الجو بدل الهواء، امسكت آدم من يده بقوة وامسكت حقيبتها بقوة وأمرت آدم ان يمسك حقيبته جيدا.
اتجها الى داخل الفندق، كانت إمرأة في مكتب الاستقبال ترتدي ثيابا سوداء قصيرة وتضع حلق في انفها وتبدو في حوالي الثلاثين من العمر!
نظرت إلى سارة وآدم بتفحص ثم قالت: بم اخدمكما.
سارة: نريد غرفة.
دونت الفتاة معلومات سارة واخذت منها حجز الغرفة لليلة واحدة، واخبرتها ان تأخذ حقائبها الى الغرفة بنفسها ليس لديهم عامل لأجل ذلك.
اتجها سارة وآدم الى السلالم، بحثت عن رقم الغرفة الى ان وجدته.
دخلوا، كانت غرفة صغيرة جدا بها سرير واحد، اذا ما قلنا عن الغرفة سيئة فإننا نمدحها!
رائحة الرطوبة قوية جدا، وطلاء الجدران متقشر والآثاث متهالك، لكن لم يكن هناك خيار!
لم يكن بها حمام خاص ايضا، بل حمام مشترك في نهاية الرواق!
اقفلت سارة الغرفة بالمفتاح ثم بحثت عن شيء لتضعه امام الباب ليسده ان حاول احد ما فتحه.
كانت داخليا مذعورة ليس بالمكان الجيد ولا الآمن لتبيت فيه فتاة وطفل صغير!
نظرت حولها في آسى، فتحت النافذة وأخذت تنفض اغطية السرير.
رتبت السرير من جديد ثم نظرت إلى آدم الهادئ جدا على غير العادة.
قالت له: سننام هنا الليلة فقط وغدا سأجد حل.
آدم: ولكن ما الذي حدث؟ لم ميليسا غاضبة منكِ؟
لم تجب سارة واكتفت بأن تحضن آدم، لا تعلم اتحضنه لطمئنته ام لتشعر هي بالامآن!
انها تتشبث بذرات السلام كما تتشبث الفراشة بضوء تظنه النور ويحرقها في النهاية.
آدم بصوت يشوبه البكاء: انا احب ميليسا، لم كل الذين نحبهم يبتعدون عنا او يرحلون ويتركوننا؟
سارة: إن الله معنا، الوحيد الذي لا يتركنا ولا يتخلى عنا.
كانت يقينا تدرك انه سيحميها ويأويها ويطعمها ويكسيها، فخوفها لم يكن شك منها بل هي غريزة بشرية فطرية متأصلة فيها.
.........................

كحية رقطاء غرست انيابها عميقا جدا، لتنثر سما يفتك بضحيته ويرديها صريعة، مشت وتخطت ضحيتها وكأن لم تكن تلك انيابها التي ارسلت المسكين لحتفه.
بعيون يملئها اللؤم كانت تحدق في كأسها وابتسامة شيطانية على محياها، كانت فاتنة جميلة، تبدوا للناظر لها ملاك ينقصه جناحين!
ولكن ان كان البشر يستطيعون ان يرو الارواح، لرأو نفسا خبيثة وروحا شريرة يجلس ابليس شخصيا ليثني عليها!
في إحدى نوادي نيويورك الليلية تجلس وتشرب شرابها، وكأنها لم تقم قبل بضع ساعات بتشريد فتاة مسكينة واخيها الصغير!
تتحدث مع شاب، وعلامات النصر على وجهها.
فيرونيكا: لقد تخلصت منها، لا أعتقد ان ميليسا الغبية سترغب في ان تراها ثانية.
الشاب: جيد، فهذا سيضمن لنا عمل جيد!
فيرونيكا: لقد استمعت إلى حديثي معك تلك المعتوعة، وكان لابد لي ان ابعدها عن آل جراي جميعا.
الشاب: او ربما تغارين على كريستيان.
ضحكت ضحكة عالية بصوتها الرقيق وكأنه اخبرها نكتة وقالت: انا اغار من تلك؟ لابد انك تمزح؟
رفع الشاب حاجبيه في استفسار فردت قائلة بصوت مغرور: انت لم ترها، يستحيل أن كريستيان سينظر لفتاة مثلها، لا اعلم حتى ميليسا اين عثرت عليها؟
الشاب: حسنا، متى ستحضرين لي الملف، فيبدوا ان احوالكِ جيدة مع كريستيان هذه الفترة!
فيرونيكا بتحذير: ستصبح افضل، ولكن انا احذرك لا أريد ان يشك كريستيان بي، فلم اعد ارغب في الطلاق.
شربت من مشروبها واكملت: سأحضر لك الملف المطلوب حالما اجد الفرصة لذلك، وبعدها لا اريد التواصل معك، ويجب ان نقطع علاقتنا قريبا.
قرعا كأسيهما معاَ، كلٌ في نفسه نخبٌ يخصه.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي